بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

البحر الميت

البحر الميت

من قتل البحر الميت؟

عنود القبندي

البحيرة المغلقة الأكثر ملوحة في العالم التي توجد في أدنى بقعة على سطح الأرض... البحر الميت الذي فقد ثلث مساحته فالسطح المائي له كان قديما (950 كيلومترا مربعا)، لكن مساحته تناقصت إلى حد كبير حيث بات حجمه الطبيعي حاليا (623 كيلومترا مربعا) ويبلغ طوله نحو 68 كيلومتراً، فيما يتسع عرضه لنحو 18 كيلومترا ، أي أن البحر فقد %33 من حجمه ، فهو يفقد سنويا متراً واحداً من سطحه المائي، وأن السنوات الماضية شهدت فقدان 24 متراً من هذا السطح أي أنه مهدد فعلياً بالزوال والإختفاء من الخريطة الجغرافية الأمر الذي يشكل أخطاراً بيئية وجغرافية واقتصادية كبيرة.

شهرته

يعد أشهر بحار العالم ويقع عند مصب نهر الاردن إذ يقع على عمق 400 متر تحت سطح الماء وترجع شهرته إلى الارتفاع الكبير لنسبة الملوحة في مياهه ، وارتباطه التاريخي بالعديد من الأديان السماوية، وربما أيضا لوجوده الحالي في منطقة تشهد توتراً سياسياً معروفاً .

يعرف عند العرب محليا وتاريخيا باسم بحيرة لوط ، وله عدة روافد صغيرة من الشرق تصب فيه كميات من المياه العذبة التي سرعان ما تتبخر بسبب الحرارة العالية في المنطقة. وتتسبب درجة الملوحة العالية في قتل كافة الكائنات الحية التي تنقلها تلك الروافد العذبة إليه.

وإن استمرارالوضع الحالي يعني انتهاء البحر الميت بسبب الانخفاض المتواصل في حجم ومنسوب البحيرة المالحة التي لا تعيش فيها الكائنات الحية، لكنها تعتبر منجماً هائلاً لمختلف أنواع المعادن والأملاح لاسيما البوتاسيوم والمغنيسيوم حيث يصل تركيز الأملاح به إلى 32 %، في حين تصل إلى %3 في البحار الأخرى ، وينفرد بتركيبه الأيوني، كما أن الوزن النوعي لمياهه يبلغ متوسطًا عامًا 206.1 جم/سم مكعب، وهذا سر طفو الأجسام فوقه بشكل واضح. ويوضح الجدول التالي تركيز الأملاح في مياه البحر الميت مقارنة بالبحار الأخرى.

تسميته

اختلف المؤرخون حول سبب تسميته بالميت ؛ فمنهم من ينسب ذلك لانعدام أمواجه، ومنهم من يرى أنه بسبب موت الكائنات البحرية؛ حيث لا يعيش فيها سوى الميكروبات والبكتريا التي يمكنها تحمل نسبة الملوحة العالية، ولا تسقط الأمطار عليه إلا بنسبة قليلة جدًّا تصل إلى 90 مم سنويا فقط ؛ لذا فهو يعتبر من المناطق القاحلة، هذا إلى جانب درجة عالية من التبخر تصل إلى ما بين 1300 إلى 1600 مم، حيث إن ازدياد درجة الملوحة على سطح البحر الميت كلما ارتفعت درجة الحرارة يزيد من عملية البخر.

ترسيب الأملاح في البحر الميتسبب ظهور المشكلة

يرجع انحسار مياه البحر الميت إلى أسباب يعلمها الكثيرون، وهي اقتصادية في المقام الأول والأخير. فمياه نهر الأردن المغذي الرئيسي للبحر الميت والمصدر الوحيد لتجدد المياه فيه، يتم استغلالها اقتصادياً من قبل الأردن عن طريق تحويل عدد من المنابع التي تزود البحر بالمياه إلى المدن الأردنية لشح المياه التي تعاني منه بسبب الجفاف وأيضاً إسرائيل لزراعة محاصيل غريبة عن البيئة في المنطقة وتحتاج هذه المحاصيل إلى كم كبير من المياه، مما جعل منسوب الماء المغذي للبحر الميت ينحصر في شريان ضعيف، لا يعوض النقص الموجود في مياهه بالإضافة إلى قيامهم بتجفيف منابع الأودية والأنهار التي تغذي الميت ، حيث أقام ما يزيد عن 18 مشروعا لتحويل مياه نهر الأردن المغذي الأساسي والرئيسي له ، وتحويل الأودية الجارية التي تتجمع فيها مياه الأمطار وتجري باتجاه الميت إلى المناطق المحتلة وخاصة للمستوطنات، وقد وصلت نسبة المياه المحجوزة والمحولة عن البحر الميت حوالي %90 من مصادره ، كما قامت إسرائيل بحفر ما يزيد عن 100 بئر غائر لسحب المياه الجوفية من المناطق القريبة التي تغذي أيضاً البحر الميت بالمياه. كذلك إقامة المصانع ومراكز استخراج الأملاح خاصة البروميد بصورة كبيرة من البحر الميت والتي تؤدي حسب آراء الخبراء إلى زيادة مستوى التبخر؛ مما يؤثر على طبقة الأوزون، حيث أثبت علماء ألمان من خلال الأقمار الصناعية تأثر طبقة الأوزون في منطقة البحر الميت بسبب المصانع المقامة والمنتجة للمواد المعدنية خاصة عنصر ميثيل البروميد الذي يساعد على اتساع ثقب الأوزون.

وفي دراسة أجراها الخبير البيئي الدولي الدكتور سفيان التل ذكر فيها أن السبب الرئيسي في جفاف جزء كبير من نهر الأردن هو تحويل إسرائيل لمسار النهر الذي يعتبر هو المغذي الوحيد للبحر الميت وهو ما تسبب في اتجاه البحر نحو الإنحسار وفقدان جزء كبير من مساحته .

حلول مقترحة

خلال انعقاد مؤتمر جوهانسبرج 2002 كان هناك مقترح أردني يتمثل في مد طريق وهو ما يسمى بقناة البحرين لتزويد البحر الميت بالمياه من البحر الأحمر لاستمرار انخفاض منسوب المياه في الميت بشكل واضح قد يؤدي إلى اختفائه عام 2050، وقد اتفق الجانبان الإسرائيلي والأردني على المشروع لولا الإعلان عن تأجيل طرح الموضوع من قِبل الأردن لأسباب سياسية تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ومعارضة بعض الدول العربية لهذا المشروع وخاصة مصر والفلسطينيين.

وهذا المشروع يشمل مرحلتين: الأولى ربط البحر الأحمر بالبحر الميت من خلال أنبوب للمياه على طول 180 كيلومترًا يمر بالأراضي الأردنية. والثانية يتم خلالها إنشاء محطات توليد طاقة كهربائية من خلال المياه التي ستأتـي مندفعة من البحر الأحمر إلى البحر الميت، والتي ستوزع على المناطق القريبة، وأيضا إقامة محطات تحلية للمياه بطاقة تصل إلى 850 مترًا مكعبًا سنويًّا، من المتوقع أن يستمر المشروع ما بين 10 إلى 15 عامًا في حال البدء به، وتصل تكلفته إلى 800-900 مليون دولار.

أيضا طرحت في السابق عدة اقتراحات أردنية تمثلت في إقامة قناة مفتوحة بطول 350 كيلومترًا بين البحر الأحمر والميت، لكن التكاليف كانت هي العقبة الأساسية حيث وصلت تكلفة هذا المشروع إلى 3 مليارات دولار. كذلك على هامش فعاليات المؤتمر الثالث للطاقة المتجددة الذي عقد في القاهرة استغلت منظمة أصدقاء الأرض زيارة الوزير الألماني لعدة دول في المنطقة لتسلط الضوء على مشكلة البحر الميت المهدد بالجفاف.

فقد اقترحت الحكومة الأردنية مد أنابيب مياه ضخمة تربط البحر الميت بالبحر الأحمر، الذي يقع علي بعد 200 كيلومتر، ليتم تعويض نقص المياه فيه، إلا أن التمويل المالي للمشروع وأسباب أخرى تتعلق بالحماية الوقائية للبيئة تجعل من تنفيذه محل تساؤلات عديدة .

فكان رد وزير البيئة الألماني “سيجمار جبرييل “ في عمان بعد لقائه بنظيره الأردني أنه قلق اتجاه هذا المشروع وهو لا يعرف على وجه الدقة ما إذا كان تنفيذه قد يلحق تغييرات بيئية أو قد يحدث خللاً بيئياً في البحر الأحمر أو البحر الميت فهناك العديد من المخاوف والتساؤلات يجب أخذها بعين الاعتبار قبل البدء بتنفيذ هذا المشروع .

انتقادات المشروع

ويواجه المشروع انتقادات عديدة سواء سياسية أو علمية؛ فالعلماء متخوفون من فشل التجربة؛ مما يعني عدم الإبقاء على مميزات البحر الميت الحالية؛ وذلك لاختلاف الطبيعة الكيميائية لمياه البحر الأحمر عن البحر الميت التي قد تصل إلى أن يتحول لون البحر الميت من اللون الأزرق الصافي إلى الأبيض الحليبي أو حتى الوردي، هذا إضافة إلى ما يعانيه البحر الأحمر أيضًا من مشاكل بسبب التلوث لعبت إسرائيل دوراً فيه، كما ستتأثر نسبة الملوحة في البحر الميت بعد اختلاطها بمياه البحر الأحمر ذات نسبة الملوحة الأقل بكثير.

فوائده العلاجية

أملاحه له تأثيرات علاجية وتجميلية عديدة فالعلماء والخبراء يقولون إن ماء وهواء وشمس البحر الميت هي العلاج الحقيقي والطبيعي للأمراض الجلدية، حيث تحمل خواص لا تتوافر في الكون إلا في أرض البحر الميت، فانخفاض مستوى سطحه عن سطح البحر يوفر أعلى نسبة أكسجين، ومع الحرارة المرتفعة يزيد التبخر فيبقى الجو مشبعاً بأملاح الماغنسيوم والبروميد والكالسيوم وغيرها من العناصر؛ مما يؤدي إلى المساعدة في علاج الأمراض الجلدية والأوردة الدموية وغيرها من الأمراض مثل الصدفية، كما أن نسبة الرطوبة منخفضة حيث لا تتجاوز 5 % وهي من الميزات التي تساعد في العلاج . كذلك تستخدم أملاحه في مستحضرات التجميل، حيث أنشئت عشرات المصانع الأردنية لعملية استخراج هذه الأملاح وتصديرها، ، ويشكل ما ينتجه البحر الميت في الأردن من مواد التجميل والعلاج ما يصل إلى 10 % من الإنتاج الدولي لمواد التجميل، وتقدر عائدات البحر الميت بما يزيد عن 4.7 ملايين دولار سنويا؛ حيث إن %92 من جميع منتجات البحر الميت يجري تصديرها.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 90