تجربة دولة الكويت في التأهيل البيئي لمواقع ردم النفايات العشوائية المغلقة
م. فرحات محروس
مع زيادة متطلبات الإنسان وتعدد استخداماته تضاعفت كميات وتنوعت أصناف النفايات المتولدة عنه ، وبسبب اختلاف نسب ما تحتويه تلك النفايات من مكونات ( خطرة وغير خطرة ) واستخدام طرق تخلص غير سليمة بيئيا فقد ظهرت مشكلة مواقع ردم النفايات العشوائية المغلقة ، وأصبحت تلك المواقع تمثل هاجساً بيئيا ًوصحياً واقتصادياً خطيراً لما تتطلبه عملية تأهيلها وإرجاعها ضمن المنظومة البيئية من تحدياً وكلفة اقتصادية عالية لتعدد الأساليب والأنظمة الهندسية والبيئية اللازمة لعملية التأهيل ومنها (أنظمة المسح الطبوغرافي والجيوفيزيائي – نظم تغطية وعزل الأسطح – نظم تصريف المياه السطحية – نظم تجميع ومعالجة غازات مواقع الردم LFG – نظم التحكم في الهجرة الأفقية والرأسية للغازات – نظم المراقبة البيئية للغازات – نظم تجميع ومعالجة المواد المتكثفة المصاحبة للغازات – نظم تجميع ومعالجة المياه الراشحة – نظم مراقبة المياه الجوفية ... إلخ ) .
ويغطي خريطة دولة الكويت أكثر من 16 موقعاً من مواقع ردم النفايات العشوائية العاملة والمغلقة تمثل نسبة كبيرة من مساحة دولة الكويت .
وقد تعددت وتنوعت مشاكلها البيئية والصحية في السنوات الأخيرة بسبب التوسع العمراني الأفقي الذي تشهده دولة الكويت حالياً وأصبح بعضها قريب أو يتوسط أحد المناطق السكنية من هنا ظهرت ضرورة اهتمام الجهات المسئولة خاصة البيئية منها في البدء في السيطرة على تلك المواقع والعمل على تأهيلها .
إدارة النفايات الصلبة
النفايات من المواد التي صاحبت الإنسان عبر العصور وكانت دائماً مصدر لإزعاجه وتلوث بيئته وتعرف بأنها تلك المواد التي تكون في جملتها عديمة النفع وغير مرغوب فيها ويجب التخلص منها ، وتصنف بشكل عام لثلاث مجموعات صلبة وسائلة وغازية . والنفايات السكانية أو البلدية Municipal waste ماهي إلا نوعية من النفاية تنتج من الأنشطة البشرية المختلفة بالمنازل والمطاعم والمجمعات السكنية والتجارية والمحال والأسواق ، وفي العديد من الدراسات أثبت أنها تختلف في التركيب والمكونات من دولة لأخرى بل أنها تختلف داخل الدولة الواحدة ، متوقفة على الكثافة السكانية والحالة الاقتصادية والاجتماعية لمستوى حياة الأفراد وسلوكياتهم ودرجة الوعي البيئي بينهم ، وهي بوجه عام تتميز بإحتوائها على نسبة كبيرة من الورق والكرتون والزجاج والمعادن والأقمشة والمواد العضوية خاصة بقايا الأطعمة .. إلخ .
وبينت نتائج دراسات إدارة النفايات الصلبة بأن مقدار ما يولده الفرد الواحد من نفاية منزلية صلبة في الدول الصناعية المتقدمة والبلاد الغنية يتراوح ما بين (2-2.5) كجم/اليوم ، بينما ينخفض هذا المقدار إلى حوالي 0.9 كجم/اليوم في دول العالم الثالث ، بينما تصنف منظمة الصحة العالمية WHO دول الخليج العربي ضمن الدول الغنية التي تتميز بارتفاع ملحوظ في معدلات تولد النفاية الصلبة لأفرادها ، ويصل متوسط مقدار ما يولده الفرد الواحد من نفاية منزلية صلبة بدولة الكويت 1.4 كجم/اليوم ، وهي كمية كبيرة إذا ما قورنت بمعدلات إنتاج الفرد في بعض البلدان العربية أو الأجنبية الأخرى .
إن عملية الردم الصحي ما زالت تستخدم لأكثر من 95% من النفايات المنزلية الصلبة المتولدة في العالم ، وأسلوب الردم الصحي يتبع يومياً للتخلص من النفايات المنزلية الصلبة بردمها في مواقع مخصصة تتوافر فيها الاشتراطات والمعايير البيئية اللازمة لتجنب التلوث الناجم وانتشار الأمراض .
وتعتمد عملية الردم اليومي بالمواقع على بسط النفاية التي تدخل إلى الموقع مباشرة في طبقات ، ثم تهرس وتدك جيداً بواسطة آليات ثقيلة كالبلدوزرات قبل بسط الطبقة التالية من النفاية ، ثم تغطى طبقة النفاية بطبقة من التربة الطبيعية كالرمال أو الجتش وهي مواد محلية قليلة النفاذية ، وتتكرر العملية يومياً إلى أن يكتمل الموقع بعد فترة ويكون في النهاية على شكل طبقات أو خلايا Cells من النفاية تفصلها طبقات أخرى من مواد عازلة كالرمال أو الجتش لمنع تسرب الروائح الكريهة . وهذه الطريقة مناسبة للدول التي تتوافر فيها المساحات اللازمة للردم لأنها تستهلك مساحات كبيرة ، بينما الدول محدود المساحة أو التي لديها زيادة في الكثافة السكانية لا يناسبها هذا الاسلوب . في الكويت وعلى الرغم من صغر المساحة إلا أن أسلوب التخلص من النفايات المنزلية الصلبة بالردم مازال يعتبر هو الأسلوب الأساسي .
والمواقع المستغلة حالياً من قبل بلدية الكويت للردم ما زالت لا تتوافر بها الحد الأدنى من المعايير والإشتراطات البيئية الواجب إتباعها ، من حيث اختيار المواقع وتصميمها ، وغالبا ما يتم اختيار الأماكن المنخفضة التي كانت تستغل في السابق كمواقع لاستخراج الرمال أو الصلبوخ (الدراكيل) . وإدارة النفايات المنزلية الصلبة ذات الكفاءة العالية يجب أن تأخذ في الاعتبار بالعوامل التالية :
-عدد المناطق السكنية ومساحة كل منها والكثافة السكانية فيها .
- عدد ومساحة المناطق التجارية أو الصناعية ونوعية الأنشطة السائدة بها .
-كمية النفاية المتولدة سنوياً والمصادر الرئيسية بتلك المناطق .
- النوعية الفيزيائية والكيميائية والحرارية والبيولوجية للنفاية .
ومن أهم أولويات إدارة النفايات الصلبة ما يلي :
- تقليل معدل تولد النفاية من المصدر.
- إعادة الاستخدام أو التصنيع للمكونات الأساسية للنفاية من ورق ، معاد ، مواد عضوية ... إلخ.
- حرق النفاية واسترجاع طاقة الحرق أو دون الاستفادة من طاقة الحرق.
- الردم الصحي ، وفي حالة اتباع هذا الأسلوب يجب دراسة التأثيرات البيئية لمواقع الردم وهي كالتالي :
- مساحة المواقع وأحجامها وما تستهلكه من أراضي .
- الآثار الصحية والبيئية للمواقع على الهواء والماء والتربة والإنسان بشكل خاص.
- تأثيرات الضوضاء والتلوث البصري بالمواقع والمناطق المحيطة .
- تأثيرات الروائح الكريهة بالمواقع والمناطق المحيطة .
- تأثيرات الحرائق والانفجارات من الغازات المتولدة بالمواقع .
- تأثيرات السوائل ( العصارة ) الراشحة على المياه السطحية والجوفية .
- تأثير انتشار الأوراق وأكياس البلاستيك والغبار .. إلخ في المناطق المحيطة .
- الازدحام المروري المتولد عن حركة الآليات والشاحنات بالمناطق المحيطة .
- المشاكل المترتبة من انتشار ظاهرة جامعي القمامة Scavengers بمواقع ردم النفايات .
- تكلفة إعادة التأهيل إلى المنظومة البيئية والتي تتطلب فترات زمنية تتوقف على مساحة المواقع وغالباً ما تتراوح نسبياً ما بين ( 30-20 ) سنة بعد إغلاق الموقع .
- غازات مواقع ردم النفايات المنزلية: تختلف نوعية وكمية غازات مواقع ردم النفايات المنزلية من موقع لآخر بل تختلف داخل الموقع الواحد ، إلا أن غازات مواقع الردم تتكون من أربعة غازات رئيسية هي غاز الميثان CH4 ،غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 ، وغاز النيتروجين ، وغاز الأكسجين وتتولد بجانب هذه الغازات مجموعة أخرى من الغازات بتراكيز قليلة جداً وتقاس بجزء من المليون ppm أو بجزء من البليون ppb ، ومنها مجموعة من المواد العضوية المتطايرة Compounds Volitile Organic ، والمركبات الهيدروكربونية الحلقية أو الكلورينية ، كما أنها أيضا تحتوي على نسبة من الأحماض العضوية وغير العضوية وكبريتيد الهيدروجين . وتتولد غازات مواقع ردم النفايات وفقاً لمراحل.
المرحلة الأولى - تبدأ مع الإنتهاء من عملية ردم النفاية وغلق الموقع ، وتكون عملية التحلل فيها هوائية لاستهلاك الأكسجين بالهواء الموجود بين مسام النفاية ، ويبدأ هذا الهواء في التحول بسرعة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء .
المرحلة الثانية - تبدأ خلال الشهور الأولى من غلق المواقع وبعد استهلاك الأكسجين (الهواء ) منها ، حيث تبدأ النفاية في التحلل لا هوائياً لغياب الهواء وانتهائه في المرحلة الأولى، ويتولد في هذه المرحلة زيادة في غاز ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين ، ونسبة قليلة جداً من غاز الميثان ، حيث أن أي زيادة في نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون سوف يقابلها نقص في كمية غاز الميثان .
المرحلة الثالثة - تبدأ بعد فترة تتراوح ما بين ( 12-6 ) شهر من غلق المواقع ، وهي مرحلة تحلل لا هوائي غير مستقرة، يحدث فيها نقص في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون زالهيدروجين ويقابلها زيادة في غاز الميثان ، ونسبة غاز الميثان يتراوح ما بين 45-60% من مجموع غازات مواقع الردم. تختلف تراكيز ونوعية الغازات والفترة الزمنية لاستمرار تولدها بمواقع ردم النفايات المنزلية على عدة عوامل منها :
- كمية ونوعية ونسبة مكونات النفاية خاصة نسبة المواد العضوية .
- أسلوب ردم المواقع خاصة نوعية المواد العازلة بين طبقات النفاية في عملية الردم اليومي .
- تحلل النفاية تكون لا هوائية Anaerobic وتتأثر بنسبة الرطوبة وتزيد معها كما تزيد معدلات تولد الغازات و%40 تعتبر نسبة رطوبة مناسبة لعملية التحلل .
- الأس الهيدروجيني للنفاية بالمواقع ، فعملية التحلل تتم بواسط البكتيريا التي تعيش في الوسط المناسب .
- التحلل البكتيري عند درجات الحرارة المناسبة والتي ما بين ( 37-29 ) درجة مئوية .
- أي زيادة للكسجين بالمواقع يحول عملية التحلل البكتيري من تحلل لا هوائي إلى تحلل هوائي يزيد من معدلات التحلل ويقلل من تولد غاز الميثان زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون .
الأنظمة الهندسية لمواقع الردم
1 - نظم المسح الجيوفيزيائي والطبوغرافي:
وتهدف للحصول على معلومات فنية أكثر دقة حول مواقع الردم وذلك بتطبيق التكنولوجيا المتنوعة باستخدام طرق الرادار أو الموجات الجيومغناطيسية أو الجيوكهربائية أو الزلزالية ..إلخ ، للكشف والتعرف على نوعية وأعماق طبقات النفايات والمساحات التي تمتد إليها ، ومن واقع البيانات التي يتم تجميعها ترسم خرائط جيوفيزيائية . وتعتبر عملية جمع المعلومات والبيانات من مسوحات وخرائط موقعية وجيولوجية هامة في مشروعات تأهيل المواقع العشوائية المغلقة وذلك لعمل نظام معلوماتي للقطاعات المختلفة Cross-section داخل الموقع لتحديد أماكن النفايات المنزلية ، ونفايات أنقاض البناء والهدم أو التربة الطبيعية غير الملوثة ، وأماكن تجمعات الياه الراشحة ، وأماكن تجمعات غازات المواقع وغيرها .
2 - نظم تهوية أو جمع الغازات
يعتبر غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون من الغازات الأساسية الناتجة عن عملية التحلل البكتيري للمواد العضوية والتي يجب تهويتها وانبعاثها للهواء الجوي، خاصة إذا كانت تلك الغازات متولدة بكميات قليلة في المواقع، أما إذا كانت الغازات متولدة بكميات كبيرة فلا بد من السيطرة عليها والتحكم فيها وعلى الأخص غاز الميثان والذي غالباً ما يمثل من %60-50 من مجموع الغازات المتولدة بمواقع ردم النفايات المنزلية ، ونظراً لأن غاز الميثان كثافته أخف من كثافة الهواء الجوي فيتصاعد بسهولة لأعلى ويتجمع في الطبقات العليا من مواقع ردم النفايات ، ويكون من السهل تجميعه والتخلص منه بانبعاثه للهواء الجوي ، أو حرقه باستخدام شعلة احتراق Flare أو الاستفاده منه كإحدى مصادر الطاقة . أما غاز ثاني أكسيد الكربون حركته لأسفل لأن كثافته أثقل من كثافة غاز الميثان والهواء الجوي معاً ، ويتجمع في الطبقات السفلى في المواقع وقد يبقى بها لعدة سنوات وربما تستمر حركته لأسفل حتى يصل لمنسوب طبقة المياه الجوفية بالمنطقة ويذوب فيها ويحولها لمياه حمضية ويسبب عسراً للمياه، ويؤدي حمض الكربونيك لإذابة الأحجار الجيرية أو بعض الصخور مسبباً زيادة نسبة المواد الصلبة الذائبة في المياه.
الأنظمة المتبعة للتحكم في انتشار الغازات أو تهويتها
- تهوية الغازات باستخدام الخنادق ، وتتم بحفر خندق حول موقع الردم عمق يصل إلى أقصى عمق لطبقة النفاية ، ثم يملأ بإحدى المواد المنعدمة أو قليلة النفاذية لمنع انتشار الغازات أفقياًحيث يتحول انتشار الغازات عند الخندق من الأفقي إلى الرأسي ، أو قد يملأ الخندق بمادة عالية النفاذية لتسهيل مرور الغازات وتجمعها بالخندق وانبعاثها من موقع الخندق نفسه للهواء الخارجي معتمدة على الضغط الطبيعي للغازات .
- تزويد المواقع بأنظمة خاصة لتجميع وتصريف الغازات ، وهي عبارة عن شبكة من الأنابيب البلاستيكية المحتوية على ثقوب ، توضع في منتصف طبقة النفايات لتجميع الغازات المتولدة عن التحلل البكتيري ، وتهوية الغازات إما مباشرة للهواء الجوي أو تجميعها للاستفادة منها كوقود ، وقد تكون شبكة الأنابيب بين طبقات النفاية داخل حفر الردم أو تقع الشبكة على حدود حفر الردم .
التأثيرات الصحية والبيئية لتولد الغازات وعدم إتباع نظم التهوية أو التحكم منها
- انتشار الغازات المتولدة أفقياً حيث غالباً ما تتولد داخل الموقع ذات ضغط موجب يساعدها على الانتشار خلال الطبقات رأسياً وأفقياً ، وغاز الميثان غاز عديم اللون والرائحة وقابل للانفجر عندما يتواجد في الهواء الجوي بنسب ما بين 5-15% بالحجم .
- تسرب الغازات وتجمعها بالمباني والأماكن المغلقة القريبة للمواقع في غرب التمديدات الصحية والكهربائية وأنابيب المياه والسراديب محدثة الانفجارات أو الحرائق وغيرها .
- حدوث حالات اختناق بين العاملين أثناء صيانة غرف مرافق الخدمات من كهرباء وتليفونات وصرف صحي نتيجة انتشار وتسرب الغازات بالمنطقة المحيطة بالمواقع .
- انبعاث الغازات بالمنطقة مسببة تأثيرات صحية وبيئية لتولد وانتشار الروائح الكريهة أو اشتعال المواقع .
3 - أنظمة الصرف السطحي لمواقع الردم
تزود مواقع ردم النفايات بأنظمة صرف سطحي يقوم بتحويل مياه الأمطار أو السيول أو أي مياه سطحية أخرى قد تسقط على سطح المواقع بعد إتمام غلقها، حيث غالباً ما تصرف تلك المياه في شبكة تصريف مياه الأمطار بالمنطقة لتجنب تسربها إلى طبقة النفاية وزيادة كمية المياه الراشحة .
4 - نظم تجميع ومعالجة السوائل الراشحة
من التأثيرات البيئية التي تتولد بمواقع ردم النفايات المنزلية هو تكون العصارة الراشحة ، وهي السوائل التي تنتقل بين طبقات النفاية وتكون محملة بالمواد المذابة أو العالقة الملوثة ، وتتكون بسبب الرطوبة العالية المتواجدة بالنفاية نفسها أثناء ردمها ، أو نتيجة أي سوائل قد تتخلل طبقة النفاية بعد ردمها كمياه الأمطار وغيرها من مصادر سطحية للمياه. وتختلف مكونات السوائل الراشحة من موقع لآخر بل تختلف داخل الموقع نفسه من مكان لآخر تبعاً لمكونات النفاية نفسها، كما أن مكونات السوائل الراشحة تختلف تبعاً لعمر الموقع فالسوائل الراشحة المتولدة من المواقع المغلقة حديثاً تختلف عن السوائل المتولدة من المواقع المغلقة منذ فترة زمنية بعيدة ، وعدم التحكم في المحاليل الراشحة وتجميعها والتخلص منها بالطرق المناسبة بيئياً سوف يتسبب في تلوث طبقة المياه السطحية والجوفية مما يتولد عنها بعض التأثيرات البيئية والصحية .
وتتواجد نظم التحكم في تجمع السوائل الراشحة في قاع حفر الردم ، ويتكون النظام من مجموعة من الأنابيب المثقوبة من نصفها العلوي توضع فوق الطبقة العازلة بقاع الحفرة ومغطاة بطبقة من الحصى كي تسهل من وصول السوائل للأنابيب ، على أن يكون قاع الحفرة مائلاً وتوضع الأنابيب بميل يسمح بانتقال السوائل الراشحة إلى نقطة تجميع أو خزان أرضي ، ويكون النظام مزود بمضخة لرفع السوائل الراشحة لمعالجتها قبل التخلص منها ، وقد يكون النظام مكوناً من طبقة تجميع واحدة أو طبقتين تبعاً لنوعية وطبيعة النفاية ودرجة تقطيعها أو فصلها قبل الردم . ويتم معالجة أو التخلص من العصارة الراشحة على النحو التالي:
- إعادة صرفها مرة أخرى للمواقع Recirculation ، للاستفادة منها في الإسراع من تحلل النفاية خاصة بالمواقع قليلة الرطوبة.
- تصريفها لأقرب نظام صرف لمياه المجاري الصحية.
- تبخيرها باتباع طرق التبخير الطبيعية أو الميكانيكية .
- التخلص منها باتباع أسلوب الحقن العميق بعد التأكد من مكوناتها بالتحليل الكيميائي .
- إنشاء وحدة معالجة خاصة بالمياه الراشحة.
5 - نظم التبطين والعزل
* عوازل طبيعية Natural Liners: ويقصد بها استعمال التربة الطبيعية على أن تتميز بتدني درجة نفاذيتها بدرجة عالية ، ومن المواد الأكثر استخداماً الطين أو الطفل المعروف بـClay ، والبنتونيت. ومن أنواع التربة الطبيعية بالكويت ما يسمى محلياً بالجتش.
* عوازل اصطناعية Synthetic Liners: تصنع العوازل الاصطناعية من مواد خاملة غير فعالة كيميائياً أو بيولوجياً مع غازات مواقع الردم أو السوائل الراشحة المتولدة بالمواقع لمنع تأثرها كيميائياً وبيولوجياً ، وتكون المواد ذات سمك ومواصفات مناسبة لتحمل جهد وضغط المعدات المستخدمة بالمواقع ، وقليلة أو عديمة النفاذية لعزل الموقع تماماً ومنع انتشار الغازات وتسرب المياه الراشحة ، وتكون مواد مقاومة لبكتيريا التربة والحرارة والتشققات المفاجئة، ومواد مرنة لا تتأثر بتغير الظروف المناخية خاصة درجة الحرارة وأن تكون جيدة الاستطالة ، متينة لها عمر افتراضي جيد حتى لا تتأثر بهبوط المواقع، مقاومة عالية للقطع والثقب واقتصادية الكلفة وتتميز بسهولة توصيلها أي لحامها ببعضها والتأكد من جودة اللحام ، ومنها البولي فينيل كلورايد ، البولي إيثلين علي الكثافة ، البولي إيثلين منخفض الكثافة ، كلورايد بولي إيثلين .
6 - أنظمة جمع الغازات واسترجاع الطاقة تختلف نوعية وكمية غازات مواقع ردم النفايات المنزلية LFG مو موقع لآخر بل تختلف داخل الموقع الواحد من مكان لآخر، تبعاً لنوعية وكمية النفايات ومكوناتها على الأخص نسبة المواد العضوية القابلة للتحلل بها ، والرقم الهيدروجيني للنفايات، والرطوبة النسبية ودرجة حرارة الناية بالمواقع ..إلخ .
والغازات بعد تجميعها تجرى لها معالجة بسيطة لإزالة الرطوبة والجسيمات العالقة بها ، ويمكن استعمالها في أغراض التدفئة وتسخين المياه . وللوصول إلى أقصى استفادة من الغازات المتولدة يمكن إجراء مراحل أخرى من المعالجة بعد إزالة كل من الرطوبة والجسيمات العالقة ، حيث يتم إزالة كل من غاز ثاني أكسيد الكربون وبعض المركبات الكيميائية الأخرى المصاحبة للغازات ، ويجب القيام بدراسات الجدوى الاقتصادية والتقييم المبدئي لكمية وجود الغازات المتولدة بالمواقع ، حيث يفضل أن تكون نسبة غاز الميثان بالغازات لا تقل عن 55% من الحجم الكلي للغازات المتولدة بالموقع . ويمتد التقييم حتى يشمل الآبار ومناطق نفوذها حيث تختلف الآبار أيضا من بئر لآخر وعمق لآخر ولكن غالباً ما تكون البئر اقتصادية إذا ما كان منطقة نفوذها تمتد حولها بقطر يتراوح ما بين ( 50-30 ) م ، ويفضل أن تكون الآبار بمعدل 2 بئر غاز يتم حفرها في الهكتار الواحد (10000) م² ويتراوح قطر البئر ما بين (60-30 ) سم أي من ( 24-12 ) بوصة على أن يغلق البئر من أعلى بغطاء بقطر 10 سم ، وتصل أعماقها لأسفل عمق طبقة نفاية تم ردمها بالموقع، ويكون الجزء الأسفل من أنابيب قاعدة البئر مثقبة والمنطقة المحيطة بها محشوة بمادة ذات نفاذية عالية كالصلبوخ لتسهيل وصول الغازات للبئر ، ويتم توصيل آبار الاستخلاص ببعضها بشبكة من الأنابيب البلاستيكية بقطر 10سم ( 4بوصة ) مع أهمية وجود جزء متحرك في الأنابيب للإستطالة ، والقواعد المتحركة لتجنب أي مشاكل قد تتولد نتيجة الهبوط المتوقع بالمواقع ، كما أن الشبكة متصلة ببعضها بميل مناسب لتسهيل عملية تجميع المواد المتكثفة المصاحبة للغازات ، وأن تكون للأنابيب والتوصيلات المستخدمة في نظم تجميع الغازات معظمها يتم تصنيعها من المواد مثل البولي فينيل كلورايد ، البولي إيثلين عالي الكثافة ، الفيبرجلاس المسلح بالبلاستيك ، الحديد المجلفن وجميع هذه المواد تتميز بأنها ذات مقاومة للتفاعلات الكيميائية والحرارة ، وذات صلابة عالية لتحمل الضغط ولا تقل هذه الصلابة أو تتغير مع ارتفاع درجات الحرارة ، كما أنها تتميز بعمرها الافتراضي الكبير .
7 - أنظمة مراقبة المياه الجوفية
تزود المواقع بنظم لمراقبة المياه الجوفية ، يمكن بواسطتها جمع عينات من المياه السطحية والعميقة وتحليلها ومقارنتها بنتائج تحاليل تلك المياه قبل تشغيل المواقع للتأكد من عدم تأثرها وتلوثها ، وغالباً ما يتم حفر الآبار على حافة الموقع.
8 - أنظمة مراقبة الهواء وغازات الموقع
يتم الرصد البيئي الدقيق لهواء المنطقة والغازات المنبعثة من أسطح المواقع أو نواتج الحرق للشعلات ، وذلك بتزويد المواقع بمحطات ثابتة أو مختبرات متنقلة ، وتزويد العاملين بالمواقع بأجهزة متنقلة لرصد ملوثات غازات المواقع ، كما تزود المواقع بمختبرات لإجراء التحاليل الكيميائية والبيولوجية والفيزيائية للعينات الغازية والسائلة والتربة .
تجربة دولة الكويت في تأهيل موقع ردم النفايات المنزلية المغلق بالقرين
موقع ردم النفايات بالقرين استغل خلال الفترة من عام 1976 حتى عام 1985 لردم النفايات ، وأثناء تنفيذ مشروع القرين الإسكاني عام 1989 تبين أن بعض النفايات تمتد داخل حدود المشروع ، مما تسبب في انبعاث روائح كريهة وحرائق وغازات ناتجة عن عملية التحلل البكتيري والتي تعرف في مجموعها بغازات مواقع ردم النفايات المنزلية ، والتي يعتبر غاز الميثان ، وغاز ثاني أكسيد الكربون أهمها . وتبلغ مساحة موقع الردم بالقرين 87 هكتار أي حوالي كيلومتر مربع ، وحجم كمية النفايات الصلبة المردومة بالموقع قدر بحوالي 5 مليون متر مكعب ما بين نفايات منزلية ونفايات أنقاض البناء أو النفايات الإنشائية ، وأعماق طبقات الدفان داخل الموقع تتراوح ما بين (5-25) متر . وفي عام 1999 بدأت الهيئة العامة للبيئة التأهيل البيئي لماحة تقدر بثلث موقع القرين أي حوالي 300000 متر مربع كمشروع تجريبي يهدف للحد من انتشار الروائح الكريهة بالمنطقة والحيلولة دون إنتشارها أفقياً ووصولها إلى المناطق السكنية المحيطة بالموقع من كافة الإتجاهات ، واشتمل المشروع على عدة مراحل ومازال العمل جاري بالمشروع حتى وقتنا هذا ، على الرغم من الإنتهاء من تنفيذ الحل الهندسي للتحكم في غازات المواقع وتركيب محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من الغازات ، ومن ثم تحويل الموقع إلى حديقة عامة ، أما باقي مساحة موقع القرين والتي تقدر بحوالي 600000 كتر كربع سيتم تأهيلها من قبل الشركات المحلية وفق نظام الاستثمار B.O.T وللوصول إلى المرحلة النهائية للمشروع فقد قامت الهيئة بتنفيذ الأعمال التالية :
- حفر ما يزيد عن 300 مجسمة أرضية ( بئر غاز ) داخل وخارج الموقع ، وعلى مسافات وأعماق تصل إلى 25 متر عمق في طبقة النفايات العضوية ، والمجسمات تم تزويدها بأنابيب بلاستيكية بقطر لا يقل عن 4 بوصة ومصنعة من مادة PVC وتحتوي على ثقوب أو فتحات لتسهيل مرور الغاز من خلالها لتجميعه والتخلص منه .
- الحد من انبعاث الروائح الكريهة والآثارالصحية بموقع المشروع والمنطقة المحيطة ، وذلك بالتقليل من ضغط غازات الموقع خاصة الميثان وحرقها داخل الموقع مستخدمين عدد من رؤوس احتراق منفصلة . وقام مهندسي المشروع بتصميم وتنفيذ وتطوير رؤوس شعلات الاحتراق لزيادة كفاءة حرق الغاز ، حيث تم تثبيت هذه الرؤوس مباشرة على الأنابيب البلاستيكية لآبار استخراج الغازات .
- تمديد شبكة هندسية من الأنابيب البلاستيكيةلتجميع الغازات ، والشبكة تغطي مساحة موقع المشروع ومدفونة تحت سطح الأرض من الأنابيب البلاستيكية مختلفة الأقطار ومصنعة من مادتي PVC ، وبولي إيثلين علي الكثافة، والشبكة الأفقية تم توصيلها بآبار الغاز الرأسية التي تم حفرها وتجهيزها والتي بلغ عددها 300 بئر رأسي حفرت ليصل عمقها لـ 25 متر داخل وخارج الكموقع بالقرب من البيوت السكنية وتنتهي خطوط شبكة الغاز عند محطة حرق واسترجاع الطاقة الكهربائية من الغازات ، وكل بئر رأسي له غرفة خاصة بها محبس للتحكم في البئر وآخر متصل بفتحة لجمع أي عينات غازية .
- تشغيل محطة لحرق غازات مواقع الردم وتوليد الطاقة الكهربائية في شهر مارس 2003 ، والمحطة تولد طاقة كهربائية لاتقل عن 350 كيلوواط/ الساعة ( الكهرباء قادرة عن إنارة واستهلاك حوالي 100 منزل بصفة مستمرة ) ، والإستفادة من الطاقة الكهربائية التولدة فب الإنارة الداخلية لموقع المشروع والمحطة تعمل بصفة مستمرة منذ تشغيلها وتتماشى مع المعايير الدولية والمحلية من حيث إنبعاثات حرق الغازات أو الضوضاء ، وهي من النظام المتقل في حاويتين من السهل نقلها وتركيبها في أي موقع آخر وفي وقت قصير، والمحطة مزودة بوحدة خاصة لسحب الغازات تحتوي على مضختين سحب تصل قدرتهما معاً لسحب كمية من الغاز تصل إلى 1000 متر مكعب / الساعة ، والمحطة قادرة على حرق كمية غاز تصل إلى 150 متر مكعب / الساعة في ماكينة حرق الغازات لاسترجاع الطاقة ومزودة بشعلة لحرق الغازات عند درجة حرارة مرتفعة تصل إلى 1200 درجة مئوية ، وتستخدم الشعلة في حرق الكميات الزائدة عن طاقة المولد الغازي أو تستخدم أثناء فترات صيانة مولد الكهرباء الغازي ، والمحطة تعمل أوتوماتيكياً ومزودة بأحدث نظم الحاسب الآلي وبغرفة للتحكم فيها وقياس تراكيز الغازات الرئيسية الثلاث (الميثان – ثاني أكسيد الكربون – الأكسجين) ، والمحطة يمكن متابعتها مباشرة من قبل الشركة المصنعة في ألمانيا عن طريق خط تليفون خاص .
- معالجة وتسكير الشقوق السطحية داخل وخارج الموقع بالقرب من لمنازل السكنية، بتغطيتها بطبقة من التربة الطبيعية المعروفة محليا باسم «الجتش» والذي يتميز بأنه ذات درجة نفاذية متدنية جداً لتصل إلى 10-7 سم / ثانية ، وذلك بهدف الحد من انبعاث الغازات من سطح الموقع وزيادة كفاءة نظام تجميع وسحب الغازات والتقليل من تكون السوائل الراشحة .
- حفرة جورة خاصة لسحب المياه تحت السطحية والمياه المتكقفة بشبكة تجميع الغازات ، كما أن النظام يحتوي على مجموعة من نقاط إرجاع المواد المتكثفة للموقع مرة أخرى .
- حفر بئر مياه إرتوازية دخل الموقع ، لمراقبة جودة المياه الجوفية ومدى تأثرها بالعصارة الراشحة المتولدة عن تحلل النفايات وتسرب المياه على سطح الموقع.
وقد حصد المشروع العديد من الجوائز البيئية الإقليمية والدولية منها الفوز بالمركز الذهبي لجائزة «التفاحة الخضراء» التي نظمتها منظمة الأخضر البيئية البريطانية من بين 150 مشروع تقدمت بها دول ومنظمات غير حكومية من مختلف أنحاء العالم .
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 88