مديرة إدارة التحريج بهيئة " الزراعة "
محمد جمال : الحزام الوقائي انطلق بالجهراء قبل 50 عاما بخمسة صفوف من الأشجار
ماجدة أبو المجد
أصبح الاهتمام الاول في الدول كافة موجه لحاية البيئة، ونحن في دولة الكويت نوجه كل طاقاتنا ورعاياتنا للبيئة فقط من أجل حمايتها ولكن أيضاً من أجل مجتمع نباتي مؤلف من أشجار تتحمل الظروف الجوية والبيئية ذات قياسات مختلفة لتكون بيئة تفاعلية بين مختلف الاحياء النباتية وللحد من زحف الرمال وتقليل درجات الحرارة في فصل الصيف وتوفير ملاذ أمن للطيور. ومن أجل ذلك كله بدأ التفكير في استخدام النباتات المحلية التي تكسو الارض العارية وكذلك الأشجار الموجودة محلياً وزراعة أشجار جديدة يجري إدخالها وتجربتها، أي أن الهدف هو أحد الموارد الطبيعية المتجددة والمساعدة في الحفاظ على حياته على ما تنتجه الغابات مستفيداً بما، تقدمه الغابة من ثمار وأوراق ووقود فكان لابد بل ومن الضروري استغلال الغابات في الحفاظ على البيئة لما لها من تأثير في بقية الانواع النباتية والحيوانية وكذلك أيضاً التقليل إلى حد كبير من درجة تلوث الهواء الجوي.
ولكل هذه الاسباب اتجهت دولة الكويت إلى زراعة أحزمة وقائية حول المناطق السكنية والمزارع، وهذا في حد ذاته يسمى بعملية “التحريج” ولمعرفة المزيد عن هذه العملية «من أهداف وفوائد» وكذلك مدى النجاح والفشل لتلك التجربة التقينا مدير إدارة التحريج بالهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية محمد جمال في لقاء هنا تفاصيله:
* بداية نود أن نعرف معنى التحريج ومتى بدأت مسيرته في الكويت؟
التحريج هو إنشاء مجتمع نباتي مؤلف بصورة أساسية من أشجار تتحمل الظروف الجوية والبيئية ذات قياسات مختلفة لتكون بيئة تفاعلية بين مختلف الاحياء النباتية والطحالب والفطريات.....الخ لتعيش في حالة تفاعل مع بعضها البعض وما تولده من تبادل المنفعة بين الاجزاء الحية وغير الحية ويتمير بخصائص هامة تجعلها ترتبط بحياة الانسان خاصة وبنمط الحياة الارضية عامة، وتعتبر الغابات من المصانع الطبيعية الضخمة التي تقوم بواسطتها عملية البناء الضوئي يتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيماوية عن طريق امتصاص غاز Co2 وإطلاق غاز O2.
مسيرة التحريج في الكويت
في عام 1960 بدأت الدولة في زراعة حزام وقائي حول الجهراء على هيئة خمسة إلى عشرة صفوف من الأشجار، ومنذ ذاك الوقت بدأ التوسع في زراعة المزيد من الاحزمة الوقائية حول المناطق السكنية والمزارع، وفي عام 1966 اتسعت الرؤية ليكون هدف عملية التحريج أكثر شمولاً ووعياً من حيث الأهداف وذلك بغرض تحقيق توازن يكون أكثر ملاءمة والانتفاع بالعائد الثانوي لعملية التحريج وهو حماية البيئة والحد من زحف الرمال وتقليل درجات الحرارة في الصيف وتوفير ملاذ أمن للطيور المهاجرة وخلق مناطق ترويحية للمواطنين وعندئذ بدأ التفكير في استخدام النباتات المحلية كالأثل والسدر وهي أنواع مقاومة للجفاف، ويلي ذلك وفي مرحلة تالية زراعة الأشجار الجديدة التي يجري إدخالها تدريجياً كـأنوع ( الأكاسيا والكينا، والكازوليناتو ) وكذلك استخدام المياه المعالجة في ري الأشجار أو انتخاب أنواع الأشجار التي يمكن زراعتها على هذه المياه.
* هل يحتاج التحريج إلى مناطق وتربة ذات مواصفات خاصة؟
بالتأكيد ولا بد من اختيار المناطق التي تقام عليها مشاريع التحريج بناء على العوامل التالية:
حول الطرق السريعة، وكذلك حول المدن والمناطق السكنية لحمايتها من الغبار والتقليل من تلوث الهواء وكذلك اتجاه هبوب الرياح والغبار بالإضافة إلى المناطق التي يزيد فيها تلوث الهواء.
* ماذا أهداف عملية التحريج في الكويت؟
أولاً : صد الرياح المحملة بالأتربة والغبار والحد من سرعتها وبالتالي تقليل زحف الرمال.
ثانياً : المساعدة في تغيير المناخ في الكويت الأمر الذي يخلق مواقع ذات مناخ دقيق أقل وطأة من حيث درجة الحرارة وسرعة الرياح.
ثالثاً : الحد من تلوث البيئة المحلية وذلك بما تنتجه من المجموعات الشجرية من الاكسجين الذي يعوض الفاقد بعمليات الاحتراق وتفاقم كمية ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى في الهواء.
رابعاً: تستخدم مشاريع التحريج مياه الصرف المعالجة في الري وذلك يمثل عائداً مزدوجاً من حفظ البيئة البحرية من التلوث والحصول على ناتج شجري بمميزاته البيئية.
خامساً: المحافظة على الطيور والحيوانات والحشرات سواء المهاجرة أو الموجودة طوال السنة بالكويت وذلك يساهم في إثراء البيئة الطبيعية في الكويت.
سادساً: إيجاد متنزهات ومرافق ترويحية طبيعية للمواطنين وإثراء البيئة الطبيعية.
* وماهي فائدة التشجير محلياً ومدى إستفادة التحريج منه؟
تعتبر مشاريع التحريج من المصانع الضخمة التي تقوم بواسطتهاعملية البناء الضوئي بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيماوية عن طريق امتصاص غاز Co2 وإطلاق غاز O2 في الجو، والتأثير في المناخ داخل مواقع مشاريع التحريج فهو انتظام من مناخ المناطق الخالية من الأشجار.
كما تؤثر الأشجار على تكوين التربة والمحافظة عليها وعلى خصوبتها لأن الأشجار تحمي التربة من أشعة الشمس مما يجعلها تزيد من المحتوى العضوي للتربة وتخفف من حدة سقوط الأمطار وبالتالي تمنع انجراف التربة، فضلا عن أن جذور الأشجار تساهم في تثبيت التربة.
وكذلك تقوم الأشجار بدور مصفاه طبيعية للغبار والدخان وغيرها من ملوثات الجو وتساهم في تنقية الجو.
* هل نجحت تجربة التحريج مع كل النباتات؟
تم انتخاب أنواع من الأشجار على مدى عدة سنوات ممكن زراعتها لتتحمل الظروف الجوية لدولة الكويت، مثل الحرارة العالية وشدة الرياح الاساخنة والغبار الكثيف، والتي يمكن أن تمتص أعلى نسبة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ونتيجة لهذه الذخيرة من المعلومات أمكن النهوض يعدد كبير من المشروعات الحرجية وقد تمت زراعة أنواع من الاشجر بنجاح مثل الأكاسيا والزيزيغاس وكذلك البروسويس والكينا وبلح الصحراء وتمر حلايب والزقوم وتمر العبيد.
* وما الأضرار التي لحقت بمرافق إدارة التحريج والمراعي الناجمة عن الغزو العراقي؟
مع الساعات الأولى لصباح الثاني من اغسطس 1990 بدأت سلسلة العدوان والتدمير، فلم تسلم مرافق التحريج والمراعي من التدمير والاتلاف التي أنفق عليها ملايين الدنانير على مر السنين، ومنها الأضرار التي لحقت بمرافق التحريج والمراعي وهي عبارة عن إتلاف المزروعات واقتلاعها وحرمانها من الرعاية الضرورية بتدمير وإتلاف وسرقة عناصر الإنجار والصيانة التالية:
شبكات الري وملحقاتها، الأسوار الشبكية والترابية التي تحيط بكافة مواقع التحريج والمراعي، مكاتب ومنشآت متابعة المشروعات، الآليات والمعدات التي تستخدم في الأعمال المدنية المختلفة.
وتشمل الأضرار أيضاً إتلاف التربة وتعريضها لكافة الأضرار التي يتعذر أستغلالها وصيانتها للاستخدام الزراعي بوسائل التدمير التالية:
إتلاف الطرق بأعمال حفر الخنادق ومرور الآليات الثقيلة، وعمل حفريات كبيرة متعددة وإثارة مكونات التربة السطحية، بالإضافة إلى إنشاء الخنادق المحصنة ونشر مختلف الأسلحة والذخائر وصب مختلف أنواع الزيوت على التربة وأخيرا نشر كافة أنواع المختلفة في كافة المواقع.
* وماذا عن الجهود التي قامت بها إدارة التحريج لإزالة آثار الغزو العراقي؟
عقب التحرير مباشرة بادرت الهيئة بإبرام عقود صيانة عاجلة لمرافق الإدارة حسب الآتي:
- تم إبرام عقود توفير العمالة اللازمة لأعمال ري المزروعات في الشوارع العامة ومرافق الهيئة.
- إصلاح شبكات الري وإبرام عقود لصيانة مشاريع التحريج، وتم تقرير التكاليف المتوقع صرفها، حيث تم حصر الخسائر والأضرار التي لحقت بمواقع ادارة التحريج بقيمة (13.665.000 د.ك) وتوجهت فيما بعد تباعا إلى عقود لاستكمال تجهيز واعادة تأهيل وصيانة مواقع مشاريع ادارة التحريج والمراعي.
* ما أسباب تدهور البيئة النباتية الطبيعية في دولة الكويت؟
1. الرعي الجائر للنباتات الطبيعية الفصلية.
2. النشاط الإجتماعي والاقتصادي والترفيهي للسكان وبخاصة تأثير المركبات الميكانيكية خارج الطرق المرصوفة والتخييم والصيد.
3. ارتفاع نسبة الملوحة في تربة المناطق الساحلية والمناطق الزراعية.
4. تعرية وتدهور التربة بفعل الرياح والسيول.
5. زحف الرواسب والكثبان الرملية.
7. التطور العمراني الذي أدى إلى اختفاء الغطاء النباتي وتدهور حالة المراعي الطبيعية.
* هل هناك تعاون مع الهيئة العامة للبيئة؟
يتم التنسيق مع الهيئة في إدارة المحميات الطبيعية وصيانتها وكذلك حضور الندوات والمؤتمرات وتقديم أوراق العمل المناسبة، والتعاون مع الجمعية الكويتية لحماية البيئة، وكذلك المشاركة مع الهيئة في نشاطات لجنة حماية الحياة الفطرية المنبثقة عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، فضلا عن المشاركة في إصدار مشروع قانون بشأن المحميات الطبيعية.
* وأخيرا ماذا عن إنجازات التحريج في الكويت؟
قامت الهيئة العامة لشئون الزراعة- قطاع الزراعة التجميلية بإدارة التحريج والمراعي بتنفيذ العديد من مشاريع استصلاح واستزراع الغابات والمراعي الطبيعية وإنشاء المحميات الطبيعية البرية تنفيذا لسياسة وخطط الحكومة منذ الستينات بتوسعة الرقعة الخضراء والمحافظة عليها لتكون الدعامة الرئيسية بالخطة العامة لمكافحة التصحر، وقد تم زراعة كساء خضري على هيئة مساحات حرجية او مصدات للرياح خارج نطاق المدن والمواقع وقد تم تنفيذ العديد من مشاريع التحريج.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 123