في مملكة سيام التي تلتهمها المياه سنويا
السوق العائم .. متعة التسوق التايلاندية
عنود القبندي
كثيرة هي مفاتن البلدان... موقع فريد في قلب آسيا، طبيعة ساحرة، مناظر خلابة جميعها جعلت منها قطباً سياحياً يستأثر بنسبة كبيرة من عشاق متعة الاسكتشاف، مملكة سيام كما عرفت تاريخيا أو تايلاند حاليا التي تغرق بمعدل 5 سم كل سنة، ولكننا نتجه إلى 100 كم شمال البلاد لنكتشف مناخات جديدة متعددة وطرق عيش جديدة وغريبة بالنسبة لنا على الأقل وأيضا للتعرف على حضارات قديمة مازالت باقية.
السوق العائم
مدينة تطفو بأكملها على سطح الماء لا وجود للسيارات فيها، تدخلت الأيادي البشرية لصنع نمط حياتها وذلك منذ أن وصل أعداد المهاجرين الصينيين الأوائل واستقروا فيها، فلقد كانت تعاني هذه المنطقة من الفيضانات الموسمية التي تغرقها وتعدم الحياة فيها. لقد قام هؤلاء بشق القنوات الاصطناعية التي شكلت معالم مدينة خططت على سطح الماء والتي تحولت إلى شوارع وطرق تقطعها مراكب صغيرة شكلت زحاما كبيرا في قلب هذه المدينة عند السوق المعروف بالسوق العائم Floating Market الذي لا يشبه كل الأسواق في تايلاند من حيث بضائعه وألوانه ومحلاته ودكاكينه. تنتشر المعابد والأشجار والبيوت على الجانبين والأسواق في وسط النهر،رحلة التسوق في تايلاند وخصوصا في سوق غريب كالسوق العائم هي متعة كبيرة لأن التسوق في هذه الحالة يمتزج مع الطبيعة والتراث والغرابة. الزوارق متلاصقة جدا إلى حد أنهم دائما يحذرونكم من وضع يديك خارج الزورق حتى لايؤذيها.
شهرة كبيرة
لهذا السوق شهرة كبيرة حيث يتدفق السائحون من مختلف بلاد العالم لتمضية يوم على سطح الماء، ومع تقدم ساعات النهار يشتد الازدحام، ويشكل النساء من مختلف الأعمار الغالبية من الباعة على متن المراكب فمنهم من يبيع محصول مزرعته من خضار وفواكه وغيرهم الأقمشة والأكلات التايلاندية والتحف الخفيفة، وتصل المسافة بين السوق ومنازل الباعة تقريبا 5 كيلومترات يقطعونها يوميا بالقارب ذهابا وإياباً إنه بالفعل مشهداً خيالياً.
مجتمع بأكمله تأقلم مع هذا النمط من الحياة، يعيش في الماء وعليه، منه يحيا وفيه يموت، هنا اعتاد الإنسان حياة الغابة بما فيها، أحراشها لم تعد تخيفه، وكذلك حيواناتها وكائناتها المائية والبرية، وهذا الانسجام مع الغابة وحياتها لم يلغِ مدينة قائمة بذاتها في جميع تفاصيل الحياة، فالمدينة التي خططت على الماء أقيمت على شبكة قنوات يبلغ طولها 90 كيلومترا، وتصميمها يشابه بقية المدن التايلندية الأخرى مع فرق واحد لقد حل الماء محل الإسفلت.
مخاطر العيش
مع حلول الظلام توجد العديد من المفاجأت، حيث أن هذا السوق العائم يتحول إلى مسرح شعبي تقام فيه عروض للجماهير منها ترويض الأفاعي. لقد منحت حياة الماء هؤلاء سكينة وصفاء روحيا جعلهم أكثر تشبثا بالحياة في موطنهم، على الرغم من المخاطر التي تحيط بهم وتهددهم على مدار الساعة كالفيضانات والحشرات التي توجد في برك المياه التي تكون لها بيئة خصبة للتكاثر والانتعاش. ولكن أيضا وجود المياه في هذه المنطقة كان له الفائدة الكبيرة في حياتهم فعند انحسار المياه يتم الاستفادة من الغابات المترامية والتي تحاصرها المياه لتربية الفيلة التي تستقطب الزائرين.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 118