بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

لقاء مع د. رواء الجارالله

لقاء مع د. رواء الجارالله

أكدت أن حل مشكلة النفايات يتطلب تضافر الجهود والإيمان بمخاطرها 

د. رواء الجار الله : مكبات النفايات بحاجة لمزيد من التحكم الكمي والنوعي 


ريهام محمد


أكدت أستاذة الهندسة البيئية د. رواء الجار الله أن واقع الحال يشير إلى أن مكبات النفايات لا تخضع لأي تحكم من حيث كمية ونوعية النفايات التي تحتويها. 

وأشارت د. رواء الجارالله في حوار خاص مع " بيئتنا " إلى أن ردم النفايات في مرادم غير مجهزة يترتب عليه أمران ملوثان للبيئة الأول الغازات السامة والثاني الراشح أو السائل الذي يترتب على عملية الدفن ويؤدي تسربه عبر طبقات التربة إلى تلويث المياه الجوفية. 

وأشرات الجارالله بتجربة بلدية دبي المميزة في التخلص من النفايات والتي بات نجاحها ملحوظا وملموسا حيث أصبحت خطة تدوير النفايات في الإمارة مصدر الدخل الأول والأساسي لبلدية دبي ولا تتلقى البلدية أي دعم مادي من الدولة في الوقت الحالي وهنا نص الحواء معها : 

* بداية كيف تقدمين نفسك لقراء «بيئتنا»؟

رواء الجارالله أستاذة في كلية الهندسة والبترول بجامعة الكويت، تخرجت من كلية الهندسة قسم الهندسة المدنية عام 1994 وبعد التخرج مباشرة عملت لمدة عام في بلدية الكويت تحديدا في إدارة البيئة، ثم بعدها تفرغت للدراسات العليا وحصلت على الماجستير من جامعة أريغان في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1996 والدكتوراة حصلت عليها من جامعة بريتش كولومبيا في كندا بتخصص الهندسة البيئية وكانت عن النفايات الصلبة والطرق الحديثة لمعالجتها وأنهيت الدكتوراة عام 2001 ثم التحقت بعدها وإلى الآن للعمل في قسم الهندسة المدنية تخصص هندسة بيئية بكلية الهندسة والبترول جامعة الكويت.

* وهل تخصص الهندسة البيئية من التخصصات الهندسية النادرة في الكويت؟

تخصص الهندسة البيئية ليس نادراً وإنما يمكننا أن نعتبره من التخصصات الهندسية الحديثة نسبيا ليس على مستوى الكويت فقط وإنما على مستوى العالم كله هذا التخصص الهندسي تحديدا «الهندسة البيئية» لم يتطور ويظهر إلا بعد تعاون اندماج وتداخل أقسام هندسية أخرى مثل الهندسة الكيميائية والحيوية وهندسة الأحياء الدقيقة والهندسة المدنية ومن التداخل والتعاون بين التخصصات.

ظهر تخصص الهندسة البيئية وتطور رويداً رويداً إلى أن تبلور بصورة علمية متكاملة وأصبح له عدة فروع ومجالات مرتبطة ومنبثقة عنه.

وللهندسة البيئية ثلاثة فروع رئيسية أولها يختص بمعالجة المياه سواءً مياه المجاري أو أي نوع آخر غير نقي أو عذب من المياه المعالجة للمياه نهدف من خلالها توفير مياه صالحة للشرب أو للاستخدام للري أو مياه يمكن التخلص منها بشكل آمن دون أن تضر بالبيئة أو تؤثر على كائناتها سلباً.

أما المجال الثاني للهندسة البيئية فهو يختص بالتربة ويتم من خلاله رصد كافة الملوثات وأشكال التلوث التي تضر التربة من جراء التطور الصناعي وأيضاً وضع ابتكار طرق وتقنيات لإعادة تأهيل طبقات التربة الملوثة بشكل يسمح لاستغلالها والاستفادة منها، ومن أهم أشكال التلوث الذي تتعرض له التربة في كافة أنحاء العالم والردم غير الصحي للنفايات البلدية والصناعية.

أما المجال الثالث أو الأخير للهندسة البيئية فيركز على قياس وتحديد معايير تلوث الهواء والتأكد من أن الغازات والأبخرة الملوثة للهواء التي تصدر عن المصانع والمستعمرات الصناعية تتوافق مع المعايير العالمية ومحاولة تقليل مخاطرها من خلال تصميم فلاتر خاصة لفلترتها والحد من تلوثها.

* مرادم النفايات في الكويت عنوان بسيط في عدد كلماته وشاسع وهائل في المضمون والأبعاد التي يحويها فما تقييمك كأكاديمية وباحثة لهذا الأمر وبالأحرى ذلك المجال في الكويت؟

قبل أن أوضح واقع الحال لمرادم النفايات في الكويت يجب أن نعرف المقصود من كلمة مردم وهي كلمة تطلق على المكان المصمم والمخصص لردم النفايات، ويتم تصميم مردم النفايات بحي نوع النفايات التي ستردم فيه، فهناك نفايات خطرة أو صناعية ونفايات البلدية وهي التي يتم تجميعها من المنازل، وفي الكويت يوجد مردم خاص للنفايات الصناعية وهو موجود في ميناء عبدالله ومصمم بشكل صحيح وعلمي ووفقاً لأهم المعايير الصحية العلمية، وهذا النوع من النفايات ليس موضوع دراستي أو بحثي لأن نفاياته قليلة إذا ما قونت بالنفايات البلدية الأكثر كمية.

ويوجد لدينا في الكويت عدد كبير من الأماكن أو الحفر التي تستخدم لردم النفايات ولكنها غير مصممة بشكل علمي لردم النفايات البلدية وبالتالي لا يمكن اعتبارها مرادم وإنما مكبات للنفايات وتكون عبارة عن حفر جاهزة تكب فيها النفايات من دون تصنيف أو فرز ويدخل ضمن النفايات  البلدية النفايات الطبية التي تجمع في حاويات القمامة من المستوصفات والمستشفيات مع القمامة من المنازل وتردم كما هي في الحفر.

والمشكلة الكبرى أن وضع النفايات أو بالأحرى ردمها في حفر يؤدي إلى انبعاث غازات سامة تيبب تلوث شديد للهواء إلى جانب الراشح الذي ينتج عن دفن النفايات في حفر غير مجهزة أو معدة والراشح عبارة عن سائل شديد التلوث ينتقل من خلال حفرة النفايات عبر طبقات التربة إلى المياه الجوفية إلى جانب تلويثه للتربة بدرجة خطيرة  وبالتالي فواقع الحال يشير إلى أن مكبات النفايات لا تخضع لأي تحكم من حيث كمية ونوعية النفايات التي تحتويها.

* وما الشروط الواجب مراعاتها في الأماكن المحهزة والمعدة لردم النفايات البلدية؟

كما ذكرت سابقاً ردم النفايات أو دفنها يترتب عليه أمرين يعتبران ملوثين للبيئة الأول الغازات السامة والثاني الراشح، وفي المرادم المصممة بشكل سليم يتم تزويدها بفلاتر للغازات السامة تفلترها وتنقيها بحيث تقلل بقدر الإمكان من درجة تلويثها للهواء إلى جانب تبطين المردم وتصميمه بطريقة وتقنية تسمح بتجمع الراشح أو السائل الذي ينتج عن تحلل النفايات في أماكن معينة ليتم السيطرة عليها ومنعها من التسرب لتلويث التربة أو المياه الجوفية.

* وبرأيك هل الجهود المبذولة لحل مشكلة النفايات في الكويت كافية أم ماذا؟

قطعاً لا ننكر الدور الإيجابي للهيئة العامة للبيئة وبلدية الكويت في معالجة النفايات ومحاولة التخلص منها بشكل يحافظ على البيئة ويحميها، ونثمن أيضاً الجهود الفردية المميزة في هذا الجانب ولكن معالجة قضية النفايات في الكويت يحتاج جدية وإيمان بقضيتها وأبعادها، ونحتاج أيضا إلى تضافر الجهود الحكومية والفردية والخاصة لنتقدم بخطى ملموسة وايجابية في حل هذه القضية.

وشخصيا اعتبر حل مشكلة النفايات في الكويت تحديا كبيرا لنا، ونحتاج للتصدي له إلى قرارات وقوانين داعمة من قبل لدولة بحث يتم سن القانون ومتابعة تنفيذه إلى نهايته، وبرأيي الجانب التشريعي والوعي بهذه القضية أهم من رصد مبالغ ضخمة لحل المشكلة من دون وجود خطو واضحة لتوظيفها بشكل سليم، وقد تقدمت أنا وزميلتي د. رنا الفارس بمقترح متكامل لإدارة النفايات الصلبة في الكويت في مؤتمر إدارة النفايات الذي أقيم في الكويت شهر أبريل الماضي وقدمنا المقرح لمدير بلدية الكويت وقد استقبله بايجابية وننتظر الضوء الأخضر للبدء في تطبيقه وتنفيذه على أرض الواقع.

 وما الغاية الأساسية التي يسعى مقترحكما لإدارة النفايات الصلبة إلى تحقيقها؟

المقترح يركز على تحقيق أربع غايات رئيسية وهي أولا: الحد من إنتاج النفايات الصلبة بتغيير السلوك الفردي والنمط الاستهلاكي السائد، ثانيا: المحافظة على ديمومة الموارد الطبيعية وإطالة عمرها الفتراضي، ثالثا: إدارة النفايات بشكل متكامل يتوافق مع الترتيب الهرمي للأولويات، ورابعا: تقييم الوضع الراهن لمكبات النفايات واستراتيجية إعادة تأهيلها.

وقدمنا بشرح ووضع خطوات لتحقيق كل غاية من الغايات السابقة الذكر بشكل مفصل مع مراعاة تنفيذ المقترح من خلال خطتين إحداهما قصيرة المدى تستوجب التنفيذ الفوري، وأخرى طويلة المدى يتم تنفيذها على مدى العشرين سنة القادة. 

* وهل يمكن أن يكون للقطاع الخاص دور إيجابي  في حل مشكلة النفايات في الكويت؟

بكل تأكيد وجود القطاع الخاص ومشاركته في كافة القضايا البيئية وليس النفايات فقط ضروري، والقطاع الخاص يمكن أن يساهم بفعالية حل هذه القضية من خلال إنشاء مصانع لإعادة تدوير النفايات المفروزة أو إعادة تصدير النفايات المفروزة من دون تصنيعها خاصة النفايات التي تشمل قطع وعلب الحديد والمعادن، وتلك التي تحوي الورق والكرتون وقد حقق هذا المجال في الكثير من الدول أرباح كبيرة إلى جانب المردود البيئي المرتفع لمثل هذا النوع من المشاريع.

* وما هي الدولة الخليجية التي تعتبر ذات تجربة رائدة في التخلص من النفايات البلدية من جهة نظرك؟

حقيقة تجربة بلدية دينة دبي في دولة الإمارات العربية مميزة ورائدة في التخلص من النفايات، فقد وضعت بلدية دبي استرتيجيتها للتخلص من النفايات وفقا لسياسة الدول، وتضمنت استراتيجيتهم تصور متكامل لتقنين كمية النفايات إلى جانب إعادة تدويرها وفق تقنيات علمية حديثة ومتكاملة قطعت بلدية دبي شوطا في هذا الجانب بحيث وصلت حاليا إلى أن تغطي استراتيجيتها للتخلص من النفايات التكاليف المادية للبلدية وبلدية دبي الآن دخلها بالكامل من النفايات وخطة التخلص منها والدولة لا تنفق عليها مطلقا  لا بل أن كل عمليات الاستفادة والتدوير للنفايات تتم بشكل إلتروني ووفق برنامج كمبيوتري منظم، وقد نجحت بلدية دبي في إعادة تدوير النفايات وجعلها مصدر أساسي ووحيد للدخل لكنها فشلت في تقليل معدل إنتاج الفرد لديها من النفايات الصلبة وهو عالي جدا في دبي لعدة أسباب أبرزها الانفتاح الذي تعيشه تلك الإمارة والذي لا يتيح استمرارية عيش الجنسيات المختلفة فيها لأكثر من خمسة سنوات وهذا يعيق عملية التأقلم مع النظام أو الخطة للتخلص من النفايات أو التقليل من معدلاتها.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 102