استطاع الناس أن يلبوا حاجاتهم من الطاقة من الوقود الأحفوري كالنفط والفحم الحجري والغاز الذي يؤدي احتراقه إلى إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو وهو الغاز الذي يساهم في ارتفاع حرارة الأرض.
إضافة إلى انبعاث غازات الدفيئة بسبب ممارسة بعض الأنظمة الخاطئة في الحياة وإزالة الأحراج الأمر الذي ساهم بفعالية في ارتفاع حرارة الأرض.
تأثير الدفيئة
هناك الكثير من الشكوك حول توقيت التغير المناخي ومداه وتبدلاته الإقليمية بينما جميعا نعرف أن غاز ثاني أكسيد الكربون على سبيل المثال يؤدي إلى ما يعرف بمفعول الدفيئة والتي تجعل غازاتها جو الأرض أدفأ (بحولي 24 درجة مئوية في المتوسط)، حيث أنها تحبس السخونة وتحافظ على حرارة معينة في الأرض تكفي لتأمين الحياة.
إن تأثير غازات الدفيئة يدل على عنصر المناخ المتغير بسرعة بسبب نشاط الإنسان، والغلاف الجوي المحتوي على تلك الغازات يقوم مقام زجاج الدفيئة وعبره تصل إلى الأرض حوالي 50% من الشمس فتدفئ سطحها، من ثم يقوم سطح الأرض والغلاف الجوي السفلي بإعادة قذف الطاقة على هيئة أشعة تحت الحمراء لأن الغلاف الجوي يمتص الأشعة تحت الحمراء بدرجة أكبر من الأشعة المرئية لذا فإنها تقوم بتدفئة الأرض وليس للنيتروجين والأكسجين اللذين يشكلان 99% من حجم الهواء علاقة بتأثير الدفيئة.
في حال أن الإنسان لم يتدخل بسرعة وفقد سيطرته على انبعاث غازات الدفيئة المتمثلة في بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروجين ومركبات (الكربون والفلور والكلور) والأوزون التربوسفيري سوف تزداد سرعة تغير المناخ على امتداد السنوات المائة المقبلة بشكل لا مثيل له منذ فجر التاريخ.
ولا أحد يعلم إلى أي مدى ينبغي أن ترتفع درجة حرارة الأرض، ومع أن هناك إمكانية كبيرة وحقيقة في أن آليات مراقبة المناخ ستؤدي إلى تحول مفاجئ وحاسم.
ذوبان الجليد
في بداية القرن العشرين قدم العالم السويدي «سفانت أرينيوس» Svante Arrhenius فكرة تلخصت في أن إطلاق البشر لثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى ارتفاع الحرارة إلا أنه لم ير في هذه الظاهرة أي سوء وكان معظم العلماء في ذلك الوقت يشككون في إمكانية إحراق البشر للوقود الأحفوري بالسرعة اللازمة لإحداث أثر معين ما. وهذا الذي لم يستطيع العلماء أن يؤكدوه إلا منذ فترة وجيزة، وذلك لأن مراقبة تغير المناخ الناتج عن البشر اليوم أصبح أسهل لأننا نحن البشر أضفنا الكثير من ثاني أكسيد الكربون إلى نظام المناخ خلال القرن الماضي حتى أصبح تأثير تغير المناخ واضحا على البشر وعلى الأنظمة البيئية حول العالم بسبب كثرة متطلبات الإنسان والتي أدت إلى زيادة توليد الكهرباء والتي جميعها تعمل على سرعة تغير المناخ أكثر من المتوقع وتتسبب بتغيرات أكثر وضوحا، فزيادة حرارة الأرض تسببت في ذوبان حرارة الجليد في القطبين وفوق قمم الجبال الأسترالية،، الأمر الذي يقدره العلماء في حال استمرار ذوبان الجليد سيؤدي إلى إغراق كثير من المدن الساحلية حول العالم كالمالديف، كذلك من الممكن أن تتأثر دول الخليج بهذا ذوبان في الجليد لأنها ساحلية.
كما أن ارتفاع درجة حرارة الأرض ستؤدي إلى تغير المناخ العالمي وزيادة دفء مواسم الشتاء والشذوذ الحراري وأيضا تصحر مساحات كبيرة من الأرض بسبب عدم سقوط الأمطار كما حدث في الكويت في هذا العام حيث شحت الأمطار فيها فوصلت تقريبا نسبة الأمطار المتساقطة خلال فصل الشتاء (33ملم) التي كان لها التأثير الكبير في إثارة الغبار الكثيف على دولة الكويت والذي أدى إلى تعطيل الملاحة الجوية والبحرية.
وأفاد خبراء ألمان معنيون بشئون البيئة بأن أعلى نسبة تركيز للغازات الإحتباسية المسببة لإرتفاع درجة الحرارة على سطح الأرض يوجد في المنطقة بين العاصمة الهولندية أمستردام ومدينة فرانكفورت الألمانية والتي تعد أكثر المناطق الأوروبية كثافة سكانية.
العواصف الترابية في الكويت
دولة الكويت بحكم موقعها الجغرافي وظروفها المناخية بالإضافة لطبيعتها الجيولوجية وخصائص تربتها وسمات غطائها النباتي تتعرض لجميع أنواع الظواهر الترابية من عواصف وغبار متصاعد وعالق، ويأتي مجموع الأيام التي تهب فيها هذه العواصف الترابية حسب الدراسات 154 يوما.
وتمثل العواصف الترابية أقل الظواهر حدوثا (27 يوما في المتوسط) في السنة أما الغبار المتصاعد وهو أكثر تكرارا (69 يوما عام في المتوسط) ومن بعده يأتي الغبار العالق (58 يوما عام في المتوسط) ويعد الغبار المتصاعد والعالق اللذان تتعرض له الكويت فقد وصل طول السحب الغبارية إلى أكثر من 200كم خلال الفترة من 17 إلى 19 مايو في عام 2007 والتي كان مصدرها الصحراء الغربية بالعراق وأجزاء من شبه الجزيرة العربية.
مصادر الغبار في العالم
ترجع أسباب الغبار في الكويت إلى العديد من الأسباب نذكر منها ما يلي:
- يرجع السبب الأول في كثرة الغبار والعواصف الترابية التي تهب على دولة الكويت إلى قلة الأمطار والجفاف الكبير الذي ساد الأراضي الكويتية بسبب ظاهرة التغير المناخي التي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض والتي بدورها أدت إلى تفكك التربة الأمر الذي ساهم في زيادة الغبار عن حده المطلوب.
- وصلت سرعة الرياح إلى 45كم في الساعة والتي ساهمت أيضا في إثارة الغبار على الأرض وفي طبقات الجو العليا، حيث أنها حملت الأتربة والغبار من الصحاري التي أدت إلى انعدم الرؤية الأفقية في المناطق الداخلية لمسافة 500م والمناطق الخارجية أقل من 300م.
إن التربة تعتبر من المصادر الطبيعية للغبار، فالرياح الشديدة تقوم بنقل بقايا التربة خاصة في المناطق المكشوفة وغير المغطاة بالنباتات وهو الحال في الكويت، فالرمال تغطي معظم أجزاء الكويت بسبب مناخها الصحراوي الجاف الذي يسود المنطقة، هذه المواد العالقة كالرمل والطين والطمي ومواد قشرة الأرض المختلفة وفي الغالب تكون كبيرة الحجم، ومعظم جسيمات التربة المتطايرة بفعل الرياح عبارة عن غبار كبير الأحجام قد يؤثر على مدى الرؤية الأفقية.
- الموجات الغبارية في دولة الكويت تكون متوقعة على الدوام في كل عام وفي نفس الوقت من السنة الذي يبدأ من منتصف فبراير، حيث تضطرب الأحوال الجوية بسبب توزع مناطق الضغط الجوي المختلفة ومن ضغط مرتفع وضغط منخفض حول شبه الجزيرة العربية وشمالها.
ففي هذا الوقت من السنة يبدأ تمازج الفصلين بخروج الشتاء ودخول الربيع في منطقة الخليج العربي، كما تحدث انقلابات جوية تؤدي لحدوث مثل هذه الاضطرابات في الجو.
- الظواهر الترابية أو العواصف الترابية لكي تتشكل تحتاج إلى تربة طينية أوغرينية أو رملية ناعمة جدا على أن تكون شديدة الجفاف وعارية من الغطاء الخضري، وجميع هذه الظروف تتوفر في السهل الفيضي لنهري دجلة والفرات بجنوب العراق (دلتا الرافدين) والذي يمثل المصدر الرئيسي للغبار، ويعد هذا المصدر من المصادر الخارجية.
- تعتبر الأجزاء الجنوبية من جزيرة بوبيان والمنطقة الممتدة بين أم قصر و رأس الصبية في الجزء الشمالي الشرقي من دولة الكويت وعدد من الخبرات وبعض المناطق في الأجزاء الشمالية الغربية من البلاد من المصادر المحلية للغبار كما تنشأ كميات من الأتربة من المسطحات الشاطئية في حالات الجزر عند هبوب الرياح في فصل الصيف.
- الأنشطة العسكرية بشقيها التدريبي والقتالي لها دور كبير في تكسير وتفكيك التربة وتدمير الغطاء النباتي ومن ثم انتشار الرمال والأتربة في الجو كما حدث في الكويت خلال الحروب المتعاقبة التي شهدتها المنطقة منذ 1980 حتى 2003.
أما عن أسباب الغبار في العالم فهي كالتالي:
- من خلال التقدم العلمي في عملية التصوير عبر الأقمار الصناعية أصبح من السهل مراقبة عواصف الغبار وتحديد المصدر الرئيسي للغبار وهو منخفض «بوديلي» في تشاد بأفريقيا لذلك في مناطق من شمال أفريقيا زاد إنتاج الغبار عشرة أضعاف في الخمسين عاما الأخيرة.
- في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية وهي مناطق جافة جدا تحتوي على منخفضات لبحيرات وسهول وأنهار كثبان رملية قديمة وهي تعتبر إحدى المصادر الرئيسية للغبار.
- الجفاف وسرعة الرياح وزيادة الرعي وقطع الأشجار يساعد في تكوين مصادر الغبار بالإضافة إلى زيادة استخدام السيارات في المناطق الصحراوية الذي يمكن أن يؤثر على طبقات الغبار الموجودة.
الشذوذ الحراري في الكويت
مناخ الكويت من النوع الصحراوي الحار والجاف ويتميز بقلة الأمطار والتطرف الكبير في درجات الحرارة حيث يصل متوسط درجة الحرارة العظمى في مطار الكويت الدولي خلال شهر يوليو 44.7 درجة في حين ينخفض متوسط درجات الحرارة خلال شهر يناير إلى 7.7 مئوية، ولقد سجلت أعلى درجة حرارة في الكويت في عام 1953 والتي بلغت 51 في عام 1978 في محطة الصليبية و 4 درجات تحت الصفر يوم 20-1-1964 في محطة العمرية، وفي هذا العام تحديدا في فصل الشتاء وصلت أدنى درجة الحرارة 3 درجات تحت الصفر في الشقايا والسالمي وغرب مدينة الكويت.
آثار الغبار على البيئة
الكميات الكبيرة من الغبار التي هبت على الأرض لها عواقب وخيمة، فالغبار يؤثر على صحة الإنسان والحيوانات والشعاب المرجانية، فقد أثبت فريق من العلماء في فلوريدا أن البكتيريا التي يحتويها الغبار هي المسئولة عن الانحسار الحاد في نمو المرجان كما حدث في البحر الكاريبي.
فعواصف الغبار أصبح حدوثها متكررا في بعض الأجزاء من العالم وتنقل كميات كبيرة من المواد لمسافات طويلة لتسبب بعض الأمراض بالإضافة إلى صعوبة التنفس بين الأطفال، ففي المؤتمر الجغرافي الدولي الذي أقيم في مدينة جلاسكو الأسكتلندية والذي نظمته الرابطة الجغرافية الملكية مع معهد الجغرافيين البريطانيين جاء فيه أن التقديرات لانبعاثات الغبار في العالم تبلغ ما يتراوح بين 2000 و 3000 مليون طن سنويا، والغبار هو أحد أقل المكونات المعروفة للغلاف الجوي للأرض، فإمكانية عبور الغبار للحدود وانتشاره في جميع دول العالم تجعل منه قضية عالمية فهناك أحواض للغبار التي تعتبر مصدر للغبار على الأرض.
إن تراكم كميات الغبار على البيئة يؤثر في عدة مجالات من بينها التغير المناخي وتملح التربة ونقل الأمراض والخصوبة بالمحيطات وتغيرات في المناطق الجليدية وتلوث الهواء ومعادلة الأمطار الحمضية، فالأمطار الحمضية كانت سببا للتصحر وهذا التصحر نتجت عنه جزيئات الغبار.
ومن الأشياء المثيرة للقلق هو تأثير الغبار على مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وهو الغاز الرئيسي الذي تخلفه أنشطة الإنسان.
كما أن زيادة كميات الغبار تجعل المحيطات أكثر خصوبة إذ أنها تؤدي بالإضافة إلى المواد الغذائية إلى تشجيع نمو الأحياء والنباتات المائية الصغيرة التي قد تسحب بعضها ثاني أكسيد الكربون من الجو مما يؤدي إلى تغير مستويات الكربون ومن ثم يؤثر على درجات الحرارة وسقوط الأمطار التي ستؤثر على الغطاء النباتي.
تأثير الغبار على الحياة النباتية
وموجة الغبار أو العواصف الترابية لها تأثير على الغطاء النباتي بشكل سلبي فعند تراكم الغبار يحدث انسداد مسام الأوراق ويمنعها من القيام بوظائفها الحيوية وخاصة عملية النتح والتمثيل الغذائية وبالتالي يضعف النبات ويعيق نموه لذلك ينصح بغسل أوراق النباتات بالماء واستخدام المبيدات لمكافحة الحشرات التي يسببها الغبار، كذلك يتسبب الغبار في الإصابة بحشرات العناكب خاصة على نباتات كالخيار والقرعيات فهذه الحشرات تقوم بامتصاص عصارة النبات وتتغذى على الأوراق مما يؤدي إلى اصفرارها وضعفها وقد يتسبب في وقف الإنتاج فلحماية النباتات من الغبار يجب إغلاق مداخل البيوت المحمية والشبرات الزراعية.
تأثير الغبار على صحة الإنسان
لا يقتصر تأثير الغبار على صحة الإنسان فقط بل يؤثر أيضا على الحيوان والنبات والممتلكات، ويتركز تأثير تلوث الهواء بالجسيمات العالقة على الجهاز التنفسي الذي يعتبر خط الدفاع الأول للإنسان حيث يعتبر الأنف المدخل الرئيسي لهذا النوع من التلوث، ويتوقف تأثير الجسيمات على صحة الإنسان على العديد من العوامل أهمها:
- تركيب الجسيمات الفيزيائي والكيميائي، حيث تستطيع معظم الجسيمات الدقيقة «التي تكون أقطارها أقل من 2.5 ميكرون» الوصول إلى الجهاز التنفسي للإنسان، أما جسيمات التي تكون أقطارها أقل من واحد ميكرون فتصل بسهولة إلى أعماق الرئة ويعتبر الضرر الذي تحدثه هذه الجسيمات على هيئة وشكل الجسيمات، فهذه الجسيمات الحادة مثل الاسبستوس (الألياف الصخرية) تفتك بالرئة وقد تؤدي إلى حدوث سرطان بها.
- وكذلك يعتمد التأثير على التركيب الكيميائي للجسيمات، ففي الوقت الذي نجد فيه أن الجسيمات التي مصدرها الطبيعة معظمها كبيرة الحجم كالرمل والطين.
- إن هذه الجسيمات التي تنبعث إلى الهواء والتي تحيط بنا اثر العواصف الترابية محدثة أضرارا كبيرة بالصحة، خاصة لمن يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي كالربو والالتهاب الرئوي لأن من بعض هذه الجسيمات تكون حبوب اللقاح والجسيمات الملحية المنبعثة من تبخر المحيطات والبحار، حيث أنها تتواجد بمستويات عالية في الهواء فوق مياه البحر والشواطئ.
رحلة إلى الماضي
ترتفع حرارة الأرض في بقاع معينة من الأرض وتنخفض في أخرى ولكي نعرف مدى تغير هذه الدرجة من الحرارة على مدى العصور يجب البحث في السجلات التاريخية للحرارة والتي من الممكن أن نعرفها عن طريق ما يلي:
- الاطلاع على المذكرات المكتوبة والمدونة يدويا كسجلات سرعة السفن ومذكرات المزارعين والمقالات الصحفية والروايات الشخصية.
- الاطلاع على بعض المعلومات التي تم جمعها على مر التاريخ عبر المناطيد أو الأقمار الصناعية وهذه المعلومات تعتبر قيمة جدا.
- سماكة دائرة الشجرة لأن العرض والكثافة مرتبطين بظروف النمو.
- رواسب المحيطات والبحيرات التي ترسب فيها مليارات من أطنان الرواسب المتراكمة كل عام.
- استخدام بقايا النباتات والحيوانات والمواد الكيميائية المحفوظة بطبقات الرواسب في تحليل المناخ الماضي.
- اللقاح الاحفوري، لكل نبات لقاح منفرد بشكله فمن خلال معرفة نوع النباتات التي كانت تنمو في وقت محدد في السجل الاحفوري يستطيع الإنسان استنتاج نوعية المناخ في ذلك الوقت.
- البقايا المرجانية، من الممكن تحديد حرارة المياه التي تكون فيها المرجان اعتبارا من آثار المعادن والأكسجين وذلك بسبب توفر الأكسجين في هذه البقايا العظيمة.
- باطن الجليد، على مر السنين فان الثلج المتساقط على الجبال الشاهقة والرؤوس الجليدية في القطبين تتراكم وترص وتتحول إلى جليد صلب، فالغبار وفقاعات الهواء المحتبسة داخل الجليد تعتبر مخزنا لمعلومات قيمة عن المناخ، فالهواء المحتبس في الجليد بمثابة سجل يدل على كثافة ثاني أكسيد الكربون خلال ألف سنة.
- الذوبان الملحوظ للجليد، وهو الذي يعتبر من المؤشرات العظمى لتغير المناخ على المدى القصير والبعيد بسبب نسب تراجع الجليد وتقلص الرؤوس الجليدية القطبية ونقصه في بحر القطب الشمالي الذي بدوره سيؤدي الى ارتفاع البحار ما بين المتر إلى مترين، وسيتسبب كما ذكرنا بغرق بعض المناطق والجزر كجزيرة المالديف.
التغير العالمي الواقعي
هناك جدل كبير حول التغير في مناخ العالم وهي عملية معقدة جدا، ومن الصعب على الكثيرين تفهمها واستيعابها، وتوجد قياسات مباشرة لحرارة الهواء عند سطح الأرض وحرارة مياه المحيط دون مستوى السطح، وكلاهما في ارتفاع. هناك دليل قاطع على أن حرارة الأرض ترتفع فعلا وهي بازدياد، وستؤدي إلى موجات نزوح لحوالي 56 مليون شخص في الدول النامية «كما ذكرت خبيرة اقتصادية من البنك الدولي»، كما أن هناك العديد من الظواهر التي هي بمثابة شواهد على التغير المناخي الذي يحدث في العالم والتي تسبب فيها بشكل عام ارتفاع درجة حرارة الأرض نذكر منها:
* كارتفاع معدل مستويات البحر بنسب عالية جدا وهو ارتفاع قد ينتج عن الانحسار الجليدي من الأغلفة الجليدية في غرينلاند وغربي انتاركتيكا، وينتج عنه تغيرات كبيرة لجهة الخطوط الساحلية والنظم الايكولوجية بالإضافة إلى غمر المناطق المنخفضة وإحداث آثار جسيمة على مناطق مثل دلتا الأنهار بشكل خاص كدلتا نهر النيل، فمن الممكن أن تغمر المياه ربع دلتا النيل الكثيفة السكان في مصر لو زاد ارتفاع منسوب مياه البحر مترا واحدا على سبيل المثال، والمناطق الساحلية في فيتنام ستتأثر بشدة وكذلك موريتانيا وسورينام وجيانا الفرنسية وتونس والإمارات العربية المتحدة وجزر الباهاما وبنين.
* وتراجع انهار الجليد والتغييرات التي طرأت على عدد كبير من الأنظمة الفيزيائية والبيولوجية ككتلة الجليد الضخمة التي انفصلت عن جرف جليدي في أقصى شمال كندا.
* ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض والتي تهدد الأسماك في بحر الشمال بالنفوق لأنها تتسبب في خفض كمية الأكسجين في الماء وتباطؤ في النمو ونسبة نفوق اكبر سجلت في حال زادت درجة حرارة المياه عن 17 درجة مئوية كما برهن الباحثان الألمانيان «هانس اوتو بورتنر وراينر ناست» في مقال بمجلة «ساينس» العلمية الأميركية.
* تفتح مئات الأزهار البرية في هولندا في ديسمبر قبل موعدها بسبب الاحتباس الحراري.
* الحرارة الشديدة تسببت في إلحاق كارثة بسواحل شرق اسبانيا حيث ظهرت قناديل البحر بكثرة مما اضطر المصطافين للابتعاد عن البحر، فقد وصل حجم بعضها إلى حجم طبق عشاء إلى الشاطئ بسبب وفرة العوالق البحرية التي جلبها للساحل الارتفاع في الحرارة.
* ارتفاع حرارة الأرض يمكن أن يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه في الأنهار في المناطق المحيطة بالبحر المتوسط والأمازون ووسط الولايات المتحدة مما يمكن أن يضر بالزراعة والمدن في هذه المناطق. ومن المرجح أن نسب ارتفاع الحرارة الغالب في العقود القليلة الماضية ترجع إلى النشاطات البشرية التي أدت إلى ارتفاع الحرارة ومن ثم التغييرات في مناخ الأرض.(البيان الصادر في 7 /6/ 2005 عن الأكاديميات العلمية والوطنية في الولايات المتحدة،بريطانيا، فرنسا، روسيا، ألمانيا، اليابان، ايطاليا، كندا، البرازيل، الصين والهند).
التكيف مع تغير المناخ
إن وقف تغير المناخ ليس علميا فمثلما تسبب فيه الإنسان عن طريق أخطاء تراكمية لسنوات طويلة فهو أيضا يحتاج إلى وقت طويل لكي نعالج هذه المشكلة، فأجسامنا لم تعتد على السخونة والحقيقة نحتاج إلى الكثير من التكييف لكي نتمكن من التجاوب مع أكثر من درجة مئوية واحدة، فقد أودت موجات الحر بحياة 35 ألف شخص في أوروبا في صيف 2003 وهذا الشئ أصبح اليوم أمرا لا مفر منه بسبب الانبعاثات الماضية والحالية، كذلك سنحتاج للمحافظة على ارتفاع الحرارة إلى ما دون 2 درجة مئوية. في حال ارتفعت الحرارة عن هذا المعدل فنحن نعرض أنفسنا لتأثيرات مأساوية، ولحسن الحظ أنه بإمكاننا استخدام بعض التكنولوجيات المثبتة للحصول على الطاقة التي نحتاج إليها دون أن نحدث المزيد من التغييرات المناخية، هذا التكييف الذي قد تكون مجالاته واسعة من الممكن أن يطبق في حال الشعوب الغنية التي وقعت معاهدة الأمم المتحدة حول تغير المناخ مع العلم أن هذه الشعوب هي التي تسببت في المشكلة في البداية عبر قيامها بإحراق الوقود الاحفوري وإزالة الغابات للتوسع العمراني على مدى مئات السنوات، أما الدول الفقيرة فلن تستطيع التكييف واستخدام التكنولوجيات الحديثة للتكييف بسبب عدم توفر الموارد والمصادر المالية والخبرات البيئية.
والحل الوحيد يكمن في إيجاد بدائل لمصادر الطاقة واستخدام المصادر المتجددة للطاقة التي تتمثل في الرياح والشمس ومياه البحار والأنهار ومعالجة الظواهر المضرة في البيئة كانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
هناك العديد من الخيارات الحالية والمحتملة للتكيف تجاه التغير المناخي في القطاعات المعرضة، حيث أنه يمكن أن يساهم التكيف والتخفيف على حد سواء في الحد من مخاطر التغير المناخي على الطبيعة والمجتمع.
الحل في الاستدامة!
جميع الدول النفطية تعتمد على النفط كمصدر أساسي لاقتصادها، ولكن الحل الأمثل سيكون في الانتقال إلى استثمارات كبيرة في وسائل موفرة للطاقة فضلا عن تقنيات صديقة للبيئة.
ونعرف أن الدول العربية تتميز بطاقتها الشمسية المتوفرة طوال العام وهذه الطاقة الهائلة يجب أن تستغل لتحقيق الغرض البيئي المنشود وهو تحويل ضوء الشمس إلى حرارة وكهرباء وهي التي ستكون فعالة ومستدامة ونظيفة وصديقة للبيئة إن إنتاج الكهرباء أو الهيدروجين بطريقة مستدامة لتحقيق اقتصاد نظيف سوف نخزن فيه الطاقة أو تنقل في خطوط أنابيب أو صهاريج، فحين يحرق الهيدروجين في أنظمة التسخين ومعامل الطاقة والمركبات والطائرات لا ينبعث في الجو غير الماء.
ولا يمكن للرؤية المتضمنة تحويل الدول العربية إلى مصدّر للكهرباء النظيفة والهيدروجين أن تتحقق إن لم تستثمر الحكومات والقطاع الخاص بكثافة في هذه التقنية وفي بنية تحتية عالمية جديدة خلال عقود عديدة، وفي ضوء هذه الإستراتيجية، تقلص الدول النفطية تدريجياً إنتاجها النفطي فيما تزيد صادراتها من الكهرباء النظيفة والهيدروجين. وستدوم مخزونات النفط لقرون وستستفيد الأجيال العربية المقبلة منها. وليس إنتاج الهيدروجين، على صعيد صناعي في العالم العربي حلماً لأن التقنية موجودة. وسينقذ ذلك مناخنا ويضمن البقاء الاقتصادي للعالم العربي في عصر ما بعد النفط.
في تقرير سياسات وقف التغير المناخي الذي وضعته «غرينبيس» في عام 2007 أبرزت فيه منافع انتهاج سبيل الطاقة المستدامة في الشرق الأوسط، وُتوقع أن يبلغ عدد سكان هذه الدول 350 مليون شخص في العام 2050، ولتلبية حاجات هؤلاء ستؤدي التنمية الاقتصادية وفقاً لما هو متبع اليوم إلى زيادة هائلة في إنتاج الطاقة المضرة بالمناخ والملوثة له واستهلاكها. يقول التقرير: «إنه سبيل إلى الدمار البيئي والاقتصادي ويهدد الأمن العالمي والإقليمي».
ويتلخص الاستنتاج الأبرز في السيناريو الذي وضعته «غرينبيس» بالتالي: «إن تلبية الطلب على الطاقة باستخدام تقنيات الطاقة المتجددة وبرامج فاعلية الطاقة والأنظمة اللامركزية للطاقة يمكن أن تتحقق مع الحفاظ على النمو الاقتصادي. ولا يعني ذلك العودة إلى نموذج اقتصادي سابق للتصنيع، بل يعني أن الدول النامية كدول الشرق الأوسط، يمكنها أن تحقق المستوى والنوعية العاليين للحياة اللذين تتمتع بهما الدول المسماة «متقدمة» من دون تدمير البيئة. ويتحقق ذلك بالفصل بين النمو الاقتصادي واستهلاك الطاقة. فمع استخدام تقنيات الطاقة المتجددة وبرامج تفعيل الطاقة والحفاظ عليها يمكن للنمو الاقتصادي أن يستمر من دون زيادة هائلة في استخدام الطاقة وبالتالي في التلوث».
الإعلان العربي
وفي الاعلان الوزاري العربي حول تغير المناخ في اجتماع لمجلس وزراء البيئة العرب عن في الدورة 19 في جامعة الدول العربية بالقاهرة يوم 5 ديسمبر 2007 اتخذوا عدة قرارات وتوصيات لحماية المنطقة من ظاهرة التغير المناخي كان منها التالي:
- إدراج سياسات التعامل مع قضايا تغير المناخ في كل المجالات ضمن السياسات الوطنية والإقليمية للتنمية المستدامة على نحو ينسجم مع النمو الاقتصادي المستدام وجهود القضاء على الفقر.
- تبني خطط عمل وطنية وإقليمية للتعامل مع قضايا تغير المناخ لتقييم تأثيراتها المحتملة ووضع برامج التخفيف والتكيف، يكون للحكومات دور محوري في تنفيذها بالتنسيق والتعاون مع كافة الأطراف المعنية بما في ذلك مراكز الأبحاث العلمية والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
- أن تركز برامج التخفيف على إنتاج واستخدام الوقود الأنظف وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في كافة القطاعات، وتنويع مصادر الطاقة وفقاً للظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة، والتوسع في استخدام تقنيات الإنتاج الأنظف والتقنيات الصديقة للبيئة والاستفادة من تجارة الكربون.
مؤتمر بالي لتغير المناخ
أقيم مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في جزيرة بالي الاندونيسية 3 ديسمبر2007 حيث سحبت الولايات المتحدة التكتل الرئيسي للدول النامية، مجموعة السبعة والسبعين، للدول الغنية لتقديم المزيد للدول النامية لمساعدتها في مواجهة انبعاثات الاحتباس الحراري المتزايدة وهو ما كان نهاية للأزمة بين الدول الغنية والفقيرة. وتم الاتفاق على معاهدة جديدة يبدأ العمل بها في نهاية عام 2012 بعد انتهاء المرحلة الحالية من معاهدة كيوتو التي تلزم 36 دولة صناعية بتقليل الانبعاثات إلى ما يقل بنسبة %5 من مستويات عام 1990 خلال الفترة ما بين 2008 و2012. وتمت الموافقة على «خريطة طريق بالي» بالإجماع تقريبا من جانب الدول الأعضاء في معاهدة التغير المناخي بالأمم المتحدة والبالغ عددها 190 دولة بعد مفاوضات صعبة. واشتمل القرار على جدول أعمال واضح للقضايا الرئيسية التي سيتم التفاوض بشأنها حتى عام 2009 ومن بينها التحرك من أجل التكيف مع الآثار السلبية للتغير المناخي مثل الجفاف والفيضانات وسبل الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وسبل تطبيق التكنولوجيات التي لا تضر بالمناخ على نطاق واسع وتمويل إجراءات التكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي.
وخلصت اللجنة الحكومية للتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة إلى انه إذا ترك الارتفاع في درجة حرارة الأرض دون محاولة لوقفه فان متوسط درجة الحرارة في العالم قد يرتفع بمقدار 6 درجات بحلول نهاية القرن وهو ما سيتسبب في أضرار بالغة للاقتصاديات والمجتمعات والنظم البيئية في شتى أنحاء العالم. كما أن الهدف الرئيسي لكلتا المعاهدتين هو تثبيت نسبة تركيز غازات الاحتباس الحراري في الجو عند المستوى الذي يمنع التدخل الإنساني الخطير في نظام المناخ
مبادرة كويتية
في اجتماع القمة الثالثة لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ذكر سمو أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد الصباح أننا كدول منتجة نعمل على الالتزام بمسؤولياتنا المشتركة تحقيقا للتوازن بين الحفاظ على ثرواتنا النفطية وبين تأمين الإمدادات من الطاقة للأسواق العالمية، وأن النفط سيظل موردا رئيسيا للطاقة وبالأخص في قطاعي المواصلات و البتروكيماويات فمن الأهمية بذل المزيد من الجهود لدعم البحث العلمي لإنتاج وقود نفطي نظيف وكذلك هناك أهمية للبحث والتطوير لاستخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء.
وقام سمو الأمير بإعلان تبرع الكويت بمبلغ 150 مليون دولار لدعم البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي فالكويت في مجال المحافظة على البيئة قامت بسن التشريعات والقوانين الخاصة بالبيئة المحلية والتصديق على العديد من الاتفاقيات الدولية المعنية بالبيئة وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ وبروتوكول كيوتو.
وفي كلمة وفد دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة التي ألقاها الدبلوماسي جاسم إبراهيم الناجم أمام اللجنة الاقتصادية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والستين خلال مناقشتها العامة والتي أقيمت في أكتوبر السابق أكد فيها بأن دولة الكويت تدعم عمل لجنة التنمية المستدامة وتدعو كافة الدول الأعضاء الإسهام فيها بإيجابية باعتبارها المحفل الرئيسي في الأمم المتحدة الذي يتناول القضايا ذات الأهمية من منظور التنمية بأركانها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 101