شفرات عالمية للدلالة على المواد المستخدمة
التعبئة والتغليف: نقطة خضراء تواجه مصاعب بيئية
داود الشراد
أدت المدنيّة والحضارة الحديثة إلى ظهور عدد من المخلفات والملوثات البيئية، وكان لاستخدام العلب والحاويات والقناني وغيرها من وسائل التعليب والتغليف والحفظ، بشكل متنام وعظيم، أن ظهرت مشكلة التخلص من تلك المواد المختلفة، وخاصة وأنها مصنعة من مصادر شتى، وقد تنبهت بعض دول العالم إلى مخاطر تراكمها وتأثيرها على البيئة، ومدى إمكانية الاستفادة منها، وإعادة تصنيعها، ومما يخفف الأعباء كثيرا على البيئة المتخمة أساساً بنفايات متنوعة أخرى.
ولذلك فقد أضيف إلى التعبئة والتغليف بعد جديد، ألا وهو: أن تكون صديقة للبيئة، فقد أسهم النمو المتعاظم للمخلفات المتولــــدة في العالم، بالإضافة إلى مشكلة التخلص منـــها، في خــــلق وضع بالغ الخطــــــورة، إذ أبـــرزت احصائيات الســـوق الأوروبية المشـــتركة EcM مثلا، أن التعـــبئة والتغـــليف تـســببت فـي 20.8% من كـل المخلفات، و2% من انبعاث الغازات، و1.5% من استهلاك المياه، و 3.7% من استنزاف الطاقة، وتشهد دول عديدة تنامى الضغوط المواجهة للإفراط في التعبئة والتغليف، مجسد ذلك الوضع في تشريعات، يمكن أن تشكل مصاعب جديدة للدول المصدرة، إذا لم تتفهم وتأخذ حذرها في معالجة تلك الأوضاع، ولذلك يتبع الاتحاد الأوروبي استراتيجية تتعلق بإدارة المخلفات.
وقد ظهر عديد من الأدوات والإجراءات المستحدثة على مستوى الاتحاد الأوروبي مثل البطاقة البيئية Eco-Label، والمراجعة البيئية Eco-Audit من أجل تخفيف الآثار الضارة للعمليات الإنتاجية والمنتجات على البيئة.
وأصدرت الوكالة الأوروبية مسودة مقترحة في فبراير 1992، تم تعديلها في يونيو 1993، وأجرت تعديلا لاحقا في ديسمبر 1994 تحت عنوان: «المرشد الأوروبي للتعبئة والتغليف ومخلفاتها» The European packaging and packaging waste directive، ومن ضمن ما يستهدف هذا الدليل الخفض الكمي والتحسين النوعي للتعبئة والتغليف من خلال ما يلي:
أ. تنمية استرجاع مخلفات التعبئة والتغليف.
ب. خفض كميات مخلفات التعبئة والتغليف التي يتوجب التخلص منها إلى الحد الأدنى.
ويضع الدليل أهدافا محددة لتحقيقها فيما لا يتجاوز 10 سنوات منذ دخوله حيز التنفيذ، بتجميع 90% من وزن مخلفات التعبئة والتغليف بهدف الاسترجاع (إعادة التدوير، الكمر Compost، إعادة التصنيع، استرجاع الطاقة، إلخ)، وفي سبيل هذا الهدف العام سوف يتم فصل وتدوير 60% بالوزن من كل مادة من مخلفات التعبئة والتغليف من إجمالي المخلفات العمومية، ويكون التخلص النهائي لمخلفات التعبئة والتغليف محصورا في المتبقى من عمليات التجميع والفرز، وبما لا يتجاوز %100 بالوزن من بقايا مخلفات التعبئة والتغليف.
وقـد استقرت الأدلـة على شـفرات ( أرقام ) للدلالة على النوعيات المختلفة من مواد التعبئة والتغليف. ويمكن أن يتضمن الشفرة الرموز الدالة على المواد مثل: LDPE، HDPE.
عبوات للمستهلك
ويستخدم المستهلك، عبوات البيع أو عبوات المستهلك، كأوعية مغلفة أو مفتوحة وأغطية للسلع، مثل الأكياس والعبـــوات المبــثرة Vesiclated (المحببة Granulated- متعدد الأستر Polyester) والعلب والصفائح والبراميل والقوارير والأوعية المعدنية والعلب الكرتونية والصحون... إلخ، لنقل السلع، وإلى حين الانتهاء من استهلاك المحتوى، ومن ثم فإنها تشكل وحدة بيعية للمستهلك أو المستخدم النهائي.
وتميز «النقطة الخضراء»، مواد التعبئة والتغليف التي يمكن أن يتم تدويرها، فيجب أن تجمع عبوات البيع المصنعة من الألمنيوم والمعادن الأخرى واللدائن والمواد المركبة مستقلة عن نفايات المنازل العادية، وتتولـــــى الشركـــــة (أو المؤسسة) المحلية المختصة بجمع المخلفات توزيع وعاء، أو كيس مخصص للتجميع بدون مقابل، ويجمع كل من الزجاج والورق والكرتون في أوعية مستقلة، وقد ظهرت باكورة المنتجات التي تحمل علامة «النقطة الخضراء» في السوق التجاري الألماني منذ 1991.
ومن حيث المبدأ يلزم تزويد كل منزل «بوعاء إضافي أصفر اللون» لتجميع المواد القابلة للتدوير على حدة.
وفي حال تطبيق كل القوانين والتشريعات المتعلقة بمسار تداول عبوات النقل والتحميل المختلفة، فإنه تتبقى هناك بعض الأمور التي تنتظر الحلول مثل:
1. دراسة وخلق سوق المواد المدونة، وكذلك اقتصاديات وجدوى أنواع المواد المختلفة في مخلفات التعبئة والتغليف التي يجرى إعادة تدويرها.
2. إن إعادة الاستخدام ليست- دائما- صديقة للبيئة، إذا ربطناها بالمواد الهامة مثل الماء والطاقة، ومواد التنظيف الضرورية لتهيئة العبوات لإعادة الاستخدام.
3. هناك تخوف من اساءة أو مخاطر استخدام المواد المعاد تدويرها في تعبئة الغذاء، مما يفرض أحكام التشريعات والرقابة.
المخلفات الصناعية
تولد العمليات الإنتاجية بقايا ومواد متخلفة عن العمليات الصناعية، ويحدث ذلك أيضا في صناعات التعبئة والتغليف، والجانب الأكبر من تلك المخلفات يمكن التحكم فيها، وليس من الضروري أن تتم عمليات التعامل في تلك المخلفات في ذات المنشأة المنتجة، حيث تجمع المخلفات الورقية وتنقل إلى تدويره، ويعاد كسر الزجاج إلى مصانع الزجاج لصهره، كما تتلقى مصانع المعادن الخردة والمخلفات المعدنية.
المخلفات الحياتية
تصبح مواد التعبئة والتغليف بطبيعتها مخلفات بمعدلات متفاوتة تبعا لماهية المادة المعبأة والتي تتراوح من سلع قابلة للتلف السريع، مثل الأغذية حيث تقاس فترتها العمرية بالأيام، إلى سلع تمتد فترتها العمرية إلى سنوات، ويمكن أن تمدد فترات الصلاحية العمرية للعبوات إلى مدد طويلة بإعادة الاستخدام مرات عديدة، ولكن مصيرها في النهاية إلى التدوير.
ويقدر أن نحو %40 من الورق والكرتون، ومعظم الزجاج، وأغلب اللدائن Plastics يكون مصدرها التعبئة والتغليف. ويمثل الغذاء النسبة الأعلى من المعبئات (المحتويات) التي تولد تلك المخلفات الحياتية.
التعامل مع المخلفات
والطرق المتبعة في التعامل مع المخلفات هي كما يلي:
1. الدفن
يعرف أحياناً بالدفن الصحي Health Bury وتتم بالنزول بحجم المكونات ودفنها في حفرة، ثم يتم تغطيتها بالردم خــــلال فترة محـــــددة، وتتحـــــلل المواد السليلوزية Cellulose (المكون الأساسي للخشب وهو مركب يتميز بجزيئ كبير) خلال عام بينما تتشرب الأحبار Inks والمواد غير السليلوزية الأخرى في التربة، أما الزجاج فهو مادة خاملة ويمثل مكونا جيدا للأساس، ويتمتع بحياة مديدة، وفي وجود الماء والأكسجين والحالة الحمضية تصدأ Oxidize المخلفات الحديدية خلال فترة تتراوح من عام إلى خمسة أعوام، ثم تتحلل ويستغرق الألمنيوم فترة أطول، وهناك تخوف من مركبات الرصاص والكادميوم (Cd) والتي يمكن أن تتسرب من اللحامات والطلاء Coating والطباعة، وتختلف الأحوال مع نوعية اللدائن من نوعية إلى أخرى، وتتحلل نوعيات عديدة من اللدائن تبعا لوجود الدهون البيئية والأنزيمات Enzymes والكائنات الحية الدقيقة والتعرض للإشعاع قبيل الدفن.
2. الترميد (الحرق)
تحرق المخلفات بحيث تتأكسد كل المواد القابل للاشتعال، وبالإمكان استغلال الطاقة المتولدة وتعتبر المواد السليلوزية المساهم الرئيسي للطاقة الحرارية المتولدة، ولا يشتعل الزجاج لأن درجة الحرارة المطلوبة لا ترتفع إلى حد درجة حرارة صهره، وتزال المخلفات الحديدية عادة قبل الترميد، وتولد اللدائن طاقة حرارية مرتفعة، ولكن تتسبب في انبعاثات مختلفة ضارة للبيئة، ويتولد عن الترميد غاز ثاني أكسيد الكربون CO والماء، وأول أكسيد الكربون Co وأكاسيد الكبريت SO2 والنيتروجين، وهناك آثار أدنى من كلوريد الهيدروجين HcL، والكلور (cl)، والفوسجين Phosgene، والديــوكسينــات Dioxins، ويمثـــــل (البي في سي BVC) نسبة 10% من المخلفات.
3. استرجاع الطاقة
إذا أزيلت المعادن الحديدية، يمكن تجفيف المخلفات المتبقية وتحويلها إلى قوالب ذات قيمة حرارية تعادل نصف قيمة الفحم، وتستخدم بعد ذلك على انفراد أو مخلوطة بالفحم.
4. الكمر (الأسماد)
يتم للمنتجات ذات التحلل الحيوي Biodecompsition وتنتج، مواد عصوية (دبال) صالحة للزراعة.
5. الاستخدام المباشر في الإنشاءات بدون فرز
تستخدم في المناطق الكثيفة بالسكان، حيث تكبس المخلفات مع القار Bitumen، وتستخدم المنتج بعد في إنشاء الطرق والمطارات... إلخ.
6. إعادة الاستخدام بعد الفرز
يتم بعد الفرز إعادة استخدام كل مادة على حدة.
قوانين بيئية
يعتبر تاريخ 12 يونيو 1991 الذي صدر فيه تشريع الحد من مخلفات التعبئة والتغليف علامة على الطريق في تاريخ قانون البيئة المؤثر على المخلفات. ومن ضمن ما ينص عليه القانون:
1. العبوة يجب أن تكون قابلة للتدوير.
2. تعطي الأولوية لإعادة تديور المواد، ولا يسمح باسترجاع الطاقة إلا في حالات استثنائية.
3. ليس هناك من سبيل لقبول غير العبوات، القابلة للتدوير بتاتا.
4. كما نص على أنه يجب أن تسترد الصناعة كل العبوات.
5. ويطالب القانون كل من الموزع وبائع التجزئة إزالة العبوات المرحلية، أو عبوات النقل مثل: الكرتون )ورق سميك( والعبوات الخارجية وحبيبات اللدائن الرغوية Foamplastick أو الغشاء أو أي مغلفات، قبل عرض السلعة للبيع، أو تزويد المشترين بأوعية لتجميع تلك المخلفات في مخزن للبيع، عوضا عن حملها معهم إلى منازلهم.
6. يستثنى القانون، إعادة استخدام مخلفات مواد التعبئة والتغليف المتولدة من المستشفيات والأطباء والعيادات وبنوك الدم والمعامل وغيرها من المعاهد والمعامل، ويحتم على تلك الجهات استخدام منظومات مستقلة لإدارة مخلفاتها.
7. تدبر التمويل لتأكيد أن عبوات النقل يتم التخلص منها، وانخراطها في إطار منظومة للاسترجاع.
8. تمول من خلال أتعاب للإزالة تتغير تبعا لكميات ونوعيات المواد.
ومنذ أول أبريل 1992 فرض على بائعي التجزئة تدبير حاويات مناسبة بالقرب من مراكز البيع.
عمليات التدوير
إن إعادة تدوير مواد التعبئة والتغليف لا يمكن أن تعيدها إلى أصلها الكيميائي، فليس من الممكن أن يتم تدوير العلب المعدنية فتتحول إلى خام الحديد ونعيدها إلى مناجمها، وبنفس القدر من الاستحالة أن يعود الزجاج، كما كان رملا وحجرا حجرياً Limestone، كما أن اللدائن لا يمكن أن تعود إلى أصلها النفطي ويعود إلى البئر.
وربما تنفرد المواد السليلوزية بأن تكون مواد التعبئة والتغليف المصنوعة منها الوحيدة التي يمكن أن يعاد تدويرها بالمعنى الدقيق، وفي حال إذا تم الترميد أو الأكسدة تكون النواتج غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 والماء، اللذين يدخلان مرة أخرى في دورات الكربون والماء الأرضية، ومن ثم فإن المعنى المقصود لإعادة التدوير لمواد التعبئة والتغليف، هو إنتاج عبوات أو مواد مفيدة أو استرجاع الطاقة، ومن ثم فإن المقصود هو: الإنتاج Manufacture وليس التحول Conersation، وتبعا لذلك فيتعين أن نحدد المفاهيم التالية:
1. إعادة تدوير العبوات: إنتاج عبوات جديدة أو منتجات أخرى من العبوات المستهلكة أو استرداد ما بها من طاقة باستغلاله كوقود.
2. إعادة الاستخدام: استخدام العبوات دون تغيير فيما عدا الغسيل والغطاء الجديد إذا كانت هناك حاجة إليها، وليس من الضروري تعبئة نفس السلعة )أمثلة قوارير اللبن والمشروبات المسترجعة(.
3. إعادة التدوير المباشر: تحويل مخلفات مواد التعبئة والتغليف إلى مواد خام متجانسة من نفس النوع الأصلي الذي صنعت منه العبوة، والتي يمكن استغلالها في منتج مفيد وليس بالضرورة في نفس نوعية العبوات الأصلية.
4. إعادة التدوير غير المباشر: تحويل مخلفات مواد التعبئة والتغليف إلى أي مواد خام مفيدة، وهذه بالتبعية يمكن تحويلها إلى مواد الخام الأصلية التي تولدت عنها المخلفات، ولكن هذه لا تحتاج بالضرورة أن تكون هكذا.
أمثلة على إعادة التدوير Recycling
* المعادن
تختلط المعادن المنصهرة وتذوب بشكل محدود، ويكون المخلوط الصلب سبيكة Alloy أو مخلوط من السبائك، ويصعب عمليا فصل المكونات المعدنية كل على حدة، ومن ثم فإن ناتج إعادة التدوير يكون في العادة معادن غير نقية ومنخفضة القيمة.
* اللدائن
اهتم علماء البيئة بعمليات إعادة تصنيع اللدائن أو بمعنى أصح نفايات اللدائن كحل للتخلص منها، وقد قاوم أصحاب مصانع الخامات الأساسية للدائن هذا الحل لأنه يقلل من حجم مبيعاتها.
ويمكن معاودة استخدام العبوات الكبيرة )البرميل وعلى الأخص الصلب الذي لا يصدأ(، ولكن في تجارة التجزئة من النادر حدوث ذلك، وذلك بسبب تكلفة التنظيف، وجزئيا بسبب صعوبة إعادة الغلق والتي تحتاج مكونات للغلق، تكون قد تشوهت. ويجرى إعادة تدوير المعادن المباشر في صناعات هامة عديدة، إذ يفصل الحديد مثلا بالقوى المغناطيسية ويعاد صهر الخردة، ونتيجة للحرارة يتم التخلص من كمية كبيرة من الملوثات، وبالإمكان اجراء مزيد من التنقية ولكن المنتج يمكن قبوله كسبيكة متدنية الرتبة.
كما أن الألمونيوم يمكن فصله بالمغناطيسيات وإن كان أصعب، إذ إن الديامغناطيسية Diamagnetism في الألمونيوم أضعف من البارمغناطيسية Paramagnetism للحديد، ومن الأفضل أن يتم الفصل من المصدر، وبعد ذلك يتم صهره واستخدامه كسبيكة متواضعة، أو ينقى بالتحليل الكهربائي Electrolysis إلى أعلى مستويات النقاء، ويمثل القصدير )Sn( المغطي للغلب المعدنية مشكلة، فإذا سخنت العلب تتطاير أو تحترق المواد العضوية ومن ثم تتخلص من المحتويات المتبقية ومعظم الغطاء العضوي، ولكن، بينما تتسامى Sublimate الطبقات الخارجية بحيث يمكن جمعها في حالة نقية، فإن الطبقات الداخلية تذوب وتندمج مع الصلب: ولهذا عيبان، الفقد في القصدير، والحصول على سبيكة حديدية متدنية الجودة.
تختلط اللدائن الحرارية المنصرة ويمكن أن تكون محاليل Solutions، ويكون المنتج الصلب مادة متجانسة، أو غير متجانسة مكونة من لدائن فردية أو سبائك منها، وتنشأ مشاكل ميكانيكية في حالة اللدائن غير المتجانسة، وتعالج بإضافة نوع ثالث من اللدائن.
ومما يذكر أنه ونتيجة لمخاطر التلوث فقد قررت بلدة بريطانية صغيرة في أبريل من العام 2007 فرض حظر على استخدام أكياس اللدائن الخاصة بالتسوق في متاجرها، وذلك في إطار برنامج لمكافحة التلوث في المنطقة، وقرر تجار البلدة الساحلية في غرب المملكة المتحدة لف مشتريات الزبائن بأوراق ووضعها في أكياس السوق المصنوعة من القماش بعدما تبين بأن تلك المصنوعة من اللدائن تشكل مصدراً أساسياً للتلوث، وخاصة للبيئة في المحيط الهادي.
وقد تصبح هذه البلدة Modbery الأولى في أوروبا التي تلجأ إلى مثل هذا الحل لمكافحة التلوث بالحد من استخدام الأكياس التي تستخدم على نطاق واسع خصوصا في الأسواق والجمعيات التعاونية.
وبالنسبة للقناني اللدائنية يتوقع حدوث ارتفاع كبير جدا في استهلاكها (يونيو 2007)، خاصة بعد استخدام نوع جديد من اللدائن وهو PET )البوليثيلين تيربفتالين( والذي حل محل القناني المصنعة من مادة PVC (البوليفينيل كلورايد) والذي تثبت مشاكله البيئية لاحتوائه على مادة الكلور.
ففي دول الخليج هناك إقبال شديد على المياه المعبأة بشكل خاص، وبلغ حجم المبيعات ما يقارب 26 مليار لتر عام 2000 وهو ضعف ما كان عليه عام 1995، ونسبة استهلاك هذه المياه تعادل 23% من الاستهلاك العالمي.
وتحتل الإمارات المرتبة الأولى من حيث الاستهلاك للفرد الواحد بواقع 113 لترا للفرد، تليها السعودية 79، وقطر 62، والكويت 57، والبحرين 53، ويتوقع أن تتضاعف نسبة الاستهلاك.
ولكن مع تزايد أعداد القناني من مادة PET، أصبح من الأهمية بمكان الحديث عن إعادة تدويرها بشكل علمي مدروس، خاصة أن حرق هذه القناني مضر جدا على البيئة، إضافة إلى أنه في حالة عدم إعادة تدويرها فإننا نستهلك طاقة أكبر لإنتاج ما تم استهلاكه.
إن إعادة تدوير قناني المياه اللدائنية من مادة PET لها ميزات إضافية متعددة منها ما يمكن إعادة تصنيعها وتحويلها إلى منتجات أخرى مثل سجاد متعدد الأستر Polyester والملابس وصناديق البيض والقناني الجديدة.
ولعل فكرة إعادة تدوير المواد- بكل أنواعها- تطبق على أرض الواقع في كل دول الخليج وخاصة في دولة الكويت والتي تعتبر من الدول المستهلكة للمواد بشكل كبير جدا، ولاشك فإن مثل تلك المشاريع التنموية البيئية تعود بالنفع على الوطن والمواطنين اقتصاديا وصحيا على حد سواء.
المواد السليلوزية
يمكن استخدامها كلها على هيئة غشاء أو أفراخ وتكون ملوثة في المادة، وإعادة الاستخدام ليس عمليا.
وقد وجدت تقنيات إعادة التدوير المباشر للورق والكرتون منذ أمد طويل، حيث تغمر المخلفات الورقية في الماء، ثم تتابع عمليات مشابهة للب الخشب، وقد أمكن التغلب على عديد من مشاكل التخلص من المواد الغربية، ومن بين المشاكل الأحدث الالتصاقات التي تنشأ من المواد اللاصقة ذات الأساس المطاطي، والأخبار المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية.
وتبلغ كمية نفايات الورق والكرتون بدولة الكويت نحو 186 مليون كجم سنويا (2002) تقوم بعض الشركات بإعادة تدوير نحو 15 مليون كجم في السنة، أي بنسبة تدوير 8% فقط من الكمية الكلية لمخلفات الورق والكرتون، على الرغم من أن الطاقة الإنتاجية لهذه الشركة تتسم لكمية أكثر من التي يتم تدويرها حاليا، حيث لا تتمكن من تجميع الكميات بشكل منتظم، وتقوم هذه الشركات بالحصول على نفايات الورق والكرتون عن طريق شرائها من شركات النظافة التي تضع حاويات ومكابس خاصة لتجميع الورق في الأماكن العامة وخصوصا بجوار الجمعيات التعاونية التي تعتبر المصادر الرئيسة لهذه المخلفات، هذا وتقوم بعض الشركات بتصدير كميات من هذا الورق إلى خارج دولة الكويت.
الزجاج
وهذه هي المادة التقليدية التي يمكن إعادة استخدامها، وتتفاوت الدراسات بالنسبة لاقتصاديات إعادة استخدامها.
ويمكن طحن المخلفات الزجاجية عند إعادة التدوير المباشر إلى أحجام معقولة بعد الفصل من الورق والمعادن.. إلخ، ويعاد صهرها وفي العادة تخلط بمادة خام Raw، كما تلون في الغالب باللون البني أو الأخضر، وتنشأ في بعض الأحيان مشاكل مثل ارتفاع نقطة درجة الانصهار نتيجة لفقد مزيد من أكسيد الصوديوم (Nao) عن السليكا Silica.
يقدر حجم نفايات الزجاج بدولة الكويت سنويا بنحو 30 مليون كجم (2002) وتوجد شركة واحدة تعمل في مجال تدوير نفايات الزجاج تعتبر من أحدث الشركات وأكبر مصانع الزجاج في منطقة الخليج العربي حيث تعمل الشركة بطاقة إنتاجية تبلغ 40 مليون كجم في السنة لإنتاج العبوات الزجاجية المختلفة، وتقوم الشركة بإعادة تدوير نحو 600 ألف كجم فقط في السنة من النفايات الزجاجية، ويتم تجميع الزجاج بواسطة وضع حاويات خاصة في المواقع العامة، وتقوم الشركة بتجميعها كل فترة أو عبر شرائها من بعض الأفراد أو الشركات العامة في مجال تجميع النفايات.
قابلية التحلل
تحتفظ العبوة القابلة للتحلل بخصائصها بالكامل أثناء الإنتاج )التصنيع( وفترة الصلاحية والاستخدام، ولكنها بمجرد التخلص منها تبدأ في التغير تحت تأثير العوامل البيئية، وتتحول إلى مكونات أدنى تنتهي إلى الاختفاء، فإذا كانت العوامل البيئية حية )حيوانات أو نباتات( تصبح القابلية للتحلل، قابلية للتحلل الحيوي )وعلى الرغم من أن ذلك ليس بالضرورة هكذا حيث ينسب ذلك عادة إلى الكائنات الدقيقة فقط(، ومنذ اللحظة التي صنعت فيها العبوة، فإنها تتعرض لظروف بيئية محلية تتضمن عوامل قد تتفاعل معها، وكثير من التفاعلات ذات أهمية من وجهة النظر التقنية أو السلامة الصحية أو التسويق.
وتصمم العبوات للصمود أمام العوامل المختلفة أثناء فترات الصلاحية والتخزين والتداول والمناولة والتوزيع والعرض والتخزين في مواقع المستهلك، وهنا يثور السؤال التالي: ولا شك أن العبوة يمكن أن تحافظ على سلامتها وكمالها )على أعلى مستوى مطلوب( حتى انتهاء فترة الصلاحية والاستخدام، وأن تنقضي مهمتها وتنضم إلى تيار المخلفات أو القمامة، ثم تصبح قابلة للتحلل؟
الآليات الطبيعية للتحلل
هناك نوعان رئيسيان للتحلل الطبيعي وهما: الآلي والتأثير الإشعاعي.
* التحلل الآلي
لتأثير الآلي الرئيسي هو انكماش الحجم للمخلفات المحكومة لكل أنواع العبوات، وتكون العملية المبدئية في أغلب الأحوال هي الضغط، للحصول على كتلة متكدسة تبلغ في العادة ثلث الحجم، كما تطحن اللدائن إلى وحدات وزنية أدنى، ويحدث نفس الشيء للزجاج على مدى أكبر، ويمكن تطبيق الطحن والتقطيع والتمزيق لكل أنواع العبوات (أو على مخاليطها) بنتائج مرضية، ويكفي في العادة عند التخلص المباشر أن تكون المخلفات مفروزة (منتقاة) أو غير مفروزة، ولكن عند إعادة التدوير غير المباشر تكون هناك حاجة إلى معاملات إضافية. بالنسبة للمخلفات غير المحكومة (القمامة) يمكن أن يكون للمناخ تأثير جلي وفاعل وعلى الرغم من أن التأثيرات الآلية قد تتحدث على حدة، إلا أن التأثيرات الإشعاعية والكيميائية تحدث غالبا في ذات الزمن، ويباشر التأثير الآلي الرئيسي للمناخ مهمته عادة بعد أن يكون قد بدأ التحلل بوسائل أخرى.
التحلل بتأثير الإشعاع
تتعرض العبوات للإشعاع البيئي من لحظة الإنتاج (التصنيع) وأثناء الاستخدام يمكن أن تتعرض بشكل كبير للأشعة فوق البنفسجية من مصابيح فلورية Fluorescence والإشعاع عالي الطاقة (بيتا B، جاما γ، إشعاع الالكترون e) المستخدم في التعقيم، والمصدر الأكبر للإشعاع هو الشمس، والعامل الأكثر فعالية في إحداث التحلل للسليلوز واللدائن هي الأشعة فوق البنفسجية UV، ويتوقف التأثير الإشعاعي على: معدل الامتصاص، طول الموجة، الزمن، درجة الحرارة (الجرعة الممتصة = المعدل * الزمن) بالإضافة إلى الطبيعة التفصيلية الكيميائية والفيزيائية للعبوة ذاتها.
وفيما يلي ملاحظات لتأثير الإشعاعات البيئية على المواد:
1. يتحلل السليلوز إلى وزن جزيئي أدنى، وعلى الأخص في وجود الماء والأكسجين، وتصبح النواتج مؤكسدة وقابلة للذوبان في الماء، ومن ثم تختفي في التربة، وفي حالة البيئة الجافة، والجفاف، يكون التحلل بطيئاً للغاية وتظل المادة السليلوزية على حالها لسنوات عديدة.
2. يكون تأثير المعادن والزجاج بالإشعاع البيئي غير ملموس.
3. يكون التأثير على اللدائن ملموسا وهاما ولكن يتباين من نوعية إلى أخرى، ومن صنف إلى آخر.
التحلل عبر كائنات حية
(أ) الكائنات الكبيرة
بعض الحيوانات الكبيرة تأكل أي شيء، وهناك تقارير عن أن بعض حيوانات الحقل تأكل أكياس اللدائن وعلى الأخص أكياس السميد Semolina، وبعض الحيوانات الصغيرة كالحشرات والديدان والطيور تهاجم المواد السليلوزية واللدائنية ولا يسري ذلك على العبوات الزجاجية والمعدنية.
(ب) الكائنات الدقيقة
المواد السليلوزية واللدائنية مواد عضوية قابلة للتحلل Biodegradability، ويتوقف ذلك على المتماثر Polymer والظروف المناسبة، والرطوبة العالية مطلوبة دائما (أكثر من 70%) ودرجة الحرارة في المدى (من 10 إلى o70 س)، حيث يتكون الفطر والعفن والفطر الغروي والبكتيريا على الأسطح، وتمتص احتياجاتها الغذائية من الجو، وتحدث قابلية التحلل من تفاعل ثلاثة عوامل:
1. القوى الموجهة التي تتعرض لها مخلفات التعبئة والتغليف.
2. الظروف التي تكتنف التعرض.
3. مواد التعبئة والتغليف القابلة للتحلل ذاتها.
المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 149