من يحمي البيئة البرية؟
تسامح القوانين والأجهزة المسؤولة أحد أسباب التدهور
مطلوب توجيه الجهود التطوعية و إشراك الجمهور لإعادة التأهيل
غالب المراد
تواجه البيئة الكويتية تدهوراً شديداً ومشاكل كثيرة نتيجة للأنشطة البشرية المؤثرة عليها كالرعي الجائر واقتلاع النباتات الأمر الذي بات يهدد النوعية البيئية فيها وانعكس ذلك سلباً على الحياة الفطرية وعلى التنوع البيولوجي، وتعد النباتات القاعدة الرئيسية والحيوية لكل صور الحياة في النظام البيئي، فكلما كان الغطاء النباتي كثيفاً ومتنوعاً زادت قدرة النظام البيئي على إعاشة أكبر حجماً من الحياة بمختلف أنواعها والعكس صحيح، هذا وتعتبر أنواع عديدة من النباتات البرية وغيرها من الكائنات الحية عناصر مهمة في التراث الثقافي، والبيئي، ويؤدي فقدان هذه الكائنات من النباتات البرية إلى خلل بيئي وخسارة لنا وللأجيال القادمة من بعدنا.
وأكدت مخرجات مؤتمر الأمم المتحدة الأول حول البيئة والإنسان الذي عقد في استوكهولم عام 1972 على ضرورة وضع نظم رصد حالة عناصر البيئة البرية من تربة، وأحياء برية وغيرها، حيث جاء في التوصية 29 للمؤتمر من تنظيم استخدام الأراضي وضبط النمو الحضري، وتنظيم استغلال المراعي.
لذا سعدنا واستبشرنا خيرا لمبادرة الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية باتخاذ الإجراءات التنفيذية لمعالجة الخلل البيئي الواقع على البيئة البرية بعد أن حددت مناطق الرعي المسموح فيها والممنوع منها، حيث باشرت الهيئة بالتعاون مع وزارة الداخلية بتكليف مجموعة من الضباط لمتابعة تنفيذ هذا المشروع، وعليه شاهدنا منذ فترة إعلانات ولافتات معدنية حددت فيها مناطق الرعي، وأخرى تحذر من لا يلتزم بها.
ومع تقديرنا البالغ للجهود الكبيرة والمثمرة والتي تقوم بها الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية، إلا أن هناك مجموعة من الأسئلة نطرحها على المسئولين عنها للإجابة عليها، وخاصة بعد توجه مجموعة من أصحاب الماشية والأغنام والإبل المتأثرين بتطبيق هذا القانون لوقفه عن طريق تدخل بعضاً من أعضاء مجلس الأمة في ذلك.
- ما مدى الاستعدادات الأولية لتطبيق هذا القانون؟
- ما مدى إدراك ووعي أصحاب العلاقة هذا القانون؟
- ما الموقف تجاه المستهترين ممن يغلب مصلحته الشخصية على المصلحة العامة.
وأودت أن أشير هنا إلى الأساليب الهادفة لتغيير اتجاهات الأفراد تجاه البيئة وقضاياها كما يرى العديد من الباحثين في مجال علم النفس البيئي أنها تنحصر في أسلوبين رئيسيين هما: -
1- الدعاية والإعلان بوسائل مختلفة مرئية ومسموعة ومقروءة وغيرها.
2- الثواب والعقاب أو ما يعرف باسم التدعيم الإيجابي والتدعيم السلبي.
وباعتقادي أن تسامح القوانين والأجهزة المسئولة هو أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار التدهور الواقع على البيئة البرية والنباتات فيها.
وهذا يخدم طموحات ومصالح أصحاب الأغنام، والماشية، والإبل في زيادة أعدادها والتقليل من استخدام الأعلاف التي يستخدمونها لتحسين ماشيتهم وأغنامهم وإبلهم، حيث يكلفهم ذلك أعباء مادية في مقابل توفر النباتات في البيئة البرية.
زيـادة مطـردة
ولو تتبعنا أعداد الماشية وانعكاس تزايدها على البيئة البرية الكويتية ونباتاتها لوجدنا أن الإحصائيات تشير إلى أن الزيادة المطردة في أعدادها بلغت في موسم 1971- 1972 (89,857) رأساً، وفي موسم 1988- 1989 (218,230) رأساً وأصبح في عام 1998- 1999 (635,177) رأساً.
ومجلة الزمن إحدى المجلات الكويتية المميزة لها متابعة واهتمام ملحوظ بالقضايا البيئية المحلية، والإقليمية، والعالمية أجرت قبل مدة مقابلة مع نائب مجلس الأمة السيد فهد مبارك الهاجري (صديق البيئة)، كما وصفته المجلة، إليكم بعضاً مما قال في هذه المقالة:
قال: الإنسان له الحق أن يتصرف في أملاكه الخاصة من دون أن يمنعه أحد ولكن إذا ما كان التصرف يسيء إلى البيئة سواء البحرية أو البرية فإن التدخل واجب لأنها ملك للجميع، ونحن في الحقيقة علينا مسئولية كبيرة كنواب في القيام بدورنا من خلال إصدار التشريعات والتصدي للوضع القائم وتحويل من ينتهك البيئة إلى النيابة العامة، فنحن في الحقيقة نسير عكس التوجهات العالمية حتى في القضايا البيئية.
ومما يؤكد على أهمية حماية النباتات البرية من التأثيرات السلبية عليها مما أشارت إليه دراسة للدكتورة سميرة السيد عمر الباحثة والمختصة في مجال النباتات البرية لمقارنة الإنتاج النباتي داخل المسيجات كمسيجات الصليبية، والعبدلي، والمناقيش وغيرها من المسيجات أن متوسط الإنتاج النباتي داخل المسيجات كان حوالي 140 كجم في الهكتار وهذه الكمية ضعيفة نسبياً كما أشارت الدكتورة سميرة في دراستها، إلا أنها أفضل بكثير إذا ما قورنت بالإنتاجية خارج المسيجات، حيث بلغ متوسط الإنتاج الكلي للنباتات خارج المسيجات حوالي 19 كجم في الهكتار، مما يدل على إمكانية زيادة إنتاجية أراضي الرعي من خلال توفير ظروف الحماية الكافية والمناسبة.
زيـادة الإنتاجيـة
ولتحقيق أهداف هذا المشروع بأسرع وقت ممكن، ولإسراع العمل في الحفاظ على ما تبقى من النباتات البرية وإعادة تأهيل الأراضي الصحراوية فإنه من الضروري التركيز على المتطلبات ذات الأولوية لتنفيذ هذا المشروع، مع التركيز على العقبات المتوقعة في سبيل تحقيقه وهي كما نرى:-
1- التوعية بأهمية البيئة البرية وخطورة الرعي الجائر على نباتاتها الحولية منها والدائمة.
2- دعم زراعة الأعلاف وتشجيع المزارعين نحو هذا النوع من الزراعات في المناطق الزراعية.
3- تطبيق القانون بشأن المخالفين والمستهترين ممن يغلب مصلحته الشخصية على المصلحة العامة.
4- الإكثار من النباتات الصحراوية عن طريق تحديد مناطق محمية لها والاهتمام بجمع البذور والزراعة النسيجية لها لإعادة تأهيل المناطق المتصحرة.
5- توجيه الجهود التطوعية وإشراك الجمهور لإعادة تأهيل البيئة البرية.
6- بناء القدرات الوطنية عن طريق التدريب في مجال التقييم والمراقبة والرصد البيئي، وإدارة المحميات.
7- التنسيق والتعاون بين الجهات الحكومية والأهلية لدعم أي مشروع وطني له علاقة بالبيئة وحمايتها و الحد من الإنتهاكات الواقعة عليها.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 31