بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الفضلات الحيوية

الفضلات الحيوية

في الغابات والمراعي والسافانا والمحاصيل

" الفضلات الحيوية " : إنهم يزرعون الطاقة بالدول الفقيرة!

عنود القبندي

منذ العصر الحجري المتأخر كان الإنسان يزرع هذه «الكتلة الحيوية» من أجل استخدامها كغذاء. إلا أننا حتى في عالم اليوم، نتجاهل الطاقة الكامنة في هذه المادة. فمع بداية الثورة الصناعية سعى الإنسان إلى الحصول على الطاقة من الفحم، ثم في وقت لاحق من النفط والغاز الطبيعي، إلا أن هذا يقودنا إلى إنضاب الموارد الطبيعية غير القابلة للتجدد.

يعيش أربعة من بين كل خمسة أفراد بدون كهرباء في العالم في المناطق الريفية بالدول النامية. وتضطر النساء الريفيات في العديد من الدول الإفريقية والآسيوية ودول أمريكا اللاتينية إلى حمل ما يقرب من 20 كيلوغراما من الأخشاب التي تستخدم كوقود لعدة كيلومترات كل يوم. وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يعيش أكثر من 92 % من السكان بدون كهرباء. ويبلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم نفس عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على الطاقة بصورة تجارية. وقد وصل الرقم إلى ألفي مليون شخص. وقد تكلفت عملية مد شبكات الكهرباء إلى الأجزاء النائية من المناطق الريفية 0.70 دولار لكل وات في الساعة، أي سبعة أضعاف تكلفة الكهرباء في المناطق الحضرية.

مزايا «حيوية»

إن البدائل المتاحة لتنويع إنتاج الطاقة محدودة. فالطاقة النووية يشوبها عدد من العيوب، ويرجع هذا إلى مخاوف بشأن السلامة وكيفية التخلص من النفايات المشعة. واليوم تستخدم الطاقة  الكهرمائية على نطاق واسع بالفعل، بينما تشكل طاقة الرياح والطاقة الشمسية مصدرين متقطعين ونادراً ما يتوفرا. أما الكتلة الحيوية فهي تتميز بالعديد من المزايا. ذلك أنها متوفرة بغزارة في كافة أنحاء العالم. فضلاً عن ذلك فإن التكنولوجيا اللازمة لتحويلها إلى طاقة ـ بما في ذلك الاحتراق، والتحويل إلى غاز، والتسييل إلى وقود اصطناعي ـ متاحة منذ زمن بعيد. إلا أن الطاقة المستخرجة من الكتلة الحيوية )أو الفضلات الحيوية( وقعت ضحية للمنافسة الظالمة من جانب أنواع الوقود الحفري المختلفة. فأسعار النفط تشتمل على تكاليف استخراجه، وتكريره، وتوزيعه، إلا أنها لا تشتمل على تكاليف إنتاج المادة الخام. إن إنتاج لتر واحد من النفط يستغرق ملايين السنين ويتطلب مائتي طن من المادة النباتية، بينما تكفى 15كجم من المادة النباتية لصناعة لتر واحد من الوقود الاصطناعي.

الإنتاج السنوي

بعد توفر النفط إلى حد التخمة في وقت ما، وحين تدني سعر برميل النفط إلى ما دون العشرين دولاراً، تضاءل الاهتمام بإنتاج الطاقة من الفضلات الحيوية، حتى اقتصر على حماة البيئة وهؤلاء المهتمين بالعلوم الأساسية. إلا أن الإمكانات ما زالت هائلة، ذلك أن الكتلة الحيوية على كوكب الأرض ـ الغابات، وأراضي المراعي، والسافانا، والمحاصيل ـ تشكل رأسمال إنتاجياً يولد مردوداً يقدر بحوالي 10 % كل عام. وتماماً مثل البطارية التي تفقد شحنتها ثم تعيد الشمس شحنها من جديد، فإن هذا المدد قابل للتجدد إلى ما لانهاية، ما دمنا نديره على النحو اللائق. والمردود السنوي لرأس المال هذا يقدر حالياً بنحو ستين ألف مليون طن، إلا أننا لا نستهلك سوى ألفي مليون طن لأغراض الطعام، وعشرة آلاف مليون طن لأغراض الطاقة. الحقيقة أن الاستخدام المسؤول لمصدر الطاقة هذا من شأنه أن يعيننا في كفاحنا ضد تغير المناخ من خلال تقليص كمية الكربون في الغلاف الجوي للأرض، وتخفيض كمية الوقود الحفري اللازمة لإنتاج الطاقة.

طاقة الفقراء

كانت الفضلات الحيوية تعتبر حتى اليوم «الطاقة التي يستخدمها الفقراء»، إلا أنها قد تتحول اليوم إلى مصدر للثروة إذا ما تم زرعها وحصادها تحت إشراف ودعم من المجتمع الدولي.  وعلى هذا فإننا نستطيع تنمية “محاصيل الطاقة” لاستخدامها في إنتاج الوقود الحيوي. ويمكن جمع الفضلات المتخلفة عن الغابات، والزراعات، والأنشطة الزراعية الصناعية ثم تحويلها. على سبيل المثال، يمكن من الناحية النظرية استخدام الملايين من الفضلات التي تنتجها النيجر سنوياً لتلبية كافة احتياجات تلك الدولة من الطاقة. إلا أن محاصيل الطاقة سوف تتنافس بطبيعة الحال مع محاصيل الغذاء في العديد من الأماكن حول العالم. وطبقاً للتقديرات بعيدة الأمد فإننا سنضطر في غضون خمسين عاماً إلى استغلال أغلب الأراضي القابلة للزراعة على كوكب الأرض إما لتغذية سكان كوكب الأرض، أو بغرض الحفاظ على الغابات.

حاجة البشر

وعلى هذا فإن المناطق المخصصة لإنتاج الطاقة، وبصورة خاصة الطاقة الحيوية، قد لا تصل إلى المستوى الذي يكفي لإشباع حاجة المجتمعات البشرية آنذاك. وبينما قد تكشف هذه المنافسة عن ندرة عالمية من نوع جديد، إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى ارتفاع أسعار الطاقة، الأمر الذي من شأنه أن يشجع المنتجين على زراعة المزيد من المحاصيل وتحسين إنتاجيتها. وهكذا، فعلى الرغم من أن زراعة الطاقة قد تؤدي إلى خلق قيود جديدة، إلا أنها من شأنها أيضاً أن تفتح احتمالات وفرص جديدة أمام العديد من الجهات الفاعلة في مجال الاقتصاد. فقد يصبح المزارع وعامل الغابات أكثر ارتباطاً بالسوق، وقد يبدأ مهندس المناجم في الاهتمام بزراعة المحاصيل، وقد يهتم رجل الأعمال أو المصرفي بالاستثمار في أسهم النباتات، إلى آخره.

سياسة جديدة

ولكن لكي نتمكن من الإعداد لتصعيد زراعة محاصيل الطاقة، فلابد من انتهاج سياسات جديدة، سواء في دول الشمال أو دول الجنوب، فيما يتصل بالزراعة، وإدارة الأراضي والموارد المائية، وحماية التنوع الإحيائي، والضرائب على استهلاك الوقود، ونشر المعلومات، ورفع درجات الوعي.

كان المصريون القدماء وأهل حضارة الإنكا يمارسون عبادة الشمس، على اعتقاد منهم بأنها كانت مبدأ كافة أشكال الحياة على كوكب الأرض. ولقد أثبت العلم من ذلك الوقت أنهم كانوا على حق في معتقدهم هذا. واليوم، بعد أن أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نسارع إلى تبني مصادر متجددة للطاقة، يتعين علينا أن نستخدم الشمس لزراعة احتياجاتنا من الطاقة، تماماً كما كان أسلافنا القدامى يستخدمونها لزراعة طعامهم.

محاصيل الطاقة

الوقود الحيوي لاينتج فقط من الغذاء، بل أيضا من «الكتلة الحيوية» Biomass خاصة المخلفات الزراعية ومعظمها لجنوسيليلوز.

تشمل مصادر الوقود الحيوي كل المحاصيل التي تحتوي على السكر أو النشا وأنواع مختلفة من الزيوت النباتية مثل زيت جوز الهند وهناك أيضا ما يعرف بمحاصيل الطاقة، وهو مصطلح دخل القاموس حديثا ويراد به مجموعه من النباتات التي تزرع خصيصا من أجل استغلالها في إنتاج الطاقة، ويعتبر نباتا الويلو willow والمسكانتس Miscanthus من أشهرها، ويزرعان بصورة واسعة في أوروبا والولايات المتحدة. تتميز هذه النباتات بأنها سهلة الزراعة في الأجواء الباردة، ولديها قابلية عالية في امتصاص العناصر السائلة في التربة، كما أنها سريعة الحصد. يقدر الاتحاد الأوروبي أن نحو ثمانية ملايين فدان من الأراضي سيتم زراعتها بمثل هذه المحاصيل بحلول عام 2010.

محاصيل الخشب

الخشب المصدر الرئيسي للطاقة في معظم بلدان آسيا وإفريقيا وبعض بلدان أمريكيا الجنوبية. إن الخشب أو ( الفحم النباتي ) هو الوقود الرئيسي المستخدم في بيوت معظم هذه البلدان، ويستخدم بكميات كبيرة في الاستهلاك الصناعي. في البرازيل مثلاً تستخدم مصانع الفولاذ أكثر من مليوني طن من الفحم النباتي سنوياً. وإن مصادر الخشب مهمة جداً فعند وجود صناعة قطع الخشب في الغابات تتوفر كميات كبيرة من النفايات، لكن استمرار هذه الصناعة قد يؤدي إلى انقراض الغابات مستقبلاً، والحل الأمثل لهذه المشكلة هو زراعة أشجار سريعة النمو. والطريقة القديمة المستخدمة منذ مئات السنين والتي يتم فيها قطع جذوع الأشجار وتركها تنمو مرة أخرى، هي أيضاً إحدى الطرق التي تقوم بتجربتها كثير من الدول النامية.

إنتاج الكحول إيثانول - قصب السكر

إنتاج الإيثانول من قصب السكر أو الذرة هو الطريقة المستخدمة حالياً في مناطق عديدة من العالم. في البرازيل تم إنتاج أكثر من 100 مليار لتر منذ بداية البرنامج عام 1975 بالاعتماد على معامل السكر، وقد تم بذلك توفير كميات ضخمة من الوقود المستورد وهناك أكثر من أربعة ملايين سيارة تعمل في البرازيل بالإيثانول الصافي، وتسعة ملايين سيارة أخرى تعمل بغازولين يحتوي على نسبة 20 % من الإيثانول.

أما دولة زيمبابوي الإفريقية فلها برنامج ناجح في هذا المجال وذلك بإنتاج 40مليون لتر في السنة بالاعتماد على مؤسسة تقوم بتصنيع السكر، والإيثانول، وثنائي أكسيد الكربون، وعلف للمواشي، وتوليد الطاقة بالإضافة إلى تدوير المخلفات المتبقية لاستخدامها كسماد لحقول قصب السكر. كما توجد معامل صغيرة لتصنيع الإيثانول في كينيا وملاوي.

محصول الذرة

تطور إنتاج الإيثانول المنتج من الذرة لخلطه مع الغازولين في الولايات المتحدة بشكل واسع. ففي عام 1990 تم إنتاج 3.4 مليار لتر بواسطة معامل تقطير في 22 ولاية. وتزرع الآن في البرازيل والولايات المتحدة أنواع مختلفة من الأعشاب الحلوة مثل الحبوب وأعشاب مشابهة لقصب السكر لتحويلها إلى كحول يستخدم كوقود.

زيت الخضروات

يمكن استخراج النواة في عدة نباتات لسحقها وإنتاج كميات كبيرة من الزيت، وهو من مركبات الهيدروكربون. وزيت الخضراوات له محتوى طاقي يقدر بنحو ( 9-37 GJ/ton ) وهو مقارب للديزل ( GJ/ton 42 )، وأعلى في هذه الحالة من الإيثانول ( GJ/ton 3 ). وهناك عدة زيوت يمكن حرقها مباشرة في مكائن الديزل إما نقية أو بعد خلطها مع وقود الديزل، لكن الخليط الذي يحتوي على نسبة عالية من الزيت يمكن أن يسد منافذ ضخ الوقود ويتجمع على أجزاء أخرى من الماكنة. ويمكن تفادي هذه الظاهرة بخلط الزيت مع الإيثانول أو الميثانول وخلط 30 % من زيت الخضراوات مع الديزل وهو الأسلوب المستخدم حالياً. ويستخدم حالياً زيت جوز الهند في الشاحنات والحافلات في الفلبين. أما زيت النخيل فإنه يستخدم حالياً في البرازيل، وأما زيت دوار الشمس فإنه الأكثر استخداماً في إفريقيا الجنوبية.

زيت نبات الجاتروفا

الذي تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه المحاصيل  وحتى لا تكون بديلا متخفيا للغذاء‏,‏ يجب أن تنمو في أراض‏، وأيضا باستخدام مياه غير صالحة للزراعة.

الفوائد البيئية

 حظي التأثير البيئي الناتج عن استخدام طاقة الكتلة الحيوية باهتمام كبير على الرغم من أنّ حرق النفايات له تأثيرات بيئية أيضاً، لكن الوقود المنتج من الكتلة الحيوية يبعث كمية من ثنائي أكسيد الكربون تقل بنسبة 65 % عن كمية الوقود التقليدي. كما أن النتائج المرجوة من توسيع إنتاج محاصيل الطاقة ستكون نتائج مبشرة. وإن إحدى وسائل تقليل ارتفاع درجة حرارة الجو هي تثبيت كمية ثنائي أكسيد الكربون بواسطة زراعة أشجار على مساحات واسعة. إن امتصاص أشجار الغابات لثنائي أكسيد الكربون هو وسيلة مناسبة لتقليل الضرر البيئي، ولكن إحلال وقود الكتلة الحيوية بدل الوقود التقليدي هو حل أفضل. وتعتمد كلفة تقليل ثنائي أكسيد الكربون وإمكانيته بهذه الطريقة على كفاءة طاقة التحويل في تنمية وحرق مصادر الكتلة الحيوية ونوع الوقود الذي يتم إبداله. وإن الفحم هو أحد الموادّ المرشحة لهذا الغرض.

إن الوقود الحيوي هو أكثر نظافة بخصوص انبعاث غازات الاحتباس الحراري ( الدفيئة ) greenhouse كثنائي أكسيد الكربون، وانبعاث الغازات الحامضية كأكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين. وتجنبا لحدوث الانفجارات الناتجة عن انبعاث غاز الميثان وانتشاره من المطامر الصحية فإن استخراج هذا الغاز وحرقه يوفّران منافع بيئية إضافية نتيجة لتحويل غاز الميثان إلى غاز أقل ضرراً منه وهو غاز ثنائي أكسيد الكربون. وتجدر الإشارة إلى أن غاز الميثان له القدرة على حبس الحرارة أكثر من ثنائي أكسيد الكربون بحوالي 15مرة.

رأي الأمم المتحدة

قال خبير في الأمم المتحدة إن الاستخدام المتنامي للمحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي كبديل عن البنزين هو جريمة ضد الإنسانية.

وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، جين زيكلير، إنه يخاف من أن يؤدي الإقبال على الوقود الحيوي إلى مزيد من المجاعة في العالم. وساعد النمو في إنتاج الوقود الحيوي في دفع أسعار بعض المحاصيل الزراعية إلى مستويات قياسية.

ويبدو أن ملاحظات زيكلير التي أدلى بها تهدف إلى لفت اهتمام العالم إلى هذه المسألة. كما اشتكى زيكلير من الإقبال غير المدروس بعناية على تحويل مواد غذائية مثل الذرة والسكر إلى وقود، مما يهيئ الأرضية لحدوث كارثة. وذكر أن تحويل الأراضي الصالحة للزراعة إلى إنتاج محاصيل يكون مصيرها إما الحرق أو إنتاج الوقود يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية. كما دعى إلى حظر هذه الممارسة لمدة خمس سنوات.

ويرى زيكلير أنه في غضون هذه المدة، ستكون التكنولوجيا قد أتاحت استخدام النفايات الزراعية، مثل الأجزاء شبه المتصلبة من الذرة وأوراق الموز، لإنتاج الوقود المطلوب بدل استخدام المحاصيل الزراعية ذاتها.

الوقود الحيوي

وساهمت الرغبة في إيجاد بدائل أقل إضرارا بالبيئة لتحل محل البنزين، جزئيا، في نمو إنتاج الوقود الحيوي. وكذلك، ساهم حرص الولايات المتحدة على تخفيض اعتمادها على النفط المستورد من المناطق غير المستقرة سياسيا في تزايد الطلب على الوقود الحيوي.

لكن الإقبال على الوقود الحيوي ساهم في حدوث طفرة في أسعار المواد الغذائية ولا سيما في ظل اتجاه المزارعين داخل الولايات المتحدة لاستبدال إنتاج القمح بالذرة التي تُحول إلى الإيثانول.
كما عبر صندوق النقد الدولي عن مخاوفه من أن تزايد الاعتماد على الحبوب كمصدر للحصول على الوقود في العالم، يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة على فقراء العالم.

تحديات أمام استخدام المحاصيل الزراعية في استخراج الطاقة

بينما يتزايد الاهتمام في الدول الصناعية الكبرى بالوقود الحيوي، برزت في الآونة الأخيرة بعض الشكوك حول ما إذا كان هذا الاتجاه يستحق فعلا كل هذا الاهتمام، ويمكن تلخيص هذه الشكوك في ثلاث نقاط كما يلي:

أولاً: هناك بعض المخاوف من أن يؤدي استخدام مثل هذه المحاصيل في إنتاج الطاقة إلى ارتفاع أسعار محاصيل غذائية مهمة نتيجة تقلص مساحة الرقعة الزراعية المخصصة لها كما قد يتسبب ذلك في فجوة غذائية عالمية.

فقد قدر الباحثون حجم المحاصيل الزراعية المطلوبة لإنتاج طاقة حيوية تكفي حاجتنا بنحو 22 % من الإنتاج العالمي الكلي من المحاصيل الزراعية بشكل عام. هذا التقدير يعطي إشارة إلى أن محاصيل الطاقة بالفعل قد تشكل خطرا على حجم المحاصيل الغذائية في المستقبل. هناك أيضا أمر آخر غاية في الأهمية يتعلق برغبة بعض الدول الغنية في إنتاج محاصيل الطاقة في مناطق فقيرة، بحيث تكون تكلفة الإنتاج منخفضة تبعا لانخفاض أسعار الأراضي وتوافر الأيدي العاملة الرخيصة.

قيمة حرارية

ليس ذلك فحسب، بل هناك بحوث مؤكدة تشير إلى أن محاصيل الطاقة المنتجة في المناطق الاستوائية الدافئة تتميز بأنها تنتج وقودا ذا قيمة حرارية تزيد بخمسة أضعاف عن تلك التي تنتج في المناطق الباردة، لذلك يتوقع كثيرون أن يؤدي مثل هذا التوجه إلى إحداث فجوات غذائية في المناطق الاستوائية الفقيرة. إحدى الدول التي قد تأثرت فعلا من هذه المشكلة هي إندونيسيا، التي تشتهر بزراعة جوز الهند الذي يستخدم في إنتاج الديزل الحيوي. خلال الـ 35 عاما الماضية ازدادت الرقعة المزروعة بهذا المحصول من 120 ألف فدان إلى نحو خمسة ملايين فدان، وبالطبع كان ذلك على حساب محاصيل غذائية مهمة.

ثانيا: زراعة محاصيل الطاقة أثارت أيضا حفيظة المهتمين بالبيئة، حيث يتخوف كثيرون من أن يؤدي ذلك إلى حدوث خلل في التوازن البيئي نتيجة التغيرات المتوقعة في تركيبة الأراضي الزراعية.

الغطاء النباتي

فيقول دعاة البيئة إن إزالة الغطاء النباتي المتمثل في الغابات، التي تلعب دورا أساسيا في التوازن البيئي، واستبدال نباتات الطاقة بها، قد تؤدي إلى انعكاسات خطيرة على المدى الطويل. في أمريكا الجنوبية مثلا تتناقص مساحات الغابات الأمازونية بنسبة 3.5 مليون فدان سنويا لمصلحة زراعة قصب السكر الذي يستخدم في إنتاج الإيثانول. هذا يؤدي إلى انبعاث ما يقارب 500 طن من غاز ثنائي أكسيد الكربون مقابل كل فدان من الغابات المزالة.

ثالثاً: هناك جدال حول ما إذا كانت التقنيات المستخدمة حاليا في إنتاج الطاقة الحيوية تساهم إلى حد ما في زيادة الانبعاثات الحرارية.

فإن الباحثين في هذا المجال يرون أن هناك تطورات كبيرة في تقنيات الإنتاج قد تحد بصورة كبيرة من هذا الانبعاث. كما أن هناك بعض الآراء التي ترى أن هذه الانبعاثات ما هي إلا إكمال لحلقة مغلقة، بحيث إن المحصول المزروع بديلا للذي استخدم في إنتاج الطاقة سيعمل على امتصاص غاز ثنائي أكسيد الكربون الناتج من خلال ما يعرف بعملية البناء الضوئي. بغض النظر عن المشكلات التقنية والاقتصادية المصاحبة لإنتاج الطاقة من الكتل الحيوية، فإن ما ورد في النقطتين الأولى والثانية أعلاه يوضح أن هناك عقبات أخرى تتمثل في التجدد، فالكتل الحيوية تفقد صفتها كوقود متجدد إذا أدى استخدامها إلى خلل بيئي أو فجوة غذائية، لذلك إذا أردنا فعلا استغلال الكتل الحيوية مصدرا متجددا للطاقة ويجب إعداد خطط متوازنة لاستغلال الأراضي لهذا الغرض.

الانعكاسات البيئية والجغرافية والسياسية

ومن الواضح أن التحول الكبير بالابتعاد عن الوقود الأحفوري سيترتب عنه انعكاسات قوية جغرافيأ وسياسياً يؤمل أن تؤدي إلى توسيع القاعدة الدولية لإنتاج الطاقة ومصادرها، غير أن الاهتمام الرئيسي لمنظمة الأغذية والزراعة بهذه المسألة يبقى مركزاً على التأثيرات المحتملة لإنتاج الطاقة البيولوجية على صغار المزارعين وآفاقها باتجاه تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الريفية.

إن المزارعين وخاصة في المناطق الاستوائية يشهدون فرصاً جديدة لزيادة الإنتاج ورفع مستوى مدخولهم. إن التنافس على استغلال الأرض للإنتاج الغذائي وإنتاج الطاقة يجب أن يترجم من خلال مزايا ايجابية مشتركة. وأن من بين المخاطر على سبيل المثال، هو أن ترويج الطاقة البيولوجية التي تعتمد على المحاصيل الأحادية المكثفة ذات الطابع التجاري يمكن أن يجعل هذا القطاع تحت هيمنة بعض شركات الطاقة والشركات الزراعية الضخمة، الأمر الذي يحرم صغار المزارعين من تحقيق أية مكاسب.

مفاعل حراري

وكانت روسيا أول من تطرق لإمكانية إنشاء أول مفاعل نووي حراري في العالم وذلك إبان الحقبة السوفيتية، عندما اقترح الاتحاد السوفيتي في العام 1985 على فرنسا أن تساعدها في تشييد ما منشأة فريدة من نوعها في العالم. وقوبل الاقتراح الروسي آنذاك بجانب من الحذر من قبل المسؤولين الفرنسيين، غير أنه استمر في استرعاء اهتمام حكومات الكثير من الدول. وخلص علماء العالم في النهاية إلى استنتاج مفاده أنه ليس بمقدور دول العالم فرادى إنجاز مشروع باهظ التكلفة، فقرر عدد من دول العالم الدخول في تعاون مشترك من أجل إنشاء ما سيزود عالم المستقبل بالطاقة، بتكلفة استثمارية تقارب 12 مليار دولار.

 قصب الطاقة

إن انخفاض صناعة السكر في بلدان البحر الكاريبي ومناطق أخرى جاء نتيجة لاستخدام أنواع جديدة من قصب السكر ذات المحتوى العالي من الكتلة الحيوية والتي تعتبر من أفضل النباتات المنتجة مقارنة بقصب السكر العادي الذي ينتج من 30 إلى 40 طناً جافاً بالفدان. فالقصب الجديد )قصب الطاقة( يمكن أن ينتج من 60 إلى 70 طناَ جافاً بالفدان. ومعظم هذه الكميات ناتجة عن زيادة محتوى الألياف بالرغم من أن كمية السكر المنتج يمكن أن تكون أقل، ولكن الخسائر الناتجة عن هذا النقص تعوض بواسطة الطاقة الإضافية التي تكون على شكل مخلفات مفيدة.

ومن الممكن اقتصاديا حرق بعض من القصب مباشرة دون استخراج السكر منه.  

تدشين أول محطة كهرباء تعمل بالكتلة الحيوية

في روسيا تم تدشين أول محطة كهرباء تعمل بواسطة الكتلة الحيوية. فقد دخلت مؤخرا أول محطة روسية لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز المنتج من مخلفات الصرف الصحي حيز التشغيل في جنوب شرق العاصمة الروسية، وهي محطة صغيرة تبلغ قدرتها 10 ميغاوات، على أن يبدأ العمل في إنشاء محطة مماثلة أخرى.

وقال مسؤول في بلدية موسكو إنها محطة الكهرباء الوحيدة في روسيا التي تعمل بالغاز الحيوي المنتج من ترسبات مياه الصرف الصحي، وفقاً لوكالة الأنباء الروسية «نوفوستي.» وسيستخدم إنتاج هذه المحطة في جزئه الأكبر في تشغيل أجهزة تنقية المياه.

ويساهم إنتاج الطاقة الكهربائية من مخلفات الصرف الصحي، إلى جانب إنتاج الطاقة، في المساعدة على التخلص من التلوث البيئي، فهو في نهاية المطاف، منتج عضوي، يستفاد منه في حرق الغازات الناجمة عن ترسبات الصرف الصحي. يشار إلى أن الوقود المنتج مما يعرف بـ»الكتلة الحيوية» ينتج عنه كميات أقل من غاز ثنائي أكسيد الكربون تقل بنسبة 65 % عن كمية الوقود التقليدي.

يذكر أن روسيا، تعد من الدول الرائدة في البحث عن مصادر طاقة بديلة، إذ وافق البرلمان الروسي في وقت سابق على مساهمة روسيا في جهود إنشاء مفاعل نووي حراري دولي على الأرض، بهدف إيجاد ما سينهل منه العالم الطاقة المطلوبة لديمومة الحياة في كوكب الأرض.

اقتراحات لتعامل الوطن العربي مع تحديات الطاقة الحيوية

لقد توجع العرب لاستيراد معظم الزيت من الخارج وذلك لأن إنتاجنا من الزيوت النباتية لا يتعدى 1.35 % مليون طن والذي يعادل 1.22 % من الإنتاج العالمي. إن عدد سكان الوطن العربي يعادل ما بين المواطنين والوافدين أكثر من 325 مليون نسمة كما الزيادة السنوية للسكان تفوق 2.1 % والحاجة إلى الزيوت والدهون من كل المصادر ترتفع بمعدلات سنوية لا تقل عن 4 %. على المستوى العالمي، سيزداد الطلب على الزيوت النباتية المنتجة عالميا كمدخلات في صناعة الوقود الحيوي الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الزيوت النباتية وسيتضاءل المخزون العالمي لها وسينعكس على الوطن العربي المعتمد على استيراد أكثر من 70 % من احتياجاته للزيوت الغذائية من الخارج وتلك النسبة.

ومع زيادة الطلب سوف يؤدي ارتفاع أسعار الزيوت عالميا إلى ارتفاع أسعارها في الوطن العربي الأمر الذي سيؤثر على استهلاك الزيوت وعلى ذوي الدخل المحدود للمواطنين العرب،  وتبعا لإحصائية أتيحت حول نسبة السكان العرب تحت خط الفقر )معدل دخل الفرد اليومي دون الدولارين يومياً( ولمعدل الفترة 2000 – 2002 )كنسبة مئوية لإجمالي عدد السكان( كالتالي:

الأردن 6 %، الإمارات أقل من 3 %، تونس أقل من 3 %، الجزائر 5 %، السعودية 3 %، السودان 27 %، سوريا 4 %، الصومال 71 %، العراق 27 %، الكويت 5 %، لبنان 3 %، ليبيا أقل من 3 %، مصر 3 %، المغرب 7 %، موريتانيا 10 %، اليمن 16 %.

ومن السبل المقترحة للتعامل مع التحديات تمثلت في القطاع الزراعي للبذور والثمار الزيتية بالتركيز على الإنتاجية الفدانية فالإنتاج العربي منهما مقارنة بالمساحة المخصصة لزراعتهما هي أقل من نصف الإنتاج المتحقق ويشمل القطاع الزراعي التعامل مع الكادر العربي الزراعي بدا من الكوادر الجامعية وعالية التأهيل الأكاديمي والتقني ووصلا إلى المزارع المنتج والأمر هذا يحتاج إلى خطة قومية تشارك في تحديد أهدافها ووزارات الزراعة العربية ووزارات الري واتحاد الجمعيات العربية واتحاد مؤسسات التعليم التقني، حيث أنه لا بد من إنشاء شركات عربية مشتركة يتعاون على إقامتها كافة المستثمرين العرب من كل القطاعات توجه بالأساس لاستصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل الواعدة ومنها الأشجار الزيتون ودوار الشمس إضافة للقطن.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 120