الآثار البيئية لمصانع الاسفنج الصناعي
م. خلود يوسف المرزوق
تلعب الصناعة دوراً مهماً في تنمية الاقتصاد الكويتي، وتوفر الدولة فرص النجاح لها ومن مظاهر جهود الدولة في تنمية الصناعة وتطويرها، توفير القسائم الصناعية، وتقديم القروض الميسرة للمواطنين الراغبين في إقامة مشروعات صناعية وإعفاء المعدات والآلات اللازمة للمصانع من الرسوم الجمركية، وتنمية العمالة الحرفية، ويترتب على هذه الجهود الكثير من الأنشطة الصناعية التي تتوزع على المناطق الصناعية المحددة في دولة الكويت، ويمكن تقسيم تلك الأنشطة الصناعية إلى صناعات رئيسية، وصناعات تحويلية والتي تعتمد على تحويل المواد الخام إلى صناعات إنتاجية واستهلاكية، وتندرج صناعات الإسفنج تحت قائمة الصناعات الكيميائية التحويلية التي تعمل على تحويل المواد الأولية الخام الكيمياوية إلى قوالب من الاسفنج كالتالي :
مراحل التصنيع
أولاً : مرحلة خلط المواد الأولية
تنقل المواد الأولية الخام يدوياً من الأوعية الحاوية لها إلى عدد 4 خزانات منفصلة بغرفة الصب .. يحتوي الخزان الأول على مادة ( TDI ) والثاني على مادة ( Polyol ) والثالث يحتوي على العامل المساعد الأول ( Activator1 ) أما الخزان الرابع فيحتوي على العامل المساعد الثاني ( Activator2 ).
مكونات العامل المساعد الأول
يتكون العالم المساعد الأول من خلط مادة ( Polyol ) مع مادة ( Stannous Octeate ) بنسبة ( 1:9) بالوزن في وعاء من البلاستيك ثم يمزج المخلوط جيداً بواسطة مضارب خشبية وبعدها ينقل إلى خزان العامل المساعد الأول حيث يستخدم في إنتاج الاسفنج الأبيض، أما في حالة إنتاج اسفنج ملون فتضاف مادة ( Pigment ) بنسبة (1) إلى الخليط أعلاه ومن أهم خواص العامل المساعد الأول أنه يعمل على سرعة انتهاء التفاعل واختصار الوقت.
مكونات العامل المساعد الثاني
يتكون العامل المساعد الثاني من خلط مواد ( Amine + Silicon + Water ) بنسب مختلفة تتوقف على المواصفات المطلوبة للاسفنج المنتج وكذلك على الظروف الجوية السائدة وقت التصنيع.
حيث إن من أهم خواص العامل المساعد الثاني أنه يعمل على تثبيت سطح الاسفنج وتحديد حجم الخلايا وغيرها من الصفات الخارجية.
طريقة خلط المواد الأولية
بعد تعبئة الخزانات الأربعة بالمواد الأولية حسب النسب المطلوبة، تتصل تلك الخزانات بماكينة الصب بواسطة أنابيب مثبت عليها مضخات ذات معدلات سحب مختلفة تقوم بسحب المواد الخام ونقلها إلى رأس ماكينة الخلط.
ثانياً : مرحلة الصب
يصب المخلوط من خلال مصفاة تتحرك آلياً في حركة منتظمة لكي توزع المخلوط على ورق الكرافت الموضوع فوق سير متحرك حيث يتم التفاعل الكيميائي مباشرة عند درجة حرارة الغرفة ( 25م ) إلا أن درجة الحرارة الناتجة عن التفاعل تصل إلى ( 80م ) ينتج عن هذه المرحلة تصاعد أبخره وغازات مثل أبخرة مادة ( TDI ) واليوريا وغاز ثاني اكسيد الكربون مما يتطلب وضع التهوية الموضعية على طول السير المتحرك وفي هذه المرحلة سيشاهد تحول الخليط إلى قطعة من الاسفنج حيث يرتفع حجمه تدريجياً ويأخذ شكل القالب.
ثالثاً : مرحلة التجفيف
يتحرك قالب الاسفنج آلياً على سير متحرك متصل بماكينة التصنيع مباشرة حيث يتم تقطيعه حسب الاطوال المطلوبة ( عادة ماتكون أبعاد القالب هي : 20متر طول × 1.5 متر عرض × 70 متر سمك ) بواسطة سكين كهربائي ثم يقوم العمال باستقبال قوالب الاسفنج ونقلها إلى ساحة التجفيف وإزالة أوراق الكرافت المغلفة من عليها وتركها لمدة 24 ساعة حتى تجف.
ينتج عن عملية قص قالب الاسنفج اتربة الاسفنج التي قد تنتشر في جو العمل ويستنشقها العامل وهي خطرة لاحتواءها على مادة ( Isocynate ) المضرة بصحة الجهاز التنفسي للإنسان بما يتطلب أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار تلك الاتربة وتعرض العاملين لها.
رابعاً : مرحلة التجهيز والتنجيد
تنقل قوالب الاسفنج بعد جفافها إلى مكان خاص للتجهيز وعادة ما يكون صالة كبيرة ويتم تقطع قوالب الاسفنج بواسطة مناشير كهربائية أفقية ورأسية حسب الابعاد المطلوبة ثم تنقل إلى قسم الخياطة.
يتم تغطية الاسفنج بالمنسوجات المناسبة اللازمة لقطع الاثاث من مراتب وكراسي يتم استخدام مادة لاصقة ( PATTEX ) للصق قطع الاسفنج ببعضها ببعض مما يعرض العاملين لابخرة المذيبات العضوية مثل ( Toluene ) ويتطلب أخذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال.
كثيراً ما تتم الاستفادة من فضلات الاسفنج المتخلفة اثناء عمليات التقطيع والتشكيل لعمل الاثاث وذلك بتجميع تلك الفضلات وتقطيعها بماكينة فرم كهربائية ومن ثم نقلها إلى مكبس حيث توضع في جهاز القلاب الميكانيكي وترش يدوياً برذاذ الماء وخليط من بعض المواد الكيميائية ومن ثم مكبس على هيئة قوالب وتترك لمدة 3 ساعات لتجف وتصبح بعدها جاهزة لإعادة الاستخدام في انتاج قطع الاثاث.
الملوثات المحتملة من عمليات التصنيع
الملوثات الصلبة
ينتج عن عملية التصنيع إنتاج قوالب من الاسفنج كبيرة الحجم يتم تجميعها وإعادة تصنيعها للاستفادة منها لذلك لا يوجد مخلفات صلبة تذكر من عمليات التصنيع سوى الأكياس والعلب الفارغة للمواد الأولية ويتم تجميعها والتخلص منها في الحاويات الخاصة ببلدية الكويت.
الملوثات الغازية
ينتج من العمليات الصناعية تصاعد غازات وابخره سامة قد تعمل على تلوث بيئة العمل وتضر بصحة العاملين بالمصنع وتتركز تلك الغازات في الأماكن التالية:
* في قسم صب الاسفنج تتصاعد أبخرة مادة ( TDI ) عند مستوى تنفس العامل وهي مادة قابلة للتطاير في الجو العادي وتزداد القابلية بزيادة التسخين أو بارتفاع درجات الحرارة.
كما ينتج تصاعد أتربة الاسفنج خاصة في أقسام قص قوالب الاسفنج وفرم فضلات الاسفنج وعند منشار القطع مما يعرض العاملين لاستنشاق تلك الأتربة التي قد تضر بالجهاز التنفسي وتسبب الأمراض لذا يجب أخذ الاحتياطات اللازمة للحد من انتشار تلك الاتربة بالجو.
الضوضاء
تنتج الضوضاء في قسم إنتاج الاسفنج وأمام ماكينات فرم فضلات الاسفنج وأقسام القص ويجب ألا تزيد شدة الضوضاء عن ( 90 ديسيبل ) وهو الحد المأمون الذي يجب ألا يتعرض العامل لأكثر منه خلال فترة عمل 8 ساعات يومياً وفي حالة زيادة شدة الضوضاء عن الحد المسموح به يوصى باستعمال السدادات الواقية للإذن لخفض شدة الضوضاء.
دور الهيئة العامة للبيئة في دراسة وتقييم مصانع الإسفنج
أولاً : قبل تنفيذ المشروع
تلعب الهيئة العامة للبيئة دوراً مهماً في قطاع صناعة الإسفنج حيث يبدأ دورها قبل تنفيذ المشروع وفي المراحل الأولى من اختيار موقع المشروع وعند إعداد المخططات الهندسية للمشروع، حيث تقوم إدارة التخطيط والمردود البيئي وهي إحدى الإدارات الفنية التابعة للهيئة بدراسة مدى ملائمة الموقع المقترح لمشروع مصنع الإسفنج وذلك بمعرفة المجاورات ومدى تجانس المشروع معها من حيث نوعية الأنشطة المستخدمة فيها. ومن ثم يقوم قسم المشاريع التنموية في الإدارة بتقييم دراسة المردود البيئي الخاص بالمشروع والتي تشتمل على التالي :
- وصف فني كامل للمشروع مع المخططات الهندسية اللازمة.
- بيان الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشروع المقتر.
- وصف شامل لبيئة المشروع والمجاورات.
- بيان حول التأثيرات المحتملة على البيئة.
- التأثيرات السلبية والإيجابية التراكمية وغير التراكمية المباشرة وغير المباشرة على المدى القصير والبعيد على البيئة أثناء مراحل المشروع المختلفة.
- الإجراءات الواجب تنفيذها للحد أو التقليل من التأثيرات السلبية للمشروع.
- ضمانات نحو استمرارية إجراءات حماية البيئة.
ومن ثم يتم ابداء الرأي في المشروع مع وضع الضوابط والاشتراطات البيئية التي تحد من انبعاثات الملوثات.
وقد صدر في مجلة الكويت ملحق العدد ( 533 ) 2 أكتوبر 2001 اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة واشتملت على معايير واشتراطات خاصة بأنشطة الصناعات الاسفنجية وهي كالتالي:
1. استخدام أحدث وسائل وتقنيات التحكم الموضعي في الملوثات الغازية والصلبة للحد من انبعاث هذه الملوثات الضارة بالصحة والبيئة الخارجية.
2. اتباع طريق الغلق الكلي في أماكن خلط المواد الأولية.
3. تجنب استخدام الفلوروكلوروهيدروكربونات «FREONS » في العمليات الصناعية نظراً لما هذه المركبات الكيميائية من أضرار صحية وبيئية وخصوصاً على طبقة الغلاف الجوي الأوزون.
4. تخزين المواد الأولية الكيميائية في مخازن مبردة ومجهزة بوسائل مكافحة الحريق في حالات الطوارئ.
5. يجب اتباع نظام الإحلال لعمال خلط المواد الأولية نظراً لخطورة هذه المركبات على الصحة العامة.
6. التنبيه على جميع عمال المصنع بعدم استخدام المواد الكيماوية في تنظيف أيديهم وملابسهم.
7. توفير وسائل الوقاية الشخصية لعمال الخلط والرش وهي:
أ- كمامات مزودة بفلاتر واقية من الغازات يتم استبدالها على فترات متقاربة.
ب- كفوف واقية وأحذية برقبة ومرايل جلدية.
ج- سماعات أو سدادات واقية للأذن.
8. إجراء الكشوف والتحاليل الطبية وتخطيط السمع لجميع عمال المصنع.
كما تقوم إدارة التخطيط والمردود البيئي بوضع اشتراطات أخرى تحد من انتشار الملوثات وهي كالتالي :
اشتراطات تتعلق بنظام التهوية
ينتج عن خلط المواد الأولية وصبها في الجهاز الخاص بذلك في مرحلة الصب تفاعل كيميائي ترتفع فيه درجة الحرارة وتتصاعد أبخرة وغازات إلى أن يتحول الخليط إلى قالب اسفنج خلال مروره عبر السير المتحرك مما يتطلب عمل التالي :
* يفضل استبدال مادة ( TDI ) واسمها الكيميائي ( Toluene 2.4 Di_Isocynate ) بمادة أخرى لها نفس المواصفات وأقل خطورة مثل مادة ( MDI ) واسمها الكيميائي ( Methylene Bi-sphenyl Isocynate )، نظراً لأن الثانية تتبخر في درجات الحرارة العالية بينما تتبخر الأولى عند درجات الحرارة العادية والتي تصل إلى 24 م.
* استخدام نظام اقفال تام في مرحلة الصب والتصنيع لمنع انتشار أبخرة هذه المادة والمواد الأخرى.
* وضع التهوية الموضعية ومراوح شفط أعلى السير الناقل لسحب الأبخرة بعد خروج المنتج من النفق - ليتم تبريده وتقطيعه.
* يفضل عزل صالة التصنيع تماماً عن باقي أجزاء المصنع من حيث التهوية.
* توفير مغاسل تتناسب مع عدد العمال وتزويدها بالمنظفات اللازمة.
* مراعاة اغلاق باب غرفة الفرم والتنبيه على العمال مشدداً بضرورة ارتداء قناعات واقية من الاتربة بصفة مستمرة طول فترة العمل.
ثانياً أثناء وبعد تنفيذ المشروع
تتم متابعة تنفيذ المشروع من قبل الهيئة العامة للبيئة أثناء التنفيذ للتحقق من تطبيق الاشتراطات والضوابط البيئية الموضوعة من قبل إدارة التخطيط والمردود البيئي في الهيئة وتشارك إدارة البيئة الصناعية في متابعة المشروع أثناء وبعد تنفيذ المشروع حيث تقوم بإجراء عمليات رصد لانباعاثات الغازات للمصانع بأخذ القياسات باستخدام بعض الأجهزة مثل :
* جهاز ( Miran - IA - IR ) لقياس أبخرة المواد المستخدمة في التصنيع.
* جهاز ( drager ) مع الأنابيب الكاشفة للتحقق من وجود بعض الأبخرة.
* جهاز ( Annemometer ) لقياس سرعة الهواء أمام فتحات التهوية الموضعية.
* مضخات سحب نوع ( Personal Sampler L2-5 ) مع فلاتر نوع جلاس فايبر لقياس تركيز الجلاس فيبر بقسم قطع وتشكيل الاسفنج.
* جهاز ( Sound Level Meter ) لقياس شدة الضوضاء.
* جهاز ( Light Meter ) لقياس شدة الإضاءة.
وتوضع الأجهزة في مواقع مختلفة من صالة التصنيع ويتم رصد القياسات وتحليلها ومقارنتها في الحدود والمعايير المسموح بها ضمن لائحة المعايير المعتمدة من قبل الهيئة العامة للبيئة.
ومن ثم يتم وضع التوصيات والضوابط والزام المالك بإجراء الصيانة لأنظمة التهوية ولبعض الماكينات التي يصدر عنها ضوضاء عالية وتزويد العاملين بملابس الوقاية والعمل على الالتزام بشروط التخزين السليم للمواد الأولية والمنتجات وغيرها.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 63