بعوضة توصف بالمرأة الخارقة
تتغذى اناثها على الدم وذكورها على الرحيق
نبال نخال
البعوضة إحدى الحشرات التي نعرفها جميعاً لكن القليل منا لا يعرف معلومات كافية عنها وتكمن أهمية البعوضة في استخدام العلماء لها في ابحاثهم للتوصل إلى علاجات للإنسان وفهم الانظمة الحيوية له لما ثبت علمياً من التشابه في خريطتها الوراثية مع نظيراتها عند الإنسان والبعوضة السوبر في الدراسات العلمية هي في الواقع حشرة غير عادية كما يتصور الكثيرون، والاهم أن البعوضة ذكرت في القرآن الكريم حيث قال تعالى { إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها }.
والبعوض حشرة عادية غير ذات اهمية للعموم من بين الكائنات الحية التي نشاهدها ولكن في الأصل هي إحدى آيات الله التي يجب أن نمعن النظر فيها ونفكر فيها.
مصاصة دماء
المعروف عن البعوض أنها حشرة مصاصة للدماء، وأنها تعيش على الدم ولكن هذا ليس صحيحاً على اطلاقه لأن البعوضة الانثى فقط هي التي تمتص الدماء أما الذكر فيعيش على رحيق النباتات والازهار مثل كثير من الحشرات.
فالانثى لا تمتص الدم لكي تتغذى عليها لأن غذاء البعوض عامة هي خلاصة الزهور، والسبب الوحيد لهذا الفرق بين الذكر والانثى التي تمتص الدم هو لأن انثى البعوض تحمل بيضات وهذه البيوضات تحتاج إلى بروتين لتكبر ونستطيع أن نقول بمعنى آخر أنها تحافظ على دوام نسلها بهذه الطريقة.
عادات التزاوج
إن ذكر البعوض عندما يصل إلى مرحلة البلوغ فإنه يقوم بالبحث عن الانثى مستعملاً بذلك حاسة السمع فإن حاسة السمع عند الذكر ليست مثل الانثى، فإنها اقوى واكثر حساسية، فالصوت الصادر من الانثى ينتبه اليه الذكر ويلتقطه بواسطة الشعيرات الدقيقة التي توجد في نهاية عضو الاحساس، فالذكر اثناء التزواج مع الانثى بجانب الاعضاء التناسلية يوجد جسم يساعد في مسك الانثى وهي الكلاليب.
فالذكور عندما تطير تكون بحالة جماعية تشبه الغيوم فعندما تدخل أي انثى في هذا السرب فالذكر اثناء طيرانه يقوم بعملية التزاوج فيمسك الانثى بواسطة الكلاليب، فالانثى التي تحمل البيوضات تقوم بمص دم الإنسان لتغذية البيوضات وبهذا تظهر الفرق بينها وبين الذكر فعندما نزل القرآن جاء هذا التوضيح فيها ولم يكن معروفاً رغم اهميته فدورة حياتها أو فترة نموها شيء في منتهى الغرابة.
دورة الحياة
الانثى التي تكون حاملة لبيوضات تقوم بمص الدم لتغذية البيوضات وفي شهور الصيف أو الخريف تضع الانثى البيوض على الاوراق الرطبة أو بجانب البحيرات اليابسة.
فالبعوضة الام بواسطة اللاقطات الحساسة الموجودة تحت بطنها تقوم بالبحث عن مكان مناسب لوضع بيوضها وعندما تجد المكان المناسب تقوم بوضع بويضاتها فطول كل بيضة لا تصل 1 ملم فتوضعها واحدة فواحدة أو بحالة مجموعة وتوضع بصف واحد، وهناك نوع ثان تقوم بربط بيوضاتها بعضها ببعض وتضعها، وتصل عدد البيوضات التي تضعها في المجموعة 300 بيضة.
وبعد أن تضع البعوضة بيوضاتها التي تكون بلون أبيض وبعد 12 ساعة من وضع البيض تبدل لونها إلى اللون الاسود وسبب تبدل لونها هو لكي لا يعرف من قبل الحشرات والطيور أي بمعنى آخر لكي لاتكون طعاماً لهم وهذا الشيء سبب لحمايتها وأن بعضها تغير لونها حسب البيئة التي هي بها.
الجهاز التنفسي
إن أساس الجهاز التنفسي التي تستعملها الدودة التي تتحول إلى البعوض هو قضيب تخرجه خارج الماء لتتنفس بواسطته والدودة الموجودة في الماء تكون معلقه رأساً على عقب أي بالمقلوب ولمنع نفاذ الماء إلى القضيب تفرز مادة صمغية من جسمها.
إن التغييرات الحاصلة في لون البعوض الأم وفي البيوضات والشرانق، ليس من صنع البعوضة نفسها وليس موجود تصادفاً فإن البعوضة عندما وجدت أو خلقت فهذا النظام خلق معها.
فقس البيض
عند انتهاء فترة حضانة البيض تخرج الدودة واحدة بعد الأخرى من البيوضات وتتغذى هذه الدودة بدون انقطاع فتكبر إلى أن تمنع جلدهم هذا النمو، والدودة إلى أن تكمل دورة نموها تقوم بتغير جلدها مرتين بعد ذلك.
إن طريقة غذاء الدودة مصممة بشكل غريب، فالدودة بواسطة الشعيرات الموجودة في طرفيها تكون شكل مثل مروحة، بهذه الطريقة تكون مدخلاً صغيراً بافرازها تمنع من دخول الماء إلى القضيب الذي يتنفسون منه.
ومن المبين أو الواضح أن هذا المخلوق يقوم بأغلب أعماله بمنتهى الدقة والحساسية في آن واحد وهذا يضمن للدودة دوام عيشها.
ولولا وجود الخرطوم لتتنفس، ولولا السائل اللزج الذي تخرجه لتمنع دخول الماء إلى القضيب لما كانت هناك اماكن لمعيشة البعوض، وهذا يعني أن جميع انظمة البعوض بدون نقص ظهرت للوجود وهذا دليل على خالقها.
فالدودة تغير جلدها مرة أخرى وعندما تغير للمرة الأخيرة جلدها تخرج بحالة جديدة، فالدودة للتغير إلى البعوض هناك مرحلة أخيرة وهي الشرنقة فغلاف التي تحتويها هذه الدودة تبدأ بالتلف وهذا يعني بأنها يجب أن تتخلص من هذا الغلاف، وبعد أن تتخلص من هذا الغلاف تظهر شيئاً فشيئاً مختلفاً تماماً عما هو عليه.
فهذان الكائنان المختلفان هي نفس المخلوقة ومن الصعب تصديق أنهما شيء كوني فكما نرى أن الدودة ولا البعوضة بإمكانها تصميم مثل هذا العمل الحساس والمختلف الاطوار.
إن الثقوب الموجودة في الانبوبة التي بواسطتها تستطيع الدودة التنفس تنغلق فإنها تصبح وجها لوجه في انعدام هوئها، ففي التغير الأخير للحشرة الجديدة لاتحتاج إلى هذه القضيب فهناك قضيبان في طرفي الرأس بواسطتها تستطيع أن تتنفس ولهذا فإن هذه الكائنات قبل أن تبدأ بعملية تغير غلافها تصعد إلى سطح الماء.
فالبعوضة الموجودة في الشرنقة تكون قد تغيرت تماماً فالهوائيات الموجودة للحس والخرطوم، الصدر، الاجنحة، البطن والرأس التي تغطي معظمها عيناها فالبعوضة تصبح جاهزة للطيران.
البعوضة عندما تخرج يجب ألا تلامس رأسها الماء لأن لحظة واحدة بالنسبة لها دون هواء تكون سبب موتها ولهذا السبب فإن كان هناك ريح أو تيار مائي فإن هذا يعني للبعوضة الهلاك.
فالشرنقة تنشق من الطرف العلوي ففي هذه المرحلة تهلكة كبيرة وهي دخول الماء إلى الغلاف،ولكن المنطقة المنشقة من الكيس هي المنطقة التي تخرج منها الرأس ومنها ولكي تمنع من تماس الماء فإن الرأس تكون مغلفة بنوع خاص من الصمغ تمنع وصول الماء إليها وهذا شيء مهم لأن أي أهواء يجعلها تسقط في الماء وتموت ولهذا فإن البعوضة تقوم بوضع رجلها على الماء عندما تخرج.
كيف يدرك البعوض الكائنات الحية في الطبيعة
إن البعوضة تشعر بالكائنات الحية بواسطة الحرارة فإن البعوضة تستطيع أن تلتقط حرارة الاجسام بشكل الوان ولكن هذا الحس للحرارة لا يعتمد على أشعة الشمس أي على الضوء فإن مقدار الحس للبعوض بمقدار 1/1000 درجة.
إن البعوض تملك حوالي 100 عين وهذه العيون موجودة في الرأس على شكل تشبه قرص العسل تقوم عين البعوض باستلام هذه الاشارات وتنقلها إلى الدماغ البعوضة عندما تقوم بمص الدم تستعمل تقنية تجلب الحيرة للعقول فالنظام المعقد المستعمل هو عندما تحط على الهدف فتقوم بتحديد مكان معين بواسطة الشفاه الموجودة في الخرطوم، فالبعوضة لها إبرة مغلفة بغلاف خاص تخرجها عندما تقوم بمص الدم.
إن الجلد لا ينثقب بواسطة هذه الإبرة كما هو متصور ولكن الذي يقوم بالعمل هو الفك العلوي الذي يشبه السكين والفك السفلي الذي يحتوي على اسنان مائلة نحو الداخل.
فالفك العلوي الذي يشبه السكين والفك السفلي الذي يحتوي على اسنان مائلة نحو الداخل فالفك السفلي يعمل بمقام المنشار أي تتحرك مثل المنشار والجلد ينشق بمساعدة الفك العلوي الذي يكون بمقام السكين ومن المكان المنشق تدخل الإبرة إلى أن تصل إلى العرق وتقوم بعملية مص الدم.
وتقوم البعوضة بصنع مادة في جسمها وتفرزها إلى عرق الإنسان في منطقة امتصاص الدم تمنع تخثره وبهذا تكمل عملية امتصاصها للدم.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 66