مصادرها .. الأمطار والبحيرات والأنهار والرشح
تذبذب المياه الجوفية .. بين الضغط الجوي والرطوبة!
أمل جاسم
بيئة المياه الجوفية
المياه الجوفية هي المياه المتواجدة تحت سطح الأرض والتي يمكن تجميعها بواسطة الآبار وأنفاق التصريف أو التي تندفع بشكل طبيعي إلى سطح الأرض بواسطة الينابيع. تتكون هذه المياه بفعل عملية رشح المياه الموجودة فوق سطح الأرض إلى الأسفل بحيث تكون الصخور التحت سطحية على درجة عالية من النفاذية بما يكفي لنقل المياه.
تتكون مياه الرشح الجوفي من تساقط الغلاف الغازي، وهناك مياه جوفية مصدرها التكاثف تتواجد في الجهات الصحراوية.
مصادر المياه الجوفية
- الأمطار التي تخترق التربة بواسطة مسامات وشقوق التكوينات الصخرية ثم تصل إلى خزانات المياه الجوفية.
- مياه البحيرات والأنهار والخزانات التي تنفذ خلال التربة وتصل إلى خزانات المياه الجوفية.
- الرشح المتبقي من فائض مياه الري من القنوات يعتبر مصدرا صناعيا مغذيا للمياه الجوفية.
نظام المياه الجوفية
يتغير مستوى وكمية ونوع المياه الجوفية بمرور الزمن، وتتأثر المياه الجوفية بالتغييرات الحاصلة بالمناخ، ففي السنوات الرطبة التي يكثر فيها التساقط يرتفع مستوى المياه الجوفية أما السنوات الجافة فينخفض هذا المستوى بشكل واضح بسبب قلة الأمطار الساقطة. يمكن تمييز ثلاثة نطاقات للمياه الجوفية :
- نطاق التهوية : يمتد هذا النطاق فوق أعلى جزء من مستوى المياه الجوفية ويتكون بعد فترة طويلة في الفصل المطير أو الرطب ولكن لا يتشبع بالماء بل يعتبر ممرا للتساقط الذي يترشح ويهبط إلى مستويات أكثر انخفاضا.
- نطاق الجاذبية الشعرية : يقع بين أعلى مستوى للمياه الجوفية وأكثر مستوى انخفاضا والتي تتطابق مع فترات الجفاف، ويوجد جزء من هذا النطاق مملوءة بالماء والجزء الآخر مملوء بالهواء.
- نطاق التشبع التام أو الدائم : يقع هذا النطاق بين أقل مستوى للمياه الجوفية والصخور الكتيمة الواقعة تحت هذه المياه، وهي منطقة دائمة التشبع بالمياه.
العوامل المؤثرة على مستوى المياه الجوفية
تنقسم العوامل المؤثرة على المياه الجوفية إلى قسمان: عوامل طبيعية وعوامل اصطناعية.
العوامل الطبيعية وتشتمل على :
* التساقط : هناك علاقة كبيرة بين التساقط والتذبذب في مستوى المياه الجوفية، حيث يؤثر عامل الرشح من مياه الأمطار في تغذية المياه الجوفية. بما أن جزء من الأمطار الساقطة على الأرض ترشح إلى أسفل، فإن جزء آخر يجري على سطح الأرض بحيث يحتجز جزء من هذه المياه ويعود إلى الغلاف الجوي، وتبقى كمية من هذه المياه يصعب تحديدها فوق النباتات والأشجار والبنايات. لذا كلما زادت كمية المياه المترشحة لباطن الأرض كلما ارتفع منسوب المياه الجوفية.
* الجريان السطحي : مرور المياه الجارية في جزء من الطبقات المائية الحرة يؤثر على مستوى المياه الجوفية، وتوجد علاقة متبادلة بين الأنهار ومستوى الطبقات المائية وتكون هذه العلاقة في ثلاث حالات هي: حرة ودائمة عندما تقطع الأنهار جميع الطبقات المائية وتكون طبقات النفاذية تحت السطحية في أسفل النهر، أو مؤقتة ودائمة وذلك عندما تقطع طبقة النهر الطبقة النفاذة تحت السطحية في الأسفل في عمق معين حيث يرتفع مستوى ماء النهر فوق مستوى الطبقة تحت السطحية في مواسم ارتفاع منسوب الماء، أو غير موجودة وذلك عندما يكون مستوى النهر واقع أسفل الطبقة المائية بشكل دائم.
إن تأثير النتح والتبخر في مستويات المياه الجوفية يعتمد على عمق مستوى المياه الجوفية وعلى شدة التبخر، حيث يكون التبخر والنتح في الطبقات المائية العميقة قليلا جدا. ومن الملاحظ أن التذبذب في مستوى المياه الجوفية في المناطق التي لا تحتوي على أغطية نباتية يكون قليلا ويعود سبب التذبذب في مواسم نمو النباتات إلى الفواقد الناتجة عن التبخر النتحي. ترجع زيادة هبوط مستوى المياه الجوفية في الأيام المشمسة إلى زيادة الفاقد في التبخر، ويصل هبوط المياه الجوفية إلى حده الأعلى في منتصف ساعات النهار، حيث يبدأ منذ الساعة الثامنة صباحا، وتبدأ سرعته في الانخفاض حوالي الساعة السادسة مساءا وأثناء ساعات الظلام تتناقص سرعة الهبوط ويلاحظ رجوع في مستويات المياه بحيث لا يزيد مستواه أثناء النهار.
* الضغط الجوي : إن تذبذب المياه الجوفية في الطبقات المائية الحرة الناتجة عن تغير الضغط الجوي قليلة جدا، وتعد زيادة ضغط الهواء فوق الطبقات المائية الحرة هي المسئولة عن هبوط المستوى المائي. وزيادة الضغط في نطاق التربة يقلل حجم الهواء ويفسح المجال لجزيئات الماء في نطاق التربة لتحل محل الفراغ الناتج من تقلص حجم الهواء مما يعمل على رفع المياه الشعرية وبالتالي ارتفاع المستوى المائي، ويحدث العكس في حالة نقصان الضغط.
العوامل الإصطناعية
ضخ المياه من الطبقات المائية بواسطة الآبار يعقبه هبوط في مستوى المياه الجوفية حول البئر، وزيادة الضخ في بعض المواسم يسبب هبوط في مستوى المياه الجوفية، لذا فإن التغذية الاصطناعية للمياه الجوفية كحقن المياه إلى الطبقات المائية بواسطة آبار الحقن يعمل على رفع مستوى المياه الجوفية.
يتحكم في تجميع المياه الجوفية بكميات مختلفة مدى نفاذية الصخور (مدى قابليتها على تمرير المياه) وتدل التجارب على أن مياه الأمطار تبقى في الأماكن التي تتواجد فيها الأمطار على سطح الأرض ثم تتبخر وفي المناطق الرملية تنساب بسهولة وتصل إلى آفاق سفلية تحتية، وتنساب المياه بشكل أسرع في المناطق الحصوية.
حركة المياه الجوفية
تتبع حركة المياه الجوفية شكل تضاريس السطح، فتسيل بوضوح باتجاه المنخفضات والسبب يعود لحركة المياه الجوفية المستديمة لكونها تنتقل بتأثير الجاذبية الأرضية نحو الأخاديد والأنهار والبحار وغيرها من الجهات المنخفضة بحيث تخرج في النهاية من الجهات المنخفضة على شكل ينابيع. ويعتمد معدل حركة المياه الجوفية على مدى نفاذية الصخور ودرجة ميل مستوى هذه المياه.
مظاهر المياه الجوفية
بالرغم من انسياب المياه الجوفية إلى أعماق بعيدة في جوف الأرض إلا أنه قد يساعد على ظهورها فوق سطح الأرض حركتها الدائمة في جوف الصخور، والتي ينجم عنها تشكيل كل من جوف القشرة الأرضية وسطحها بظاهرات جيمورفولوجية متباينة. ومن أهم المظاهر التي تبدو بها المياه الجوفية على سطح الأرض المجاري المفقودة التي قد تظهر أجزاء منها فوق السطح وتختفي بعضها في باطن الصخور، وآبار المياه، والينابيع، والنافورات والينابيع الحارة.
أم العيش والروضتين
في دولة الكويت هناك حقلان للمياه الجوفية العذبة هما حقلا أم العيش والروضتين ويقعان في شمال الكويت، وقد بدأ الضخ من هذين الحقلين عام 1962م ويقدر المخزون الطبيعي لهذين الحقلين بحوالي 40 بليون جالون. توقف الإنتاج في حقل أم العيش عام 1990م نتيجة التدمير الذي أصاب منشآت الحقل بسبب الغزو العراقي للبلاد. تقدر الطاقة الإنتاجية لحقل الروضتين بحوالي مليون جالون يوميا في الحالات العادية، ويمكن زيادة الإنتاج إلى مليونين ونصف جالون يوميا عند الحاجة لمدة تتراوح بين 10-15 يوما بحد أقصى ثلاث مرات سنويا حفاظا على المياه الجوفية في الحقل.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 106