30 عاما تدهورت نصف مساحتها خلال
الغابات ... بعد تاريخي ونمو اقتصادي
أحمد محمد أشكناني
لا تقتصر الغابات على كونها غطاء شاسعا أخضر ولكن لها مغزى اقتصاديا وصناعيا واستجماميا أيضاً، تساعد الغابات الحفاظ على خصوبة التربة وتمنع تدهورها وتآكلها وتحافظ على استقرار الجبال، وحماية مستجمعات المياه، والتقليل من مخاطر الكوارث الطبيعية كالفيضانات والانهيارات الأرضية، كما أنها تحد من تأثير ظاهرة الاحترار العالمي من خلال البساط الأخضر الذي يمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، فهي تعتبر بيئة وموطناً طبيعياً للحيوان والنبات فهي مأوى 80 % على الأقل من التنوع البيولوجي الأرضي المتبقي على مستوى العالم.
دور حضاري
وتساهم كمصدر للطاقة والمواد الخام، كما لعبت الغابات على مر العصور دوراً حضارياً وتاريخياً هائلا حيث كانت موطناً للعنصر البشري منذ القدم حيث يعتمد حوالي 60 مليون شخص من الشعوب الأصلية على الغابات بشكل كامل تقريباً، كما أن هناك 350 مليوناً آخرين يعيشون داخل مناطق الغابات الكثيفة أو بالقرب منها، ويعتمدون عليها اعتماداً كبيراً في تأمين سبل معيشتهم وتحقيق دخولهم. تشكل الغابات وصناعة منتجات الغابات مصدراً للنمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، إذ تبلغ قيمة التجارة في منتجات الغابات الأساسية على المستوى العالمي 186 بليون دولار أمريكي.
وعلى الرغم من أهمية الغابات، فما زالت التقارير تشير إلى التدهور المستمر في هذه المساحة الشاسعة، حيث أقرت الإحصائيات بأن نسبة الغابات التي تعرضت للتدهور وصلت إلى نصف مساحتها وخاصة خلال الثلاثة عقود الأخيرة، والمساحات المتبقية منها صغيرة - ولكن الغابات الحدودية(التي تقع على الحدود) مازالت تلعب دوراً كبيراً في البقاء على حياة الغابات،
يوجد في العالم الكثير من أنواع الغابات فمنها الغابات الاستوائية - الشمالية - والمعتدلة. وبالنسبة للغابات الاستوائية فإنها تقع فى الدول النامية وبشكل كبير وقد بدأت في الاختفاء فخلال الثمانية آلاف سنة الماضية تم تحويل ما نسبته %45 تقريبا من غطاء الغابات الأصلي على الأرض بينما أزيل معظمه خلال القرن الماضي.
تدهور الغابات
يمكن أن تلحق التغيرات في الحرارة وفي التساقطات الأذى بالغابات، ومن المتوقع أن يزداد الجفاف واحتراق الغابات بسبب التغير في المناخ، ومن الممكن أن تشكل الغابات المحروقة جزءاً عادياً من الغابات فهي تخلص من الأغصان الكثيفة وتشكل جزءاً من دورة حياة بعض الأجناس. وهي قادرة على تدمير الغابات التي ألحقت بها أضرارا جسيمة بفعل البشر والجفاف، وهناك إشارات إلى بداية جفاف نهر الأمازون مما قد يؤدي إلى استرجاع ظواهرالحرائق والتصحر.
وقد تسيء أجناس الحشرات الغازية إلى صحة الغابة، للحشرات دور خاص في علم البيئة الشمالي – فهي تحلل نثار الأوراق والأغصان الميتة التي تكسو أرض الغابة وتؤمن الغذاء للطيور والحيوانات الصغيرة وتقضي على الأشجار المريضة، لكن من المرجح أن تزداد هجمات الحشرات من حيث الوتيرة والحدة بسبب خضوع الغابات للضغط الفيزيولوجي الناتج عن ازدياد الحرارة والجفاف ومع ازدياد حرارة الأقطار القطبية الشمالية بدأ عدد بعض أجناس الحشرات الغازية بالازدياد ذلك أن المناخ البارد يشكل عنصر تهديد لها.
إزالة الغابات
إن عملية إزالة الغابات مسئولة عن %20 تقريباً من انبعاثات الكربون السنوية على مستوى العالم، فالغابات تحتوي على 80% من كل الكربون المخزون في النباتات الأرضية وتؤدي أنشطة إزالة الغابات وتهيئتها للزراعة إلى انبعاث سنوي من الكربون في الجو بمقدار 1.7 بليون طن متري تقريبا وبالتالي يقدم حفظ الغابات فرصا مهمة لحماية التنوع البيولوجي وإبطاء وتيرة تغير المناخ.
فتقريبا يحتاج تكوين غابة سنديان إلى 150 سنة في حين أن غابة صنوبر ساحلي تحتاج إلى 40 سنة فقط، ويعمل المهتمون بالغابات طوال فترة نموها على إزالة الأنواع التي لا تمتلك قيمة اقتصادية تذكر أو الأقل جمالا بغية الحصول على مردودية أفضل.
أما الوضع بالنسبة للدول المتقدمة فتزداد المساحة الإجمالية للغابات فى الدول المتقدمة وان كان ذلك ببطء لكنها فى ازدياد، وعلى الجانب الآخر مازالت حالتها متدهورة وخاصة فى أوروبا حيث تعانى الغابات من تلوث الهواء والتقلبات الجوية والجفاف، وفى السنوات الأخيرة فقد حوالى 100.000 هكتاراً من الغابات فى أوروبا الوسطى والشرقية.
وتعتبر الأشجارأساس النظم الطبيعية، فهي تساعد في الحفاظ على التربة والمياه، وتتحكم في الانهيارات الأرضية، وتمنع التصحر، وتحمي المناطق الشاطئية. والغابات أهم خزائن التنوع الحيوي البيولوجي الأرضي، إذ تستضيف ما يبلغ 90% من الفصائل الحية التي تحيا على اليابسة.
تقسيم الغابات
يعتمد توزيع الغابات حسب الظروف المناخيه التي تحيط بها وهي على الشكل التالي :
1- الغابات المخروطية : وتنتشر في قارتي آسيا وأوروبا وفي بعض المناطق بأمريكا وهي تمثل %35 من مساحة الغابات في العالم، ولا يتجاوز عدد أنواع المخروطيات 650 نوعا وتمثل أهم أنواع الأشجار التي تشملها اللاركس والرانتجية والصنوبر.
2- غابات المناطق المعتدلة ذات الأوراق العريضة : وتغطى تلك الغابات أوروبا الغربية وجزء من بريطانيا ومعظم شرق آسيا وهي محدودة الانتشار في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية وهي أفضل تأقلما مع الاختلافات البيئية التي تحيط بها وهي تمثل حوالي %16 من مساحات الغابات في العالم، وتضم أكثر من 25 ألف نوع شجري، ويعد شجر البلوط أكثر شيوعًا بهذه الغابات بالإضافة إلى أشجار الزان الأمريكي والسرو والأرز الأبيض والأطلنطي والكافور وغيرها من الأشجار.
3- غابات المناطق الاستوائية: وتوجد في جنوب شرق آسيا وفي أفريقيا الوسطى والبرازيل وغويانا في أمريكا الجنوبية وهي أغنى غابات العالم بالأصناف ويعد التنوع الغزير في أشكال الحياة.
4- الغابات في الوطن العربي :
* الغابات المخروطية : و توجد أغلب أنواعها في حوض البحر المتوسط وهذه الغابات غالبا ما تكون نقية أو مختلطة مع أنواع عريضة الأوراق ومن أهم أنواعها غابات الصنوبر والسرو .
* الغابات ذات الأوراق العريضة : انتشارهًا واسع في كل أقاليم الوطن العربي ومن أهم أشجارها البلوط والجوز والبطوم والخروب والسنديان في منطقة البحر المتوسط والأكاسيا والأثل في المناطق المدارية نقية.
والغابات موزعة على كافة أرجاء العالم وأغنى عشر دول في العالم من حيث الغابات والتي تحمل ضمن أقاليمها ثلثي مساحة الغابات في العالم هي روسيا، البرازيل، كندا، الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، أستراليا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إندونيسيا، بيرو، الهند.
تكيف الغابات
إن خفض احتمالات تعرض الغابات للخطر حاليا يمكن أن يساعد على بناء القدرة على مقاومة آثار تغير المناخ، وتشمل الأنشطة الأخرى التي يمكن أن تزيد من القدرة على مقاومة تغير المناخ كالتالي:
- تجنب تجزئ الموائل.
- منع التحول إلى المزارع الحرجية.
- اتباع أساليب الاستغلال غير المكثف للغابات.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 99