أصبح شعارا للحياة المعاصرة
قطار الاقتصاد الأخضر انطلق في الكويت
د. محمد فوزي
الاقتصاد الأخضر أصبح شعارا للحياة المعاصرة، لكونه ينظم لنا عملية استهلاك الطاقة وإيجاد بدائل لاستخدام الوقود الاحفوري، وخلق وسائل متطورة للتخلص من النفايات، ان انظمة المباني الخضراء اصبحت موضة العالم المعاصر، كما ان استمرار دول الخليج في دعمها لإنتاج الكهرباء والمياه افقد ساكنيها الشعور بالمسؤولية ودفعهم الى زيادة الاستهلاك. ان التغيرات التى تشهدها المنطقة حاليا ستمكن أبناءها من قيادة دفة قضايا الأمة، وإحداث تغيير نوعي يحول الانسان العربي الى مشارك اساسي في التطوير والتحول نحو الأفضل، وان يأخذ الشباب من مبدأ الاقتصاد الاخضر والتنمية المستدامة شعارا للحفاظ على البيئة بعد ان اهملناها بشكل خطر.
خطوات كويتية
وفيما يخص الكويت فقد قامت بالعديد من الخطوات نحو التحول الى الاقتصاد الاخضر اهمها ما يلى:
• وضع التمية المستدامة والاقتصاد الاخضر فى المشاريع التنموية والاعمارية التي تشهدها البلاد حاليا مع تشديد المواصفات البيئية.
• التصدي لمسألة النفايات البلدية الصلبة، من الرمي العشوائي والحرق والطمر الى مقاربة إدارية تجني أرباحاً إيجابية من النفايات باعتماد التقليل وإعادة الاستعمال والتدوير والاسترداد،
• اتباع الأساليب الحديثة في تخضير قطاع إدارة النفايات
• يعمل الصندوق الكويتى للتنمية فيما يزيد على 100 دولة عربية ونامية أخرى ويمول مشروعاتها المتوسطة وصغيرة الحجم بقروض ميسرة منها مشاريع مختلفة أهمها القطاعات الزراعية والصناعية، مؤكدا على اشتراط الصندوق ضمن أي عقد تمويل لمشروع ما أن يراعي المشروع الإجراءات اللازمة للمحافظة على البيئة.
• نجحت الكويت على مدى السنوات الماضية في تنفيذ استراتيجية للنمو الاقتصادي متعددة المراحل. هذه الاستراتيجية بدأت بتقليل مساهمة القطاع النفطي وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، من خلال التركيز على القطاعات الإنتاجية غير النفطية التي أسهمت في إضافة قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني والانتقال لمرحلة اقتصاد المعرفة، ثم الدخول لمسار النمو المستدام الذي يحقق التنمية دون استنزاف موارد الدولة والمحافظة على البيئة.
• اصبح قطاع الطاقة المتجددة من أبرز القطاعات الجديدة التي تلعب دورا حيويا في تعزيز جهود الدولة في التنويع الاقتصادي.أن الكويت تمتلك اليوم مشاريع عالمية في مجال الطاقة المتجددة رغم أنها من منتجي النفط الأساسيين في العالم، مما يؤكد حرص الدولة على تنويع مصادر الطاقة المتجددة وتوفير الاحتياجات المستقبلية من الطاقة النظيفة.
• تبني وزارتا الأشغال والبلدية تطبيق نظم ولوائح وقوانين المباني والمدن الخضراء.
ملتقى وكود
• تنظيم ملتقى الكويت الأول للمباني الخضراء والمزمع إقامته في مايو المقبل بدولة الكويت يتناول في دورته الأولى حلول المباني الخضراء والأنظمة والتقنيات المستخدمة في الإنشاءات الصديقة للبيئة كمواد البناء ومصادر وأدوات الطاقة النظيفة وتقنيات تبريد المدن وتقنيات الخرسانة وأنظمة الإنشاءات الذكية وإعادة تدوير المواد في المباني المهدمة وإدارة النفايات والماء والنقل والخدمات اللوجستية الخضراء ومواد البناء الأخضر
• اعتماد (الكود القطري للاستدامة) ككود وطني وخليجي معتمد في المباني الخضراء. ذلك الكود يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية المناخية والجغرافية لدول الخليج ومواردها الطبيعية وتم البدء بتطبيق هذا الكود على أحد المشاريع قيد التصميم بوزارة الأشغال العامة.
• نشر ثقافة البناء الأخضر بين الناس ونشر مفهوم الأبنية الخضراء الذي يعنى بالاهتمام بالموقع العام للمباني والطاقة والمياه والمواد الصديقة للبيئة وكذلك تعزيز التعاون الخليجي والدولي في هذا الاطار.
• ضرورة تطبيق منظومة البناء الأخضر والتي من المتوقع أن تتزايد في المستقبل القريب خصوصا أن حجم سوق البناء الأخضر في العالم اخذ في تزايد مستمر وهو ما يؤكد على الاهتمام المتزايد للعمل الجاد على انقاذ الأرض والحد من الاحتباس الحراري مبينا ان المباني الخضراء هي إحدى الوسائل الهادفة لحماية البيئة من التلوث.
البلدان العربية
لا تصل مساهمة البلدان العربية في منظومة الاقتصاد الأخضر حتى واحدا بالمائة اليوم، وعلى الرغم من أن هذه البلدان قد انتهجت أحيانا نماذج جريئة للنمو الاقتصادي فإن سياساتها العامة فشلت في تطعيم أبعاد الاقتصاد الأخضر الثلاثة؛ أي الاعتبارات الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والحفاظ على الموارد الطبيعية بهدف استغلالها استغلالا مستداما، هذا هو أحد الاستنتاجات الأساسية في التقرير السنوي الذي أصدره المنتدى العربي للبيئة والتنمية، بمناسبة انعقاد مؤتمره السنوي في العاصمة اللبنانية يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من شهر أكتوبر –تشرين الأول عام 2011.
وصدر التقرير بعنوان جاء على الشكل التالي: «الاقتصاد الأخضر في عالم متغير»، وركز واضعوه بشكل خاص على المشاكل المتصلة بعدد من القطاعات وسبل تطويقها أو تسويتها في نهاية المطاف. وهي المشاكل المتصلة بالزراعة والمياه والصناعة والنقل والمواصلات والمدن والمباني وإدارة النفايات والسياحة، ويتضح من خلال المعطيات التي جمعها واضعو التقرير الذي ورد في مائتين وثمانين صفحة عن أداء البلدان العربية المتصل بأبعاد الاقتصاد الأخضر الثلاثة أن هناك قصورا كبيرا فيه لأسباب كثيرة، منها عدم التخطيط المحكم في مجال السياسيات التنموية، فالفقر لايزال مثلا يطال قرابة سبعين مليون نسمة في العالم العربي.
مشكلات عربية
وظاهرة البطالة متفشية لدى شرائح كثيرة في مقدمتها شريحة الشباب، ولايزال أكثر من خمسة وأربعين مليون عربي يفتقرون إلى الخدمات الصحية الدنيا وإلى المياه النظيفة، بل إن كلفة التدهور البيئي في البلدان العربية تبلغ كل سنة خمسة وتسعين مليار دولار أي ما يعادل خمسة بالمائة من مجموع ناتجها المحلي الإجمالي عام ألفين وعشرة، وبالرغم من أن العالم العربي يشكو اليوم من ندرة المياه، فإنه يستمر في هدر منسوب المياه العذبة القليلة التي لديه.
ويحتل العالم العربي المراتب الأخيرة في كفاءة استخدام المياه العذبة ومصادر الطاقة، والاستثمار في منظمة الاقتصاد الأخضر وتقنياته وإدارته.
توصيات خضراء
وقد أصدر المشاركون في أعقاب فعاليات مؤتمر الاقتصاد الأخضر في البلدان العربية توصيات في أعقاب هذه التظاهرة باتجاه أصحاب القرارات السياسية والاقتصادية ومؤسسات البحث العلمي العامة والخاصة لحثهم على إعادة النظر في منهجيات التعامل مع منظمة الاقتصاد الأخضر.
وأهم التوصيات الموجهة إلى الدول ومؤسساتها العامة هي تلك التي تدعو إلى إرساء استراتيجيات وطنية وإقليمية في مجال كفاءة استخدام الطاقة وإدارة الطلب عليها، وبخاصة في ما يتعلق بمصادر الطاقات المتجددة، وطلب المؤتمر أيضا من هذه الدول العمل على توظيف استثمارات مستمرة في مجال ترشيد استخدام المياه في كل المجالات، وفي النقل العام في المدن وفي خطوط السكك الحديدية لنقل المسافرين والبضائع. بحسب فرانس برس.
وإذا كان المؤتمر قد دعا القطاعين العام والخاص للتعاون وجعل مثل هذه الاستثمارات وسيلة ناجعة للحفاظ على الموارد الطبيعية وخلق مواطن عمل، فإنه شدد على ضرورة تخصيص جزء هام منها في مجالات التأهيل وإعادة التأهيل والابتكار والبحث العلمي، باعتبار أن مستقبل الاقتصاد الأخضر لن يكون واعدا خارج الاعتماد على المعلومة الجيدة والمعرفة المتطورة باستمرار، لاسيما في وقت أصبح فيه العالم العربي في مقدمة مناطق العالم المعرضة لمخاطر التقلبات المناخية القصوى، والتي كانت موضوع تقرير عام ألفين وتسعة، وكان التقرير الأول قد تناول موضوع التحديات البيئية الكبرى المطروحة بحدة في العالم العربي، وتعلق التقرير الثالث وقبل الأخير بمسألة إدارة الموارد المائية المتناقصة إدارة رشيدة.
العالــم العربي بالأرقـــام!
تضمن تقرير «افد» حول «الاقتصاد الأخضر في عالم عربي متغيّر»، الذي يضم ثمانية فصول في 320 صفحة، رسوما بيانية وجداول إحصائيات عن وضع القطاعات البيئية المختلفة في الوطن العربي ومن أهمها:
1. يقدر معدل الكلفة السنوية للتدهور البيئي في البلدان العربية بنحو 95 مليار دولار، أي ما يعادل 5% من مجموع ناتجها المحلي الاجمالي عام 2010.
2. الزراعة: إذا ارتفعت نسبة العمال الزراعيين في المنطقة العربية إلى40% من القوة العاملة نتيجة التحول الى الممارسات المستدامة، فسيولّد ذلك أكثر من 10 ملايين وظيفة في القطاع. إضافة الى هذا، من المتوقع أن يحقق هذا التحول وُفورات في البلدان العربية تتراوح بين 5% و 6% من الناتج المحلي الاجمالي، أي ما مقداره نحو 100 مليار دولار سنوياً، نتيجة ازدياد الانتاجية المائية وتحسين الصحة العامة وحماية أفضل للموارد البيئية.
3. المياه: على البلدان العربية أن تركز على سياسات تضبط وتنظم الوصول الى المياه، وتعزز كفاءة الري واستخدام المياه، وتمنع تلوثها، وتقيم مناطق محمية حيوية لموارد المياه. ويجب العمل على زيادة نسبة مياه الصرف المعالجة من 60% حالياً إلى ما بين 90% و 100%، كما يجب زيادة نسبة المياه المعالجة التي يعاد استخدامها من 20% حالياً إلى 100%، ولا بد من تطوير تكنولوجيات جديدة للتحلية محلياً، خصوصا باستخدام الطاقة الشمسية.
4. الطاقة: إذا انخفض معدل الاستهلاك الفردي السنوي للكهرباء في البلدان العربية الى المعدل العالمي، من خلال إجراءات كفاءة الطاقة، فسيولد ذلك وفورات في استهلاك الكهرباء يقدَّر أن تصل الى 73 مليار دولار سنوياً. وإذا خفض دعم أسعار الطاقة بنسبة 2%، فسيحرر ذلك أكثر من 100 مليار دولار خلال مدة ثلاث سنوات، وهذا مبلغ يمكن تحويله لتمويل الانتقال الى مصادر الطاقة الخضراء.
5. الصناعة: من أهم الإجراءات لتخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون اعتماد تكنولوجيات الانتاج الأكثر كفاءة في المصانع الجديدة، وتجهيز المصانع القائمة بمعدات كفوءة بالطاقة، حيثما كان ذلك عملياً من الناحية الاقتصادية. ويقدَّر أن يؤدي تخفيض متطلبات الطاقة بنسبة 30%، نتيجة عمليات صناعية أكثر جدارة، الى وفورات سنوية مقدارها 150.000 مليار كيلو واط ساعة، أو 12.3 مليار دولار.
6. النقل: بتخضير 50% من قطاع النقل في البلدان العربية، نتيجة ارتفاع فعالية الطاقة وازدياد استعمال النقل العام والسيارات الهجينة (هايبريد)، تتولد وفورات تقدر بنحو 23 مليار دولار سنوياً.
7. المباني: من المتوقع أن يسفر دمج اعتبارات فعالية الطاقة في تصميم الأبنية عن انخفاض بنسبة نحو 29% في الانبعاثات الكربونية بحلول سنة 2020، مما يخفض الاستهلاك بمقدار 217 مليار كيلو واط ساعة، ويولد وفورات بمقدار 17.5 مليار دولار سنوياً. الى ذلك، فإن إنفاق 100 مليار دولار في تخضير %20 من الأبنية القائمة في البلدان العربية خلال السنين العشر المقبلة، باستثمار ما معدله 10.000 دولار لكل مبنى لتركيب تجهيزات حديثة، يُتوقَّع أن يخلق أربعة ملايين فرصة عمل.
8. النفايات: يمكن أن يؤمن تخضير قطاع إدارة النفايات للبلدان العربية 5.7 مليارات دولار سنوياً، وتساهم الإدارة الخضراء للنفايات في خلق الوظائف، كما توفّر فرصاً استثمارية فريدة في إعادة التدوير وإنتاج السماد العضوي وتوليد الطاقة.
9. السياحة: يجذب قطاع السياحة العربية نحو 60 مليون سائح سنوياً، ويقدر أن يؤدي المزج بين اعتماد تدابير كفاءة الطاقة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة الى خفض %45 من استهلاك الطاقة، و%52 من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. يضاف الى ذلك تخفيض استهلاك المياه بنسبة 18% باعتماد تدابير كفاءة المياه.
10. يشدد تقرير «أفد» على أن المنطقة العربية غير مضطرة الى الاختيار بين التنمية الاقتصادية والمساواة الاجتماعية والنظم الايكولوجية السليمة، فالاقتصاد الأخضر، في تصميمه، يسعى الى تحقيق أهداف سياسية اقتصادية واجتماعية وبيئية. وسوف تحتاج التغيرات التي يقترحها التقرير الى تحولات في السياسات والنظم الاقتصادية.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 147