بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الوقود الخالي من الرصاص

الوقود الخالي من الرصاص

مسئول عن انخفاض أسعار السيارات

الوقود الخالي من الرصاص.. أدوار صحية وميكانيكية

عنود القبندي

وصل عدد المركبات في دولة الكويت حتى نهاية عام 2011 مليون و640 ألف مركبة تقريبا، أي ما يعادل مركبة لكل شخص، هذا ما أشار إليه العقيد مهندس سعدون الخالدي مدير إدارة هندسة المرور من الإدارة العامة للمرور خلال ورشة العمل في ثانوية العمرية، بالإضافة إلى الشاحنات والدراجات النارية حيث يزداد العدد سنويا.

وتسهم هذه المركبات في تلويث الهواء بما تنفثه من أكاسيد الكربون والنيتروجين والمواد الهيدروكربونية غير المحترقة وذرات الكبريت والرصاص الضار بصحة الإنسان والبيئة التي يعيش فيها، وتستهلك السيارات الكثير من البنزين على الرغم من التحسينات المهمة والمستمرة في أعمال قطاع التكرير والتوزيع في الكويت، إلا أن البنزين المتضمن على الرصاص يحتوي على غرام من الرصاص لكل لتر.

ويعتبر تلوث الهواء من أهم المخاطر التي تعترض حياة الإنسان في هذا العصر، حيث يشكل هذا التلوث خطرا جسيما على صحته وحياته، خصوصا مع زيادة أعداد المركبات في الآونة الأخيرة، وإذا علمنا بكمية الملوثات المنبعثة من عوادم السيارات وتركيزها العالي في الهواء أدركنا مدى ضرورة النظر في هذه المشكلة وأهمية وضع الحلول الممكنة لتلافي ما يترتب عليها، والتي يمكن تصنيفها بإحدى الكوارث البيئية التي إن استمرت فسوف تأتي بآثارها المدمرة على الإنسان وعناصر البيئة الأخرى مثل الحيوان، والنبات، والماء.

البنزين الخالي من الرصاص

لقد شهد عام 1998 إنجازا رائدا على مستوى المنطقة برمتها حيث أعلنت شركة البترول الوطنية الكويتية في السابع من أكتوبر عام 1998 أن دولة الكويت أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وثاني دولة في العالم بعد اليابان حققت التحول الكامل للبنزين الخالي من الرصاص. إذ تمكنت شركة البترول الوطنية الكويتية من تسويق البنزين الخالي من الرصاص في جميع محطاتها بعد استكمال البنية التحتية اللازمة لهذا التحول والذي جاء انطلاقا من أجل حماية البيئة ومواكبة المتغيرات العالمية في مجال القوانين والتشريعات البيئية. وانسجاما مع الجهود الدولية المبذولة في الحفاظ على البيئة بما ينعكس ايجابا على صحة الإنسان وبالأخص الأطفال.

فقد تكبدت الشركة تكاليف باهظة وجهودا ضخمة وصعوبات متعددة من أجل جعل التحول الكامل للبنزين الخالي من الرصاص حقيقة ماثلة، حيث وصلت تكلفة المشاريع التي نفذت لتمكين الشركة من إنتاج هذا النوع من البنزين للسوق المحلي تجاوزت 65 مليون دينار.

وسيساهم البنزين الخالي من الرصاص بشكل مباشر في تنقية أجواء وسماء الكويت الملوثة بعوادم السيارات التي تعتبر المصدر الأول للتلوث في البلاد.

فمن المعروف أن لمادة الرصاص التي تنبعث من عوادم السيارات أثرا سلبيا على الناس، وتربط بعض الدراسات الطبية بين بعض أنواع السرطان وبين ارتفاع نسبة تركيز مادة الرصاص الموجودة في الهواء المحيط بالمدن المزدحمة. وقد جاءت التوجيهات العامة للاستراتيجية في دولة الكويت في التأكيد على التكامل بين القطاعات المختلفة بالدولة في استخدام الموارد وحماية البيئة.

عوادم السيارات

ومن أهم الملوثات التي تنفثها عوادم السيارات التي تعمل على البنزين تتمثل في:

- أكاسيد الرصاص Pb.

- أول أكسيد الكربون CO.

- أكاسيد النيتروجين NOX.

- الهيدروكربونات HC.

وتمثل عوادم السيارات نسبة عالية من حجم التلوث مقارنة بمصادر أخرى غير السيارات.

تحسين أداء السيارات

إن أفضلية البنزين الخالي من الرصاص ليست مقصورة على الناحية الصحية والبئية فقط بل سيؤدي إلى تحسين أداء السيارات وذلك بتأكيد من وكلاء السيارات الذين أجروا الاختبارات التجريبية لهذا المنتج والتي تعود في النهابة بالنفع على المستهلك، ومن أهمها:

- انخفاض قيمة السيارات الجديدة المستوردة إلى الدولة، إذ من المعروف أن المصانع العالمية تضطر في حالة إنتاج أي سيارة جديدة تعمل بالوقود المتضمن للرصاص إلى إجراء بعض التعديلات عليها مما يرفع من تكلفة إنتاجها وبالتالي تحميل المستهلك تكلفة هذا التعديل، وهو ما يحدث في الدولة حاليا وطوال السنوات الماضية نتيجة لتسويق البنزين المتضمن لمادة الرصاص.

- منح السيارة القوة الحقيقية المحددة لها في حين أن استخدام الوقود المتضمن لمادة الرصاص يقلل من قوة المحرك.

- يعمل على توفير حماية أفضل للمحرك نتيجة تغيير زيت المحرك على فترات أطول كما أنه يقلل من تآكل أجزاء المحرك.

- يعمل الوقود الخالي من الرصاص على إطالة عمر شمعات الاحتراق «البواجي» ونظام العادم في السيارة الشكمان.

والجدير بالذكر أن تغيير نوعية البنزين من المتضمن للرصاص إلى الخالي من الرصاص لا يتطلب من مالكي السيارات إجراء أية تعديلات عليها باستثناء بعض الموديلات القديمة التي قد تحتاج إلى تعديلات بسيطة كضبط توقيت شمعات الاحتراق للحصول على أعلى مستوى للأداء. أما المستهلكون الذين يتخوفون من سرعة تبخر البنزين الخالي من الرصاص مقارنة بالبنزين العادي فقد أثبتت الدراسات أن نسبة التبخر تكاد لا تذكر، وإذا قارنا ذلك مع الفوائد المرجوة من استخدام البنزين الخالي من الرصاص نجد أن عملية اتخاذ هذا القرار تصب في صالح المستهلك بالدرجة الأولى.

مكونات بنزين السيارات

يحتوي بنزين السيارات على خليط واسع من الهيدروكربونات، ويتميز البنزين بقابلية التبخر والاشتعال السريعين نظرا لاحتوائه على المركبات الهدروكربونية ذات الضغط المنخفض وبخاصة البيوتان، وعادة ما يتم إنتاج البنزين في مصفاة التكرير بمزج المنتجات المختلفة من وحدات إنتاج البنزين مثل التهذيب البلاتين والتكسير الحفزي والتكسير الهيدروجيني في خزان كبير يسمى حوض البنزين ويتم بعد ذلك إضافة بعض المركبات الكيميائية لهذا المزيج لتحسين خواصه النهائية خاصة رقم الأوكتان ودرجة الغليان وكمية الصمغ أو الكبريت لجعلة ملائما للاستخدام في محركات السيارات الحديثة. وتجدر الإشارة إلى أن التركيب الكيميائي لبنزين السيارات يرتبط بصورة مباشرة بنوعية البترول الخام ومصدرة خاصة مادة النفثا التي يتم تحويلها إلى بنزين السيارات في وحدات المصفاة، ويعد رقم الأوكتان ودرجة التبخر من الخواص الرئيسية التي تحدد مواصفات بنزين السيارات على المستوى العالمي.

دراسات مناقضة

استطاع أعضاء الفريق البحثي بكلية العلوم في جامعة عين شمس، أن يتوصلوا إلى أن الأبخرة المتصاعدة من البنزين الخالي من الرصاص تؤثر بشكل كبير في خلايا المخ والموصلات العصبية حيث إنها تؤدي إلى زيادة إفراز ناقل عصبي بالمخ، مما يؤدي إلى صعوبة وصول الدم للمخ وضمور الخلايا العصبية، لذا وفي إطار إجراء الدراسة تم مقارنة تأثير نوعين من الجازولين على خلايا المخ، أحدهما خالي من الرصاص، والآخر مضاف إليه الرصاص، فتوصلت النتائج إلى أن البنزين الخالي من الرصاص أخطر بكثير على صحة الإنسان وخلايا المخ من البنزين المضاف إليه الرصاص، مما يلقي بظلال الشك حول مادة «MTBE» البديلة للرصاص، والمضافة إلى البنزين، التي أكدت دراسة أخرى أجراها د·صلاح الحجار في الجامعة الأمريكية بالقاهرة وجود ترابط قوي ما بين استخدام هذه المادة في الوقود وظاهرة السحابة السوداء·

وعن تفاصيل البحث العلمي المثير الذي نشر في بداية هذا العام في «مجلة الجمعية المصرية الألمانية لعلم الحيوان»، فإن فكرة هذه الدراسة جاءت لمعرفة تأثير استنشاق الوقود في خلايا المخ وهو من الأمور التي يتعرض لها العاملون بمحطات البنزين والمارة بالشوارع إثر استنشاقهم للغازات المنبعثة من عوادم السيارات، إلى جانب استعانة طائفة كبيرة من أطفال الشوارع بالبنزين كبديل عن المخدرات، لرخص تكلفته وسهولة تداوله، هذا الخطر المتصاعد في الجو والمتمثل في أبخرة الوقود بدأت تتنبه إليه العديد من الجمعيات الأهلية حول العالم، وأصبحت تدعو إلى ضرورة تزويد العاملين بمحطات البنزين بالكمامات الواقية حرصا على سلامة صحتهم. كان قد تم الاستعانة بعينات من الوقود الخالي من الرصاص والمحتوي على المادة البديلة من الهيئة العامة للبترول، ونظرا لعدم وجود بنزين مضاف إليه الرصاص بمصر، تم الحصول عليه من المعهد القومي للهيدروكربون بالجزائر، وهي من الدول التي ما زالت تستخدم الوقود المضاف إليه الرصاص، ولتعيين مدى تأثير كل نوع من الجازولين تمت الاستعانة بجهاز خاص لتبخير الوقود وتحديد كمية الجرعة التي تتعرض لها فئران التجارب بدقة شديدة، كما أجريت ثلاثة أنواع من التجارب:

* طويلة المدى، واعتمدت على بث جرعة بسيطة من الأبخرة لمدة نصف ساعة يوميا على مدى شهرين.

* قامت ببث جرعة أكبر نسبيا لمدة 15 يوما.

* فتمت ببث جرعة عالية لمرة واحدة.

ما هو رقم الأوكتان؟

هو الخاصية الشهيرة التي تحدد نوعية البنزين الذي تستخدمه السيارات المستعملة حاليا في جميع بلدان العالم، ويمثل رقم الأوكتان قابلية عدم الخبط أو الفرقعة في محرك السيارة ورقم الأوكتان هو قياس عددي يتم تحديدة في المختبر بالمقارنة مع أنواع معروفة من المواد الهيدروكربونية، ومن المعروف أن صوت الفرقعة في محرك السيارة ينتج عن احتراق البنزين بشكل سريع إلى درجة التفجر، بينما تتطلب عملية دفع السيارة وقيادتها احتراق البنزين بصورة بطيئة، ويتم تسويق بنزين السيارات في أغلب الأسواق العالمية حسب رقم الأوكتان المستخدم ويمثل في درجتين معروفتين هما:

* البنزين العادي ويمثله رقم أوكتان87.

* البنزين الممتاز ويمثله رقم أوكتان 91.

النواقل العصبية بالمخ

أكدت النتائج أن الجازولين الخالي من الرصاص أدى إلى إفراز إحدى النواقل العصبية بالمخ، والمعروفة باسم «الجلوتامات» وهي مواد كيميائية لازمة لنشاط الخلايا العصبية، والتخاطب بين خلايا المخ، إلا أنه في حالة زيادتها عن المعدلات الطبيعية فإن ذلك يؤدي إلى اندفاع الكالسيوم إلى الخلايا العصبية، وزيادة تكون أكسيد النيتريك، وتنشيط بعض الإنزيمات، مما يؤدي إلى تحلل وموت الخلايا العصبية·

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن زيادة الجلوتامات (كإحدى الموصلات العصبية بالمخ) مرتبطة بشكل كبير بأمراض مثل فقدان الذاكرة التام والمستديم، ومرض هنتجتون، هذا إلى جانب عدم وصول الدم لخلايا المخ، والإصابة بالسكتة المخية، وطبقا للعينات التي تم تصويرها بالمجهر الإلكتروني، بدا واضحا ضمور الخلايا العصبية، وتآكل أغلفة الألياف العصبية، وتأثر خلايا بركنج والخلايا الجيبية وخلايا جولجي، وهي كلها خلايا رئيسة بالمخ.

كما انعكست هذه التأثيرات على أداء الفئران، وهو ما تم إثباته عمليا من خلال بعض التجارب لقياس القدرة الحركية والاستكشافية مما يدل على تأثر مراكز الحركة والتعلم والذاكرة بالمخ· بعد الوصول إلى هذه النتائج والانتهاء من الدراسة العلمية التي استمرت لمدة ثلاث سنوات، أصبح من الواضح تماما مدى التأثير الضار لأبخرة الجازولين على المخ، ومن المقرر أن يبدأ نفس الفريق البحثي في دراسة تأثير أبخرة الجازولين على نشاط ووظائف الرئتين، ومحتوى الدم من غازات التنفس، وحتى إذا أخذنا في الاعتبار تغير مكونات الوقود بين دولة وأخرى· وبناء على ذلك فإن المادة المستخدمة والبديلة للرصاص قد تكون هي العامل الأساسي، فإن البحث العلمي أكد بما لا يدعو مجالا للشك أن الوقود المحتوى على هذه المادة خطر على الخلايا العصبية للمخ، الأمر الذي يمثل ناقوس خطر يدق بشدة محذرا ومنذرا، لذا يجب الانتباه إليه وألا نغفله أو نتجاهله، لما لهذه المادة من تأثيرات ضارة على كافة أفراد المجتمع، حيث إنه لا يمكن تحديد أو كبح جماح هذه السموم المنبعثة في الجو، ولعلنا نعلم جميعا أن الكثير من الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان تعمل على وقف استخدام هذه المادة الخطيرة، لذا فإننا ننادي بضرورة تعاون كافة التخصصات العلمية المختلفة من كيميائية وبيولوجية وبيئية وطبية وغيرها لتحديد أفضل الحلول لمثل هذه المشكلة الصحية والبيئية في ذات الوقت·

المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 150