بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

مهنة الغوص

نواخذا تنقل إلى نواخذة

مهنة الغوص واللؤلؤ كنز الأجداد

م. خلود المرزوق

ندرة الموارد الطبيعية والظروف البيئية القاسية في الكويت قديما جعلت أجدادنا في صراع دائم مع الطبيعة من أجل طلب الرزق وكان البحر بالنسبة لهم هو المصدر الرئيسي للرزق فقد كانوا ينتظرون فصل الصيف بفارغ الصبر حيث يتجهون إلى البحر ليأكلوا من خيراته ويبحرون على ظهره ويغوصون في أعماقه فعرفوا مواعيد المد والجزر وحركة الرياح والتيارات البحرية والأمواج وأماق البحار والمسالك المهمة فيه وقد تصدرت مهنة الغوص على اللؤلؤ المهن السائدة في الكويت وبلغت أوجها منذ حوالي أكثر من سبعين عاما مضت وتعتبر تلك المهنة من المهن الشاقة والتي تعتمد على الغوص المجرد من أدوات التنفس تحت الماء والاعتماد على التنفس الذاتي للغواصين كما كانت منذ قرون أي منذ حوالي 4000 عام ماضية وأن ما يدعو إلى الفجر حقا بأنه برز فيا لكويت عدد كبير من ربابنة السفن والنواخذة من لهم القدرة الفائقة في معرفة علوم الفلك والعلوم البحرية ومعرفة مواقع مغاصات اللؤلؤ دون الرجوع إلى الخرائط الملاحية أو البوصلة ويستدلون عليها بحركة النجوم والشمس وأحيانا بلون البحر وعمته وطبيعة قاعه.

تعرضت مهنة الغوص لبعض الأزمات وفترات كساد في أواخر العشرينيات من القرن العشرين حيث ظهر اللؤلؤ الصناعي الياباني والأزمة الاقتصادية العالمية منذ أواخر 1929 بالإضافة إلى ضعف الإنتاج لكثرة استعمال المغاصات خاصة أن المحارة تحتاج إلى ست سنوات تقريبا لكي تثمر كما أثر اكتشاف النفط في الكويت إلى اتجاه عدد كبير من البحارة إلى العمل في شركة نفط الكويت وتدريجيا أخذ عدد العاملين من مهنة الغوص يتقلص ولم يعد لهذه المهنة أي وجود بعد أن دخلت الكويت مرحلة جديدة من تاريخها في أعقاب اكتشاف النفط إلا أن لتلك المهنة انعكاسا على المجتمع الكويتي تتمثل في تكوين مجتمع متعاون نشيط يعمل دون كسل أو إهمال وقد ظهرت أيضا انعكاساتها على الفن والأدب وكذلك على الناحية الاقتصادية التي تتمثل في الاذهار الاقتصادي الذي كان يسود السوق قبل موسم الغوص وبعده وبذلك فإن التاجر والنواخذه والبحار مثل عقد اللؤلؤ إذا وقعت حبة منه الفرط العقد كله وفيما يلي ستسلط الضوء على مهنة الغوص مهنة الأجداد لكسب العيش.

موسم الغوص

يستعد أهل الكويت قبل قدوم فصل الصيف لتجهيز انفسهم وسفنهم للذهاب إلى الغوص على اللؤلؤ حيث يبدأ موسم الغوص ا لكبير في أوائل شهر ينيو ويستمر أربعة أشهر إلى أن يتساوى الليل والنهار ويحين (القفال) أي إقفال موسم الغوص والرجوع من مغصات اللؤلؤ والعودة إلى البلاد وذلك في 27 سبتمبر إلا أنه إذا صادف دخول شهر رمضان خلال فترة الغوص فإن سفن الغوص تعود إلى مدينة الكويت لكي يتسنى للعاملين فيها تأدية فريضة الصوم وإذا ما انتهوا من ذلك عادوا مرة أخرى إلى مغاصات اللؤلؤ لكي يستأنفوا نشاطهم من جديد مما يترتب عليه تأخرهم في العودة إلى الكويت إلى شهر أكتوبر بدلا من سبتمبر.

كما يوجد مواسم أخرى للغوص أولها الخانجية وهذا الموسم يبدأ في شهر إبريل حين تتوجه السفن إلى المغاصات القريبة الضحلة وهناك الردة وتبدأ في شهر اكتوبر في أعقاب عودة الغواصة من الغوص الكبير حيث تتوجه بعض السفن إلى المغاصات القريبة لعلها تجد بعض المحار الذي يعثر عليه الغاصة ومدة الردة تتراوح من عشرة إلى أربعين يوما.

أهم المغاصات الهيرات

من فضل الله تعالى على الكويت أن جعل بيئتها البحرية غنية بالخيرات وقد كان الأجداد يسمون مواقع مغاصات اللؤلؤ بالهيرات (جمع هير).

تنقسم مغاصات اللؤلؤ إلى عدة أقسام لكل منها صفاته التي تميزها كعمق المياه أو طبيعة قاع المغاص من حيث الأعشاب البحرية أو الضمور ويمكن الاستدلال عليها بوجود علامة برية كجبل أو بلون البحر وعمقه وطبيعة قاعه والاستعانة بالشمس والنجوم.

ومن الهيرات المشهورة في الكويت عارض يوسف أبو ظلام عقيصان حد دباب وأ؛سن منطقة اشتهرت بكثرة المغاصات في الكويت هي منطقة دوحة الرزق وتبدأ من منطقة رأس الزور إلى منطقة رأس جليمة واشتهرت باللؤلؤ الجيد وأطلق عليها دوحة الرزق لكثرة الرزق فيها كما يتجه الكويتيون إلى مغاصات القطيف وتقع أمام الجبيل والقطيف في المملكة العربية اسعودية إلى الجنوب من دولة الكويت ومغاصات البحرين وتقع شرقي جزر البحرين ثم مغاصات قطر وتقع أمام شبه جزيرة قطر وهناك أيضا مغاصات مقابلة لساحل عمان ولم تكن هناك حدود تفصل بين هذه المغاصات كما أ،ها لم تكن حكرا على جماعة من الغاصة دون الأخرى بل يحق لكل غواص في الخليج العربي صيد المحار في تلك الجهات.

سفن الغوص

تفوق الأجداد في صناعة السفن واتقنوا فنونها وعدلوا على طرازها المألوف بما يتلاءم واحتياجاتهم وحيث إن الغوص على اللؤلؤ هو مورد رزق الأجداد أصبح لابد من صنع السفن الخاصة به وهناك سبعة أنواع من سفن الغوص وهي "البقارة البثيل" الجاليوت – السنيوك – الشوعي – يوم الغوص البلم.

وتميزت سفن الغوص بتباين الحجم حسب عدد الغاصة وصممت سفن الغوص بحيث تكون سريعة وذات صوار طويلة كما زودت بمجاديف لتجعل حركتها ممكنة من مغاص إلى أخر وقد أصبحت الكويت من أشهر المانطق في صناعة السفن الخشبية المعروفة وظلت عملية بناء السفن على قدم وساق حتى بلغ عدد سفن الغوص 812 سفينة يعمل عليها حوالي 30.000 بحار وذلك في عام 1912 حيث وصلت قيمة محصول الغوص في ذلك العام إلى حوالي ستة ملايين روبية وسمى يمام الطفحة وبذلك كانت سفن الغوص هي العمود الفقري للسفن البحرية وللأسطول البحري الكويشي إلى أن ظهر اللؤلؤ الصناعي وتدفق عائدات النفط.

طاقم السفينة يطلق على مجموعة الأفراد الذين يعملون على ظهر السفينة بحارة أو بحرية وهم عماد وأساس مهنة الغوص ويتكونون من :

النواخذا وهي كلمة فارسية (تأخذا نا = سفينة خذا = رب) أي رب السفينة أو القبطان وهو الشخص الذي يأتي في مقدمة العاملين على ظهر السفينة وهو الشخص المسؤول ويكون غالبا مالكا للسفينة كما يكون ملما بالاتجاهات البحرية وأماكن (هيرات) الغوص ( أماكن وجود اللؤلؤ المغاصات ) وهو المسؤول عن سلامة السفينة لذلك فإن طاعته واجبة على كل بحرية السفينة .

نوخذة جعيدي وهو نائب النوخذا ويحل مكان النواخذا عند الضرورة.

المدمي : وهو رئيس البحارة والمسؤول عن إدارة السفينة من الداخل.

الغواص الغيص: وهو عماد مهنة الغوص فهو أداة الإنتاج هو الذي يرهن حياته في المخاطر بالنزول إلى قاع البحر بحثا عن المجار وغالبا ما يكون هذا الشخص جريئا وقويا بالرغم من نحافة جسمه ويتميز بالصبر والشجاعة واليقظة .

السيب هو الشخص المسؤول بالدرجة الأولى عن حياة الغواص المناظر له حيث يقوم بسحب الغيص إلى سطح البحر عندما يشد الغيص حبل النجاة (الأيدا)وغالبا ما يكون جسمه ممتلنا

وحياة الغواص تعتمد على يقظته ونباهته كما يقوم بمساعدة الغيص في عملية قلق وفتح المحار صباح كل يوم لاستخراج اللؤلؤ وتسليمه إلى النوخذة إن وجد.

النهام(مطرب السفينة)وهو الحادي الذي يحدوا بالمواويل تشجيعا للبحارة لمواصلة المزيد من العطاء أثناء الرحلة والتهمة هي الحداء البحري.

الرصيف الرديف: وهم صغار السن الذين يقومون بعمل أقل من السيب ويقومون بعمل السيب في حالة انغاله أو مرضه.

التبابة وهم صغار السن يقومون بخدمة البحارة ويؤخذون في الرحلة لممارسة التدريب على ركوب البحر ومن الجدير بالذكر بأن النواخذة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: هم ملاك السفن وهؤلاء يعتمدون في تموين عملية الغوص على أ/والهم الخاصة.

القسم الثاني:هم ملاك السفن غير أنهم لا يعتمدون على أنفسهم في تمويل رحلتهم بل يقترضون المال اللازم من التجار.

القسم الثالث: هم بعض الاشخاص لهم خبرة في مجال الغوص يؤجرون سفن الغوص من ملاكها بمقابل إعطاء المالك ربع الإيراد وللسفينة النصف والباقي يوزع على البحارة.

ومن المتعارف عليه أن البحارة يقومون بمزاولة أعمالهم مع النوخذة قبل بدء موسم الغوص بعدة أيام قد تصل إلى أسبوعين وذلك بتنظيف لاسفينة ودهنا وغير ذلك من الأعمال التي تسبق رحلة الغوص.

أدوات الغوص

كان الغواص يزاول عمله الخطير بمعدات بسيطة جدا منذ أقدم العصور إلى منتصف القرن العشرين وهي كالتالي:

الفطام : وهو مشبك للأنف مصنوع من عظام الحيوانات وغالبا ما يكون من السلاحف ويستخدم للتحكم في عملية التنفس.

الحجر وهي قطعة من الرصاص الثقيل أو الحجر يتراوح وزنه من 10-14 رطل انجليزي تساعد القيص على النزول إلى قاع البحر ويوجد في الحجر حلقة من الحبال تنفيذ من ثقب فيها وقد لف حول الخلفة قطعة قماش ناعمة لحماية رجل الغواص الذي يدخل أصابع قدمه في ذلك الثقب ويتصل به حبل رقيق يسمى (الزبيل).

الأيدا: هو حبل النجاة بالنسبة للغيص وبواسطته يتم شد وسحب الغيص من قاع البحر إلى سطح الماء عندما يهز الحبل في حالة انتهاء نفسه أو في حالة وجود خطر ما يهدد حياته.

التلاي: وهو حبل طويل يترك في أخر السفينة ويبلغ طوله 50 مترا تقريبا ويستخدم كحبل للنجاة بالنسبة للغاصة.

الديين وهو عبارة عن سلة مصنوعة نم الحبال يعلقها الغيص في رقبته لجمع المحار فيها من قاع البحر .

الخيط: وهو كفوف نم الجلد نوضع في أصابع اليدين لحمايتها من الأحجار المرجانية والحيوانات البحرية.

ملابس الغوص

لا يوجد ملابس خاصة للغيص إلا ما يستر به عورته ويسمى (السروال) وهناك ملابس خاصة من القماش الأسود الخفيف وتتكون من قميص وسروال طويل يشبه البنطلون يصل حتى القدمين وطاقية (غطاء الرأس) تستخدم لحماية الغواص من قناديل البحر( الدول) أما أصابع اليد فلها أيضا قطعة من جلد البقر لحمايتها كما يضع الغواص في أ،فه شمعا مذابا يدهن السيرج لإحكام غلقهما لمساعدته في التحكم في عملية الغوص.

الحياة اليومية للغواصين (البحارة)

تجري عملية الغوص يوميا بلا توقف وتبدأ بعد الشروق وتتوقف عند الغروب ولكن هناك توقفا في وقت الظهيرة حتى العصر حيث في هذه الفترة يقوم الغواصون والبحارة بأداء صلاتي الظهر والعصر ويتناولون فقط الثمر والقهوة.وعلى توقف العمل في المغرب يقوم الغواصون بأداء صلاة المغرب والعشاء وبعد ذلك يتناولون وجبة ساخنة وهي عبارة عن الأرز الأبيض والسمك والتمر وقد ينفرد النوخذة بتناول طبق واحد من الجعديدي أو المجدمي وذلك بعد تناول القوة وتدخين النارجيلة وفي صباح اليوم التالي في الفترة الممتدة من صلاة الصبح إلى الشروق يقوم الغواصون وأفراد الطاقم (البحارة) بعملية القلاف وهي عملية فتح المحار الذي تم جمعه في اليوم السابق بواسطة سكاكين مقوسة تسمى (مغاليق) وتتم هذه العملية تحت غشراف النوخذة مباشرة وهو يقوم باستلام اللآلي من الطاقم بين فترة وأخرى من الأشخاث الذين يقومون بجمع الآلي في (الفلس) وهو مصراع واحد من صدف المحار وقد يتوقف الغوص بعد صلاة العصر في حالة كثرة المحار على ظهر السفينة وتسمى (هلاز) فيضطر البحارة إلى فلق المحار للتخفيف عن ظهر السفينة وعادة ما يكاتفئ النوخذة الشخص الذي يعثر على دانة أو حصباة (حصية) كبيرة كما يقوم النوخذة بجمع اللآلي ووزنها وتدوينها وتسجيل أوصافها في دفتر أو سجل خاص من وقت لأخر ومن ثم يتم تجميع اللآلي في قطعة من القماش لونها أنحمر أو أسود ويضعه في صندوق محكم الإقفال.

عملية الغوص

تعد مهنة الغوص من المهن الشاقة والصعبة وهي خطرة على مزاوليها فعندما تصل السفينة إلى المغاص (الهير) المطلوب بأمر النواخذا يرمي السن ويبدأ كل بحار على ظهر السفينة عمله في تجهيز الحبال ومعدات الغوص وغيرها.

فتبدأ عملية الغوص للحصول على المحار بنزول الغيص إلى قاع البحر واضعا طرف حبل الأيدا المنتهي بالحجر بين أصابع قدميه ويمسك السيب الطرف الثاني من الحبل معلقا الديين حول رقبته واضعا الفطام على أنفه وعند وصوله قاع البحر يبدأ عملية البحث عن المحار ويختلف الغواصون في مقدرتهم على الغوص فمنهم من يفوص إلى عمق يقارب 45 قدما والغواص الذي يصل إلى أعماق تقارب 95 قدما يكون محبذا لكثير من النواخذة لمهارته الخارقة ويصل عمق بعض الهيرات خاصة المناطق القريبة من دولة البحرين 18 – 20 – 22 باعا، والباع هو ما يقارب طول الرجل الوافي الطول من قدمه إلى أطراف أصابع يده الممتدة إلى أعلى.

وتتراوح مدة بقاء الغيص في قاع البحر من دقيقة إلى دقيقتين إلا ان هناك استثناء لبعض الغواصين الذين تصل فترة بقائهم في قاع البحر إلى 3 دقائق وتسمى الواحدة منها (تبه) وعندما تتم العشرتبات تسمى (أقحمه) والغواص الواحد يقوم في اليوم بحوالي (50 تبه) إذا كان الجو مناسبا أما إذا كان الجو باردا أو كان البحر كثير الموج فإن عدد النبات يتقلص ويقال إنه ي إحدى زيارات الشيخ أحمد الجابر الصباح (حاكم دولة الكويت) لإحدى سفن الغوص بصحبة المعتمد البريطاني في عام 1939 غاص أحخد الغواصين المشهورين بطول النفس لفترة زمنية ثم حسابها وصلت إلى أكثر من ثلاث دقائق ويدعي هذا الشخص (هابي).

ويقوم الغواص بتجميع كمية من المحار تتراوح من 3 -20 محارة وفي بعض الأحيان لا شيء وعندما ينتهي نفس الغواص يقوم بمشد الحبل شدة ليقوم السبب وهو على ظهر السفينة بسحب الحبل وعندما يصل الغواص إلى سطح الماء فإنه بسبح بصورة ممتعة حيث يستلقي بالجزء العلوي من ظهره ورقبته على الماء مندفعا نحو السفينة وعند وصوله للسفينة يساعده السيب بتفريغ المحار فوق سطح السفينة وغالبا ما تكون سفينة الغوص مجهرة بأعداد من السيوب تفوق عدد الغواصين.

أخطار مهنة الغوص

إن عملية تجميع المحار في قاع البحر هي عملية صراع بين الغواص والحياة البحرية التي تكون مخيفة في بعض الأحيان خاصة ما إذا هاجم الغواص الجرجور (سمك القرش) أو سمك الدين او ثعبان البحر أو اللخمة كما يتعرض الغواصون للأذى بسبب قنديل البحر (الدول) عندما يلتصق بجلدهم مما يطرهم للبس اللباس الخاص بذلك خاصة أن الغواص لا يحمل معه أيا من الأسلحة الحديثة التي تحميه وتبعد عنه الأسماك المفترسة.

كما أن الغوص بمعدات بسيطة تجعل العملية صعبة وشاقة على الغواصين بخلاف الغواصين في الوقت الحالي الذين يستخدمون الملابس الخاصة وأجهزة التنفس مما يجعل فترة الغوص تطول وقد تعرض أجدادنا الغواصون للأمراض الجلدية وأمراض الجهاز التنفسي وأ/راض الاذن مثل ثقب طلبة الأذن وأفرازاتها بالإضافة إلى الجروح المختلفة والتي يستعملون لها دواء الحواج ويسمى (الجفت) في دبغ جلودهم كما يستخدمون بعض الوصفات العبية مثل الزعتر والزعفران والمسهل لآلام المعدة وهناك ايضا طريقة الكي بالنار.

هذا ويعاني البحارة من المعيشة الصعبة على ظهر السفينة حيث يمضون الوقت في العمل الشاق ويتناولون القليل من الوجبات وينامون بجانب المحار برائحته الكريهة او على الجبال ولا يجد البحار متسعا من الوقت للترويج العقلي وإن وجد يستغله لمزيد من النوم بعد عمل يوم شاق ويظل طوال الوقت مشغول الذهن بأسرته التي تركها تنتظر رجوعه بفارغ الصبر ولم يكن هناك اتصالات هاتفية مثل هذه الأيام ليطمئنوا على أهاليهم إلا أن المتاعب كانت من أهم العوامل التي عمقت شعور البحارة بالإيمان بالله سبحانه وتعالى وجعل له قناعة تحميه وتعطيه المناعة الطبيعية من الامراض وتربهم من ربهم وتعمق إحساسهم برحمة الله فلذلك يحافظون على أداء الصلوات في أوقاتها والدعاء المستمر بالرجوع إلى أهاليهم سالمين غانمين.

تنظيم مهنة الغوص في الكويت وقائمون الغوص

وجدت حكومة دولة الكويت في الثلاثينيات أنه من الضروري أن تتدخل في تنظيم كل ما يتعلق بمهنة الغوص خاصة أنه اصاب تجارة اللؤلؤ كساد اقتصادي يعد ظهور اللؤلؤ الصناعي الياباني في عام 1928 والأزمة الاقتصادية العالمية التي كانت لها انعكاساتها على الكويت واتجاه بعض البحارة للعمل لدى شركة البترول وقد شهدت الكويت في هذه الفترة محاولات إصلاحية بدأت بإنشاء البلدية في عام 1930 وبالتالي أصبح لزاما على السلطة أن تضع بعض القواتنين المنظمة لأهم مهنة يزاولها السكان في ذلك الوقت وهي الغوص والعمل على وضع بعض الإعلانات في السوق عن تحديد مواسم الغوص وقد صدر قانون الغوص في 22 ربيع الثاني سنة 1359 هـ الموافق 29 مايو 1940 والذي أصدره مجلس الشورى وهذا القانون تطرق إلى عدة مواضيع منها موضوع الديون وتنظيم عملية السلف وتشديد الديون والعلاقة بين النواخذة والبحارة ووضع القانون واجبات البحارة تجاه النوخذة دون أن تشير إلى التزامات النواخذا نحو البحارة وتحديد مواعيد الغوص ويبدو أن تدخل الحكومة في مهنة الغوص وبحارتها ووضع القواعد لها أريد منها حماية التجار والنواخذة من جهة وحماية البحار أيضا من خطر تراكم الديون.

وقد كانت مواد قانون الغوص مجحفة ومرهقة للبحارة حيث كانت تتراكم الديون على البحارة مما يجعل البحار يسمى بكل جهده لتسديدها وقد تنتقل تلك الديون إلى الابناء والأقارب في حالة المرض أو الوفاة ولم تكن الديون تسجيل حتى بدء العملية بنظام التسجيل في دفتر خاص للحسابات عند النوخذة ويعتمد البحارة عل الثقة بالنوخذة خاصة أن أكثرهم لا يعرفون القراءة والكتابة كما يعتمدون على الذاكرة القوية لحفظ مقدار الدين الذي عليه للنوخذة وتتفاوت المبالغ التي تعطي للغواصين حسب الكفاءة وتحسب المبالغ المدفوعة على البحارة وتستخرج أو تستقطع من رصيد البحار بعد القفال وتوزع إيراد بيع المحصول عليهم ومما سبق تبين لنا أن الكويتيين هجروا مهنة الغوص واتجهوا إلى ميادين العمل الجديدة وتركوا سفن الغوص غير أبهين لاندثار تلك الحرفة وباتت في نظرهم رمزا للماضي خاصة بعد ظهور اللؤلؤ الصناعي الياباني في عام 1928 وظهور النفط في دولتنا الحبيبة إلا أنه ومع توفر وسائل الغوص الحديثة نرى أهمية استثمار مغاصات اللؤلؤ وعمل الدراسات البيولوجية لمحار اللؤلؤ والمحافظة على الثروات الطبيعية للآليء الطبيعية واصداف المحار والبحث في إمكان تنمية صناعة اللؤلؤ المستزرع والوصول إلى مستوى الإنتاج التجاري وإيجاد دخل جديد للدولة.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 22