التلوث الكيميائي في البيئة الكويتية
محمد المحسن
( الجزء الأول )
بدأ الإنسان حياته على الارض وهو يحاول أن يحمى نفسه من البيئة المحيطة به والتى اقتصر خطرها على الظواهر الطبيعية من رياح وأمطار وتقلب في درجات الحرارة بالاضافة إلى خطورة الحيوانات المفترسة ، وظل يكافح لتوفير الغذاء والمسكن والملبس، وبعد الاف السنين طور نفسه ودخل في عالم الاختراعات والتكنولوجيا وانتهى به الامر وهو يحاول ان يحمى البيئة الطبيعية من نفسه ومن اختراعاتة والتلوث الناتج عنها، تعتبر مصادر التلوث البيئى الناتجة عن الإنسان متنوعه إلى الحد الذى يوجد فيه التلوث البيولوجى والتلوث التلوث الاشعاعى والتلوث النووى والتلوث الكيميائى وغيرها من التلوثات الغير طبيعية والتى أثرت على مكونات البيئة سواء كانت برية أو بحرية أو جوية على أنها أضرت بالكائنات الحية واثرت على صحة الإنسان والبيئة. يعتبر التلوث الكيميائى من أخطر أنواع التلوثات الناتجة عن الإنسان حيث انتشر التلوث الكيميائى في كل زاوية من زوايا كوكب الارض ، وزادت وقوع الحوادث الكبيرة ذات الصلة بالمواد الكيماوية السامة وأصبح خطر الكيماويات يحاصرنا من كل حدب وصوت وباتا يهدد حياتنا ويدمر بيئتنا حتى ارتبط وجود بهاجس ارتفاع نسبة الامراض الخطيرة وفقدان الحتياة وفي ظل هذا الوضع الخطير كان لا بد من جبح جماح الفوضى التي تعم في مجال الكيماويات وعمل الدراسات ووضع الضوابط والمعايير والتوصيلت بهدف حماية البيئة والمحافظة على صحة الإنسان . أصبحت المواد الكيميائية شائعة الاستخدام وتخدم مجالات متعددة سواء في المجالات الطبية أو الزراعية أو الصناعية أو الانشائية أو غيرها الا أنها تمثل في الوقت الحالى خطرا على حياة الإنسان بل والبشرية بأكملها ،حيث إن ما يقارب المليون شخص يفقدون حياتهمة أو يصابون بإعاقات خطيرة سنويا من جراء تعرضهم للكيماويات السامة والتى بلغ عددها حاليا 11 مليون مادة كيميائية معروفة ، وتزداد هذه النسبة سنويا بمعدل 1000 مادة كيميائية مختلفة يتم استخدامها في حالتى السلم والحرب ، ويمكن تصنيف المواد الكيميائية السامة حسب استخدامها إلى أقسام وهى ( المبيدات الحشرية – المواد الكيميائية المتعلقة بالنباتات – الادوية والعقاقير – مواد خطرة تستخدم للتفجير – الكحوليات – الاصباغ ) كما يمكن تصنيف المواد الكيميائية حسب حالاتها إلى مواد صلبة أو سائلة أو غازية ، أو يمكن تصنيفها حسب مصدرها فيما اذا كان صناعيا أو طبيعيا أو غيرهما من التصنيفات الاخرى.
تعريف التلوث الكيميائى
هو المواد الكيميائية بحالاتها الغازية والسائلة والصلبة والتى تتصف بفاعليتها أو سميتها أو قابليتها للانفجار أو لاحداث التآكل أو أن تكون ذات خصائص أخرى يمكن أن ينجم عنها خطر على البيئة والصحة العامة سواء كانت بمفردها أو عند اتصالها بمواد آخرى . ومما لا شك فيه أن الصناعة تعتبر من أهم المصادر التي تنتج عنها الملوثات الكيماوية في عالمنا اليوم ويرجع ذلك إلى تعدد الصناعات والتقدم الهائل في التطبيق الصناعى للعلم الحديث وهوما يعرف بالتكنولوجيا وتعتبر أكثر الملوثات الكيميائية الناتجة عن الصناعة لها القابلية على التراكم في جسم الكائنات الحية إلى أن تصل إلى درجة السمية.
تأثير الملوثات الكيميائية على صحة الإنسان
مما لا شك فيه أن جسم الإنسان يتسمم بالملوثات الكيميائية اذا تعرض لها ، والتسمم عبارة عن حدوث هدم في التركيب البيولوجى لبعض أعضاء الجسم ويحدث التسمم الحاد نتيجة للتعرض للغازات السامة لمدة أربعة وعشرين ساعة أما التسمم المزمن فيحدث نتيجة للتعرض للملوثات لمدة طويلة على فترات متقطعة . ويستطيع الإنسان التحكم في الملوثات الكيميائية الصلبة أو السائلة لسهولة التعرف عليها وتجمعها والتخلص منها في أماكن بعيدة ، أما الملوثات الكيميائية الغازية فهى سريعة الانتشار ولا يمكن رؤية بعضها مما يصعب تجميعها اذا انتشرت وهناك ثلاث طرق يحدث بواسطتها دخول الملوثات الغازية إلى جسم الإنسان وهى :
- عن طريق الجهاز التنفسى عند التنفس .
- عن طريق الجهاز الهضمى عند تناول الاطعمة والمشروبات التي امتصت الملوثات السامة لفترة من الزمن.
- عن طريق الجلد خاصة في المناطق المجروحة .
ومن أهم أعضاء الجسم تأثرا بالملوثات السامة هى الكليتين والكبد حيث تتراكم فيهما الملوثات كما أن حساسية الجلد والعين هما اشارة إلى وجود مواد ذات تأثير غير صحى في الجو، والتخوف من تأثير الملوثات الكيميائية على صحة الإنسان لا يقتصر على الملوثات المحيطة زإنما يصل إلى التخوف من استخدام المواد الكيميائية في المنتجات المختلفة التي يستخدمها الإنسان يوميا والتى تدخل في أصناف الطعام والشراب مثل المواد الحافظة والنكهات المضافة إلى الاغذية وتقوم منظمة الصحة العالمية بإصدار القوائم بتلك المواد لايقاف استخدام في صناعة الاغذية في دول العالم .
تأثير الملوثات الكيميائية على البيئة
تؤثر الملوثات الكيميائية الناتجة عن الانشطة المختلفة التي يزاولها الإنسان على الحياة الطبيعية في البيئة من نبات أو حيوان كما تؤثر على مكونات البيئة من تربة وماء وهواء وتعتبر الغازات السامة أكبر ملوث كيميائى للبيئة حيث تسبب تكون الامطار الحمضية واخلال في طبقة الاوزون كالتالى :
أولا : الامطار الحمضية :
تعد الامطار الحمضية من الاثار المدمرة لتلوث الهواء حيث تنتج هذه الامطار من ذوبان الغازات الحمضية التي تتصاعد من دخان المصاعد في بخار الماء الموجود في الجو. كما يعد السبب الرئيسى في تكوين الامطار الحمضية هو محطات القوى والمراكز الصناعة الضخمة التي تحرق كميات من الوقود، وتدفع الهواء يوميا بكميات هائلة من الغازات الحمضية مثل :
ثانى أكسيد الكبريت، وكبريتيد الهيدروجين، وأكسيد النيتروجين وتشترك أكاسيد النيتروجين والناتجة من احتراق الوقود في المصانع والات الاحتراق الداخلى مع آكاسيد الكبرى في تكوين الامطار الحمضية وتتحول الاكاسيد النيتروجينية في وجود الاكسجين الجو والاشعة فوق البنفسجية إلى حمض النتريك والذى يبقى معلقا بالهواء الساكن وينزل مع مياه الامطار مثل لاحمض الكبريتيك مكونا الامطار الحمضية . كما تكمن خطورة الامطار الحمضية في أنها تساعد على تفتيت الكثير من الصخور عند تساقطها على الارض ، كما تؤدى الامطار الحمضية إلى العديد من الاضرار الاخرى نجمل أهمها فيما يلى :
- تؤدى إلى اذابة بعض الفلزات الثقيلة من التربة وتحملها إلى البحيرات مما يؤدى إلى ضرر في الكائنات الحية التي تعيش في هذه الميه .
- تكمن خطورتها في عدم اقتصار سقوطها على المدن الزدحمة التي تتكدس بها المصانع أن وسائل المواصلات والسكان . وانما امتدت إلى الكثير من المناطق الريفية الجميلة والمناطق المنعزلة وبهذا أصبحت تشكل عالمية خطيرة .
ثانيا : التأثر على طبقة الاوزون :
يتكون الاوزون عندما يتعرض أكسجين الهواء الجوى لتأثير الاشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس ، فينحل بعض جزيئات بتأثير هذه الاشعة إلى ذرات نشيطة ، يتحد بعضها مرة آخرى مع جزيئات الاكسجين مكونة الاوزون . بناء عليه تتم في هذه العملية امتصاص قدر كبير من الاشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس . فلا يصل منها إلى سطح الارض الا قدر معتدل لا يؤثر على حياة الكائناتالحية. وبذلك تمثل طبقة الاوزون والتى تتكون في الطبقات العليا من الجو، درعا واقيا يحمى الكائنات الحية التي تعيش على سطح الارض من عوامل هذه الاشعة المدمرة.
وتتمثل اسباب حدوث فجوة الاوزون في طبقات الجو بصفة عامة وفوق القطبين الشمالي والجنوبى في الانشطة المتعددة المدنية والعسكرية والتى يكون نصيب الاسد فيها الدول المتقدمة دون الدول النامية إلى حد كبير وتتمثل تلك الاسباب فيما يلى ( المرذوذات الضارة - الطيران النفاث – إطلاق الصواريخ إلى الفضاء ). وبناءا عليه لم يكن هناك أدنى شك في وجود علاقة أساسية بين مجموعة الملوثات والهالونات واستنفاذ الوزون . وفيما يتعلق بالتلوث الكيميائى بدولة الكويت فيمكن تقسيم مصادرة إلى سبعة قطاعات مختلفة كالاتى :
قطاع النفط – قطاع الصناعة – قطاع الطاقة – قطاع المخلفات – قطاع النقل – قطاع الزراعة – قطاع الحروب وفيما يلى شرح موجز لكل قطاع.
قطاع النفط
لقد كان لظهور النفط في الكويت اثره الواضح في تطوير وتنمية نواحى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويعود ذلك إلى العائدات المالية الضخمة التي ترتبت على تصدير النفط، فتطورات الخدمات الصحية والتعليمية والاسكانية وغيرها . والنفط الخام هوخليط من عدة مئات من السوائل والفلزات المذابة ويعرف بإسم ( الذهب الاسود ) لأهميته في حضارة العالم المعاصرة وبتكرير النفط نحصل على الغاز الطبيعى والبنزين والكيروسين والديزل وزيت الوقود وزيت التشحيم والقار كما نحصل على سائل يسمى ( النفتا) لانتاج العديد من الكيماويات والمنتجات المفيد من خلال صناعة البتروكيماويات وسيلى ذكرها لاحقا في قطاع الصناعة يوجد في الكويت العديد من الحقول يقع بعضها في الشمال مثل ( حقل الروضتين وحقل أم العين ) وبعضها الاخر يقع في شرق وجنوب البلاد . تقع المنشآت النفطية الخاصة بتكرير النفط في المناطق الساحلية بالقرب من الموانىء النفطية لتسهيل عملية التصدير مما يعرض البيئة البحرية للتلوث خاصة المناطق الجنوبية من دولة الكويت مثل منطقة الشعبية وميناء عبد الله وميناء الاحمدى والمناطق المجاورة لهم.
الأنشطة المرتبطة بالقطاع النفطى والتى تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على تلوث البيئة كيميائيا هى التالي:
أولا : الملوثات الناتجة عن الانشطة المرتبطة بالعمليات الانشائية أو التشغيلية
1-عند تمديد شبكة الانابيب من حقول النفط ومرافق التكرير يتم تثبيتها خاصة تتم على شبكة الانابيب بضغط المياه المعالج بالمواد الكيميائية يتم تصريفها إلى البحر مما يؤدى إلى التلوث الكيميائى كما أن احتمالات تسرب النفط فيها (من الانابيب ) قد يؤثر في حالة عدم صيانة الانابيب.
2-مشاريع حقن مياه البحر فىآبار حقول النفط في منطقة الروضتين والصابرية بالشمال والتى يتطلبإنشاء محطة لمعالجة مياه البحر للوصول إلى المواصفات المطلوبة للمياه للحقن في آبار النفط وذلك لغرض حماية مكامن النفط وقد تم إنشاء محطة تابعة لشركة النفط الكيتية بالقرب من محطة الصبية لتوليد الطاقة الكهربائى ويتم استرجاع المياه غير الصالحة للحقن إلى البحر وتحتوى على نسب عالية من المواد الكيميائية والتى من شأنها أن تضر بالبيئة البحرية ويتطلب من شركة نفط الكويت إلى انشاء وحدة لمعالجة المياه الناتجة عن محطة الصبية قبل تصريفها إلى البحر.
3- كما كما ينتج عن وحدة تحلية الغاز الطبيعى ( والذى يهدف إلى ازالة البكتريا من الغاز الطبيعى المنتج من الحقول ) تصريف مياه التبريد إلى البحر والتى تشمل على مواد كيميائية قد تضر بالبيئة البحرية.
4- حوادث ناقلات النفط والسفن الاخرى .
ثانيا : الملوثات الناتجة عن الحوادث
1-مخلفات ناقلات النفط التي تفرغ مياه مستودعات الاستقرار في الميه.
2- تسرب النفط من آبار النفط في البحر نتيجة خلل فنى أو انفجار.
3- تسرب طبيعى من المخزون النفطى في باطن الارض خاصة بالقرب من جزيرة قاروه الكويتية.
الآثار الناتجة عن التلوث بالنفط في البيئة الساحلية
يحتوى النفط على مواد هيدرو كربونية ومركبات سرطانية سامة . ويعتبر النفط من أخطر الملوثات خاصة على البيئة البحرية حيث يطفوا على سطح الماء اما بحالة نفطية أو مختلط مع الماء ليشكل مستحلبا تتبخر مشتقاطة الخفيفة أو الطيارة بسهولة عند تعرضها للهواء الجوي ويتحرك النفط على سطح الماء حسب حركة الرياح والطيارات المائية ويتأكسد الزيت الصافي علما بأن طبقة الزيت أو النفط الصافى تمنع عملية التبادل الغازى بين الماء والهواء مما يجعل عملية ذوبان الاكسجين في الماء صعبة ويحرم الكائنات الحية المائية من الاكسجين اللازم بالاضافى إلى تلوث الرسوبيات في القاع بعد أن تترسب بقايا النفط . يغطى جالون النفط الواحد مسافة 1500 متر مربع ويكون طبقة رقيقة تحجب أشعة الشمس عن الوصول للماء مما يؤثر على نمو الأحياء المائية كالاسماك والنباتات كالبلانكتونات ومن المعروف أن انسكاب لتر واحد من النفط يؤدى إلى استهلاك الاكسجين الموجود في حوالى 400 ألف لتر من ماء البحر نتيجة لنشاط البكتيريا .
الجهود التي تبذلها الدولة في مجال التحكم بالتلوث النفطى
-تضع الدولة خططا لتحسين أداء وإنتاج مكامن النفط والصناعة النفطية بوجه عام وخطط لمكافحة التلوث النفطى في البيئة البحرية بوجة خاص حيث ضمت إلى اسطولها البحرى اسطولا آخر لمحاربة التلوث البحرى لدى شركة نفط الكويت والذى تعتمد عليه دولة الكويت في عمليت تنظيف المنطقة الوسطى ( جنوب جون الكويت إلى الميناء عبد الله ).
- أضافت شركات النفط الكويتية نشاط الحفاظ على البيئة وعدم تلوثها بالنفط إلى أنشتطها التي تقوم بها وهى عمليات الاستكشاف ومسح المناطق البرية والبحرية وحفر الابار الاختيارية وتطوير الحقول العامة إلى جانب القيام بعمليات الحفر التنقيبى وانتاج النفط والغاز الطبيعى وسائر المواد الهيدروكربونية والاخرى في الكويت.
قطاع الصناعة
يعتبر قطاع الصناعة من أكبر القطاعات تأثيرا على البيئة بعد قطاع النفط ويعتبر هذا القطاع بالغ الاهمية في بناء الاقتصاد للبلاد الا أن الملوثات الناتجة عن الانشطة الصناعية تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان والبيئة . وتعتمد الكويت على الصناعات التحويلية والتقليدية الاستهلاكية وعلى صناعات مشتقات النفط ويمكن تصنيف تلك الصناعات كالتالى :
- الصناعات الغذائية – الصناعات النسيجية – صناعة الاخشاب – صناعة الورق – الناعات المعدنية ( الالمنيوم – النحاس ...) – الصناعات التعدينية عير المعدنية ( الزجاج – الاسمنت – الطابوق ...) – الصناعات البتروكيماويات ( مشتقات نفطية ).
يحظى قطاع الصناعة برعاية خاصة من قبل الدولة ويتم تشجيعه بواسطة العديد من المؤسسات الحكومية ويمكن تقسيم المناطق الصناعية في الكويت إلى ثلاثة أقسام كالتالى :
المناطق الصناعية في جنوب البلاد :
- منطقة الشعيبة الصناعية – المنطقة الشرقية .
- منطقة الشعيبة الصناعية – المنطقة الغربية .
- منطقة الفحيحيل الصناعية .
- منطقة غرب طريق السفر السريع الحرفية .
المناطق الصناعية في وسط البلاد :
- منطقة صبحان الصناعية –منطقة الصليبة
المناطق الصناعية في شمال البلاد :
- منطقة أمغرة الصناعية – منطقة أمغرة ( السكراب ) – منطقة الكسارات المطلاع – منطقة اصلاح السفن الدوحة .
ونظرا لتنوع الانشطة الصناعية في الكويت فإنه ينتج عنها أشكال وأنواع من المخلفات وليس بالضرورة أن يعانى نشاط صناعى واحد من كل أشكال وأنواع التلوث ، ومن أهم الملوثات الناتجة عن قطاع الصناعة هى الملوثات الغازية والتى تكون على شكل أبخرة متصاعدة بسبب العمليات الصناعية تحت مستويات حرارية مرتفعة تنطلق من مداخن المصانع ونواتج احتراق مواد خام أو وقود تشغيل ، ثم مشكلة الملوثات السائلة خاصة تلك الناتجة من المصانع الساحلية والتى يتم تصريف مخلفاتها السائلة الناتجة عن عمليات التبريد في البحر وتكون فيها نسبة من الكلور والزيت وبعض المواد الهيدروكربونية فتؤدى إلى تلوث مياه البحر وأما الملوثات السائلة والتى يتم تصريفها في شبكة الصرف الصحى فيتم معالجتها في محطات التنقية وسيلى ذكرها لاحقا في قطاع المخلفات . كما تتخلف مشكلة الملوثات الصلبة والتى يمكن تصنيفها حسب طبيعتها وخواصها الفيزيائية والكيميائية أو قابليتها للتدوير من عدمه ولعل من أهم المخلفات الصلبة خطرا على البيئة تلك التي تكون كيميائية غير ثابتة أو تحتوى على مواد كيميائية قابلة للترسب كالمواد الحفازة المستهلكة والتى تستخدم في معظم العمليات الكيميائية وسيلى ذكرها لاحقا في قطاع المخلفات.
الأنشطة الصناعية التي تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على تلوث البيئة كيميائيا كالتالى :
صناعة البتروكيماويات
قامت صناعة البتروكيماويات على تكرير النفط واستغلال الغاز الطبيعى وينتج عن تكرير النفط سائل يطلق عليه اسم ( النفتا ) يستخدم لانتاج العديد من المنتجات المفيدة مثل ( مبيدات الآفات الزراعية – البلاستك – الآلياف الصناعية للملابس – الادوية –المركبات الكيميائية والمطهرات – السوائل الخاص للطلاء والاصباغ ) بالاضافى إلى المتفجرات وهى ما تسمى بصناعة البتروكيماويات وتعتبر مصدرا رئيسيا للملوثات الكيميائية وفيما يلى بعض الامثلة على الصناعات البتروكيماوية .
أولا - صناعة بوليمرات البلاستك
يوجد في الكويت مصانع كيماوية عديدة الا انه بسبب التقدم الذى طرأ على تكنولوجيا صناعة البوليمرات والبلاستيك الذى حل محل العديد من المعادن في مجال الصناعة فقد برزت صناعة لدائن البلاستيك ولعل مصنع شركة ايكويت للبتروكيماويات في منطقة الشعيبة الصناعية يعد من أكبر المصانع البتروكيماوية القائمة حاليا والذى يقوم بتزويد مصانع البلاستيك بمعظم انتاجه ليتم تحويله إلى منتجات بلاستيكية مثل الانابيب والمعدات الصناعية ولعل من أهم المخلفات الناتجة عن مصنع شركة ايكويت للبتروكيماويات هو المياه المسترجعة إلى البحر سواء مياه لعمليات التصنيع أو مياه التبريد الا أن تلك الشركة تتبع وتطبق أنظمة عالية التقنية وأساليب محكمة واحتياطات مشددة لمعالجة المياه المسترجعة إلى البحر لذا فإن احتمال حدوث تلوث في أغلب الاحيان بسبب احتمال وقوع أخطاء أو حوادث.
ثانيا : صناعة الاسمدة الكيماوية :
تقوم شركة صناعة الكيماويات البترولية بتشغيل مصانع الاسمدة الكيماوية في منطقة الشعيبة الصناعية لانتاج الامونيا ومركب سماد اليوريا وسماد اليوريا الحبيبية ويصاحب عملية الانتاج مشكلة تصاعد غبار اليوريا الذى يعد أحد المشاكل البيئية الا أن الشركة تعمل على وضع نظام حد من انبعاث المخلفات وتزويد ذلك النظام بفلاتر يتم صيانتها دوريا.
ثالثا : صناعة الملح والكلورين :
كان مصنع ملح الكلوريد يقع حتى أواخر السبعينات في منطقة الشويخ والذى تسبب بارتفاع التلوث بالذئبق في الرواسب القاعية من انتاج الكلور ويعتبر الذئبق المعدن الوحيد في الطبيعة الذى يوجد في حالة سيولة عند درجات الحرارة العادية ويتبخر عند درجات الحرارة العالية مما يلوث الهواء صورة بخار الذئبق ونظرا للتلوث الذى حدث في البيئة البحرية في منطقة الشويخ والدراسات التي أقيمت بهذا الصدد فقد تمت التوصية بتغيير نظام التصنيع القائم في ذلك الوقت إلى نظام أخر لا يستخدم فيه الزئبق على الاطلاق وتم بالفعل تعديل العملية الصناعية ومنع صرف الزئبق في مياه البحر ثم تم ايقاف العمل في مصنع الملح والكلورين في منطقة الشويخ والانتقال إلى منطقة الشعيبة الصناعية واقامة المصنع هناك ومن أهم منتجات المصنع ( ملح الطعام وغاز الكلور ومادة الصودا الكاوية وحمض الهيدروكلوريك ) ويعتمد هذا المصنع على مياه البحر كمادة خام للحصول على مادة كلوريد الصوديوم التي يتم بعد ذلك تحويلها إلى منتجات آخرى . برزت مشكلة تلوث البيئة البحرية بالزئبق في منطقة الشويخ عند الشروع في بناء مجمع القطاع النفطى في نفس المنطقة حيث تكلفت مؤسسة البترول الكويتية وهى الجهة المالكة للمشروع بعمل الدراسات البيئية للموقع والتنسيق مع الهيئة العامة للبيئة وبلدية الكويت لإزالة التربة والرسوبيات الملوثة بالزئبق في الموقع على عمق مترين والتخلص منها في موقع خاص في منطقة ميناء عبد الله جنوب البلاد ليتم معالجتها . وتجدر الاشارة إلى أنة تم العمل بحرص شديد وبالتنسيق مع محطة الشويخ لتوليد الطاقة الكهربية وتقطير المياه لقرب مآخذ مياه المحطة من موقع المشروع .
الجهود التي تبذلها الدولة في مجال التحكم في الملوثات الصناعية
1-نظرا لخطورة الملوثات الكيميائية الناتجة عن الانشطة الصناعية خاصة الصناعات البتروكيماوية فقد اهتمت بلدية الكويت على عزل المناطق الصناعية في مرحلة التخطيط الهيكلى لدولة الكويت حيث جعلت المناطق الصناعية بعيدة عن المناطق السكنية وجعلت حولها منطقة حزام عازل وعملت على تشجير تلك المنطقة خاصة منطقتى الشعيبة الصناعية وصبحان.
2- اهتمت الهيئة العامة للصناعة على منح الرخص الصناعية للصناعات المختلفة ومراعاة نوعيتها كما كان لها دور كبير في رفض بعض الصناعات التي لها مردود بيئى سلبي مثل مصنع الامنيوم حيث يوجد مصنع مشابه في دولة البحرين وهو كاف لتمويل المناطق المجاورة بألواح الالمنيوم واقتصرت الكويت على صناعة تجميع تلك الالواح.
3- تعمل الهيئة العامة للبيئة على رصد ومراقبة الملوثات بجميع أنواعها ( صلبة –سائلة غازية ) وفى مجال الصناعة تقوم بأخذ التحاليل المخبرية لعينات مياه البحر وكذلك وضع أجهزة الرصد في مواقع ثابتة لرصد الملوثات الغازية لدولة الكويت كما تعمل على وضع الضوابط والاشتراطات البيئية الكفيلة بالحد من انبعاثات الملوثات من الانشطة الصناعية المختلفة في دولة الكويت.
قطاع الطاقة
يزود هذا القطاع الحيوى دولة الكويت بما تحتاجه من الطاقة الكهربائية وامدادات المياه العذبة المقطرة وذلك بواسطة محطات القوى الرئيسية ثنائية الوظيفة بمعنى أنها تقوم بانتاج الكهرباء والماء باستخدام التبخر الحرارى لمياه البحر المالحة (flash distillation ) وهى كالتالى :
- محطة الشويخ – محطة الشعيبة الشمالية –محطة الشعيبة الجنوبية – محطة الدوحة الشرقية – محطة الدوحة الغربية – محطة الزور الجنوبية – محطة الصبية .
ومن الجدير بالذكر أن جميع المحطات المذكورة أعلاه عاملة وتحت التشغيل وقد تعرضت محطة الشويخ للدمار الشامل من جراء الغزو العراقى الغاشم على الكويت حيث تم اخراج وحدات توليد القوى الكهربية من الخدمة وقد تم اصلاحها وتجديدها كما أن محطة الشعيبة الشمالية تعرضت أيضا للدمار الشامل وجار حاليا دراسة وتصميم محطة جديدة في نفس موقعها.
الأنشطة المرتبطة بقطاع الطاقة والتى تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على تلوث البيئة كيميائيا وهى كالتالى:
أولا : تأثير البيئة البحرية :
لأهمية استخدام مياه البحر في جميع هذه المحطات لغرضين وهما تبخير الياه والتبريد فإن جميع المحطات مقامة في مناطق ساحلية على طول الشريط الساحلى في دولة الكويت حيث تمتد مآخذ المياه إلى داخل البحر وبعد استخدام المياهومعالجتها يتم ضخ المتبقى منها إلى البحر عبر مخارج خاصة مما يؤثر بشكل مباشر على البيئة البحرية نتيجة التلوث الكيميائى لاحتواء تلك المياه على بعض المواد الكيميائية بالاضافة إلى التلوث الحرارى الناتج عن ارتفاع درجات حرارة مياه التبريد الا أنه هناك رقابة مستمرة على عمليات التدوير هذه والتأكد من مقاييس السلامة المتبعة لضمان تقليل أو منع وقوع أخطاء تشغيلية تؤدى إلى انطلاق كميات غير معالجة ظأو غير مطابقة للمواصفات البيئية القيلسية إلى البحر ؟
ثانيا : التأثير على جودة الهواء :
تستخدم محطات القوى خليطا من زيوت الوقود المنتجة من قبل مصافى تكرير البترول المحلية وهى عبارة عن ( الغاز الطبيعى – زيت الوقود الثقيل – النفط الخام – زيت الغاز ) . بنتج عن عمليات احتراق الوقود انبعاث الغازات المحملة بنواتج احتراق الوقود سواء الاحتراق الغير كامل أو الاحتراق الكامل والذى يحتوى على أكاسيد الكبريت ومركبات كبريتية بالاضافة إلى أكاسيد الكربون ومركبات المعادن النزرة.
الجهود التي تبذلها الدولة في مجال التحكم بالملوثات الناتجة عن قطاع الطاقة
ان المصدر الاول الذى نحصل منه على الطاقة الكهربائية تهو الطاقة الكيميائية في الوقود الذي يتألف من الغاز ومشتقاطة النفط السائل حيث تمر عملية تحويل طاقة الوقود الولية إلى طاقة كهربائية بعدة مراحل داخل محطات توليد الكهرباء وتنقل إلى الشبكة الكهربائية ليتم توزيعها وإيصالها إلى المشتركين وتلك العملية تكلف الدولة الاموال الطائلة خاصة أن نصيب الفرد من الطاقة الكهربائية المنتجة يزداد عاما بعد عام وعليه تبذل وزارة الكهرباء والماء الجهود الكبيرة لتوعية المواطنين على الاقتصاد في استهلاك الكهرباء والماء بهدف تخفيف كمية الطاقة الكيميائية اللازمة لتوليد الطاقة الحرارية. كما تعتزم وزارة الكهرباء والماء على استيراد الغاز الطبيعى واستعمالة لتوليد الطاقة الكهربائية كبديل أفضل وأرخص في الكويت حيث إن الغز الطبيعى أنظف ويعتبر صديقا للبيئة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 56