الاحترار العالمي ومستقبل العالم
د. راشد الرشود
حذرت دراسة حديثة من أن المدن والحقول الزراعية في آن واحد قد تعرقل قياس الاحترار العالمي. فقد اكتشفت يوجينا كالاني ومينج تساي من جامعة "ماربلاند" أدلة على أن ارتفاع الحرارة في الولايات المتحدة بمقدار 13 درجة على مدى الخمسين عاماً الماضية يرجع إلى تغيرات في استغلال الأرض خاصة نمو المدن وانتشار الأراضي الزراعية.
الأكثر من ذلك أن الباحثين اكتشفا أن الاختلافات في الحرارة السطحية من درجة الذروة والدرجة الدنيا في الليل قد تقلصت منذ الخمسينيات، ويقول الباحثان إن هذا قد يرجع إلى تأثير الاحترار بفعل الصوبات الزراعية لكن نصف الأثر تقريباً يرجع إلى التغيرات في نمو المدن واستخدام الأراضي.
يعرف العلماء من فترة طويلة التأثيرات غير المنتظمة على اتجاهات الحرارة الظاهرية ويحاولون تعميم قياسات الحرارة التي تقوم بتسجيلها محطات القياس بناء على ذلك، وتفيد نتائج الدراسة الجديدة أن هذه التعديلات قد تكون غير كافية.
وتركز جل الاهتمام فيما سبق على الامتداد الحضري ونمو المدن، فالمباني والشوارع تمتص حرارة الشمس خلال النهار ثم تشع هذه الحرارة في الليل، مما يرفع متوسطات الحرارة مقارنة بالمناطق الريفية في نفس الإقليم، لذلك تم وضع محطات قياس الحرارة في المدن وهي تميل لتسجيل قياسات أعلى مقارنة بالريف.
غير أن المدن قد يكون لها تاثير مبرد خفيف خلال النهار، عندما يسبب السناح مثلاً انخفاضاً طفيفاً في الحرارة مقارنة بالمناطق الريفية.
وهناك معيار للفصل بين المناطق الحضرية والريفية يقوم على الكثافة السكانية غير أن البعض قد يقول إن أفضل مقياس للحضر هو كمية الضوء الصادرة عنه في الليل.
ويقدر تساي وكالاني أثر استخدام الأرض خلال السنوات الخمسين الماضية عن طريق المقارنة بين مجموعتين من القياسات الحرارية في كامل الولايات المتحدة. المجموعة الأولى من المحطات الأرضية لقياس الحرارة السطحية التي يبلغ عددها 1982 محطة والثانية من خلال الأقمار الاصطناعية والمناطيد المناخية، التي ترتفع عن الأرض بمسافة كافية تجعلها آمنة ضد التشوه والانحياز لعوامل معينة.
واكتشف الباحثان أن المحطات الأرضية السطحية سجلت درجات حرارة أعلى من الأقمار الاصطناعية والأجهزة المحمولة على مناطيد على مدى الخمسين عاماً الماضية.
وبلغ متوسط الاختلافات في التسعينيات 40 درجة مئوية بالنسبة للقياسات العظمى، و 13 درجة مئوية بالنسبة لدرجات الحرارة الصغرى، وأرجع الباحثان 27 درجة كل مائة سنة في الاحترار العالمي إلى اختلاف استغلال الأرض، وهذا يعتبر ضعف ما كان معتقداً من قبل. وقال الباحثان إن آثار الزراعة التي كان يهملها الباحثون من قبل، تساهم بنصيب كبير في هذا التشوه في القياسات.
وتقترب الدرجات القصوى في النهار والصغرى في الليل بمعدل يصل إلى 2 درجة مئوية كل عقد من الزمان وفقاً لقياسات محطات القياس السطحية الأرضية وهذا الانخفاض يصل إلى ضعف تقديرات الأرقام القائمة على البيانات المستقاة من الأقمار الاصطناعية والمناطيد، مما يشير إلى أن نصف الانخفاض يرجع إلى التغيرات في استخدام الأرض.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 59