شجيرة تتكاثر في شتى البيئات
السماق .. دواء للإنسان وداء للحيوان
دلال جمال
السماق ما هو إلا شجيرة صغيرة من الفصيلة البطمية ارتفاعها ثلاثة أمتار، قليلة التفرع وأوراقها ريشية الشكل، والوريقات بيضاوية مدببة الحافة حادة عند النهاية، وتوجد الازهار في مجموعات بلون أحمر وثمار عنبية الشكل بلون أحمر، وثمارها صغيرة تغطيها شعيرات كثيفة غدية وتحتوي على بذرة واحدة. يزهر في بداية الصيف وتنضج ثماره في أغسطس وسبتمبر، وينتشر على الجبال الساحلية.
يوجد 120 نوعا من السماق تنتشر في المناطق الكلسية الجافة والطينية الكلسية والرملية الكلسية في المناطق الحارة وما تحت الاستوائية والمعتدلة حول البحرالأبيض المتوسط، اي يمكنها التكاثر في شتى البيئات فهي موجودة في الصحراء والأخاديد والبساتين وعلى التلال.
يعرف السماق بعدة اسماء شعبية مثل التمتم والعبرب والعربرب والعنزب والعترب. تحتوي ثمار وقشور جذور نبات السماق على مواد عفصية ولكن السماق الحلو أو العطري يحتوي بالإضافة على المواد العفصية على ستيرودز وتربينات ثلاثية وزيت طيار واحماض دهنية. للسماق أنواع كثيرة منها سمـــاق الدباغين )الخل(، سماق الصباغين )السماق السوري والقطني(، السماق الشوكي، السماق الطلائي، السماق السام.
للسماق نوعان من المحاصيل
النوع الأول: الأوراق، تجني مع الأغصان حيث تقطع وتجفف وتطحن ثم تباع.
النوع الثاني: البذور، يتم استخراجها من الثمار ثم تجفف وتدق.
يعتبر السماق من النباتات الاقتصادية الهامة، حيث يستعمل سماق الدباغين والصباغين وخاصة القلف في الدباغة والصباغة، لأنه يعطي صباغاً معتبراً يستخدم في تحضير الجلود، كما يحتوي السماق على عصارة Latex لاذعة سامة، تختلف كميتها ونوعيتها حسب مرحلة النمو، ونوعية السماق، فهي قليلة نسبياً في سماق الصباغين والدباغين والشوكي، وغزيرة في السماق الطلائي والسام، وهي عصارة صمغية راتنجية تعرف في اليابان وأمريكا باسم اللاك Laque. ويبلغ سعر كيلو السماق حوالى عشرة دولارات، وهو مبلغ من شأنه أن يمثّل دافعاً كافياً للبدء في منهجة إنتاجه، بحيث يصبح مصدراً إضافياً لمدخول المزارعين في المناطق الوعرة ذات التربة الفقيرة بالمياه.
صناعة الأدوية
كما تستخدم أوراق سماق الدباغين وأوراق سماق الصباغين في صناعة الأدوية القابضة والقاطعة للنزف، وتستخدم في معالجة حالالت الإسهال والحميات الصفراوية، والسيلان الأبيض، والنزلات الصدرية، والتهابات مخاطية الفم والحنجرة، ويستعمل قلف سماق الصباغين في طرد الحميات، والثمار الناضجة لسماق الدباغين الغنية بحمض الليمون والخل تدخل في تحضير شراب حامض أو تؤكل بعد تخليلها وطحنها كتوابل يدخل في تحضير بعض الأطعمة الشعبية العربية كالزعتر والفلافل، والكبة السماقية. أما في هنغاريا فتضاف إلى الخل لزيادة حموضته وإعطائه لوناً جميلاً.
كما يمكن الاستفادة من السماق في أعمال التحريج كنبات مقاوم للجفاف، لأن أوراقه الكبيرة تعمل على إيجاد وسط معتدل، كما تحمي وتنشط نمو الأشجار الحساسة أو البطيئة النمو كالسنديان مثلاً، وأيضا يتم استعمال السماق كمصدات رياح كما في المناطق السورية.
تعتبر أوراق السماق مصدراً هاماً للتانين، ويستعمل التانين كمادة قابضة ومطهرة ومضادة للالتهابات كما يستعمل بشكل محاليل أو مراهم في الحروق ويستعمل في حالات التهاب الجهاز الهضمي وحالات التسمم بالقلويدات وأملاح المعادن الثقيلة.
وللسماق أيضا مضار عدة، وذلك عند انتشاره تلقائياً وعشوائيا بين أي محصول اقتصادي آخر، فيشاركه الغذاء والماء، ويحرمه النور والهواء، وهذا ما يؤدي إلى إيقاف نموه، وبالتالي تصل إلى الجفاف والموت.
نبات سام
كما يعتبر السماق من النباتات السامة الضارة بالحيوان والإنسان، فالماشية تتجنب أكله بالفطرة ولكن في حالة فقر المراعي والمجاعة أو اختلاط السماق بالعلف فإنها تتناوله قسراً مما يسبب لها سوء هضم، قد يكون مميتاً عندما تصبح الكميات المتناولة كبيرة جداً.
أما عند الإنسان فتناول كمية كبيرة من ثمار سماق الدباغين الطازجة وغير المتخمرة فإنها كثيراً ما تؤدي إلى التسمم المميت، هذا وقد أكد العالم كازان Cazin إننا إذا قبضنا باليد على نورة سماق الدباغين مدة طويلة فإن ذلك كاف لتخديرها واسترخائها، وبالتالي إحداث حويصلات وفقاعات فيها، نتيجة تأثيرها المحرق للبشرة، وإن أقل كمية من الأبخرة الكاوية لعصارة السماق الطلائي والسام، والتي يمكن أن تظهر من خدش بسيط في القلف، كافية لإحداث بثور مؤلمة جداً في الأيدي والوجه، وعليه يكون الخطر أكبر على العاملين والمزارعين الذين يستخلصون عصارته الغزيرة والمعروفة باسم اللاك.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 135