نقر وصفير في أعماق المحيطات

غناء الحيتان : ربع ساعة للأغنية الواحدة بمقاطع متغيرة

دلال جمـال

من المعروف أن الحيتان مخلوقات بحرية ثديية، تضم سلالات عديدة، بينها الصغير والمتوسط والعملاق، أشهرها الحوت الأزرق الذي يصل طوله إلى 30مترا، ويزن أكثر من 100 طن، ويوصف بالعملاق الأعظم، لجميع المخلوقات على كوكب الأرض.

تعبر الحيتان عن احتياجاتها بواسطة الغناء، حيث انها تطلق اصواتا مختلفة من النقر والصفير في أعماق المحيطات بصوت عال، وينتقل غناء الحيتان لمسافة تصل من 10 هيرتز إلى 31 كيلوهيرتز، ذلك لأن الصوت ينتقل أسرع أربع مرات عبر الماء مما ينتقل عبر الهواء، فهو ينتقل لمسافات طويلة لدرجة أن الحيتان تقدر على سماع بعضها البعض وهي على بعد مئات الكيلومترات.

وقد قام خبير الصوتيات في قسم البيئة في الولايات المتحدة )مارك فيشر( باستخدام طريقة للتعرف على الأغاني التي تطلقها الحيتان، فركز على موجاتها القصيرة والمنفصلة فاكتشف أن التردد القصير لموجاتها الصادرة عن الحيتان الحدباء هو للتعبير عن أنينها من أجل التزاوج.

طرق وأساليب

قد تختلف أساليب وطرق الحيتان في الغناء بحسب البيئة التي تعيش فيها، وقد تتراوح مدة الغناء إلى 15 دقيقة، ومن الغريب أن الأغنية تتكون من مقاطع عدة أسوة بأغاني البشر. وتغني ذكور الحيتان لجذب الإناث أثناء موسم التزاوج عندما تكون في رحلتها من القارة القطبية إلى المياه الأسترالية الدافئة ثم إلى القارة القطبية مرة أخرى، واكتشف العلماء عام 1996 أن هناك حوتين من بين 82 من الحيتان الحدباء غيرت أغنيتها المعهودة وأصبحت تشدو بأغنية جديدة شبيهة بأغاني حيتان قادمة من المحيط الهندي، وبعد عام من ذلك حذت حذوها معظم الحيتان الأخرى.

الأغنية الجديدة

ويقول الخبراء إن حداثة الأغنية الجديدة هي التي جعلتها مشهورة بدرجة حلت معها مكان الألحان القديمة. ويعتقدون أن الحيتان الذكور بحثت عن شيء جديد تجتذب به الإناث التي ملت من سماع الأغاني القديمة.. شيء تحوز به على رضاء الإناث التي يبدو أنها مثل إناث البشر تسعى دوما لمسايرة الحديث وآخر الصيحات والصرعات.

وأوضح الباحث جون هيدلبراند من معهد سكريبس لعلوم المحيطات أن أعداد الحيتان تتكاثر وأصبحت أكثر قرباً من بعضها ولذا عدلت طريقة تخاطبها وغنائها مع بعضها فهي لم تعد مضطرة لرفع أصواتها بشكل كبير خلال التخاطب.

التلوث السمعي

تتأذى الحيتان من التلوث السمعي في المحيطات التي يكون مصدره ضجيج البواخر والسفن العابرة مما تضطر الحيتان إلى رفع أصواتها بالغناء لتتفاهم فيما بينها، وقد تقلصت المسافة التي تمكن الحيتان من التواصل مع بعضها بمعدل 90% خلال نصف قرن نتيجة لإزدياد الضجيج في المحيطات وبالتالي تقل قدرة الحيتان على تحديد المسافات للوصول الى رفاقها والتوصل للغذاء إلا بواسطة رفع صوتها أثناء الغناء.

وهناك أغنية الحوت الأحدب العربي الذي يعتبر أحد الحيتان النادرة الوجود ويعيش في مياه بحر العرب قبالة ساحل سلطنة عمان، وأغنية الحوت هذه ذات لحن خاص به وقد عرف عن الحيتان الحدباء اقامتها المستمرة لحفلات سهر غنائية موسمية والتي يعتقد أنها ترتبط بموسم التكاثر، وفي بعض مناطق العالم تمت دراسة الأغاني لتحديد ملامح كل تجمع، لكن الدراسات أثبتت أن الحيتان قادرة على تعلم وتبني أغان من تجمعات أخرى.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 134