بسبب عدم الترشيد في استخدامها
أزمة المياه آتية لا محالة
محمد سعيد الرمضان
لو أراد أحد ما الاستدلال عن وجود الحياة على سطح أحد الكواكب، فإن أحد أهم المعلومات، والبيانات التي تعزز هذا الاستدلال وجود الماء على سطح الكوكب.
من شروط صلاحية الكوكب لاحتضان الحياة على سطحه وجود الماء على هذا السطح الماء هو أكسير الحياة، وهو المادة الكيميائية اللازمة ليس فقط للنسيج الحي بل ويدخل أيضاً في تركيبة كل مادة كيميائية عرفها الإنسان ويتواجد في المواد بنسب متفاوتة ويعتبر نقص الماء في أي مادة بمثابة إلغائها من جدول المعادن لأن ذلك يعتبر تغيراً جوهرياً في خواص هذه المادة.
الماء موجود في المعادن، الأخشاب، التربة، الهواء، ويوجد الماء في كل زاوية من زوايا هذا الكوكب مما يجعله كوكباً آهلاً للبشر، ولكافة المخلوقات ونظراً لأهمية الماء والطلب عليه فإن الله سبحانه وتعالى جعله ثاني أكثر الأشياء شيوعاً وتوفراً على الأرض بعد الهواء وقد نشره الله بالعدل والتساوي بين القارات وخلقه عذباً زلالاً ومالحاً يملأ البحار والمحيطات.
الماء على سطح هذا الكوكب يتجمع في مستودعات جوفية وسطحية وفي الهواء الجوي، وهذا المخزون متواجد ضمن تناول الإنسان وتداوله والماء يتأثر كثيراً بنشاط الإنسان وتؤثر في صلاحيته التجارب النووية، الملوثات، إفرازات التصنيع والتعدين، ومخلفات الإنسان، الكيميائية والحيوانية وغيرها.
وأصبح الماء وسيكون في مستقبل هذا الكوكب سلعة سياسية ينشب بسببه الصراع والنزاعات، ولا تكاد اليوم تتواجد دولتين متجاورتين إلا وبينهما خلاف على توزيع حصص الماء والدولة الأقوى عسكريا هي التي تحظى بنصيب الأسد من المياه، إنه سر البقاء وسر استمرارية الحياة العصرية المنطقية المتكاملة.
الماء العذب على الأرض موجود بكميات هائلة لخدمة مخلوقاتها ثلثه تحت سطح الأرض على شكل أكوافر بمئات الملايين من الأمتار المكعبة، ولا يجب أن ننسى أن هذا الكم الهائل من المياه على سطح الأرض وتحت سطح الأرض وهو من السماء نزل إلى الأرض من الغمام على هيئة أمطار وندى، وضباب، وجليد ضمن دورة الماء في الطبيعة.
وعلى المواطن عندما يرى الماء ينزل من صنبور المياه بواسطة التنقيط سواءاً في الحديقة أو في الحمامات، المطبخ، أو من براد المياه تذكر هذه الحقيقة الآنفة الذكر أن هذا التنقيط العفوي هو هدر للمياه يجب تلافيه لأن هذا الماء بوصوله إلى الصنبور يكلف الدولة الكثير من الجهد والمال وهناك جيش جرار خلف الستار يعمل لكي لا يعطش المواطن ولكي يستحم ويزاول أعماله اليومية ومن يسهر على إمدادنا بهذا السائل السحري، ومن يحرص على إصلاح كل خلل يؤدي إلى فقدان المياه وتذكر أخي المواطن أن تنقيط صنبور الماء دليل على خلل واسراف وتسيب وسوء استغلال للمياه وأن مياه هذا الكوكب أيضاً وكما اسلفنا نزلت بالتنقيط نقطة .. نقطة وهذا من طبيعة الأمور فيما يتعلق بالمياه.
إن حجم أو كمية الماء على هذا الكوكب التي تجملها الأنهار والروافد إلى البحار، والبحيرات، والمحيطات وإلى باطن الأرض تبلغ قرابة 35 ألف كيلو متر مكعب يستعمل الناس منها 7/1 من هذه الكمية سنوياً ونظراً لأن الماء عصب الحياة ويستعمل بدون دراية فإن 90 في المئة من سكان المعمورة اصبحوا يستعملون مياه يرتاب في صلاحيتها بسبب عدم مبالاتهم.
ومنذ الستينيات في القرن المنصرم أخذ الناس من الأنهار والبحيرات ما يعادل 3300 كيلو متر مكعب من المياه وظهرت بوادر نضوب في المصادر المائية نتيجة الزيادة في عدد السكان وازدياد معدل التلوث البيئى ( الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه ) لإزالة مسببات التلوث، كالتبريد، والتخفيف.
ويبقى موضوع المحافظة على المصادر المائية وهو موضوع مهم يستحق الانتباه لأن الوضع القائم في بلدنا الكويت ودول الخليج يضع المسؤولية في إدارة حنفية المياه تحت تصرف الخدم وهم من قرر حجم الاستهلاك للمياه في المطبخ والحديقة ويستهلك الخادم كميات كبيرة من المياه لا يحسب لها حساب ( مال عمك لا يهمك ).
لذا وجب الترشيد في استهلاك المياه وضرورة اشراف أرباب الأسر في توجيه الخدم للاقتصاد في عمليات الغسل والرش والتنظيف.
إن أزمة المياه على هذا الكوكب حتمية ربما تأتي إلى كل قطر وهي في الواقع أزمة كبيرة يعاني منها حاليا العديد من دول العالم ولابد أن يأتي الدور في هذه المعاناة علينا ليسري بين أقاليمنا سريان النار في الهشيم بسبب التلوث وتأثر الأجسام المائية بنشاط الإنسان الهدام.
ولا داعي أن نجعل هذه المشكلة تسرع إلى البيئة الكويتية بشرط تظافر الجهود للحد من الاستهلاك والحد من تلوث المياه وبهذا نستطيع تأخير وصول هذه المشكلة إلى بلدنا الحبيب.
ولنا في استجابة الناس والجمهور لهذا النداء أمل كبير يعود بالنفع على الجميع ونستمتع ببهجة واكسير الحياة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 62