نافذة لبنانية على العالم الجوفي
أنور الحسنية : مغارة " عين وزين " تشكلت قبل مليوني و250 ألف سنة
عنود محمد القبندي
مغارة طبيعية اكتشفت عام 2003.. تحمل داخلها صخورا حولتها المياه المتدفقة في باطن الأرض إلى ممرات متشعبة، تتدلى في سمائها المنحوتات الطبيعية والتي تنسكب انسكابا موسيقياً على أنغام قطرات المياه المتساقطة.
شاءت الصدفة أن تكون بداية معرفة هذه المغارة الطبيعية، مغارة «عين وزين» التي تقع في قضاء الشوف عند آخر البلدة على طريق عين وزين بتلون على علو 1040مترا عن سطح البحر. مغارة جميلة بتكويناتها الكلسية المتواجدة في ممراتها وجوانبها مما يسمح بوضوح كل العوامل الجيولوجية فيها كما ينطبق عليها مبدأ السياحة الجوفية المستدامة كنافذة على العالم الجوفي.
اكتشفها رجل أعمال لبناني يعمل بالتجارة وهو السيد أنور الحسينة الذي يبعد منزله عن المغارة نحو 150 مترا.. التقيناه لمعرفة ظروف اكتشافها وطبيعتها الكلسية ومزيد من الحقائق حول المغارة.
* كيف تم اكتشاف المغارة؟
في البداية كانت النية تتجه نحو بناء مشروع تجاري وهو عبارة عن بناء مستودعات ومخازن حيث أنني أعمل بالتجارة، فقمت بإزالة الصخور الموجودة على أرض المشروع والتي وصل ارتفاعها إلى 15مترا، وقد أخذت من الوقت لإزالتها حوالي 4 أشهر.
بعدها لاحظت ظهور مياه بين الصخور الأرضية وهذا النوع من الأرضيات لا يصلح لأن يكون مستودعا، فبدأت في معالجة هذه المشكلة عن طريق إزالة المياه المتواجدة بين الصخور عن طريق وضع صهريج تصب فيه المياه لتجميعه بعدها لوحظ وجود أو ظهور صخرة أعلى من الصهريج فقمت بضربها لتنعيمها لكي تتساوى الأرضية، وعند ضربي لهذه الصخرة لاحظت حدوث فجوة في الأرض وقمت بتسليط الإضاءة عليها لأرى ما بداخلها لكنني لم أظن أنها مغارة طبيعية تحت الأرض.
بعدها قمت بجلب مولد كهربائي لإنارة المكان لأعرف إلى أين تمتد هذه الفتحة أو الفجوة في جوف الأرض، وعند نزولي داخل هذه الفجوة إلى عمق «15 - 20مترا» وعندما توغلت أكثر اكتشفت أنني قد دخلت إلى عالم مجهول لا أعلم ما بداخله، فقد كنت اسمع أصوات مياه تتدفق كما أن درجة الحرارة منخفضة بالإضافة إلى أنني لاحظت وجود صخور غريبة وممرات مائية بعدها عرفت أنني قد اكتشفت مغارة طبيعية تحت الأرض أضيفت إلى عالم الاكتشافات البشرية في هذا العالم الملئ بالمفاجآت والغرائب.
* هل قمت بإبلاغ الجهات المسئولة عن هذا الأمر أي ذلك الاكتشاف؟
في بادئ الأمر لم أقم بتبليغ أي جهة مسئولة وذلك بسبب أنني امتلك الأرض التي وجدت بها المغارة، كما أنني عملت في هذه المغارة على نفقتي الخاصة دون علم أحد إلى أن وصلت إلى تجهيز المغارة بنسبة 75 % بعدها قمت بإبلاغ وزارة السياحة بعدها قاموا بإرسال بعثاتهم الإشرافية والاستكشافية للتأكد من وجود هذه المغارة بالإضافة إلى الكشف عليها هل هي صالحة بأن تكون معلماً سياحيا أم لا، حيث قاموا بالكشف عليها من ناحية الأمان ونسبة الأكسجين ودرجة الحرارة ومن ثم قاموا بإشهارها كمعلم سياحي طبيعي.
* كم تصل درجة الحرارة داخل المغارة وماذا عن نسبة الأكسجين؟
تبلغ درجة الحرارة في هذه المغارة 12 درجة سيليزية فهي ثابتة صيفا شتاء، ففي فصل الصيف تكون أبرد من الجو الخارجي أما في الشتاء تكون أدفأ من الجو الخارجي، أما نسبة الأكسجين المتواجد في هذه المغارة فهو يكفي لوجود 500 شخص.
* وكم يصل عمق المغارة؟
يبعد عمقها حوالي 25 مترا عن سطح الأرض.
* في أي عام تم اكتشاف هذه المغارة؟
تم اكتشافها في أواخر عام 2003 وكان افتتاحها في عام 2008.
* كم بلغت تكاليف تجهيز المغارة لتكون جاهزة للزيارة؟
وصل المـبلغ إلى ملـــيون ونصف المليون دولار.
* وكم يصل عمر المغارة؟
يصل عمرها إلى مليونين و250 ألف سنة.
* من خلال زيارتنا للمغارة لأخذ جولة فيها لاحظنا العديد من التجاويف والأنفاق التي تكاد تكون على هيئة ممرات فما سبب وجودها؟
وجود المياه وسرعة تدفقها ساعد على فتح فجوات ونحت الصخور في المغارة، ولكن تغير اتجاه المياه فيها قبل 25 ألف سنة.
* وهل المياه قوتها كبيرة جدا لكي تقوم بعمل هذا الفجوات؟
نعم تدفقها قوي جدا وسريع بالإضافة إلى نوعية الصخور في المغارة ساعدت على هذا، فهي صخور ذات تكوينات كارستية تكثر فيها الرواسب الكلسية. والتكوينات الكارستية هي مناطق الحجر الجيري التي عادة تكثر فيها ظواهر طبوغرافية مميزة مرتبطة بعملية التحلل الصخري سواء كان فوق أو تحت سطح الأرض، حيث أن المياه تتحول عادة إلى مسالك وقنوات تحت سطحية.
* وعلى أي عمق تتواجد المياه في المغارة؟
تتواجد على عمق ما بين 10 إلى 12 مترا.
* وكم تبلغ المساحة المكتشفة من المغارة؟
وصل إلى 426 مترا.
* عرفنا أن المياه موجودة تحت المغارة، هل تفكرون في المستقبل أن تقوموا بحفر أو اكتشاف المزيد من هذه المغارة؟
نفكر في المستقبل في تطوير هذه المغارة ولكن بعدما استطيع أن استرد ما أنفقته عليها، كما أن العمل القادم يتطلب المزيد من الجهد والمال والدراسة العلمية، فالمغارة من النوع الكارستي أي أنها تختلف من حيث أعماقها بالنسبة لسطح الأرض فبعضها يتكون على أعماق بعيدة جدا من سطح الأرض.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 117