زيتها الأغلى عالميا وتوجه لزراعة 15 ألأف شتلة
شجرة الأركان تتحدى التضاريس المغربية
عنود القبندي
في مبادرة تنموية تعتبر الثانية من نوعها، تعززت الشراكة الأورومغربية في مجال تشجير الأركَان والمحافظة عليه بالجنوب المغربي بميلاد مشروع جديد، من أهم مميزاته زيادة هامة في المساحة المستهدفة خلال العملية السابقة والتي وصلت إلى 42 هكتاراً، حيث تبلغ مساحة المشروع الجديد 83 هكتارًا، أي ما يعادل 10000 شتلة من هذه الشجرة الفريدة.
هذه العملية الثانية، والتي تشرف عليها المنسقية الإقليمية لشبكة جمعيات محمية الأركَان للمحيط الحيوي باشتوكة أيت باها بشراكة فعالة مع «مشروع أركان» لوكالة التنمية الاجتماعية والاتحاد الأوروبي والمديرية الجهوية للمياه والغابات بالجنوب الغربي و جهات عديدة من بينها جمعية السكان المستهدفين بالمشروع والوكالة الألمانية للتعاون التقني والجماعة المحلية والتي سيتم انطلاقتها.
النطاق الغابوي
تهدف تحقيق جملة من الأهداف الهامة تتوزع بين توسيع النطاق الغابوي للأركَان بالمنطقة والمحافظة على هذه الثروة الإنسانية التي تعتبر علامة محلية بامتياز وذلك وفق مقاربة تشاركية تدمج السكان المحليين في العملية التنموية الشاملة لمحيطهم وتلعب فيها دورا مركزيا، بالإضافة إلى وعيتهم بأهمية الاعتماد على الأركَان كمورد اقتصادي مستمر وإكسابه قيمة مضافة. شرط المحافظة على الشجرة وتجنب أساليب الاستغلال العشوائية. المشروع يستهدف بالأساس مجموع أهالي منطقة « أنزاد و زاوية أيت سيدي يحيى «بتسكدلت التابعة لإقليم اشتوكة أيت باها والذين يصل تعدادهم ما يناهز 3000 نسمة، ومن بينهم أعضاء جمعية «زاوية أيت سيدي يحيى» الممثلة للسكان في هذه العملية. وتتحدد أهم أنشطة هذا المشروع الحيوي، الذي تبلغ مدته 24 شهرا، تمتد إلى غاية عام 2009، في تسييج كافة المنطقة المغروسة وتنظيم حملات توعية لفائدة السكان المحليين بغاية المحافظة على الموارد الطبيعية بالمنطقة.
كما أنه وفي تجربة موفقة للمرة الثانية، يُسجل انخراط السكان في عملية لغرس الأركَان بأملاكهم الخاصة بشراكة و تشارك مع المقاطعة الإقليمية للمياه والغابات لآشتوكة آيت باها، حيث تمثل الأملاك الغابوية بالمشروع %90 والسكان بأملاكهم الخاصة بـ %10.
الدعم المالي
ويمثل الدعم المالي لوكالة التنمية الاجتماعية و بالأخص «برنامج دعم تحسين ظروف عمل المرأة القروية والتسيير المستدام لمجال أركان بالجنوب الغربي للمغرب» المعروف اختصارا بـ «مشروع أركان» الممول بشراكة مع الاتحاد الأوروبي أساسيا لنجاح المشروع، من جهة أخرى يعتبر دور المديرية الجهوية للمياه والغابات للجنوب الغربي محوريا خاصة فيما يتعلق بتوفير الوعاء العقاري لتخليف أركان و التأطير التقني وتوفير الشتائل، كل هذا يشكل عاملا قويا يعزز الدور الذي يضطلع به هذا المشروع الحيوي الذي تعتمد من خلاله المنسقية الإقليمية للشبكة سياسة القرب في علاقته مع الأهالي المستهدفين وفي الاشتغال معهم للمحافظة على شجرة الأركان، وتقديم بدائل لهم تجعلهم منخرطين تلقائيا في هذا العمل البيئي والتنمية المستدامة لأجل إحداث تحولات نوعية بمجال ومحيط المشروع، والرقي بأوضاع السكان نحو الأفضل.
رمزالاستمرارية
وتعتبر شجرة «الأركَان» من أهم الأشجار التي تنتشر في الجنوب المغربي، تعاند قسوة الطبيعة ووعورة التضاريس، في إصرار على الحياة. هذه الشجرة تمثل رمز الاستمرارية لدى كثير من ساكنة هذه الجهة، فهي لا توجد إلا في هذه المنطقة من العالم، وتشكل غطاءا نباتيا تصل مساحته إلى 830 ألف هكتار.
وتعد هذه الشجرة، التي لا توجد نظيرتها في أي بلد من العالم، من الأنواع النباتية المعمرة والقديمة جدا، وهي من فئة الأشجار الصنوبرية المتوسطة الطول، حيث لا يتجاوز طول الواحدة مترين ونصف إلى ثلاثة أمتار، تبعا للمناطق وبقدرتها الخارقة على مقاومة الجفاف وعوامل التصحر، من خلال انتشارها في مناطق جافة وشبه الجافة. وقد صاحبت هذه الشجرة الإنسان المحلي في رحلته المعيشية، تحمل بالنسبة إليه معاني التحدي والصبر ومقاومة المصاعب، والتشبث بالحياة، وتبعا لذلك شكلت مكونا أساسيا في معادلة الواقع المعيش لهؤلاء منذ القديم. ويتميز منتوج الأركان بعائده الاقتصادي الكبير، بحيث تشغل جميع مكونات الشجرة، فالقشور المعزولة عن النوى توجه إلى تغذية الماشية، بالنظر إلى توفرها على مكونات هامة.
وباعتبارها إحدى أهم الأنواع النباتية المعمرة والموجودة بشكل حصري بمنطقة سوس، وبالنظر إلى الأخطار التي تهددها بالانقراض، فقد عملت الحكومة المغربية على خلق برنامج «المحافظة وتنمية مجال أركان» (PCDA) و الذي أضفى بمنظمة اليونسكو إلى تصنيف هذا المجال تراثا إنسانيا يستحق العناية والاهتمام.
وفي اتجاه توظيف هذا المكون الطبيعي، واستثماره في التنمية الاقتصادية المستديمة لهذه المناطق، وتنشيط السياحة الجبلية بالخصوص، يتجه التفكير نحو إحداث مسارات سياحية وخريطة مواقعية للشجرة من أجل استغلالها من طرف وكالات السياحة والمهنيين وبرمجتها ضمن الجولات التي تتم في المنطقة، وتوظيف ما يرتبط بالشجرة من سلوكات وتقاليد وعادات لإحداث منتوج سياحي متميز، يستهوي الكثير من عاشقي السياحة البيئية.
زيت الأركان
شجرة أركان هي شجر ر نادر للغاية، تتواجد بجنوب المغرب فقط في العالم بأسره، ويعد زيت الأركان هو أغلى الزيوت في العالم لكثرة فوائده وتعتبر شجرة أركان من النباتات الطبيعية التي تنمو فقط في المغرب من دون غيره من بلدان العالم، وقد عمرت هذه الشجرة ملايين السنين، وتتوفر على قدرة هائلة لمقاومة الجفاف ومحاربة ظاهرة التصحر، وتنتشر على مساحة آلاف الهكتارات في عدد من المحافظات الجنوبية المغربية من ضمنها الصويرة وأغادير وتارودانت وتيزنيت وشيشاوة. ويستعمل زيتها الذي يستخلص بطريقة خاصة في أغراض التغذية والتجميل وبعض العلاجات الطبية، كما تستغل فضلاته كعلف مقو للماشية. وتعرضت غابات أركان على مر السنين لاستغلال مفرط وخطير سواء من طرف رعاة الماشية، أو منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي، ولم يتم الالتفات إلى وضعيتها التي تنذر بالخطر إلا أخيرا حيث اتضح أن تأهيل هذه الشجرة وحمايتها يستوجب تضافرا فعليا وحقيقيا لجهود العديد من الجهات من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر مراكز البحث العلمي، وإدارة المياه والغابات، والتعاونيات النسوية لإنتاج زيت أركان، ورجال الصناعة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 107