تنقسم لمطر الجبهات والتصعيد
الأمطار في دولة الكويت
فرح ابراهيم
تتميز الأمطار في دولة الكويت بقلتها وتفاوتها في الزمان والمكان. وتنتمي أمطار الكويت إلى نوعين رئيسيين النوع الأول يسمى المطر الإعصاري أو مطر الجبهات وهي الأمطار التي تسببها المنخفضات الجوية المتكونة عادة فوق البحر المتوسط، وغالبا ما تهطل هذه الأمطار خلال الفترة من نوفمبر إلى مارس وتكون من النوع الذي يغطي معظم أنحاء الكويت. أما النوع الثاني فهو أمطار التصعيد أو الأمطار الرعدية التي ترتبط بحالات عدم الاستقرار والتي تنشأ محلياً نتيجة لتسخين الهواء عند سطح الأرض وارتفاعه إلى أعلى مما يؤدي إلى تشكيل سحب قد يصل سمكها وكثافتها إلى حد يكفي لتكوين عواصف رعدية وتعرف هذه العواصف محلياً بالسرايات، وتهطل هذه الأمطار أحيانا خلال شهري أكتوبر ونوفمبر وفي نهاية موسم الأمطار مارس وأبريل ومايو.
تأثير الأمطار على التربة
في بعض الأعوام يلاحظ وجود تباين كبير في كميات الأمطار التي تسقط في الأشهر المختلفة للعام الواحد فمثلا خلال عام 1987 جاء توزيع الأمطار متبايناً بشكل كبير حيث لم تسقط أمطار خلال شهري مايو ونوفمبر وكانت الأمطار شحيحة خلال شهري يناير وإبريل من نفس العام في حين بلغت الأمطار ذروتها خلال شهر مارس. ويؤثر هذا التباين في كمية الأمطار سلبا على التربة حيث يؤدي سقوط كميات كبيرة من الأمطار خلال أيام قلائل بعد فترة جفاف إلى تعاظم أثر الانجراف المائي للتربة الرملية خلال فصل الشتاء الذي يؤدي بدوره إلى زيادة العواصف الرملية في فصل الصيف عندما تجف الرواسب المنجرفة مائيا بسبب هبوب رياح قوية، ويلاحظ أنه عند سقوط كميات كبيرة من الأمطار يحدث مايعرف بظاهرة الجريان السيلي وهو تدفق مياه الأمطار على السطح على هيئة سيول تجرف التربة وما عليها من غطاء نباتي كما تسبب جرف جوانب بعض الطرق السريعة مما يهدد الحركة عليها وتقطع الطرق الصحراوية وتدمر أنابيب الصرف كما تعوق مياه السيول المتراكمة في بعض المناطق الحيوية الحركة وتشل الأنشطة المختلفة. ومن الملاحظ أنه خلال السنوات 1987-1989 أي ما قبل الغزو العراقي على دولة الكويت كانت كميات الأمطار قليلة حيث تراوحت بين 67.5 مم (عام 1989) – 71مم(1987) وقد أدى ذلك إلى زيادة حدة التأثير السلبي للأنشطة العسكرية للعدو على عناصر البيئة الصحراوية بسبب جفاف التربة وتفككها وذبول ما عليها من غطاء نباتي لقلة الأمطار خلال هذه الأعوام،أما في بعض سنوات ما بعد التحرير مثل عام 1993 فقد زادت معدلات الأمطار عن المعدل السنوي الطبيعي حيث بلغت 190.4 مم مما ساعد على تماسك التربة وازدهار الغطاء النباتي.
أشهر الأمطار في تاريخ الكويت
تعتبرالامطار فألا حسنا ينبىء بربيع جميل وبتوفر كميات كبيرة من الكمأة التي ينتظر الكويتيون موسم توفرها لاعتبارها فاكهة الصحراء اونبات الرعد لارتباطه المباشر بهطول الامطار، ولكن هناك أحداث تاريخية يتذكرها أهل الكويت التي سببتها الامطار واتلفت بعضا من ممتلكاتهم وهدمت بيوتهم وتسببت في بعض الوفيات وتظل هذه الذكريات مع ما فيها من مآس وأفراح تتناقل من جيل لآخر ويخلد اسم الحادثة في أذهان أهل الكويت مثل (سنة الطبعة- سنة الجدري– سنة الهدامة). إن سقوط الامطار في الكويت يعود إلى المنخفضات الجوية القادمة من البحر المتوسط شتاء وهي أمطار إعصارية كما أن العواصف الرعدية التي تظهر في الربيع والخريف مسؤولة هي الأخرى عن سقوط بعض الامطار نتيجة لتسخين سطح الأرض وحدوث اضطراب في الهواء المجاور له، وتتميز أمطار الكويت بانهمارها على هيئة وابل وفي وقت قصير نسبيا سواء كان ذلك بالنسبة لأمطار الجبهات خاصة أمطار الجبهات الباردة للأعاصير الشتوية العنيفة أو أمطار العواصف الرعدية.
مواسم الأمطار
ومنذ التسعينات شهدت الكويت مواسم أمطار غزيرة جعلت أهل الكويت يتذكرون سنة هدامة وما حصل فيها من ذكريات مؤلمة لبعض الاشخاص وربما لا تخلو كذلك من بعض الطرائف التي حصلت لبعض الأشخاص. ففي 2 فبراير 1993 أدت الامطار الغزيرة التي هطلت في الكويت وخاصة في الجهراء إلى انهيار بعض المنازل ووفاة طفل واستخدم بعض المواطنين في الجهراء قوارب مطاطية لعبور بعض الشوارع فيما جرى نقل بعض العائلات إلى المدارس. إلا أن يوم 11 نوفمبر 1997 سيظل راسخا في أذهان الشعب الكويتي فقد هطلت أمطار كثيرة وبغزارة حيث أصيبت مدينة الكويت وضواحيها بالشلل نتيجة تساقط الامطار التي بلغت كميتها 65 مليمترا.
وأعلنت وزارة الداخلية عن وفاة سبعة أشخاص جراء الامطار منهم سيدة لقيت مصرعها اثر أصابتها بصاعق كهربائي في حين لقيت سيدتان اخريان حتفهما غرقا جراء الامطار الغزيرة بالاضافة إلى ثلاثة أطفال لقوا مصرعهم غرقا جراء وقوعهم في حفرة غمرتها الامطار كما تم العثور على جثة في مستنقع للمياه في منطقة الصليبية حيث بلغت مساحة المستنقع نحو أربعة الاف متر مربع، وتسببت الامطار أيضا بتعطل الحركة المرورية وحوادث بلغت اكثر من 100 حادث نتيجة تجمع المياه في الطرق السريعة والشوارع الرئيسية وشوارع المناطق السكنية.
تراكم مياه الأمطار في مخزون المياه العذبة الطبيعية
وعلى الرغم من عدم توفر المياه الجارية على سطح الأرض بشكل دائم في الكويت، فإن المعدل السنوي (الضعيف) لهطول الأمطار – الذي تراجع على الأمد الطويل من 176 ميليمترا إلى حوالي 104 ميليمترات من مياه الأمطار سنوياً بحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة – يتراكم في مخزون المياه العذبة الطبيعية. بيد أن قسماً صغيراً فقط من هذه المياه يرشح إلى داخل الأرض بسبب نسبة التبخر المرتفعة في هذا المناخ الصحراوي، فضلاً عن طبيعة التربة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 109