تدور بفعل حزام كبير ناقل لحركة المحيط
مياه المحيطات .. دور مناخي ومورد غذائي
أحمد محمد أشكناني
المياه في محيطات عالمنا دائمة الحركة، تسحبها حركات المد والجزر وتدفعها الأمواج وتدور ببطء حول الكرة الأرضية بقوة «الحزام الكبير الناقل لحركة المحيط» والمسمى أيضا بالدوران المدفوع بالتباين الحراري والملحي في المحيط، ويستمد ناقل الحركة قوة التشغيل من التفاوت في مستويات حرارة المياه وملوحتها وأكثر عناصره شهرة تيار الخليج وهو تيار سطحي تدفعه الرياح الذي في الغالب يكون السبب في المناخ المعتدل نسبيا كما في أوروبا، بالإضافة الى تدفئة اوروبا والدور الهام الذي يلعبه في المناخ العالمي، يعمل «ناقل الحركة» على دفع المياه الغنية بالمواد الغذائية من قاع المحيط الى السطح بفعل المغذيات القاعية في المحيط، كما يزيد من امتصاص المحيط لثاني اكسيد الكربون.
تتغير كثافة الماء بسبب زيادة درجة حرارة المياه أو زيادة الملوحة، وتتحرك المياه من المحيط الأكثر كثافة الى الأقل كثافة وتنشأ عن تلك العميلة بما يسمى بالتيارات البحرية وهذه الحركة تتم إما فى مستوى رأسي او فى مستوى أفقي، والتيارات البحرية تؤثرتأثبرا كبيرا على جميع البحار والمحيطات المفتوحة وهي تعمل وفق نظام دقيق، وتبدأ دائما عند خط الإستواء ثم تتجه غربا حتى تصطدم بشواطئ القارات، وعندما تنشطر الى قسمين يتجه كل منهما نحو قطب من قطبي الأرض، ثم يعود كل منهما فيقطع المحيط مرة أخرى الى الشاطئ الشرقي ثم يعود مرة أخرى لتتم الدائرة التي بدأتها عند خط الاستواء.
وتؤثر بشكل كبير عملية التيارات البحرية فى تعديل المناخ فى المناطق التى تمر بها حيث أن هذه المياه عند خط الاستواء تكون شديدة الحرارة ولذا فانها تلطف كثيرا من برودة المناطق التى تمر بها.
التيارات البحرية
تندفع التيارات البحرية من المياه الأكثر كثافة إلى المياه الأقل كثافة وذلك فى حالتين هما:
• بسب المياه الحارة التي تعمل على زيادة نسبة الملوحة في المياة وبالتالى تؤدي إلى ارتفاع كثافة المياه
• المياه القطبية المتجمدة السطح تؤدى إلى تركيز الأملاح فى المياه التحت سطحية وبالتالى ترتفع كثافة المياه.
نشأة التيارات
تنشأ التيارات البحرية في نطاقين هما:
• تنشأ التيارات البحرية الدافئة من المياه الأستوائية نحو المعتدلة بسبب ارتفاع كثافتها الناتج عن التبخر (تيار استوائى دافئ).
• كما تنشأ التيارات الباردة من المياه الشبه القطبية وتتجه نحو العروض المعتدلة بسبب تجمد المياه السطحية وزيادة الكثافة (تيار لبرادور البارد)
هناك عوامل مؤثرة فى تكوين التيارات البحرية وهي:
– الحرارة ودرجة تبخر المياه.
– نسبة ملوحة المياه.
– كثافة مياه البحر.
– تجلد المياه السطحية.
كما أن هناك عوامل لها تأثير كبير في توجيه التيارات البحرية والتي تتمثل في حركة دوران الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق، وعمق المناطق الساحلية بالإضافة إلى اتجاه الرياح السائدة.
ومن المشاكل التي تواجها التيارات البحرية الانشاءات البحرية وعمليات الدفن، فهي تؤثر سلبا على عملية التنظيف الذاتي من حيث ضعف حركة التيارات البحرية ومن ثم القضاء على الثروة البحرية من أسماك ونباتات.
قبل مائة سنة فقط، أكتشف الباحثون بأنه يوجد هناك تيارات داخلية الموجودة في أعماق البحاروهي تتولد على امتداد السطح الفاصل بين طبقتين من المياه المختلفة من حيث الكثافة والضغط والحرارة والمد والجزر وتأثير الرياح. والاختلاف في كثافة المحيط المفتوح أقل منه في المناطق الساحلية التي تصب فيها المياه العذبة من أنهار غيرها، ويتشكل السطح الفاصل بين الكثافات المختلفة عند منطقة الهبوط الحراري الرئيسي فيفصل مياه السطح الدافئة عن مياه الأعماق الباردة. وقد يتراوح سمك طبقة المياه الدافئة من بضع عشرات إلى مئات من الأمتار.
وهذه الأمواج تتشكل على هذا السطح الفاصل بين الطبقتين المختلفتين في الكثافة والملوحة والحرارة ولكن لا يمكن أن تشاهد بسهولة من فوق سطح الماء وقد تستهلك عملية تكونها التي كان يمكن استخدامها لدفع سفينة ما إلى الأمام.
المياه الراكدة
ونجد أن بعض السفن الكبيرة التي تبحر في هذه المياه قد تفقد فجأة قدرتها على التقدم داخلةً فيما يعرف بظاهرة المياه الراكدة التي كان الفضل في تفسيرها ودراستها للدكتور السويدي فان إيكمان في أوائل القرن العشرين كما جاء في الموسوعة البريطانية. وقد قال عز وجل: {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} وقد تم تفسيرها بأن الموج يغشى البحر اللجي وهذا يؤكد حيث بأن البحر اللجي العميق يختلف عن البحر السطحي وأن الأمواج الداخلية لا تتكون إلا في المنطقة التي تفصل بين البحر السطحي والبحر العميق. ولتلك الأمواج الداخلية أنواع مختلفة ومن أهمها ما ينشأ في المضايق والقنوات، فمثلاً عند مضيق جبل طارق يتسبب التدفق الداخلي للتيار السطحي القوي والتدفق الخارجي للتيار السفلي، في دخول الأمواج الداخلية من المحيط الأطلسي إلى المضيق، كأنها أمواج متكسرة، مثل الأمواج المزبدة على الشاطىء، مما يتسبب في قدر كبير من الاضطرابات الداخلية.
وتعددت فوائد هذه التيارات في موازنة ومعادلة كل من درجات الحرارة والملوحة في مياه المحيط والبحار، حيث أن هذه التيارات البحرية تعتبر وسيلة نقل المواد الغذائية (البلانكتون) إلى أماكن أخرى، إن حركة التيارات تساعد على تبخير المياه التي ترطب الهواء وتكون السحب، كذلك تساعد التيارات متمثلة في المد والجزر على تشكيل السواحل ونقل الرواسب إلى القاع.
وهذه القوه الطبيعية تولد التيارات الدائمة في وسط المحيطات على شكل دوائر كبيرة جدا تقدر بعرض المحيط، و تدور هذه التيارات باتجاه عقارب الساعة في شمال منتصف الكرة الأرضية وتدور عكس اتجاه عقارب الساعة في الجنوب من منتصف الكرة الأرضية.
فوائد التيارات البحرية
وتستفيد السفن من التيارات السطحية وتسير مع اتجاهه لتصل في وقت أقصر وبوقود أقل هذه التيارات البحرية أو أنهار البحار تمد كل الكائنات البحرية باحتياجاتها إذ تمدها بالأكسجين الضروري لحياتها تحملها إلى الاسفل، حيث قاع المحيط وهي ايضا توزع الاملاح والمعادن في الماء.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 105