تغير المناخ والآثار المحتملة على المحاصيل والماشية وأنواع المزارع في أفريقيا
فجر العنزي
يجب على واضعي السياسات قبل أن يمكنهم الاستجابة بشكل ملائم لتغير المناخ، أن يكون بمقدورهم إجراء تقدير يعول عليه للآثار المتباينة لارتفاع درجة حرارة الأرض في أماكن مختلفة. وقد استطاعت بحوث جديدة يساندها البنك الدولي أن تحدد بشكل كمي للمرة الأولى كيف يؤثر تغير المناخ على صافي الدخول الزراعية من المحاصيل والماشية في 16 منطقة زراعية إيكولوجية في أنحاء أفريقيا. يشير الباحثون سيو، ومندلسون، ودينار، وحسن، وكوروكولايوريا إلى أن دخول المزارع في افريقيا في المستقبل ستكون شديدة التأثر بالمناخ، وسوف تتضرر بشدة في حالة سيناريوهات التغير الشديد للمناخ. وسيكون بمقدور المزارعين أن يتحملوا -أو حتى يستغلوا- التغير المعتدل أو المتوسط للمناخ من خلال إجراءات تكيف مختلفة، بما فيها التحول بين أنواع المحاصيل والماشية، أو بين المحاصيل والماشية. وفي ظروف مناخية معينة، قد تتيح أنواع الماشية مرونة أكبر لبعض المزارعين وقد تساعد في التعويض عن بعض الخسائر في الدخول المتأتية من المحاصيل. وفي هذا الإطار، قال أرييل دينار، وهو كبير الخبراء الاقتصاديين في مجموعة بحوث التنمية التابعة للبنك الدولي، «السؤال المهم هو هل يتاح للمزارعين استخدام أفضل سبل التكيف مع تغير المناخ في بيئتهم المحلية. ويجب على واضعي السياسات عند مساعدة المزارعين على التكيف، معالجة أكثر المناطق تأثرا داخل البلد أولا، آخذين في الحسبان السكان، وتقلب مستويات الدخل، وحجم الأثر.» وقد قام دينار وزملاؤه من الباحثين بدراسة عينة من أكثر من 9000 مزارع في 11 بلداً في أفريقيا وفحصوا الخيارات الحالية المتاحة لهم للتكيف مع تغير المناخ واستخدموا تصنيف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) للمناطق الزراعية الإيكولوجية لتحديد النتائج التي توصلوا إليها.
توزيع المحاصيل في افريقيا في المستقبل
سيختلف توزيع المحاصيل في افريقيا في المستقبل حسب نوع التغير المتصور حدوثه للمناخ كالتالي:
* في حالة حدوث تغير إلى مناخ شديد الحرارة، فإن المزارعين سيزرعون مزيدا من الفاكهة والخضروات في الأجزاء التي كانت في العادة رطبة في أفريقيان لكن سيقل ما يزرعونه من هذه النباتات في المناطق المنخفضة شبه القاحلة.
* وفي حالة حدوث تغير إلى مناخ معتدل ورطب، فإن المزارعين سيزرعون مزيدا من حبوب الدخن، ما عدا في مناطق السافانا المنخفضة الجافة والمناطق المنخفضة شبه القاحلة.
* وفي كل التصورات المحتملة، سيقل كثيرا اختيار الذرة في كل المناطق.
* سينخفض زراعة القمح في أنحاء أفريقيا مع احترار المناخ.
وبالنظر إلى أن نماذج المحاكاة هذه تقوم على أساس أنواع القرارات التي يتخذها المزارعون بالفعل، فإن هذه المعلومات قد تكون مفيدة جدا لواضعي السياسات. ويمكن أن تساعدهم على التخطيط لمرافق البنية الأساسية، والمؤسسات والأموال التي قد تكون ضرورية في المستقبل.
كيف يؤثر تغير المناخ على القرارات المتصلة بالماشية
يحدد المزارعون قراراتهم المتصلة بالماشية على أساس المناخ. ومع ارتفاع درجات الحرارة، فإن المزارعين سيربون المزيد من الماشية ويتحولون بين أنواع الماشية المختلفة. وعلى أي حال، فإنه إذا زاد سقوط الأمطار، فإنهم سيمتلكون عددا أقل من الماشية.
وتبين نتائج الأبحاث أنه:
* مع ارتفاع درجات الحرارة فإن المزارعين الأفارقة يميلون إلى التحول من تربية الدواجن وماشية التسمين وماشية الألبان إلى الماعز والخراف.
* ومع زيادة سقوط الأمطار، فإنهم يميلون إلى التحول من تربية ماشية التسمين وماشية الألبان والخراف إلى الماعز والدواجن.
* ومع تغير المناخ، ستزيد ملكية الماشية في أنحاء أفريقيا، إلا في المناطق الصحراوية.
* وفي حالة حدوث تغير إلى مناخ جاف شديد الحرارة، فان أكبر زيادة في تربية الماشية ستحدث في المناطق الشديدة الارتفاع.
ويختلف اختيار الأنواع باختلاف المناطق الزراعية الإيكولوجية. فعلى سبيل المثال، فإنه في حالة حدوث تغير إلى مناخ معتدل رطب، فسوف تتناقص ملكية الخراف في الصحاري بالمناطق الشديدة الارتفاع، وفي المناطق المنخفضة الرطبة، لكنها ستزيد في غرب أفريقيا والمناطق المتوسطة الارتفاع في منطقة الجنوب الأفريقي. وقال روبرت مندلسون من كلية دراسات الحراجة والبيئة في جامعة ييل «بالإضافة إلى أخذ هذه الاختيارات المختلفة للتكيف حسب المنطقة في الحسبان، سيتعين على واضعي السياسات أيضا دراسة التغيرات في الأسعار العالمية للماشية والتغيرات المحلية في السكان، والدخل ومستوى التنمية».
هل سيتغير توزع أنواع المزارع؟
يتميز اختيار المزارعين لأنواع المزارع بأنه شديد التأثر بالمناخ، ولذلك فإن القرارات المتصلة بنوع المزرعة تتغير على الأرجح مع تغير المناخ. وفي الواقع، فإن تغير المناخ في المستقبل سيغير من توزيع أنواع المزارع في أنحاء أفريقيا. فعلي سبيل المثال، فإن نماذج المحاكاة تبين أن ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الشديدة أو المتوسطة الارتفاع سيزيد من اختيار المزارع التي تروى بالمطر وتصلح لزراعة المحاصيل وتربية الماشية على السواء. ويساعد إدراك احتمال اختيار نوع معين من المزارع في كل منطقة زراعية ايكولوجية في أنحاء أفريقيا واضعي السياسات على تضمين خطط سياساتهم حوافز للمزارعين للانتقال إلى أنواع معينة من المزارع مع تغير المناخ من أجل تعظيم أرباحهم.
الاتجاهات المستقبلية للأبحاث
لقد أجريت البحوث على المناطق الزراعية الإيكولوجية حتى الآن على أساس افتراض أن هذه المناطق مستقرة. وعلى أي حال، فإنه نظرا لأن المناطق الزراعية الإيكولوجية بحسب تعريفها دالة المناخ، فإنها قد تتغير مع تغير المناخ. وسوف تحاول البحوث المستقبلية تقدير آثار تغير المناخ بقياس الأثر الذي يتركه على احتمال أن مكانا معينا سيبقى في المنطقة نفسها. وإذا تسبب ارتفاع درجة الحرارة في تغير المناطق من الاستخدامات العالية الإنتاجية إلى الاستخدامات المنخفضة الإنتاجية (أو العكس)، فانه قد يؤدي إلى أضرار. والتحولات في المناطق مع تغيرات المناخ تؤثر أساسا على الفقراء، لأنها قد تضعف أو تحسن جودة الأرض واستخدامها، وتؤدي إلى الهجرة. ومعرفة المزيد عن هذه الجوانب المحتملة لتغير المناخ ضروري للسياسات في المناطق الريفية بأفريقيا.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 105