بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

احتجاز الكربون

احتجاز الكربون

احتجاز الكربون ... ثورة لمساعدة العالم

عنود القبندي

من الأهداف العالمية هو خفض انبعاث غازات الدفيئة وذلك لتجنب التغير المناخي، ومن تبعات ذلك أصبح من الضروري التوجه لاحتجاز الكربون وتخزينه لما للأمر من بالغ الأهمية لمساعدة العالم وللعمل على التخفيضات في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري على المدى الطويل، حيث خصصت مبالغ طائلة لتطوير تكنولوجيات الطاقة النظيفة.

لقد صدر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) مطبوع يدعو إلى إطلاق ثورة خضراء «حقيقية» يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ وتيرة الاحترار العالمي عبر دفن المزيد من الكربون، وإفادة البيئة والإنتاج الغذائي بشكل واسع. حيث يمكن أن تساهم الأساليب الزراعية المحسنة في دفن نحو %10 من الكربون الجوي المتولد عن الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة البشرية على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مع نهوضها في الوقت ذاته بأوضاع التربة، والمحاصيل، والبيئة، وخفضها لوتيرة التعرية والتصحر، وتعزيزها للتنوع البيولوجي. ومفتاح كل ذلك يتمثل في زيادة كمية المواد النباتية في التربة والذي سيسفر عنه امتصاص أكبر قدر ممكن من ثاني أكسيد الكربون من الجو وتحويله إلى مواد نباتية تتألف أساساً من الكربون، وهي عملية يطلق عليها اسم «احتجاز الكربون». الأمر الذي أيضا سيؤدي إلى تحسين نوعية التربة والحد من تعريتها بالإضافة إلى جعل الزراعة أكثر إنتاجية واستدامة. يعتبر ثاني أكسيد الكربون أهم غاز من غازات «الدفيئة». ويمكن استخدام احتجاز الكربون للتعويض جزئياً عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في كل بلد، مما يساعد هذه البلدان على الوفاء بالتزاماتها بموجب بروتوكول كيوتو الذي يعتبر آلية تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التحول المناخي.

ومن بين الطرق التي من شأنها تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون المتصاعد في الجو، زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة التي لا تنتج ثاني أكسيد الكربون. وتشمل تلك المصادر الطاقة الكهرومائية، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة النووية، وطاقة الحرارة الأرضية، وطاقة المد والجزر. ولكل من تلك الأنواع محدودياتها، كما سيكون من الصعب القيام بنقلة سريعة من استخدام الوقود الأحفوري إلى استخدام تلك المصادر الأخرى. ولكن ماذا لو لم يصل ثاني أكسيد الكربون المتصاعد نتيجة حرق الوقود الأحفوري إلى الجو؟ فبدلاً من السماح لثاني أكسيد الكربون بالانطلاق من المداخن إلى الهواء، أيمكننا احتجازه ووضعه في مكامن ما.

إصلاح الضرر

يطلق القطاع الزراعي ثاني أكسيد الكربون خلال عمليات الحرث التي تؤدي إلى كشف المواد العضوية في التربة، وهي عمليات لا داعي لها في غالب الأحيان. وتتعفن المواد العضوية المكشوفة هذه، المؤلفة أساساً من الكربون، لتتحول مرة أخرى إلى ثاني أكسيد الكربون. وفي إحدى التجارب في «روثماستد هايفيلد» في المملكة المتحدة، وكجزء من أقدم تجربة زراعية قائمة في العالم حيث بدأت عام 1843، فقد أدى تحويل الأراضي العشبية إلى أراض مزروعة إلى خفض المحتوى الكربوني للتربة بنسبة %55 على مدى 20 عاماً نتيجة حرثها. وعاد هذا الكربون إلى الجو من جديد كثاني أكسيد الكربون. وباستطاعة التعرية الريحية أو المائية احداث نتائج ممثلة غير أن بالمستطاع تصحيح هذا المسار.

إن الغابات تختزن كميات من الكربون تفوق ما تختزنه الأراضي الزراعية، ولكن هذه الأراضي تمتلك القدرة على زيادة مخزونها من الكربون، أما الغابات الناضجة فيمكن لها القيام بذلك بمعدلات أقل. كما أن زيادة المواد العضوية في تربة الأراضي الزراعية يحسن أيضاً من قوام هذه التربة، ويتيح للماء التغلغل حتى جذور النباتات عوضاً عن الانسياب على السطح وجرف التربة العلوية الثمينة معه. ويمكن لتدابير الحد من الحرث أو الاستغناء عنه كلياً أن تحمي المواد العضوية في التربة، وهو ما يفعله أيضاً ترك مخلفات المحاصيل في مكانها بعد الحصاد. وهناك تقنية تجمع بين كل هذه الأساليب ويطلق عليها اسم «الزراعة الصونية».

دفن الكربون

إن الطريقة المثالية لدفن الكربون ترتبط بالإنتاج الزراعي أي بمعنى آخر الجمع بين غرس الأشجار وزراعة المحاصيل معاً أو بالتتابع.

ويمكن للحراجة الزراعية أن تحل محل زراعة القطع والحرق التي تتسبب في جانب كبير من عمليات إزالة الغابات في العالم النامي، كما أن الأشجار تستطيع أن توفر الدخل. وقد تصلح الحراجة الزراعية لما يصل إلى 300 مليون هكتار من الأراضي الزراعية المتدهورة في المناطق الاستوائية. غير أن الأشجار والمحاصيل قد تتنافس على الرطوبة والعناصر المغذية، ومن ثم فإن الحراجة الزراعية تحتاج إلى إدارة جيدة لكي تكون مجزية.

ويمكن للأراضي العشبية أن تكون مفيدة على النحو ذاته عمليا. فبمقدور الأراضي العشبية التي تبلغ مساحتها حسب التقديرات 3.2 مليار هكتار في العالم أن تختزن من الكربون في التربة مقادير تكافئ ما تختزنه الغابات في كل هكتار. غير أن نحو %70 من هذه الأراضي يعاني من التدهور، وهو ما يعود في غالب الأحيان إلى الرعي الجائر. والحل لهذه المشكلة هو وقف هذا النوع من الرعي، وربما باتباع ذلك بتحسين الأراضي العشبية المتدهورة بزراعتها بالبقول أو بالأنواع العشبية ذات النظم الجذرية العميقة. وتستطيع هذه الأنشطة أن تزيد من احتجاز الكربون، وأن توفر المزيد من عمليات الرعي المستدام، ومن ثم المزيد من الدخول. وعلى أن الأراضي المزروعة تظل عنصراً بالغ الأهمية. وبالمستطاع تشجيع عمليات زيادة المواد العضوية في التربة من خلال الأساليب المحصولية والزراعية المحسنة، بما في ذلك التقليل من الحرث، وترك مخلفات المحاصيل في الحقول، وتوفير الفُرش الواقية للجذور، واستعمال الروث بل وحتى حمأة المجارير كأسمدة. وقبل إدراج أي من هذه الإجراءات في حسابات الكربون، فإنه لا بد من أن يحصل الباحثون على أدوات أفضل للقياس. وعلى هؤلاء الباحثين أن يقوموا بتقدير أفضل المواعيد، والسبل، والأماكن لاحتجاز الكربون، إلى جانب تقدير مدى نجاح المشروعات الجارية للتحريج والإحياء، ومقدار المواد العضوية التربية المتراكمة في جذور النباتات. كما أنهم يحتاجون إلى بيانات عملية واقتصادية-اجتماعية كثيرة أخرى.

احتجاز الكربون وتخزينه

الغابات تختزن كميات كبيرة من ثاني اكسيد الكربونحيثما توجد المصادر الرئيسية للانبعاثات، يكون المكان الأفضل لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون. فمحطات الطاقة التي تولد الكهرباء تنتج ما يقرب من ثلث انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. علاوة على ذلك، يعتبر ثاني أكسيد الكربون منتجًا ثانويًا لصناعة الحديد والصلب، وصناعة الأسمنت. وتتم إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغاز الطبيعي قبل استخدامه كوقود. فهذه العمليات الصناعية تعتبر مرشحات جيدة لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه نظرًا لكونها مصادر كبيرة الحجم في موضع ثابت. على العكس من ذلك، سيكون من الصعب احتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات. يعتبر كل من الغاز الطبيعي والفحم النوعين الرئيسيين من الوقود الأحفوري الذي تستخدمه محطات الطاقة. ويحترق ذلك الوقود في وجود الهواء. وتستخدم الحرارة الناتجة في إنتاج بخار لإدارة التوربينات، والتي بدورها تدير المولدات الكهربائية أو يمكن حرق الغاز لإدارة التوربينات مباشرة وفي كلٍ من الحالتين، يتحد الأكسجين الموجود في الهواء مع الكربون الموجود في الوقود لإنتاج ثاني أكسيد الكربون. وينطلق ثاني أكسيد الكربون في الهواء. وعند حرق الغاز الطبيعي يتحد الهيدروجين الموجود في في الميثان (CH4 ) أيضًا مع الأكسجين لتكوين الماء، ولكن الهواء المستخدم في حرق الوقود يحتوى في معظمه على النيتروجين. ولا يشترك هذا النيتروجين في عملية الاحتراق. بل يمر وينطلق من المدخنة وعادة ما تتكون انبعاثات محطة الطاقة، التي تسمىغازات المداخن، من %10 إلى %15 ثاني أكسيد كربون فقط في محطات حرق الفحم الحجري، وما يقرب من %5 في حالة استخدام الغاز الطبيعي كوقود. ومن حيث المبدأ يمكننا تخزين جميع غازات المداخن، ولكن ذلك سيؤدي إلى امتلاء السعة التخزينية في معظمها بالنيتروجين الذي لا يحتاج إلى أن يعزل.

التكوينات الجيولوجية

يعد التخزين في التكوينات الجيولوجية من أكثر الحلول الواعدة لعزل ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع ولأجل طويل. ويجري حاليًا العمل في بعض المشروعات. ومن أجل تقليل غازات الاحتباس الحراري وزيادة درجة الحرارة على كوكب الأرض، يجب الاحتفاظ بثاني أكسيد الكربون المخزن بعيدًا عن الجو لمئات أو آلاف السنين. وهاهي مستودعات النفط والغاز، والخزانات الجوفية للمياه المالحة العميقة، وطبقات الفحم الرقيقة، بقيت لملايين السنين، ولم يحدث بها سوى تغير تدريجي قليل جدًا. وتتوفر براهين قوية على أن تلك التكوينات، إن أُحسنت إدارتها، من الممكن أن تشكل مخزنًا طويل الأجل لثاني أكسيد الكربون.

يوجد العديد من «المصائد» الجيولوجية محكمة السد تحت سطح الأرض، والتي لم تحتو مطلقًا على أي نفط أو غاز. ومسامها مملوءة بالمياه ويطلق عليها الخزانات الجوفية، وتعد الخزانات الجوفية الموجودة على أعماق تحت سطح الأرض الأكثر ملائمة لتخزين ثاني أكسيد الكربون. وهي تمتلئ بالمياه المالحة، وبالتالي تُعد غير مناسبة لإمداد أو تخزين المياه العذبة الصالحة للاستخدام البشري. ومن الممكن أن يذوب ثاني أكسيد الكربون جزئيًا في المياه الموجودة بالخزانات الجوفية. وفي بعض أنواع الصخور، ربما يتفاعل مع المعادن مكونًا رواسب مستقرة من الكربونات. ويؤدي ذلك إلى حبس ثاني أكسيد الكربون بصفة دائمة ويجب إجراء دراسات جيولوجية، كتلك التي تُجرى روتينيًا لمستودعات النفط والغاز، للتأكد من عدم تسريب الخزانات الجوفية لثاني أكسيد الكربون. ومن الجدير بالذكر أن أول برنامج لحقن ثاني أكسيد الكربون في العالم يجرى لأغراض تغير المناخ تم بعيدًا عن سواحل النرويج في خزانات ملحية عميقة في بحر الشمال تعرف باسم حقل سليبنر.

ومن بين وسائط التخزين الممكنة أيضًا ترسبات الفحم الحجري الموجودة على أعماق بعيدة بحيث يصعب تعدينها واستخراجها ويتكون الفحم الحجري بصورة رئيسية من الكربون سيمتص ثاني أكسيد الكربون ويقوم بحبسه بصفة دائمة. وعادة ما تحتوي ترسبات الفحم الحجري على الميثان وعندما يتم ضخ ثاني أكسيد الكربون في الفحم الحجري فسيتم امتصاصه على حساب الميثان الذي سيتم إطلاقه. وكما هو الحال مع عمليات الاستخلاص المعزز للنفط، ستؤدي تلك العملية إلى إنتاج وقود نافع وفي الوقت نفسه عزل ثاني أكسيد الكربون. إلا أن هناك مشكلةً تكتنف تلك الطريقة، وتتمثل في أن الفحم الحجري سينتفخ نتيجة امتصاص ثاني أكسيد الكربون. وسيؤدي ذلك إلى تقليص المنافذ التي يمكن أن يتدفق الغاز خلالها. مما ينتج عنه الحد من سعة التخزين.

مشاريع كبرى

جميع الدول المتقدمة صناعياً في العالم تسعى لتجميع الكربون وتخزينه من خلال العديد من المشاريع الكبرى والرائدة على مستوى العالم مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا والنرويج وذلك من خلال فرق حكومية دولية تعنى بالتغير المناخي والتي تؤيد تماما مبدأ تجميع الكربون وتكنولوجيا التخزين، وتؤيدهم بذلك وكالة الطاقة الدولية، في نفس الوقت تعمل الحكومة الكندية عن كثب مع حكومة الولايات المتحدة من خلال الحوار حول الطاقة النظيفة في أمريكا الشمالية، وكواحدة من الركائز العمل الأساسية في الحوار هو البحث في احتجاز الكربون والفرص المشتركة لتخزينه. تعتبر ألبرتا الواقعة غرب كندا بما فيها من نفط وموارد غازية وفيرة والأماكن المناسبة لتخزين غاز ثاني أوكسيد الكربون بقدرات هائلة تحت الأرض وبسلامة وأمان تام للتخزين، وهذا هو نتيجة لتوفر التكوينات الصخرية لصخور المسامية تحت صخور غير مسامية في حوض غرب كندا الرسوبي، فالصخور المسامية تعمل مثل الأسفننجة فتمتص غاز ثاني أوكسيد الكربون السائل، في حين تعمل الصخور غير المسامية على ضمان بقاء المادة في مكانها. وتأتي غالبية انبعاثات ألبرتا الغازية من المنشآت الصناعية الكبيرة مثل محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل على الفحم والنفط ومنشآت الغاز التي هي تعتبر أكثر مناسبة لالتقاط الكربون على نطاق تجاري وتخزينه. لقد استخدم في ألبرتا بنجاح منذ زمن طويل ولعدة عقود سابقة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الاستخلاص المعزز للنفط من التراكيب المستنفذة، وهذا يعني توفر البنية التحتية الموجودة بالفعل في عملية حقن غاز ثاني أوكسيد الكربون. حيث تظهر أفضل التقديرات التي يمكن إنتاجها من النفط غير المستغل بـ1.4 بليون برميل.

مشروع عين صلاح

مشروع عين صلاح بالصحراء الجزائريةيتم تخزين ثاني أكسيد الكربون في باطن الأرض في مشروع عين صلاح بالصحراء الجزائرية. ويحتوي الغاز الطبيعي الخام الذي تقوم بإنتاجه من هذا الموقع شركتا بريتيش بت روليوم، وستاتويل وسوناتارك على كمية من ثاني أكسيد الكربون تزيد كثيرا على احتياجات الاستخدام التجاري، ولهذا يجري التخلص من الفائض باستخدام المواد الكيميائية الماصة )زوجين اثنين من الأبراج التجريدية في وسط المصنع(، يضغط الغاز الناتج ثم يحقن تحت الضغط في تشكيل من الماء المالح الموجود على عمق 2كم تحت سطح الأرض. ويستمر الحقن تحت الأرض بمعدل أقل بست مرات مما يلزم في محطة لتغويز الفحم قدرتها 1000 ميغاواط مجهزة لحجز ثنائي أكسيد الكربون وخزنه.

مخاطر التخزين

لتخزين ثاني أكسيد الكربون مخاطر الأمر الذي يتعين عليه اختيار نوعية المستودع أو مكان التخزين والمتمثلة في التسرب التدريجي والتسرب المفاجئ، فالتسرب التدريجي لثاني أكسيد الكربون يؤدي فقط إلى عودة بعض هذا الغاز المحبوس للحرارة إلى الهواء. وعلى العكس من ذلك، فإن التسرب السريع لكميات كبيرة من هذا الغاز، قد تترتب عليه نتائج أسوأ من عدم خزنه. ويتعين لاستصدار تصريح لعملية الاختزان، إقناع واضعي القواعد التنظيمية بأن التسرب التدريجي لا يمكن أن يحدث إلا بمعدل بطيء جدا وأن احتمال التسرب المفاجئ بعيد للغاية.

في عام 1986 في بحيرة نيوس بالكاميرون حدثت كارثة طبيعية رهيبة والتي تمثلت في تسرب ثاني أكسيد الكربون البركاني النشأة ببطء إلى قاع البحيرة والتي تقع في فوهة البركان، وفي احدى الليالي حدث تقلب مفاجئ لقاع البحيرة تسبب في اطلاق ما بين 100 – 300 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون خلال ساعات قليلة فتدفق الغاز وهو أثقل من الهواء إلى واديين وأدى إلى اختناق 1700 شخص في القرى المجاورة ونفوق الآلاف من رؤوس الماشية.

تكنولوجيا الطاقة

إضافة إلى ذلك، في عام 2008 نشرت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها عن آفاق تكنولوجيا الطاقة المنخفضة الكربون، التي حددت فيها التقنيات المنخفضة الكربون اللازمة لتحقيق الاستقرار في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون على المستوى المستهدف البالغ 450 جزءا في المليون. ولتقنية احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وحدها، وأوصى التقرير إلى أنه في المتوسط، يجب أن تكون سنويا 35 محطة كهربائية تعمل بالفحم و20 محطة تعمل بالغاز الطبيعي مزودة بتقنية احتجاز غاز ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه، بين عامي 2010 و2050. على الرغم من أن مفهوم وأهمية تقنية احتجاز غاز ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه معروفة جيدا، إلا أن أساليب التشجيع وتقديم الحوافز للمشاريع لم يتحقق حتى الآن بصورة وافية، حيث إنه لحد الآن لم يتم تطبيق مشاريع متكاملة من تقنيات احتجاز غاز ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه على نطاق واسع، كما هو الحال مع جميع التكنولوجيات الجديدة، حيث إن هناك حاجة إلى دعم إضافي للبرهنة على التكنولوجيا على نطاق كامل.

الاتحاد الأوروبي والتطبيق

إن تقنية احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه بالتزامن مع استخدام أنواع الوقود الأحفوري أصبحت واحدة من العناصر الرئيسية في سياسة الاتحاد الأوروبي المناخية، حيث إن الاتحاد الأوروبي يعمل بنشاط على تشجيع وتطوير التقنيات ذات الصلة باحتجاز وتخزين الكربون.

في هذا الصدد، اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على أهداف طموحة لبناء 10 إلى 12 مشروعا لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في أوروبا بحلول عام 2015، لكن هذه الأهداف الطموحة لقادة الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ تواجه انتكاسة في الوقت الحاضر، حيث إن كثيرا من المؤسسات العلمية والخبراء في هذا المجال والمراقبين ينظرون إلى أهداف الاتحاد لبناء 10 إلى 12 مشروعا لاحتجاز الكربون وتخزينه في أوروبا بحلول عام 2015 هدف غير واقعي وغير قابل للتطبيق في الموعد المحدد، وذلك لأن الاتحاد الأوروبي قد لا تكون له أي محطة مبنية حديثا تعمل بالفحم مزودة بتقنية احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2015، في إطار هدف الوصول إلى 12 مشروعا على نطاق تجاري لاحتجاز الكربون وتخزينه بحلول ذلك الوقت، حيث إن الحكومات قد أوقفت المساعدات المالية في هذا المجال نتيجة الأزمة الاقتصادية والكساد العالمي. إن احتمال وصول الاتحاد الأوروبي إلى أهدافه بدأ يتلاشى، وإذا ما حقق خمس )محطات( بحلول عام 2015 وعشر بحلول عام 2020 ربما يكون إنجازا كبيرا.

كما أن تزويد محطة جديدة تعمل بالفحم في جنوب إنجلترا بتقنية احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، من المتوقع أن لا يتم إلا بحلول عام 2016، ويتوقف هذا أيضا على الفوز في المنافسة والحصول على التمويل المناسب، أما التشغيل الكامل لوحدة احتجاز الكربون وتخزينه سيستغرق «بعض الوقت» بعد ذلك.

مليار دولار

ليست أوروبا فقط هي المتأخرة في هذا الجانب، حيث ليس هناك حتى الآن في أي مكان في العالم مشروع يتم بناؤه على النطاق التجاري. مشروع احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه يستغرق نحو أربع سنوات من أجل بنائه، بعد الحصول على الموافقات والتمويل اللازمين التي من المرجح أن تستغرق عدة سنوات أيضا. عليه لن يكون أي مشروع في الاتحاد الأوروبي عام 2015 على نطاق تجاري لاحتجاز الكربون وتخزينه، على حد قول أحد مستشاري لجنة الاتحاد الأوروبي، حيث سيتكلف بناء أي مشروع من هذا النوع نحو مليار دولار أكثر من المحطة الكهربائية الاعتيادية العاملة بالفحم، وحتى الآن لم يتم وضع الحوافز اللازمة لذلك.

عليه من المتوقع أن يتم بناء محطات كهربائية مزودة بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه بدرجة أسرع نوعا ما في أماكن أخرى من العالم من أوروبا، على سبيل المثال عدد من المحطات الكهربائية المزودة بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه من المرجح أن تكون جاهزة في الولايات المتحدة بحلول عام 2015، في ولاية إيلينوي وكاليفورنيا. أما في أوروبا فإن أفضل ما هو متوقع هو مشروعان في المملكة المتحدة وفي ألمانيا في عامي 2014 و2015 على التوالي. إذا أراد الاتحاد الأوروبي أن يحقق أهدافه أو حتى يقترب منها، على عديد من الدول أن تحذو ذلك، لكن الاتحاد الأوروبي أكثر تفاؤلا في هذا الجانب، حيث إن الاتحاد على ثقة بأن هذه الأهداف قابلة للتحقق في الموعد المحدد، إذا ما استمر الحفاظ على الزخم الحالي وإذا احترمت الدول الأعضاء والصناعة الأوروبية تخصيص الموارد اللازمة وفقا لتصريحاتها العلنية في هذا الصدد.

ثلاث استراتيجيات

وحتى يتسنى لنا تخزين ثاني أكسيد الكربون بكفاءة يجب أولا فصله عن بقية غازات المداخن والتي تتم عن طريق ثلاث استراتيجيات:

1- فصل ثاني أكسيد الكربون بعد الاحتراق.

2- إزالة الكربون من الوقود قبل الاحتراق بحيث نقوم فقط بحرق الهيدروجين وإنتاج الماء فقط.

3- حرق الوقود الأحفوري في وجود الأكسجين بدلاً من الهواء مما ينتج عنه ثاني أكسيد كربون مركز.

إن تقنية احتجاز وتخزين الكربون هي وسيلة تكنولوجية لتقليل انبعاث الغازات يمكن استخدامها في أي مشروع صناعي كبير ينبعث منه غاز ثاني أكسيد الكربون، بما في ذلك محطات الطاقة التي تستخدم الفحم، وعمليات تصنيع الغاز الطبيعي، وعمليات التنقيب عن البترول والغاز واستخراجهما. وتتضمن العملية التقنية احتجاز ما ينبعث من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعتبر ناتجا ثانويا للعملية الصناعية، ثم، إما تخزينه على أعماق سحيقة تحت سطح الأرض، أو حقنه في حقول البترول والغاز الناضبة.

هناك منظومة تعمل عليها احتجاز الكربون وهي منظومة الجمع والتخزين والتي تتمثل في التالي:

1- يتم فصل غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 من مصادر الانبعاث المختلفة قبل خروجها من المدخنة.

2- يجفف غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 ويضغط ويحول إلى سائل.

3- ينقل غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 السائل عبر خطوط الأنابيب إلى محطات التخزين التي تضخها بدورها لخزنها وهو مسال إلى خزانات تحت الأرض في التكوينات الصخرية وعلى تقع على بعد 1 - 2 كم وذلك كي لا يسهل اختراقها.

4- يختم موقع التخزين ويراقب من قبل خبراء وفنيين لضمان عدم وجود آثار جانبية سيئة على البيئة أو السلامة العامة.

توقعات

إن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ IPCC حدد تقنية احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه باعتبارها التكنولوجيا التي من شأنها أن تسهم إسهاما كبيرا في تخفيف نمو انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض. وقد بيّن هذا الفريق أن لهذه التقنية القدرة على احتجاز وتخزين بين 200 و2000 Giga-tons من غاز ثاني أوكسيد الكربون بحلول عام 2100. هذا يمثل ما يقارب 15 إلى %55 من الجهد العالمي اللازم لتخفيف وتثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض.

إن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه يمكن تطبيقها على المصادر الكبيرة والثابتة لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، مثل محطات توليد الطاقة الكهربائية، ومعامل الصلب والحديد والأسمنت. احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون من غازات العادم من محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم الحجري وتخزينه تحت الأرض يعد حيويا، بسبب ارتفاع نسبة الكربون في الفحم ولكون الفحم أرخص مصدر للطاقة في العالم، ولكن أيضا أكبر مساهم في تغير المناخ.

وحسب تقديرات الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، فإنه بحلول عام 2050 يمكن احتجاز نحو 20 إلى %40 من الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري، بما في ذلك 30 إلى %60 من انبعاثات البلدان المتقدمة صناعيا، التي لديها القدرات المالية والتقنية، وكذلك تتحمل المسئولية التاريخية لانبعاث الغازات الدفيئة، خصوصا غاز ثاني أكسيد الكربون، لذلك ينبغي أن تأخذ هذه البلدان على عاتقها زمام المبادرة في نقل وتطبيق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه على نطاق واسع.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 133