300 زلزال ضربت حقول النفط الكويتية
الزلازل فاتورة بيئية لأنشطة بشرية
عنود محمد القبندي
هزة أرضية خفيفة هزت الكويت شعر بها بوضوح من كان يسكن الطوابق العليا خاصة في المناطق المتاخمة للبحر وأيضا المنازل في المناطق المحيطة على الرغم من أن مركز الزلزال يبعد عن مدينة الكويت 150 كم، فمنهم من شعر فجأة باهتزاز أثاث منازلهم، كما أنها كانت محسوسة بوضوح إلى درجة سماع أصوات حركة في الأسقف، بينما في المناطق الجنوبية لم تكن محسوسة بنفس المقدار.
في دولة الكويت بشكل خاص الطفرة التي حدثت فيها من معدلات التنمية نتيجة لاكتشاف النفط واستخراجه هو والموارد الطبيعية من باطن الأرض وما صاحب هذه العمليات من تطور كبير في البنية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة الأمر الذي كان له مردودات سلبية على البيئة وعلى الأرض مما يجعل حدوث الزلازل أمرا محتملا نتيجة استخراج النفط أو ضخ السوائل في باطن الأرض التي تساهم في تعرض الارض للهزات وحدوث الزلازل على بيئة الإنسان المشيدة.
التراكيب الجيولوجية لدولة الكويت
تقع دولة الكويت في الجزء الشمالي الشرقي لشبه الجزيرة العربية التي تعتبر إحدى الصفائح التكتونية (الصفيحة العربية) والتي تتميز بحدود تكتونية نشطة، فهذا الوضع التكتوني للصفيحة العربية جعلها تتحرك في اتجاه الصفيحتين الإيرانية والتركية (الصفيحة الآسيوأوروبية) مع دوران الصفيحة في اتجاه عقارب الساعة، ونتيجة لحركة الصفيحة العربية يحدث نشاط سيزمي (زلزالي) على حدود الجزيرة العربية وداخلها.
وجاءت التراكيب الجيولوجية لدولة الكويت كنتيجة مباشرة لوضعها التكتوني ضمن الصفيحة العربية، وإن من أهم ما يميز هذه التراكيب الجيولوجية هما القوسان التركيبيان (الكويت والدبدبة) وفالق وادي الباطن وهضبة الأحمدي وتحدب بحرة، مرتفع جال الزور (المطلاع) اللياح، الشقايا وتلال المهيزل، كراع المرو وكثير من التراكيب الجيولوجية الأخرى التي قد تكون لها علاقة بصدوع قديمة يمكن أن تتحدد الحركة عليها مولدة زلزالا كما أن هذه التراكيب خلفت بيئة مناسبة لتكون وتجمع النفط واختزانه في دولة الكويت، كما ساعد الوضع التكتوني لشبه الجزيرة العربية في جعلها من أهم المناطق النفطية في العالم.
لا يقتصر حدوث الزلازل على الحدود الفاصلة بين الصفائح المتحركة المكونة لسطح الأرض وإنما تنتقل الإجهادات أو الضغوط المسببة لهذه التحركات والزلازل عبر الطبقات الصخرية إلى المناطق الداخلية لهذه الصفائح محدثة الصدوع وانطلاق هذه الطاقات المختزنة في هيئة موجات زلزالية.
منطقة الزلزال
صعب على البعض تحديد منطقة الزلزال هل هي في الأراضي الكويتية أم السعودية لأن موقع محطة الرصد يؤثر في تحديد موقع الهزة.
إن الزلزال الذي شهدته الكويت كان منبعه المناقيش الذي بلغت قوته 4.3 درجة على مقياس ريختر على عمق 7.3 كم بباطن الأرض وعلى احداثي خط طول 28.52 وعرض 47.46 والذي استمر 90 ثانية ومنها 30 ثانية محسوسة، حيث تم رصد هزتين في موقع واحد تابعتين لهذا الزلزال أحدهما بقوة 3 نقاط والثانية بقوة نقطتين التي تم تسجيلهم عن طريق الشبكة الوطنية. فقد استمرت الموجات السيزمية الناتجة عنه 3 ثوان وحتى وصلت المحطة الرديفة وهي محطة الشبكة الوطنية لرصد الزلزال في الكويت من مركز الزلازل.
الموجات السيزمية
التكسر الفجائي للصخور في باطن الأرض يحدث نتيجة التفجيرات أو البراكين أو الأنشطة البشرية أي أن هذه الموجات عبارة عن طاقة تنتشر خلال الأرض مثل حركة الرياح في حقل من القمح أي أن هذه الموجات تنتشر في جميع الاتجاهات.
طاقة الزلازل
الزلزال عبارة عن انطلاق الطاقة المخزونة في الصخور على هيئة طاقة صوتية وطاقة حركية وحرارية.
فالطاقة الصوتية تكون على هيئة موجات زلزالية يمكن أن تصل إلى مراكز الرصد مباشرة أو منعكسة أو منكسرة أو أنها تتداخل قرب سطح الأرض لتكون موجات زلزالية تسمى الموجات السطحية.
أما الطاقة الحركية فهي عبارة عن تحرك إحدى الكتل الصخرية بالنسبة للأخرى في منطقة وقوع الزلازل. وكان أول موقع استشعر بالزلزال من خلال الصوت والحركة كانت منطقة غرب الكويت في منطقة حفر الباطن وخاصة أم قدير والمناقيش وهي منطقة تمتلك حقولا نفطية وتعتبر من المناطق القريبة كذلك من المملكة العربية السعودية.
وذكرت الدكتورة فريال بو ربيع خبيرة الزلازل في جريدة الوطن الكويتية أن منطقة المناقيش من أنشط المناطق زلزاليا في الكويت حيث أنه ضربها زلزال بقوة 4.7 درجات على مقياس ريختر في 2 يونيو 1993 بالإضافة إلى منطقة الروضتين التي سجلت فيها مجموعة من الزلازل متوسطة القوة.
الموجات السطحية
الموجات السيزمية (الزلزالية) تنقسم من حيث طبيعة حركتها إلى مجموعتين رئيسيتين هما الموجات الجسيمية Body wave والموجات السطحية Surface wave.
والموجات الجسيمية داخلية تنتشر خلال جسم الكتل الصخرية المكونة للأرض في جميع الاتجاهات وليست على السطح فقط كما يحدث في الموجات البحرية وهي إما ان تكون موجات طولية أو تضاغطية وموجات ثانوية.
أما الموجات السطحية فتتولد عندما تصل الطاقة الناتجة عن الزلازل إلى السطح (سطح طبقة أو سطح الأرض) وتشبه إلى حد كبير أمواج البحر أو المحيط حيث أنها تحدث فقط على السطح ولا تمتد إلى الأعماق.
وهذا النوع من الموجات هو المتسبب الرئيسي الأول للدمار الذي ينتج عن الزلزال خاصة في المناطق التي تبعد عن بؤرة الزلازل، وتختلف سرعة الموجات السطحية حسب الطول الموجي ولكنها أقل من سرعة الموجات الجسيمية، إذا ما هو الزلزال ؟
ما هي الزلازل ؟
الزلازل عبارة عن اهتزازات مفاجئة تصيب القشرة الأرضية عندما تنفجر الصخور التي كانت تتعرض لعملية تمدد وقد تكون هذه الاهتزازات غير كبيرة بل وتكاد تكون ملحوظة وفي نفس الوقت قد تكون مدمرة.
وأثناء عملية الاهتزاز التي تصيب القشرة الأرضية تتولد 6 أنواع من موجات الصدمات من بينها اثتنان تتعلقان بجسم الأرض وتؤثران في الجزء الداخلي من الأرض، بينما الموجات الأربعة الأخرى تكون موجات سطحية.
مصادر الموجات السيزمية
تنقسم مصادر الموجات السيزمية إلى مصادر طبيعية ومصادر بشرية أي تحدث بفعل الإنسان، لكن تعتبر الزلازل ذات المصادر الطبيعية الأكثر شدةً ودماراً.
1- المصادر الطبيعية : هذه المصادر تشمل الزلازل التكتونية البركانية، انهيار الكهوف الكبيرة، الإنهيارات الصخرية وسقوط التيارات وكذلك حركة الرياح والأعاصير.
2- المصادر البشرية : إن بعض الأنشطة البشرية يتولد عنها موجات سيزمية ويحدث بسببها زلازل صغيرة يمكن أن نشعر بها خاصة إذا كنا بالقرب من مكان حدوثها فهناك العديد من الأنشطة كالتفجيرات النووية التي تجري فوق سطح الأرض فتسبب اهتزازات في سطح الأرض كذلك حركة السيارات والقطارات والمصانع يحدث عنهم الكثير من الاهتزازات، كذلك سحب المياه الجوفية، وأيضا استخراج الخامات من المناجم تتسبب في تغير الاجهادات على صخور القشرة الأرضية التي يتولد عنها موجات سيزمية، كذلك البحيرات الصناعية التي تبنى خلف السدود، وعمليات استخراج النفط العشوائية الأمر الذي يحدث خللا في الضغوط بين الصخور المكونة للقشرة الأرضية بسبب سحب السوائل أو حقنها أثناء استخراج النفط. وعلى الرغم من أن الأنشطة البشرية لا يتسبب في زلازل كبيرة إلا أن لها تأثير بالغ الخطورة على المنشآت والبنية التحتية، فالوضع التكتوني للكويت وتأثير عمليات انتاج النفط يشير إلى أن كلا من الزلازل الطبيعية والمولدة يمكن أن يحدث في الكويت. وتعتمد شدة تأثير الزلازل على عدد من العوامل أهمها مقدار درجة الزلازل، ومدة تأثير الحركات الاهتزازية، والعمق البؤري، والبعد عن المركز السطحي، وجيولوجية المنطقة، وطبيعية تربة الموقع، ونوعية المباني والمنشآت.
أسباب حدوث الزلازل
إن المسبب لحدوث الزلازل هو التحركات التكتونية (البنائية) ولكن بشكل عام فهي طبيعية إما تبعا لحركة أرضية كتعرض الصخور إلى قوى شد أو ضغط أو ازدحام أما إذا كانت صناعية أي أنها تتكون نتيجة تسبب العنصر البشري فيها من خلال الأنشطة التي يقوم فيها مثل حقن السوائل أو ضخها في بعض أماكن التنقيب واستخراج النفط والتفجيرات النووية.
- وجود الكويت ضمن الصفيحة العربية من منطقة التصادم القاري بين الصفيحة العربية والصفيحة الإيرانية (منطقة جبال زاجروس) فهي أقرب المناطق النشطة زلزاليا لدولة الكويت والتي توصف بأنها نشطة زلزاليا جعلها عرضة للتأثر بهذا النشاط وحدوث زلزال داخل أراضيها، إن الوضع التكتوني للكويت أظهرته المقاطع الجيولوجية من دلائل على وجود تحركات وتشوهات سيزموتكتونية يدل على وقوع زلازل عبر التاريخ.
- كما أن المظاهر السطحية لبعض المناطق في الكويت مثل مرتفعات جال الزور وضلع الأحمدي ووادي الباطن قد تكون لها علاقة بحدوث صدوع قديمة يمكن أن تتجدد الحركة عليها مولدة زلزال.
أنشطة بشرية
في الكويت توجد بعض الأنشطة البشرية التي تغير من الاجهادات الواقعة على صخور منطقة تكتونية على المدى الطويل يمكن أن تتسبب في حدوث نشاط زلزالي من متوسط إلى صغير القوة (زلازل مستحثة) خاصة إذا لم تمارس هذه الأنشطة على أسس علمية ودراسات مسبقة ومن أهمها ما يلي:
- قد يكون للحروب وتحركات الآليات العسكرية المكثفة على الأراضي الكويتية خلال السبعة عشر عام الماضية كانت السبب في إتلاف الطبقة الأرضية العليا وعدم تماسكها.
- عمليات استخراج الخامات والمعادن والغاز الطبيعي من المناجم مثل سحب النفط وحقن السوائل المستخدمة في عمليات إنتاج النفط، حيث أن النفط يملأ مسام الصخور وحين يضخ إلى السطح تفرغ المسام وتختل توازن الصخور، فقد يكون الزلزال الذي ضرب منطقة المناقيش الكويتية هي إحدى النواتج العكسية لعمليات استنزاف المكامن النفطية بوسائل وطرق خاطئة من قبل الشركات النفطية وعدم مراعاة الحالة الجيولوجية لهذه المكامن النفطية والكويت استهلكت %60 من مخزونها النفطي وهذا أثر على عدم صعود الماء إلى الطبقات الأرضية بسهولة وملء الفراغات التي يوجد فيها تجاويف هوائية الأمر الذي جعلها تهبط.
- كذلك عمليات حقن المياه في هذه المكامن النفطية يؤدي إلى تأثيرات جيولوجية خطية دون اتخاذ الإجراءات الاحتياطية التي تضمن عدم التأثير على الطبقات الجيولوجية أو خلخلتها فهناك تكنولوجيا تطبق في حقن آبار النفط بالمياه في حقول برقان الكبير والصابرية والوفرة والمناقيش التي أدت إلى رفع انتاج النفط بنحو 10 – %15 أي 50 مليون برميل سنويا التي ساهمت في توفير المال بحوالي 21 مليون دينار كويتي، كذلك يقال أن هناك مشروع كويتي سعودي مشترك ينفذ لحقن ما يقارب تسعة ملايين متر مكعب من النفايات الكيماوية الخطرة في باطن الأرض في منطقة العمليات المشتركة بين الكويت والمملكة العربية السعودية.
فتنفيذ مثل هذا المشروع حقن النفايات الخطرة سيؤدي إلى كوارث بيئية لا حصر لها كالزلازل وانتشار الملوثات الهيدروكربونية البترولية والمركبات العضوية المتطايرة والمعادن النزرة بالإضافة إلى تلويث المياه الجوفية ووصولها إلى مزارع الوفرة وتلويث المزروعات ومياه الآبار.
حقن الآبار
عملية حقن الآبار قد تؤدي إلى انسداد الآبار بالحمأة الأمر الذي يتسبب باحداث عرقلة للطبقات الأرضية ومشكلات جيولوجية خطيرة في باطن الأرض وحدوث خلخلة في النظام الطبقي للصخور الأمر الذي يعزز الفرصة لإعادة تنشيط الصدوع الزلزالية القديمة وتكوين صدوع جديدة تؤدي إلى حدوث زلزال في منطقة الوفرة الجنوبية التي من الممكن أن تمتد إلى منطقة الخفجي السكنية في المملكة العربية السعودية وتسبب الكوارث الزلزالية الخطيرة التي قد تؤدي إلى خسائر في الأرواح والممتلكات والأبنية.
وفي دراسة صدرت عن معهد الكويت للأبحاث العلمية بينت فيها أن بعض الزلازل التي تحدث في الجزء الشمالي من الخليج العربي يمكن أن يكون لها تأثير على المناطق الساحلية من دولة الكويت وتاريخ الزلازل لا يذكر أن زلزال قويا وقع في الكويت إلا أن الوضع التكتوني لدولة الكويت وما أظهرته تحركات وتشوهات (سيزموتكتونية) خلال ملايين السنين من تاريخ المنطقة تدل على وقوع زلازل عبر التاريخ الجيولوجي الحديث لها كما أن بعض المظاهر الطبوغرافية في الكويت مثل جال الزور وضلع الأحمدي ووادي الباطن قد تكون لها علاقة بصدوع قديمة يمكن أن تتجدد الحركة عليها وبالتالي تتسبب في وقوع الزلازل.
- كما أن في إيران يستخرج النفط من جزيرة خرج التي تبعد عن المياه الإقليمية الكويتية بمسافة 180 كم وربما هذه العمليات لها تأثير في المنطقة لا سيما أن العمليات النفطية لا تتم وفق أعمال مدروسة، وفي نفس الوقت الذي ضرب الزلزال الكويت كذلك ضرب إيران زلزال في نفس الوقت قوته 4.2 درجة على مقياس ريختر ضرب مدينة سوسنكرد في محافظة خوزستان جنوب غرب إيران.
المياه الجوفية
- سحب المياه الجوفية بكميات كبيرة تفوق القدرة الطبيعية على تجديدها الأمر الذي أدى إلى التغير في منسوب خزانات المياه الجوفية خاصة في شبه الجزيرة العربية، وفي دولة الكويت نسبة استهلاك المياه في تزايد كما أنها تعد من أعلى المعدلات في العالم حيث وصل استهلاك الفرد إلى 600 لتر يوميا الأمر الذي جعل عملية سحب المياه الجوفية بكمية كبيرة ومع استمرار معدلات الاستهلاك الحالية تتطلب مضاعفة القدرة الانتاجية حيث وصلت القدرة الإنتاجية المركبة لآبار المياه الجوفية إلى حوالي 0.54 مليون متر مكعب في اليوم ، وعلى سبيل المثال وصلت الطاقة الإنتاجية من حقل العبدلي وأم النقا والوفرة إلى 0.29 مليون متر مكعب في اليوم أما المياه العذبة الجوفية التي تنتج من حقل الروضتين تقدر بحوالي مليون غالون يوميا. ففي بعض الحالات تهبط مناسيب المياه الجوفية بمعدل يتراوح بين متر و ثلاثة أمتار سنويا فيصبح مكان هذه المياه المسحوب تحت الأرض كهوف هوائية وفراغات كبيرة التي قد تتسبب في خلخلة الطبقات الجيولوجية وأيضا أعمال المحاجر لها نفس التأثير.
- بناء الجسور الضخمة أو ردم المسطحات المائية الضخمة، فمع زيادة السكان والموارد الاقتصادية التي أدت إلى أن تقوم الكويت بالالتحاق بالنهضة العمرانية التي تمثلت في بناء العديد من الجسور والمباني الضخمة التي قد تقوم بالضغط على القشرة الأرضية كذلك عملية ردم المسطحات المائية التي تمثلت في ردم العديد والعديد منها لإقامة الكثير من المشاريع التنموية والترفيهية التي بدورها لها تأثير في تنشيط الزلازل المستحثة التي عادة ما تكون من النوع الصغير إلى متوسط القوة.
- إنشاء البحيرات الصناعية خلف السدود ولكن في دولة الكويت لا توجد سدود بينما في الدول الاخرى تكون هذه السدود احدى مصادر الزلازل.
زلازل مستحثة
وأن ممارسة الأنشطة كعمليات سحب النفط وحقن السوائل المستخدمة في عمليات إنتاج النفط، وسحب المياه الجوفية، وإعمال المحاجر، وبناء الجسور الضخمة، بالإضافة إلى ردم مسطحات مائية أو إنشائها من دون التقيد بالأسس العلمية مع تجاهل إجراء الدراسات المسبقة هو السبب الرئيس لتشهد المنطقة الخليجية وبالأخص السعودية تكرر حدوث الهزات الأرضية «زلازل مستحثة» والتي تسجل باستمرار من خلال المراصد المحلية من دون أن يشعر بها الأفراد.
وحول مخاطر «الزلازل المستحثة» والناجمة عن استنزاف المكامن النفطية في المنطقة أفاد أنها تتسبب بانهيارات أرضية، وأخطار بيئية، إلى جانب الحد وتقليص كميات المياه الجوفية المتوفرة في المنطقة، وان كانت المواقع في مناطق حيوية ففاتورة المخاطر ترتفع بحسبه لتؤثر الهزات في أساسات المشاريع العمرانية والصناعية في المنطقة ذاتها والى تميع التربة ولتشققات وتصدعات أرضية. الجهات الرسمية بضرورة إلزام الشركات البترولية في التقيد بالنظام والأسس العلمية في عمليات الضخ وتعويض المنطقة بالمياه، وضرورة إلزام الشركات بالتنسيق قبيل أي عمليات مع الدفاع المدني وهيئة المساحة الجيولوجية، إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار كود البناء السعودي ومراعاة الاشتراطات الهندسية.
تاريخ الزلازل في دولة الكويت
يتراوح سمك الغطاء الرسوبي في دولة الكويت من 8 إلى 9 كم وعليه فإن الصخور القاعدية في الكويت غير معروفة على وجه التحديد. هناك بعض الدراسات التي أظهرت أن هناك علاقة بين حدوث نسبة كبيرة من بؤرة الزلازل والأجزاء العليا من صخور حقبة ما قبل الكمبري (صخور القاعدة) ومنذ العصر الترياسي تحتل الكويت موقعا متوسطا بين التقعر الاقليمي للخليج العربي من ناحية الشمال الشرقي وبين الكتلة العربية من ناحية الجنوب الغربي حيث توجد تتبعات رسوبية تحت سطحية سميكة وعليه فإن طبيعة صخور القاعدة في الكويت غير معروفة على وجه التحديد.
تم رصد 300 زلزال في الكويت تمركزت في مناطق الحقول وخاصة منطقة المناقيش وكذلك في الشمال في حقول الروضتين وبحرة وكانت قوتها (1- 4.3) درجة بمقياس ريختر وتم رصدها منذ عام 1997 إلى عام 2006 ومعظم هذه الزلازل حدثت على عمق يتراوح بين 5 إلى 10 كم.
ومن أهم الزلزال التي ضربت أرض الكويت زلزال شرق بوبيان والذي حدث في الخامس من يوليو 1931 وبلغت قوته 4.8 درجة بمقياس ريختر، وكذلك زلزال المناقيش بالقرب من الحدود الكويتية السعودية والذي وقع في الثاني من يونيو 1993 حيث بلغت قوته 4.8 درجة بمقياس ريختر.
مخاطر الزلازل على البيئة
للزلازل عدة أضرار لها عدة تأثيرات أحيانا تكون مباشرة كتأثير الزلازل على المباني أو يكون بطريقة غير مباشرة عن طريق تأثير الأمواج والمدية والعمر الساحلي وحصول الحرائق.
- تغيير خواص التربة تحت السطحية (سيولة التربة) وفي هذه الظاهرة نجد أن التربة المبللة تسلك سلوك السائل نتيجة للزلازل مما يؤدي إلى دمار بالمنطقة المحيطة.
- اهتزاز التربة الذي يؤدي إلى تكسر والتواء أنابيب المياه والغاز بالإضافة إلى تحطم شبكة الصرف الصحي.
- الهزات الأرضية Ground shaking نتيجة للاهتزازات الأرضية يحدث هدم للمباني الموجودة بمنطقة الزلزال كما أنه يمكن اختلاط المياه الجوفية بالطبقات تحت السطحية التي تحمل تلك المباني فيما يعرف Liquefaction فتساعد على تحطمها.
- تصدع سطح الأرض وإزاحته الذي قد يؤثر على الكثير من التراكيب الجيولوجية والمكامن النفطية وآبار المياه الجوفية من حيث تقليص كمية مياهها.
- هبوط سطح الأرض.
- اشتعال الحرائق نتيجة لدمار وصلات وأنابيب الوقود التحت سطحية الأمر الذي يؤدي إلى دمار أكثر من الزلزال نفسه، فعند احتراق الوقود يحدث تلوث كبير للهواء الجوي جراء احتراق هذا الوقود وتطاير مكوناته في الجو الذي قد يسيء إلى الإنسان والحيوان.
- قد يتسبب الزلزال في تسرب مياه العيون والآبار أو ظهور عيون جديدة كذلك بالنسبة للنفط، ولكن شركة نفط الكويت قامت بإغلاق مركز التجميع 17 ويعتبر هذا النظام ضمن عمليات الأمن والسلامة، كذلك شبكات المياه سليمة لم تتعرض ولم تصب بأذى.
- الانهيارات الأرضية وانزلاق صخور المرتفعات على شكل كتل صخرية ضخمة أي أنه من الممكن أن تتغير الملامح الطبيعية والأشكال الجيومورفولوجية لسطح الأرض.
- عند حدوث الزلزال تحدث بعض التغيرات المختلفة في المجالين المغناطيسي والكهربائي للأرض.
- كذلك تحدث عدة تغيرات بيولوجية تشمل معظم الكائنات الحية من الطيور والأسماك والحيوانات حيث يعتريها بعض الاضطراب السلوكي قبل وقوع الزلزال ببضع ساعات وأكثر الحيوانات اضطرابا هي تلك التي تعيش في باطن الأرض كالثعابين والفئران، إذ يلاحظ هروبها من جحورها خائفة وهذا يحدث بسبب ظهور موجات كهرومغناطيسية قبل الزلزال تؤثر عصبيا على هذه الحيوانات.
- الإزاحات الأرضية Ground displacements فلو وجد مبنى ما أو طريق ما فوق منطقة بها خط صدع Flaut Line وأصابت تلك المنطقة موجات زلزالية فإنه يحدث إزاحة على جانبي الصدع مما يسبب هدما للمبنى أو شقا للطريق.
- الفيضان Flooding نتيجة لحدوث زلازل يمكن أن تكسر السدود Dams خلال الأنهار مما ينتج عنه فيضان مدمر للكتلة السكانية وغرق للأراضي الزراعية.
ظواهر تسبق حدوث الزلازل
هناك العديد من الظواهر التي تسبق النشاط الزلزالي وحتى وقتنا الحالي يصعب التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها ولكن من الممكن أن نلاحظ بعضها متمثلة في حدوث هزات أرضية خفيفة (زلازل صغيرة) قبل حدوث الزلزال الكبير بصورة غير معتادة، وحدوث ارتفاع أو انخفاض في مستوى الآبار الجوفية نتيجة للتحركات الصخرية في باطن الأرض قبل حدوث الزلزال الذي يصاحبها حدوث بعض التغيرات في درجة حرارة المياه الجوفية كذلك يحدث تغير في سلوك بعض الحيوانات مثل نباح الكلاب المستمر وحركة الخيول وخروج الثعابين والفئران من جحورها أيضت هروب تجمعات الأسماك من أماكنها وظهور أسراب من الطيور غير معتاد عليها لأن الحيوانات تملك حساسية شديدة تمكنها من التقاط الموجات الزلزالية والـتأثيرات الناتجة عنها والتي تنتشر في صخور القشرة الأرضية قبل حدوث الزلزال بوقت قصير أيضا اختلاف في نسب بعض الغازات في الغلاف الجوي خاصة غاز الرادون وغاز الهيليوم وتزايد نسبة الأبخرة في الجو وشعور الناس بدوار في الرأس وخروج غازات كبريتية من بعض أجزاء التربة. ويحدث كذلك اضطرابات كهربائية في طبقات الجو العليا نتيجة انبعاث موجات كهرومغناطيسية بفعل تحرك الكتل الصخرية الضخمة في باطن الأرض.
الطرق الوقائية من أخطار الزلازل
هناك ضرورة كبيرة من حيث التنسيق بين الأنشطة البشرية الخاصة بالنفط وأعمال المحاجر والتوسع العمراني وعمليات سحب المياه الجوفية من باطن الأرض، وبين البحث العلمي في مجال الزلازل إجراءات لابد من اتباعها وتتمثل في حماية السكان لتقليل حجم الخسائر المادية تتمثل في :
- إجراء دراسات جيولوجية وزلزالية وافية وكاملة عند إنشاء أي مشروع عمراني أو صناعي.
- تطوير تقنية البناء لمقاومة الزلازل وإزالة الأبنية غير الآمنة أو القائمة في أماكن نشطة زلزاليا ووضع معايير وأنظمة للبناء المستقبلي.
- تثقيف الناس حول أسباب الزلزال وخصائصها.
- وضع خطط توفير بدائل الموارد المياه ومصادر الطاقة لمنع تلوث مياه الشرب.
- اعتماد الشحن الاصطناعي كوسيلة لزيادة مخزون المياه الجوفية ولادارة التوازن وسد الخلل بين معدلات انتاج المياه ومعدلات الطلب على المياه.
- وضع تشريعات تنظم عمل المقاولين والمستهلكين خاصة في نطاق التمديدات المائية داخل المنازل، والشبكة الرئيسية للمياه وصيانتها، وحفر آبار المياه الجوفية وتجفيف مواقع البناء من المياه الجوفية.
عمليات التنقيب عن النفط تهدد الخليج بالهزات الأرضية
حذر الدكتور عبد الله العمري رئيس قسم الجيولوجيا والمشرف على مركز الدراسات الزلزالية في جامعة الملك سعود شركات التنقيب النفطية من مغبة استنزاف المكامن النفطية والبترولية بطرق خاطئة متهما إياها في تكرر وقوع الهزات الأرضية في المنطقة الخليجية، داعيا الى ضرورة مراعاة الحالة الجيولوجية للمكامن النفطية.
كما ذكر أن المنطقة التي شهدت الهزة الأرضية الأخيرة على الحدود السعودية الكويتية، والتي أثارت ذعر المواطنين، ليست بالمنطقة النشطة زلزاليا باعتبارها منطقة رسوبية، وأكد ان الهزة لم تكن طبيعية وإنما لأنشطة «بشرية» لخصها في التنقيب عن النفط.
وأوضح أن الزلازل الأرضية الطبيعية لا بد ان تكون في عمق لا يقل عن 50 كيلومترا، بعكس الهزة الأرضية التي شهدتها المنطقة الحدودية السعودية – الكويتية، التي رصدتها المراصد العالمية والمحلية كهيئة المساحة الجيولوجية ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في السعودية ولم يتعد عمقها 10 كيلومترات، مما يشير وبحسب العمري إلى أن أسباب الزلزال الأخير ليس نتيجة لحركة أرضية وإنما لـ «أنشطة بشرية» لخصها باستنزاف مكامن النفط من دون تقنين وتعويض، مسببة، الشركات البترولية جراء ذلك نشاطا زلزاليا أو كما أطلق عليها «زلازل مستحثة».
استخدام GIS من أجل توقع الضرر الزلزالي
لا يعتبر انهيار المنشآت هو السبب الوحيد لكثرة الخسائر البشرية والمادية، فتوقع حدوث الزلزال أمر فائق الأهمية ولكنه بالغ الصعوبة وبالرغم من جميع الأبحاث لايزال موضوع توقع الزلازل أمرا بعيد المنال. إن إدارة الكارثة بشكل جيد ومنظم يساهم في التقليل من الخسائر، هذه الإدارة يجب أن تستند على معلومات عن مواقع الضرر وتوزعه، فالحصول على هذه المعلومات ودراستها أمر صعب في الساعات الأولى بعد حدوث الكارثة ولكن باعتماد نظم المعلومات الجغرافية يمكننا وضع نموذج افتراضي متوقع لضرر الحاصل والقيام بتحديث هذا النموذج وفقا للمعطيات الفعلية الواردة.
ومن الممكن بناء هذا النموذج من خلال تأمين البيانات مسبقا عن المنشآت وميزاتها حيث أنه يمكننا منح كل منشأة وزنا يعتمد على مدى تحقيقها لمواصفات السلامة وكفاءتها على مقاومة الزلازل ومن ثم تحول هذه المواصفات إلى أرقام ترتبط بمواصفات المنشأة مثل وجود الجمل المقاومة، الطابق اللين والضعيف، الأعمدة القصيرة، موقع المنشأة وتربة التأسيس ووضعهم بعين الاعتبار لاحتمالية حدوث فوران التربة وانزلاقها أو حصول طنين وتضخم الطاقة الزلزالية بالإضافة إلى ملاحظة عوامل تتعلق بتأثير المنشآت المجاورة مثل ارتفاع المنشآت المجاورة ووجود فواصل والضرر الذي قد ينشئ عن تضرر البنية التحتية.
جميع هذه العوامل يجب اخذها بعين الاعتبار لنمذجة أي مدينة زلزالياً فجميع هذه العوامل ستحول إلى أرقام تعتمد على التناسب كما أنها يجب أن ترتبط هذه البيانات بنموذج ثلاثي البعد يبين فيه فعاليات الطوارئ ووضع المنشأة.
جميع هذا يعتمد على معطيات الزلزال عند حدوثه وبعد ذلك من الممكن توليد خارطة الضرر التي تتم وفقا إليها ادارة الكارثة مع ملاحظة تحديثها وتعديلها مع تزايد المعلومات عن الأضرار الفعلية.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 94