طين محروق وأحجار جبلية وجص وخشب ..
فن العمارة اليمنية .. عندما تتحدث الحضارة عن الطبيعة
عنود القبندي
تميزت العمارة اليمنية بالأشكال الزخرفية المتعددة والمتنوعة، ويظهر هذا التميز على جميع واجهات المباني حيث يغلب عليها فنون العمارة الإسلامية، وتعتبر واجهات المباني هي المجال المستخدم للتعبير عن تشكيل العمارة اليمينية، ونشاهد العناصر الجمالية المستخدمة في الواجهات من خلال الاستخدام الرأسي والأفقي للخط حيث يتم استخدام الخطوط المستقيمة، والمنحنية في التشكيل المعماري وذلك للغرض الجمالي.
ونجد الزخرفة بالمباني في اليمن تكون مشتركة لتحقيق عامل الانسجام والطابع المشترك للتجمعات العمرانية جميعها، وأيضا وضع اللون الأبيض يظهر التباين في العمارة التراثية بل ويميزها، فالأعمال المعمارية للواجهات عفوية لا تخضع لأي قواعد أكاديمية بل تجسد المفاهيم الجمالية الموروثة بطابعها المعماري الخاص.
أهم خصائص العمارة اليمنية
توافق المدن مع المناخ والبيئة المحيطة حيث يختلف المناخ العام للأراضي اليمنية، وذلك بتنوع الأقاليم والتضاريس مما يساعد على قيام تنوع معماري ذات أسلوب ونمط بناء تقليدي مميز، ونجد في اليمن العديد من التجمعات العمرانية التي أقيمت على منحدرات المواقع الجبلية والتي تظهر متوازية ومصفوفة بجانب بعضها ومتلاصقة فتكون صورة بصرية متوافقة على بيئتها.
ويظهر اندماج واضح للمباني مع البيئة الطبيعية المحيطة وطبوغرافية المكان، وعادة ما نجد ساحات تخدم العديد من الأنشطة التجارية والاحتفالات على الأراضي المستوية في المرتفعات الجبلية والسهول الصحراوية.
ويتشكل المعمار اليمني من مواد تقليدية أهمها:
- الطين : ومنها المحروق الذي يوضع في أفران ويسمى الطوب أو المجفف بالشمس وهو من المواد المهمة وذلك لسهولة الحصول عليها وتشكيلها وعادة يستخدم الطين المحروق في الأدوار العليا.
- الأحجار : وهي من أهم مواد البناء المستخدمة في المرتفعات والمناطق الجبلية، والحجر متوفر كثيرا في اليمن وتعدد مصادره وأنواعه وألوانه التي تصل إلى أكثر من خمسة ألوان، وتتميز أحجار اليمن بالعديد من الصفات من ناحية المقاومة لقوة الضغط وخاصية امتصاص الماء، كما أنها تقاوم العوامل الجوية وتتلائم مع الأجواء الباردة والحارة، بالإضافة إلى سهولة قصها وتشكيلها أثناء عملية البناء.
- الجص : ينتج عن طريق حرق الحجر الجيري في محارق خاصة تنتج عنه مادة ناعمة الملمس بيضاء استخدمت في تلبيس الجدران والأسقف والأرضيات الداخلية والزخارف والقمريات ويُطعم بالزجاج الملون، ويوجد في المباني القديمة على شكل نصف دائري من قطعة واحدة من حجر الألباستر الشفاف الذي ينفذ منه الضوء، ويتم قطع هذا النوع من الأحجار من محاجر خاصة بشكل رقائق رفيعة وبحسب الطلب.
- الخشب : ويستخدم كمادة إنشائية للأسقف والدعامات والأبواب والنوافذ والأواني والمشربيات التي كانت من أشهر مصادرها أشجار الطنب والأثل.
- القضاض : ويستخدم كالأسمنت حيث تغطى به أسقف المباني والقباب بالمساجد ليمنع تسرب المياه، ويستخدم أيضا شحم البقر كدهان للقضاض بعد تنفيذه لجعله أكثر مقاومة لمنع تسرب المياه.
والمقياس الإنساني يعتبر تكوينا مهما في تطور العمارة اليمنية، حيث أظهرت العمارة اليمنية سيادة المقياس الإنساني على التشكيل البصري الوظيفي بوضوح من خلال تناسب مقاسات الإنسان مع جميع العناصر المعمارية من جدران وأبواب وشبابيك وسلالم، فالمقياس الإنساني يتم من واقعية وعضوية وفاعلية من الناحية الاجتماعية والإنسانية، ونلاحظ ذلك من الأنسجة العمرانية أو في تكوينات المباني ومفرداتها.
فالعمارة اليمنية حضارة شكلت مراكزها الحضرية تراثا معماريا فريدا يواكب متطلبات الحياة حتى اليوم، حيث أبدع المعمارينو اليمنيون برسم تحف معمارية فريدة ونادرة سجلت تاريخ وحضارة عريقة تعددت فيها الأساليب الإنشائية والهندسية كبناء سد مأرب القديم.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 123