بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الإنتاج النظيف

الإنتاج النظيف

الإنتاج النظيف .. حجر زاوية في منظومة الاقتصاد البيئي 

دلال جمال 

يقصد بالإنتاج النظيف التطبيق الدائم لستراتجية بيئية متكاملة لعمليات الإنتاج والخدمات لزيادة الفعالية الاقتصادية وتقليل المخاطر سواء على الإنسان أو البيئة. وأيضا تغيير السلوك أثناء تنفيذ المشروعات بأنواعها وتحسين الإنتاجية بما فيها المنتج والعملية الإنتاجية في ظل التوجهات العالمية للأسواق والمنافسة الشديدة والتي شرعت في المطالبة بوضع احتياجات الزبون أولا والمحافظة على البيئة التي يسكنها ويتفاعل معها مما يقلل من الآثار السلبية ويحسن الفعالية ويقلل التكاليف، فيتم التركيز على مبدأ الوقاية «الجيدوكا» أى توقع ومنع حدوث الثلوث، ويشمل الإنتاج النظيف  المحافظة على المواد الخام والطاقة، وإزالة المواد السامة، وتقليل كمية كافة الانبعاثات والنفايات وسميتها.

وتركز الستراتيجية على تقليل التأثيرات الضارة خلال فترة حياة المنتج، التي تبدأ من استخراج المواد الخام اللازمة لإنتاجه وتستمر حتى التخلص النهائي منه. يجري تطبيق الإنتاج النظيف بواسطة التدريب، والمعارف المتطورة، وتحسين التكنولوجيا، وتغيير السلوك والعادات والمواقف البشرية.

ضوابط ومعايير عالمية

وإدراكا من المجتمع الدولي أن تحقيق التنمية المستدامة هي مسؤولية جماعية، وأن كل إجراء يتخذ لحماية البيئة العالمية يجب أن يشمل إجراءات لتحسين ممارسات الإنتاج والإستهلاك على نحو قابل للإستدامة، فقد أصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة الإعلان العالمي للإنتاج النظيف، الذي يدعو إلى تبني ممارسات استهلاكية وإنتاجية تركز على الستراتيجيات الوقائية المتكاملة، مثل: تقييم الآثار البيئية والدورة الحياتية للمنتج، والعمل على التطوير من خلال تشجيع تغيير الأوليات من ستراتيجية معالجة النفايات إلى الوقاية منها، وتطوير الإنتاج ليكون ذا كفاءة بيئية متلائمة مع متطلبات المستهلك.

استراتيجيات تطبيقية متعددة

لقد حدث انخفاض كبير في معدلات التلوث الصادرة عن قطاعات صناعية مختلفة بعد تطبيق استراتيجيات الإنتاج النظيف، وحدث هذا الإنخفاض نتيجة تدوير النفايات أو جزء منها عند تولدها من مصادرها، وتطوير تكنولوجيا التصنيع والمعدات، وتحسين عمليات التشغيل، والتدبير الجيد، وتداول المواد، وصيانة المعدات، ومراقبة النفايات وتتبعها، والتحكم الآلي، وأن تستبدل بالمواد الخام مواد أخرى تنتج نفايات أقل خطورة أو بكميات أقل، واستخدام أكثر كفاءة للمنتجات الثانوية، وعموماً فهناك ستراتيجيات متعددة لتطبيق الإنتاج النظيف، وهي على النحو التالي:

1-  تطوير العملية الإنتاجية بحذف العمليات التي تنتج مواد ضارة بالصحة أو البيئة، وثمة مثال معروف في صناعات منتجات الكلور والصودا الكاوية، إذ يمكن تفادي تصريفات الزئبق نحو البيئة، بأن تستخدم المصانع الجديدة طريقة الخلية الغشائية بدلاً من طريقة الخلية الزئبقية، التي كانت تستعمل في الماضي.

2-  استبدال المواد، إذ توجد في الصناعة مجالات متعددة لأن تستبدل بالمواد السامة مواد أخرى أقل ضرراً، وتشمل عمليات الاستبدال لأسباب صحية استبدال مذيبات ومركبات معينة يمكن أن تسبب السرطان واستخدام مواد أخرى غير مسرطنة بدلاً منها، وكذلك تشمل مواد طلاء ودهانات حاوية على الرصاص واستخدام مواد أخرى آمنة، وعدم استخدام مواد معينة كألياف الأسبستوس (الألياف الزجاجية) وما هو على شاكلتها، واستخدام المنظفات المائية بدلاً من المنظفات المبنية على مذيبات عضوية، واستعمال بدائل للمركبات المستنفدة لطبقة الأوزون.

3-  تطوير المعدات أو استبدالها، إذ يمكن مقاومة تكوين الملوثات بتطوير الأجهزة أو استبدالها، وينتج عن هذا تكنولوجيا جديدة ذات كفاءة عالية في الإنتاج وذات تصريف أقل للملوثات البيئية.

4-  إدارة داخلية جيدة، إذ تعمل الإدارة الجيدة على تشغيل أنظمة الإنتاج بأفضل الوسائل من أجل ممارسات وإجراءات داخلية معينة، مثل: عزل الفضلات، ومنع تسرب المواد، وجدولة الإنتاج، والنظافة الجيدة.

5-  تدوير النفايات، وتهدف هذه العملية إلى خفض الملوثات، وذلك عن طريق إعادة استخدامها في العملية الصناعية الأصلية، أو في صناعة أخرى كمادة خام، أو لمعالجة نفايات أخرى، أو بقصد توفير طاقة منها. إن تطبيق الإنتاج الأنظف يتطلب معرفة تامة بطريقة الإنتاج والتكنولوجيا المستخدمة وتقييم استخداماتها، والملوثات الناتجة عن العمليات الإنتاجية، لتشخيص كل المشاكل التي يمكن حدوثها والقيام بمعالجتها،  ويعتمد نجاح خطط التنمية المستدامة اعتماداً رئيسياً على استخدام الإدارة البيئية السليمة والستراتيجيات الوقائية، مثل: منع التلوث، وخفض النفايات، والإنتاج الأنظف، وتقييم الآثار البيئية للمشاريع التنموية، وهذا يتطلب تعاون جميع قطاعات المجتمع، وهي: الحكومة، والصناعة، ونقابات العمال، والجامعات، والمنظمات غير الحكومية، والأفراد، للتحول إلى الاقتصاد البيئي، وذلك بالحد من الاستهلاك المفرط، وتحقيق فاعلية البيئة، وتعزيز القدرة على الإبداع التكنولوجي النظيف، والاعتماد على التكنولوجيا البديلة، وتحديث الصناعة التقليدية بما يلائم الاهتمام البيئي، وتبني الحسابات البيئية، مثل: كلفة التلوث، والإجراءات الوقائية. وقد أثبتت التجارب أن التكنولوجيا النظيفة ذات جدوى اقتصادية في تجنب الأضرار التي تلحق بالصحة والبيئة، وأنها تدر ربحاً أوفر، وتستخدم الموارد استخداماً أكفأ، كما أنها ذات إنتاج أعلى.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 139