أنشأها مع صديقه بجهود ذاتية
خالد الكليب : واحة الكويت مستعمرات بسلاح شجري في قلب الصحراء
رجب أبو الدهب
مشروع «واحة الكويت».. عمل وطني تطوعي.. أطلقه الشابان خالد أحمد الكليب وعبدالعزيز سيد أحمد الرفاعي.. قبل نحو 5 سنوات.. لزراعة أشجار الصفصاف في أماكن المخيمات.. بدءاً بزراعة 640 نبتة ببر النويصيب.. وبجهود ذاتية. مجلة «بيئتنا» التقت خالد الكليب للوقوف على الفكرة ومراحل تطبيقها وتطورها والتطلعات المأمولة، فمع التفاصيل:
*مشروع واحة الكويت، متى انطلقت أولى مراحله؟
بدأنا بالتفكير في المشروع عام 2006 ودشنا أول تطبيق عملي عام 2009 كنوع من أنواع الاختبارات والدراسة وقراءة بيانات الفكرة، وفي العام 2011 أقمنا أكبر واحة زراعية في الصحراء بجهد تطوعي قوامها 640 شجرة صفصاف، ونأمل في زيادتها خلال شهر أبريل المقبل وبنهاية موسم التخييم الجاري، حيث سنضيف عليها 2000 شجرة أخرى عن طريق مساهمة شركات وطنية في هذا المشروع.
* وما دمنا نتحدث عن مشروع وطني كـ«واحة الكويت» فهل تلقي الضوء على الأهداف والملامح الرئيسية له؟
نبتغي من وراء مشروع واحة الكويت زيادة الرقعة الخضراء من خلال انشاء واحات في الصحراء عن طريق استغلال مواسم التخييم بداية من شهر نوفمبر حتى أبريل من كل عام، كما أننا نحث مرتادي البر على الزراعة في المخيمات وتوفير فترة حضانة مناسبة جدا للشتلة ما يؤهلها للبقاء بعد فترة التخييم عن طريق ريها مرة كل أسبوع، وكذلك ندعوا أصحاب الشاليهات وأصحاب الماشية للزراعة، ونطمح في المستقبل لتوسيع التعاون مع الجهات التي تملك أراض صحراوية، ومنها شركة نفط الكويت كأكبر مالك لأراض صحراوية بالكويت، فضلا عن وزارة الداخلية التي تحرس خطاً حدودياً يتجاوز طوله 680 كيلو متراً من الشمال للجنوب، ونأمل أن توظف طاقاتها ومراكزها المنتشرة على الخط الحدودي لزراعة حزام شجري.
وفيما يتعلق بالجيش فهو يملك معسكرات برية نطمح في التعاون لإقامة أسوار شجرية حول تلك المعسكرات، كذلك لإقامة حزام أخضر، لأننا نؤمن أن حماية البلد لا تتم بالسلاح فقط ولكن لدينا السلاح الشجري وهو الأنفع لهذا الوطن، وسوف تمتد آثاره للعالم أجمع، كما أن انتشار هذه الرسالة يولد وعيا في الكويت والمنطقة، وهذا ما وضح من خلال مشاركة مجموعتين معنا تعرفوا على المشروع عن طريق الإنترنت وهما مجموعة بغزة ونابلس من فلسطين، ومجموعة أخرى من الدوحة، بدأوا بجهود مشابهة مع انتقاء أشجار تتلاءم مع طبيعة بلدانهم لإقامة واحات مشابهة أي مستعمرات شجرية.
* وماذا عن التعاون مع الجهات والهيئات الأخرى في الدولة؟
حملة «واحة الكويت» لن تتوقف على الجهود المبذولة خلال فترة المخيمات الربيعية، ولكن يتم التعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية، ومختصين في التشجير لبحث إمكانية تشجير المناطق الساحلية بأشجار المانغروف التي استخدمت في مشروع لآلئ الكويت بمدينة صباح الأحمد البحرية، وأثبتت نجاحها من خلال إقامة جزر المانغروف، وسنستعين بهذا النموذج لتطبيقه في الصيف حيث يتجه الجميع للمناطق الساحلية والجزر.
* وما هي الأرقام التي تطمحون في الوصول إليها في هذا الخصوص؟
حاليا الفكرة الرئيسية من حملة «واحة الكويت» هي إيجاد وعي أكثر مما هي فكرة قيام بالزراعة، ونؤمن إيمانا تاما بأن تكاتف الجهود بين رعاة الحملة والمواطنين والمقيمين هو العنصر الرئيسي لنجاح هذا الجهد، وعلى سبيل المثال في الكويت يقدر عدد المخيمات الربيعية بأربعين ألف مخيم، ولو قام كل مخيم بزراعة عشر شتلات سيصل عدد الشتلات المزروعة إلى 400 ألف شتلة، وإذا قدرت نسبة النجاح بنحو ٪60 فإن أعداد الأشجار التي ستجد طريقها للمياه ستفوق 240 ألف شجرة سنويا.
وهذا عدد كبير سوف يكون فاعلاً مؤثرا في التقليل من الأعباء والضغوط البيئية التي نرصدها حالياً سواء الناتجة عن عوادم السيارات أو مصافي النفط، أو أي مصدر تلوث آخر إضافة لذلك فهناك الفوائد العامة للتشجير مثل توفير ملاجئ طبيعية للكائنات الحية الصحراوية، سواء حيوانات أو طيور أو حشرات. والمشروع بدأ بتمويل ذاتي ما بيني وبين زميلي عبدالعزيز، وبمجرد ما تم نشره في وسائل التواصل الاجتماعي بدأت الكثير من الاتصالات تأتينا سواء من أفراد وأشخاص كانوا يتسابقون لرعاية جهود هذا المشروع بشكل كامل أو جزئي.
ومن المواقف التي أثرت فينا مجيء أحد الأشخاص لموقع الواحة في الصباح الباكر وقام بمنحنا تبرعا نقديا دون الإفصاح عن نفسه وهويته، ورغم أننا كنا نرفض التبرعات ذاك الوقت إلا أنه أصر على ترك المبلغ، ومغادرة المكان، وهذا دليل على أن المجتمع يود أن يساهم في أعمال تنهض بالبيئة الكويتية.
* وماذا عن مساحة الواحة؟
واحة الكويت تقع على نحو كيلو ومائتين مربع (1200) وينتشر بها 640 شجرة صفصاف بالإضافة إلى 100 مشرب ماء للطيور، فضلا عن أننا نعمل على توفير أوعية تحتوي على الشعير لإطعام الطيور التي تعبر الواحة.
* نود إلقاء الضوء على التقديرات الأولية لتكاليف المشروع؟
الشجرة الواحدة تكلفنا نصف دينار، لكن التكلفة الأكبر تتمثل في رعاية الواحة حيث توفير عملية الري الأسبوعية حيث إننا ننفق 80 ديناراً أسبوعياً لتوفير 5 تناكر مياه، و4 عمال مع وجباتهم الغذائية من فطور وغذاء لنا وللعمال، وذلك يتكرر أسبوعيا.
* وماذا عن طموحكم في الفترة المقبلة؟
نطمح بمنح الجهات الحكومية المسؤولة ترخيصا لإقامة أبراج مياه قرب الواحة بصفة مؤقتة لمدة عام واحد فقط وذلك لتوفير الري بالتنقيط لهذه الشتلات مما يخفف بدوره تكاليف الري من 5 تناكر مياه أسبوعيا إلى تنكرين، كما سيساهم في رفع نسبة نجاح المشروع نظراً لتوفر الري بصفة دائمة على الأشجار وبالتالي ترتفع نسبة النجاح من 60% إلى 90% كما أنه سيعطينا إمكانية التوسع في إقامة واحات خضراء في أماكن أخرى.
* مشروع واحة الكويت مخصص لزراعة أشجار الصفصاف، فلماذا تلك الأشجار دون غيرها؟
وقع اختيارنا على الصفصاف لأنها إحدى الأشجار المعمرة وهي لا تحتاج لري بصفة دورية أو كميات كبيرة من المياه كذلك توفر ظلالا أفقية وتوفر ملجأ آمنا للطيور، وقد درسنا زراعة أشجار الأثل، والسدر، وبالنسبة للأثل فظلالها عمودية، وشجرة السدر على الرغم من أنها مثمرة إلا أنها تحتاج لري بصورة أكبر، وهذا السبب الرئيسي الذي جعلنا نتجه لزراعة أشجار الصفصاف.
* ولكن البعض يتخوف من أشجار الصفصاف؟
ما يستحق الذكر أن شجرة الصفصاف متهمة اتهاما باطلا لأنها تسبب الحساسية إلا أن هذه السمعة كانت نتيجة برنامج تلفزيوني قديم في تلفزيون الكويت دعا لإزالة الشجرة من الشوارع في الكويت لأنها تتسبب بالحساسية، وبعد إزالتها في أواخر الثمانينات واستبدالها بأشجار المطاط، ومن ثم النخيل بعد التحرير والآن استبدل النخيل بالكينا كاربس، إلا أن معدلات الحساسية في مركز الراشد في الكويت لم تشهد أي انخفاض البتة وهي في تزايد، الحساسية تشهد ارتفاعاً ملحوظا في شهري أبريل وأكتوبر من كل عام ويتسبب بها لقاح الأشجار بشكل عام وليس أي نوع معين من الأشجار.
* ولماذا تم اختيار موقع النويصيب لإقامة الواحة؟
تقع الواحة الحالية في منطقة النويصيب مخرج (298) وتم اختيار هذا الموقع لأول واحة لأنها قريبة من الشاليه الخاص بي حيث أتواجد هناك كل نهاية أسبوع وأستطيع توفير الرعاية لها في فترة الحضانة، وكذلك قربها من محطة المياه تسهل علينا الحصول على تناكر تعمل معنا في عملية الري.
* وماذا تحتاج واحة الكويت من ناحية الدعم؟
التفاعل الإعلامي ونشر هذا الوعي، فمشروع واحة الكويت ليس مشروع منظمة أو أشخاص، وهو مشروع نطمح أن يكون مشروع كل مواطن ومقيم، والدعم المرغوب هو أن يتفاعل معنا الجمهور ويتابعونا في وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وإعادة نشر ما نقوم به من إرشاد وتوعية وذلك لتعم الفائدة، كما ندعوا المؤسسات والشركات التي تملك قواعد عملاء كبيرة كالبنوك وشركات الاتصالات والجمعيات التعاونية أن تساهم بطباعة ونشر مطبوعات الحملة وتوزيعها على زبائنها، أو حتى إيصالها لهم عن طريق البريد الالكتروني لنشر الوعي بهذه الحملة، ولاشك سيكون هو العامل الأساسي لإيصال الرسالة وإحداث التغيير الذي نطمح له.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 144