روسيا تختنق
دلال جمال
تشهد روسيا ارتفاع حرارة الجو إلى مستويات غير طبيعية لم يسبق لها أن شهدتها منذ ألف عام على الأقل، وأن هذا حدث فريد من نوعه. وقد ارتفع عدد الوفيات في موسكو بسبب ارتفاع درجات الحرارة والدخان السام الذي تسببت به الحرائق إلى 700 شخص يومياً. وأوضحت هيئة الصحة في موسكو بأنه يموت عادةً في موسكو بين 360 و380 شخصاً يومياً بينما وصل العدد حالياً إلى 700.فقد انخفضت مستويات جودة الهواء في العاصمة موسكو لأدنى مستوى لها منذ ثماني سنوات بعدما لفت العاصمة سحابة دخان كثيفة نتيجة حرائق الغابات، فقد ارتفع تركز مادة أول أكسيد الكربون في موسكو إلى نحو 5.7 أمثال المستويات الآمنة في الليل كما زاد تركيز الجسيمات المعلقة ثلاثة أمثال. ولفت العاصمة الروسية أسوأ سحابة دخان منذ عام 2002 حين تسببت حرائق غابات حول العاصمة في ارتفاع مستويات التلوث.
وأدت حرائق الغابات في روسيا إلى ارتفاع أسعار القمح حوالي 40 % في يوليو في أسواق المال بسبب موجة الحر والجفاف التي تدمر المزروعات في روسيا ثالث دولة مصدرة لهذه السلعة في العالم. إن روسيا لا ترى نهاية قريبة لموجة الحر التي تضربها منذ شهر وتسبب حرائق غابات في غرب البلاد. وقد تفاقم الوضع الى درجة دفعت الرئيس ديمتري مدفيديف الى اعلان حالة الطوارئ في العديد من المناطق.
وقال المحللون في دار الوساطة الينديل ان النقابة الروسية للزراعة خفضت تقديراتها للمحاصيل التي تشمل كل المواد الاولية الزراعية الى ما بين 72 و78 مليون طن. وكانت هذه المحاصيل بلغت 97 مليون طن العام الماضي و108 ملايين طن في 2008. كما حذرت من ان صادرات البلاد ستتراجع لهذا السبب بنسبة 50 %عما كانت عليه العام الماضي. وروسيا التي تؤمن حوالي 8 % من انتاج القمح في العالم، تحتل المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للقمح.
وكان المجلس الدولي للمواد الاولية الزراعية خفض الى حد كبير تقديراته للانتاج الزراعي العالمي في الموسم المقبل ليبلغ 651 مليون طن. وانخفاض عرض القمح الاوروبي يعزز على ما يبدو الطلب على القمح الاميركي، لذلك ارتفعت الاسعار بشكل كبير في الاسواق الاميركية.
والنتيجة في الاسواق الدولية كما يرى محللون على ان الاسعار «ارتفعت معززة بمخاوف من احتمال مراقبة صادرات القمح او الحد منها من قبل الدول المطلة على البحر الاسود وما زالت تعاني من اسوأ موجة جفاف منذ اكثر من قرن». لذلك يمكن ان يتعرض الانتاج الاميركي الذي يبدو غزيرا، لضغوط الطلب المتزايد من اجل التعويض عن نقص الانتاج في روسيا وكذلك اوكرانيا وكازاخستان اللتين تواجهان موجة جفاف ايضا.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 129