الأضرار الناجمة عن اتساع استخدام المواد الكيميائية في القطاع الصناعي
وتطور التقنيات المذيعة للحد من انتشار ملوثات العمليات الصناعية
م. حمد المطر
فالعالم يشهد منذ بداية القرن الحالي قفزات ومتغيرات كبيرة وسريعة في مجال استخدام التكنولوجيا في الصناعة والمنتجات الصناعية وبإدخال الماكينات والأجهزة الإلكترونية والتحكم الآلي في مراحل التصنيع زاد من كميات المواد المنتجة مما استوجب استخدام مواد أولية كيميائية وغير كيميائية تبلغ كمياتها عشرات المرات عن تلك الكميات التي كانت تستخدم من قبل وقد ترتب علي إدخال الآلات والماكينات التكنولوجية الحديثة والمواد الكيميائية إلي تحقيق مكاسب مالية طائلة لأصحاب المصانع والشركات الصناعية مما شجع البحوث المعملية والحقلية إلي البحث والتنقيب عن مواد كيميائية طبيعية وصناعية سائلة أو صلبة أو غازية مبلمرة أو غير مبلمرة لاستخدامها في القطاع الصناعي وقد أوضحت الإحصائيات للمواد الكيميائية المستخدمة في مجال الصناعة أنه هناك أكثر من خمسة ملايين مادة كيميائية تستخدم في الصناعة أن استخدام هذا الكم الهائل والمتنوع من المواد الكيميائية أدي إلي ظهور ملوثات غازية وصلبة وسائلة ومشاكل بيئية لم تكن في الحسبان والآن لم توضع صورة واضحة عن الملوثات الضارة والأخطار الصحية الناجمة عن انتشار واستخدام هذه المواد الكيميائية الخطرة في قطاع الصناعة.
لقد أصبحت القضايا البيئية من المشاكل والأمور المعقدة التي تؤرق وتقلق الإنسان في جميع أنحاء العالم المتحضر والنامي وكذلك في بلدان العالم الثاني بعد التوسع الكبير في استخدامات المواد الكيميائية الخطرة في الصناعة حتى أن تلك البلدان غير الصناعية والتي تعتمد علي الزراعة كمورد رئيسي لها قد أدخلت قطرا في دائرة المشاكل البيئية الناجمة عن المخلفات الصناعية الضارة والتي تتخلص منها الدول الصناعية الكبرى في أراضي تلك الدول الفقيرة ومن منطلق هذا المنظور لخطورة اتساع وانتشار استخدام المواد الكيميائية الخطرة في الصناعة فإننا يمكن أن نعلن أنه لا يمكن التغلب علي مشاكل بيئة العمل والحد من انتشار الملوثات الصناعية الغازية والصلبة والسائلة إ بعد معرفة الصيغة والتركيب الكيميائي الكامل للمواد الكيميائية المستخدمة في القطاعات الصناعية المختلفة ومراحل استخداماتها في التصنيع لوضع التقنيات والسبل الكفيلة والمناسبة للحد من تعرض عمال الصناعة إلي الملوثات الضارة والمسببة لكثيرا من الأمراض المهنية وكذلك عدم انتشار هذه الملوثات الضارة والتي قد تكون سامة غلي الأجواء الخارجية إننا نعلن هنا لنسجل تخوفنا الشديد من ازدياد وانتشار استخدام المواد الكيميائية الخطرة الصلبة والسائلة والغازية الملبمرة وغير المبلمرة في القطاعات الصناعية المختلفة وانبعاث الملوثات البيئية الضارة إلي بيئة العمل والبيئة الخارجية وما ينجم من أضرار صحية واقتصادية من جراء التوسع الكبير في الاستخدامات الصناعية للمواد الكيميائية وما يترتب علي ذلك من ازدياد في تراكيز الملوثات الضارة المسرطنة والسامة في بيئة العمل والبيئة الخارجية خصوصا في الأوقات التي قد يحدث منها تسرب أو أخطاء فنية في مراحل التشغيل والتصنيع.
إننا علي يقين بأن الجهود المتظافرة والتعاون البناء بين المنظمات البيئية والهيئات الحكومية يساهم ويساعد كثيرا في وضع الحلول للمشاكل البيئية كما أنه يجب أن يمتد التعاون والتكائف لوضع الخطط والبرامج المستقبلية لكيفية التعامل لنقل واستخدام المواد الكيميائية الخطرة وغير الخطرة في القطاع الصناعي سنتناول في هذه الورقة العملية ما يلي:
أولا: كيفية دخول بعض ملوثات المواد الكيميائية السامة إلي جسم الإنسان.
ثانيا: المواد الكيميائية الخطرة المستخدمة في كل من نشاط الإسفنج والألياف الزجاجية.
ثالثا: الأخطار الناجمة عن استخدام المذيب العضوي المنتشر في أكثر الأنشطة الصناعية.
رابعا: التقنيات والسبل المتبعة في البيئة الصناعية للتحكم في ملوثات المواد الكيميائية داخل بيئة العمل.
أولاً: كيفية دخول ملوثات المواد الكيميائية الخطرة والسامة إلي جسم الإنسان.
التسمم عبارة عن حدوث تهدم في التركيب البيولوجي وكذلك الوظائف البيولوجية لبعض أعضاء الجسم يحدث التسمم الحاد نتيجة للتعرض للغازات السامة لمدة أربعة وعشرون ساعة أما التسمم المزمن فيحدث نتيجة للتعرض للغازات السائلة لمدة طويلة علي فترات متقطعة هناك لاث طرق رئيسية يحدث بواسطتها دخول الملوثات الغازية إلي جسم الإنسان.
1- طريق الجهاز التنفسي:
يعتبر الجهاز التنفسي من أهم وأخطر الطرق التي يحدث عن طريقها التسمم بالغازات حيث تدخل الملوثات الغازية السامة عن طريق القصبة الهوائية ومنها إلي الرئتين حيث تحملها كرات الدم الحمراء وقت تبادل الغازات عن طريق الحويصلات الهوائية إلي جميع إجراء الجسم.
2- طريق الجلد:
ويتم عن طريق الجلد امتصاص الملوثات الغازية السامة ومن ثم تمر هذه الملوثات السامة إلي الدم حيث تحدث حالات التسمم بالإضافة إلي ه ذه الطرق يمكن أن يحدث التسمم عندما يتعرض العامل أو الشخص المجروح إلي أبخرة الملوثات السامة من الغازات حيث تدخل هذه الملوثات إلي الدم ومن ثم تحدث حالات التسمم وعليه فإنه يتضح أنه عندما تحدث حالات التعرض للملوثات الغازية السامة فإن هذه الملوثات تمتص وتنتقل إلي داخل الجسم بواسطة الدم إلي أعضاء الجسم المختلفة بواسطة طرق معقدة تختلف الملوثات الغازية السامة اختلافا كبيرا في درجة تركيزها السام علي الجسم وكذلك تختلف في درجة تأثيرها علي أعضاء الجسم.
من أهم أعضاء الجسم الأكثر تأثرا بالملوثات السامة والتي تقوم بإخراجها والتخلص منها هي الكليتين والكبد وبعد الكبد والكليتين أهم أعضاء الجسم التي تتراكم فيها هذه الملوثات السامة.
ويعتبر الكبد وكذلك الكليتين ذات كفاءة عالية لتحويل كثيراً من الملوثات السامة إلى أخرى يسهل التخلص منها خارج الجسم فمثلاً الكحول الميثيلى Methyl At- Cohol يتحول إلى الفورمالدهيد Formal dchyde ذات التأثير الكبير ولا ضار على أعصاب العين Opeticneryes وعلى الناحية هناك كثيراً من المركبات الكيميائية السامة والضارة فتتحول عن طريق عملية التمثيل الغذائي إلى مركبات أخرى أقل خطورة مثال ذلك الكحول البيوتانولى Buty Alcohol يتحود بعد عملية التمثيل الغذائى إلى ثانى أكسيد الكربون.
يمكن تعريف الجرعة المميتة – Lathal dose أو المركبات الكيميائية السامة بتلك الكمية المقدرة على حسب وزن الجسم والتى تسبب الوفاة بنسبة 50% من حيوانات التجارب L50 Value أما فى حالة الملوثات الكيميائية الغازية السامة فإن الجرعة المميتة تشير إلى التركيز السام المميت الموجود فى الجو بدلاً من الجرعة المميتة. ويجدر الإشارة هنا أن حساسية الجلد والعين هما إشارة إلى وجود مواد ذات تأثير غير صحى على العاملين فى هذه الصناعة والموجودين فى جو العمل. وإذا كنا بصدد الحديث عن التراكيز الضارة للملوثات الكيميائية فإن أوضح مثلاً على ذلك هى التأثيرات الضارة لكلا من غاز كبريتيد الإيدروجين وغاز أول أكسيد الكربون، الملوث كبريتيد الأيدروجين H28 غاز عديم اللون له رائحة مميزة تشبه رائحة البيض الفاسد وهو أثقل من الهواء (كثافته 1.906 بالنسبة لها أقصى تركيز مسموح به فى جو العمل هو عشرة أجزاء فى كل مليون جزء من الهواء = Warking area T.L.V 10.0ppm بمعنى أن عشرة أجزاء فى كل مليون جزء من الهواء من غاز كبريتيد الإيدروجين يمكن لعمال الصناعات المختلفة والتى يتواجد فيها هذا الملوث الغازى (H28) أن يؤدوا أعمالهم لمدة ثمانى ساعات يومياً دون التأثير بأضرار صحية أما التعرض لتراكيز من الملوث كبريتيد الإيدروجين H28 أعلى من عشرة أجزاء فى كل مليون جزء من الهواء وحتى المائة جزء 100 ppm. H28 إلى 10 ppm ولمدة ثلاثون إلى ستون دقيقة (60 minutes إلى 30) فإن هذه التراكيز تسبب تهيجا فىا لعين والجهاز التنفسى أما التعرض إلى تراكيز من 200 ppm إلى 100ppm من غاز كبريتيد الأيدروجين H28 ولمدة تتراوح ما بين دقيقتين إلى خمسة عشر دقيقة (2-15 minutes) يتسبب فى فقدان حساسية الشم والتعرض لهذا التركيز لمدة ثمانى ساعات إلى ثمانى وأربعون ساعة يسبب الوفاة أما التعرض لتراكيز 500 ppm إلى 200 ppm لمدة ساعة إلى أربع ساعات يسبب الوفاة. والتعرض التراكيز 1500 ppm إلى 500ppm جزء فى المليون للملوثات كبريتيد الأيدروجين H28 لمدة تتراوح بين دقيقتين إلى خمسة عشر دقيقة 5 minuites إلى 2minutes تسبب الوفاة وعليه فإنه يمكننا القول بأن التعرض لتراكيز عشرة أضعاف الحدود المسوح بها 10ppm فى جو العمل أى إلى 100ppm فإن ذلك يشكل خطورة وظروف مناخية لحدوث شللاً فى جميع أعصاب التنفس ومن ثم يسبب الوفاة أم الملوث أول أكسيد الكربون co فتأثيراته الصحية تبدأ عن طريق بواسطة الدم ودخوله إلى الدورة الدموية حيث يتحد مع هيموجلوبين كحرات الدم الحمراء وعليه فإن أكسجين الدم يتناقص عن الحد اللازم للعمليات الفسيولوجية ويتداخل الملوث غاز أول أكسيد الكربون co مع الأكسجين المنقول بواسطة كرات الدوم الحمراء إلى الأنسجة ويتأثر ذلك تأثيراً مباشراً على خلايا المخ والقلب أما فى حالة التواجد فى تراكيز عالية من غاز أول أكسيد الكربون فإن هذا الملوث يكون ما يسمى كبريتات الهيموجلوبين sulthe mo globin وهى المسؤولة عن اللون الأخضر المرزق التى تظهر على جسم المتوفى بعد التعرض لتراكيز عالية من الملوث أول أكسيد الكربون علماً بأن كفاءة اتحاد غاز أول أكسيد الكربون مع هيموجلوبين الدم أكبر ثلاث مائة مرة 300 times من كفاءة اتحاد الأكسجين بالهيموجلوبين الدم وبناء على المعادلة
PCo x 300 / PO2 = CoHb/02Hb
Precnet CoHb = PCo x 300 x 100 / Po2 + (PCo x 300)
Where:
Hb = hemoglobin
PCo – Partial pressure of Carbon monoxide
PO2 = Parial pressure of Oxygen
ومن هذا يتضح الأخطار الناجمة عن التعرض لتراكيز عاليج من كلا الملوث كبريتيد الأيدروجين H2S وأول أكسيد الكربون وإننا لنطلق تحذيرنا وتخوفنا الشديد من إتساع استخدام المواد الكيميائية فى كثير من المنتجات الصناعية والتي يستخدمها الإنسان فى منزله ومقر عمله بل أمتد دخول المواد الكيميائية الصناعية أو أصناف الطعام والشراب مثل ما أظهرته الأبحاث العلمية الحديثة من أخطار صحية من جراء حفظ مياه الشرب فى زجاجات مصنعة من مادة البولى ميثيل استر وفى مجال الأضرار الصحية التى تنبه لها العالم حديثاً تلك الأخطار والأضرار الصحية الناجمة عن اتساع استخدامات المبيدات الحشرية ولا تخص هذه الأخطار وتنحصر فقط فى المبيدات الحشرية فقط بل تنسحب على معطرات وملصقات الجو وكذلك إلى المنتجات الكيميائية المستخدمة فى تصنيع الأثاث المنزلى وألواح الديكور وكذلك تلك المواد المستخدمة فى تنظيف وتلميع الثاث فقد تنبه العالم إلى الأخطار الصحية والبيئة الناجمة عن التعرض لفترات طويلة للمبيدات الحشرية لما تحتويه تلك المبيدات من مواد كيميائية ذات سميات عالية الجسم الإنسان.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 4