بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

العواصف الترابية

العواصف الترابية

العواصف الترابية ...المخاطر والحلول

د. م/ علي مهران هشام

يمثل الغبار وانتشار ذراته في أجواء المحيط الحيوي مصدر تهديد للبيئة والإنسان، وتعاني معظم دول العالم من أخطار هذه الظواهر، وذلك بنسب متفاوتة نتيجة الظروف المختلفة، والتي تشمل الموقع الجغرافي، والوضع الصناعي ودرجة التحضير والتشجير، ومدى الوعي والسلوك البيئي للأفراد والهيئات في المجتمع

أما الوطن العربي فتجمعه ظروف مناخية تكاد تكون متشابهة، وخاصة في فصلي الصيف والخريف حيث تشتد حرارة الجو وتنتشر العواصف المتقلبة والمحملة بذرات الغبار الناعمة، وينعكس كل ذلك على الإنسان في شكل ضربات الشمس وحرقها والإنهاك الحراري والأمراض الجلدية والحساسية وأمراض العيون والتوتر العصبي وتغير الحالات النفسية والمزاجية وتأثيرها على العمل والعلاقات الاجتماعية والأنشطة الإنسانية عامة.

وتؤثر العواصف الترابية أيضاً على البيئة والمكان واستعمالات الأراضي في صور عديدة منها جدب الأرض وذبول الزهور والنباتات وتراكم الأتربة على أوراق الأشجار وتلوث الهواء، وعدم وضوح الرؤية وعدم القدرة على التمتع بالمناظر الطبيعية (حدائق- أنهار- مياه) إضافة إلى تدهور واجهات وفتحات المباني شبكة الطرق والساحات الفضاء وإتلاف البيئة النباتية والحيوانية والآلات والأجهزة والمعدات المختلفة، وفي حالة عدم استخدام الوسائل والأدوات التقنية وتوظيفها ووضع البرامج والخطط البيئية لمواجهة هذه الأخطار فقد يقود ذك إلى تفكك النسيج العمراني (بصرياً وجمالياً ووظيفياً)، وهو ما يعتبر إهداراً في الثروة الحضارية والتراثية للمجتمع.

عموماً تشتمل المصادر العامة الشائعة للغبار الأتربة المقذوفة من الحفر Smog + Dust. والمحاجر والمناجم ومواد الإنشاء ومصانع الأسمدة والأسمنت وغبار الطلع والرمل والفضلات الصناعية والغبار المغناطيسي، والذي يوجد في بعض الترسبات في قاع البحر والغبار الناتج عن النيازك المتساقطة من أعالي الجو نحو الكرة الأرضية، وكذلك البكتريا والفيروسات والمنشآت التي تستخدم الفحم الحجري، إضافة إلى الغبار الذري المشع والرذاذ المحيطي الذي تحمل حوالي ألفي مليون طن من الغبار الملحي في هواء الكرة الأرضية حيث تشير الدراسات إلى أن التكوين الكيميائي لهذه المادة المالحة المتبقية في الهواء بعد تبخر الماء هو ملح كلوريد الصوديوم وكلوريد الكالسيوم وكلوريد المغنيسيوم، إن العواصف الرملية في المناطق الصحراوية، والتي تخلو من الغطاء النباتي والأشجار تحمل آلافاً من أطنان الغبار في الهواء لمسافات بعيدة قد تصل إلى ألفي ميل بعيداً عن المصدر الأصلي. ففي عام 1933 سقط حوالي 25 طناً من الغبار على كل ميل مربع من الأرض في شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية.

إن تلويث الغبار للمناطق العمرانية والتنموية وأخطاره الكبيرة، والتي تصل إلى زيادة الإعاقة الحضارية والبشرية في المجتمع يحتم وضع مجموعة من الضوابط والمعايير للحد من هذه الظاهرة، ومن أمثلة ذلك:

- الفصل بين المواقع والمرافق الصناعية والاستخدامات السكنية بمناطق تشجير أحزمة خضراء Green Buffer Zone.

* مراعاة العوامل المناخية السائدة، وخاصة اتجاه الرياح، وأن يكون تخطيط الطرق في اتجاهها، وليس عمودياً عليها لمنع تراكم الأتربة والغبار، وأن يراعى في تصميم شبكات الشوارع الميول الآمنة، وكذلك الأرصفة لحماية الأفراد والمركبات.

* تقليل مصادر الغبار من المنبع ORIGN مثل التدوير عن طريق فلاتر التنقية Recycling، وخاصة في مصانع الأسمنت والأسمدة.

* مراقبة الغبار السام والذي يحتوي على أكاسيد كبيرة لخطورته على الصحة والبيئة العامة.

* الإكثار من زراعة الأشجار والنباتات والمسطحات الخضراء، وزيادة الحوافز المادية والأدبية للأفراد والمؤسسات والمصانع والمنشآت التي تهتم بذلك وتقترح عمل مسابقات سنوية لاختيار "أنظف موقع".

ويلزم دعم مثل هذه الأطروحات إعلامياً ومادياً لتقديم المثل والنموذج الذي يمثل قدوة للآخرين في المحافظة على البيئة، وقد يتسع المجال لتقديم "أنظف محافظة" ثم مدينة أو قرية أو حي أو منطقة سكنية أو شارع أو حتى جائزة "أنظف مبنى" أو "حديقة سطح".

فالبيئة في حاجة إلى أمثلة حية ونماذج تطبيقية محسوسة ومرئية Sound & Concrete بعيداً عن أسلوب الإرشادات النظرية والمواعظ وتوصيات اللجان!! والأمر متروك لمتحدي القرار ومحبي البيئة والنظافة والوجه الحسن!!

نشر الوعي البيئي وانتهاج أسلوب التربية البيئية لدى أفراد المجتمع، وخاصة في المناهج الدراسية (المدارس والجامعات والمعاهد)، وكذلك في الجمعيات الأهلية والأحزاب والمساجد والكنائس ودور الثقافة والمسارح، وجميع الأنشطة المجتمعية لخلق جيل من الأسر والأفراد مدرك ومتفهم للقضايا البيئية، وأن المحافظة عليها هو بعينه استمرار للحياة بصحة وأمان.

* توفير وسائل الوقاية والأمان للعاملين في المواقع المصدرة للتلوث الغباري مثل ضرورة استخدام الأقنعة الواقية، ووسائل التهوية الجيدة داخل هذه المنشآت واستعمال المكانس الكهربائية والمراوح وترطيب الهواء بالماء باستمرار وزيادة الفلاتر الطبيعية والمتمثلة في الإتجار والمسطحات الخضراء.

* المتابعة والمراقبة من الجهات التنفيذية، وخاصة وزارة البيئة نحو تنفيذ الاشتراطات والمعايير البيئية لدى المصانع ومصدري التلوث للمجتمع وتفعيل اللوائح والقوانين البيئية ونقترح وجود شرطة بيئية وتشريع قوانين لوجود "محكمة بيئية".

* ضرورة الاهتمام بدراسات المردود البيئيEIA للأعمال التنموية (صناعية- عمرانية- زراعية- سياحية- خدمات) فاستمرارية التنمية بكفاءة أهم من إنشائها.

* تطبيق مبدأ "الملوث يدفع" Polluted بصرامة وحزم والذي يجبر المتسبب سواء PAY كان فرداً أو منشأة أو جهة اعتبارية بأن يتكفل بإعادة تأهيل البيئة وتأمين صحتها وعافيتها الفطرية، وحيث أن الوقاية خير من العلاج فيلزم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث هذه الملوثات منذ البداية فيكفي أن نسبة الأكسجين تتضاءل والغبار والضباب والدخان يحيط من كل صوب!!

على كل حال، فيمكن إيجاز وسائل الحماية من أخطار الغبار الصناعي في التالي:

* طريقة التركيز: وهي طريقة يتم فيها تمرير الغازات الخارجية من المصنع مع محتوياتها من الغبار من خلال حيز كبير الحجم يسمح بتقليل سرعة اندفاع الغاز الحامل للدقائق، لذلك فإن الدقائق الكبيرة من الغبار، والذي يزيد حجمها عن 50 ميكروناً ستركد نتيجة لوزنها وتأثير الجاذبية عليها.

* أسلوب التجميع بواسطة الطرد المركزي: وتعتمد هذه الطريقة على القوة الطاردة المركزية الناتجة عن تدوير الحامل للدقائق داخل مجمع سارلكوني مما يؤدي إلى انقذاف الدقائق بسبب وزنها إلى الخارج وارتطامها بجدران المجمع ثم انسيابها إلى أسفل، وهذه الطريقة غير مكلفة وتتميز بكفاءتها في تجميع الدقائق المتوسطة والخشنة.

* طريقة التجميع بالكهرباء الساكنة: عند تمرير الهواء المحل بالدقائق من خلال مجال كهربائي عالي الفولتية تتولد شحنة كهربائية ساكنة على سطوح هذه الدقائق وتتوقف طبيعتها على طبيعة هذه الدقائق ثم يوجه الهواء والدقائق المشحونة بعد ذلك إلى مجال كهربائي آخر يؤدي إلى عزل الدقائق عن الهواء الناقل بسبب انجذاب الدقائق عن الهواء الناقل بسبب انجذاب الدقائق المشحونة إلى القطب المعاكس لها في الشحنة.

* طريقة مجمعات الغبار المبللة: حيث تستعمل غاسلات الهواء لتنظيفه من الغازات الملوثة له، ويعتمد ذلك على قابلية الغازات للذوبان في الماء حيث تنفث المصانع أنواعاً عديدة من الغازات.

* وخلاصة القول: فإن التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة في السيطرة على الغبار الصناعي والملوثة للتربة والماء والهواء من الأمور الحيوية المتعلقة بحياة الأفراد والكائنات الحية بسلام على كوكب الأرض، والخطاب مفتوح لكتاب وأصدقاء وجمعيات ومراكز البيئة فالمسئولية متضامنة والنتائج مشتركة فالجميع للجميع All For All.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 30