بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

كينيا .. أرض الأشواك

كينيا .. أرض الأشواك

بعد 20 ساعة من الفيضان المفاجئ يتغير المشهد

أرض الأشواك .. الأزهار الكينية أنهكها العطش

عنود القبندي

منطقة الأشواك في كينيا الشمالية أرض جافة وقاحلة، ولكنها تنبض بالحياة، يتوقف سقوط الأمطار فيها حوالي سبعة أشهر فيصاب الكثير من الحيوانات الجوع في هذه الأدغال الشوكية، كل شيء ينتظر بشوق هطول أمطار فصل الشتاء الأولى، تتلألأ غصينات نباتات الأقاقي الشوكية بفعل آلاف الأشواك التي تزينها ولكي تعوض نقص الماء أسقطت النباتات أوراقها منذ وقت طويل، ويصعب رؤية أية نباتات خضراء على مسافة مئات الكيلومترات، لكن بين شباك أشواكها الحادة تحمل بعض أغصانها أزهاراً أنهكها العطش وهي مستعدة لاستقبال الأمطار التي قد ستهطل في أي يوم.

مع بداية شهر أبريل من كل عام تبدأ الغيوم الكبيرة الظهور بالسماء، فالعادة تجري بأن أول عاصفة أمطار تجوب المنطقة تتجمع المياه فوق الأرض الجافة والقاحلة لكنها لم تخترقها ويبدأ في كل مكان تظهر الأنهار. سكان هذه المنطقة يستقبلون مياه الأمطار بالهتافات والفرح ولكن سرعان ما تتجمع مياه الأمطار التي هطلت فوق مساحات شاسعة داخل مجاري بعض جداول المياه الجافة، ويستغرق الأمر بضع دقائق فقط.

عندما تمطر بغزارة يمكن الاستمتاع بمشاهدة تدفق الماء قد تشكل الفيضانات الفجائية خطراً كبيراً ومميتاً، ومن المعروف أن أكثر السكان في شبه الصحراء يتعرضون للموت غرقاً أكثر منه عطشاً، على الرغم من الدمار الذي يمكن أن تتسبب به هذه الفيضانات إلا أنها ضرورية لحياة السكان والحيوانات خلال فصل الجفاف المقبل، وكلما كان الفيضان قوياً استطاع الجريان فوق مجاري الأنهار الجافة، وبالتالي يعيد ملء مخزون المياه الجوفية، وسيصبح الماء متوافراً مدة طويلة، عندما يعم الجفاف المنطقة من جديد.

حمّام الفيلة

بعد عشرين ساعة من الفيضان المفاجيء ينخفض منسوب المياه، وتستطيع الفيلة الاستمتاع بأول حمام لها بسلام، خلال أسابيع فصل الأمطار الأولى يتقلب منسوب مياه هذه الأنهار من يوم إلى يوم، كما يمكن للجداول الضحلة أن تتحول إلى سيول جارفة من ساعة إلى أخرى بقدرة الله تعالى، بقي أمام هذه الأمطار بضعة أيام فقط، إنها كافية لتغيير هذا المشهد الطبيعي.

تسقط أكبر كميات الأمطار فوق الجبال، لقد غطى الثلج المجلدات والقمم الصخرية في منطقة جبل كينيا بضعة أسابيع، وبوجود هذا الهواء النقي يشعر المرء وكأنه يستطيع لمس القمة، وسرعان ما يغطي الخمار الأخضر هذه الأرض القاحلة فهناك آلاف الأفواه الجائعة تنتظر منذ وقت طويل.

أزهار وورود

تتفجر بصلات النباتات من التربة بأعداد كبيرة، لقد مكنتها الطاقة التي اختزنتها من النمو بسرعة، إنها أول النباتات التي أظهرت ونمت قبل وقت طويل من نمو الأعشاب، لقد قضمت الشجيرات في فصل الجفاف، ولكنها الآن تنمو من جديد، أخفت نباتات الأقاقي الضارية أشواكها تحت عباءة خضراء لقد ولى زمن الجوع الطويل، عندما تزهر الأعشاب تتحول أرض الصحراء القاحلة إلى بساط من الأزهار المتفتحة والورود بما يظهر بديع صنع الله، إنه فصل تفتح أزهار الصحراء، إنها تخزن الماء داخل جذوعها الغليظة كي تحافظ على حياتها خلال فترات الجفاف، وهي تزهر الآن وتضفي جمالاً منقطع النظير.

حيوان النمس

يشتهر في هذه المنطقة حيوان النمس والذي يعيش على تناول الخنفساء ويرقات الحشرات والورل والذي يعد جارا مسالما لحيوانات النمس الكبيرة، كما يعيش الطائر الكاتب وقد سمي بهذا الاسم بسبب وجود الريش على رأسه والذي يشبه قلم حبر موضوع خلف أذنه، يصطاد هذا الطائر الحشرات والزواحف أو الثعابين وكل شيء يستطيع الوصول إليه، في بعض الأحيان يلتقط بعض الثدييات الصغيرة كالأرانب. وبوجود هذا الريش الجميل تبحث الطيور على شركاء لها أو تدافع عن منطقتها بإجراء منافسات طويلة.

 تشهد الشواطئ الرملية الواسعة والأطراف العارية التي بللتها المياه على الفيضانات التي سكبتها الأمطار، تجمعت الحيوانات العطشى هنا من كل مكان، تعتبر الحمير الوحشية وحيوانات الجمازبوكا من بين الحيوانات التقليدية التي تعيش في شبه الصحراء التي تصمد طويلاً على الرغم من ندرة المياه، وعندما تتوافر المياه تشرب هذه الحيوانات كل يوم تقريباً، لا تستطيع التماسيح الاختباء بالقرب من ضفاف النهر، وسرعان ما تخرج الحيوانات المفترسة وتختار الأماكن المناسبة لنصب شراكها، فالماء موجود الآن في كل مكان تقريباً.

منطقة أوحال

يتسبب انخفاض منسوب الأمطار في تكوين منطقة من الأوحال، بالنسبة إلى طيور أبو قرن، إنها تفضل هذا الطين الناعم في بناء أعشاشها وها هي تعيد إصلاح حفرة عش قديم، فوق هذه الحفرة وجد بوم أرضاً ملائمة له، توجد ظباء الإمبالا في شبه الصحراء الكينية داخل الغابات الكثيفة الموجودة على ضفاف هذه الأنهار القليلة، وهي تحتاج إلى الكثير من الماء والغذاء، من جهة أخرى تعتبر طيور الغرغر الجشعة من حيوانات الصحراء الدائمة، وهي تستطيع الانتقال بعيداً عن الماء فيما يكون على الظباء البقاء قرب النهر.

نمور وظباء

تشكل الظباء فرائس مهمة جداً للنمور، ولأنها تمضي يومها في العراء بعيداً عن الغابة ستبحث النمور عنها في وضح النهار، في هذه الأرض الخضراء الجميلة تنتشر علامات فصل التناسل فوق كل زواياها وتسعى الحيوانات لتكوين أجيال جديدة، وتحمل الكثير من الإناث، ولكنها كافية لعقد صفقة بينها وبين الإناث، نادراً ما تنجح هذه الاشتباكات حينما تكون المنافسة كبيرة من أجل التزاوج، وعادة تعبر عن مفهوم التنافس الاجتماعي.

 

 

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 122