بعد التخلص من المعدات القديمة لشركة نفط الكويت
واحة كويتية غناء في قلب برقان
عنود القبندي
واحة خضراء مزروعة بـ1837 نوعاً مختلفاً من الأشجار، عبارة عن 3 واحات على ضفاف بحيرات مائية في منطقة الحقول واحدة على طريق برقان والأخرى شمال سنتر 2، والأخيرة على طريق المناقيش بجانب المكاتب. هذا بالإضافة إلى أشكال نباتية رائعة لجزيرتي فيلكا والأحمدي، عندما تنظر إليها تتخيل الكويت وقد تحولت إلى جزيرة محاطة بالمياه من كل جانب. إنها واحة الكويت.. الجزيرة الاصطناعية التي تشكل أجمل بقعة على الإطلاق داخل حقل برقان.
حكاية تلك البقعة الخضراء المميزة بدأت منذ سنوات حيث عقد اجتماع في مكاتب شركة نفط الكويت بين عدد من المهندسين لبحث كيفية التصرف بالمعدات القديمة «الخردة» الهائلة التي خرجت من الخدمة في مركز التجميع رقم 2 في حقل برقان الشهير، مثل المواسير والمضخات والمحولات. كانت هناك أفكار تقليدية معتادة للتعامل مع «النفايات» من هذا النوع أو إعادة تدويرها. لكن ظهرت فكرة إعادة التأهيل عن طريق اعادة استخدام تلك الخردة في مشروع مفيد كواحة خضراء مثلا. أخذت الأفكار تتجمع من هنا وهناك، وتم اختيار الأرض، وبدأ إعداد الدراسات. الآن هناك في الموقع بوابة على الطراز الكويتي التراثي، مستنسخة تماماً عن «بوابة الشامية». داخلها كويت مختلفة تماماً بمساحة 50 الف متر مربع، لا صحراء فيها ولا مداخن تنبعث منها الروائح النفطية، بل «واحة الكويت»، المنتجع الذي تتبلور فيه بعض الأفكار الأكثر أهمية في إدارة القطاع النفطي.
في وسط الواحة، بحيرة اصطناعية تحيط بجزيرة تأخذ شكل خريطة الكويت، وجزيرتان قبالتها تماثلان تماماً جزيرتي فيلكا والأحمدي. هناك باتت تعقد اجتماعات مهمة للقيادات النفطية من وزارة النفط ومؤسسة البترول الكويتية وشركة نفط الكويت والشركات الأخرى الحكومية.
لكن المشروع لا ترتبط أهميته فقط بالاجتماعات، بل إن الأهمية البيئية تبقى دائماً في المقام الأول.
المحافظة على التراث الطبيعي
يقول رئيس فريق عمل الصيانة بشرق الكويت في شركة نفط الكويت والمسؤول عن المشروع المهندس محمد الرشيدي : إن لفكرة الواحة أهمية خاصة تتركز في الحفاظ على التنوع الأحيائي في مناطق الحقول في ظل هجرة الحيوانات وهجرة الطيور لهذه المناطق بسبب عمليات الحفر والتنقيب. وتـــــأتي (واحة الكويت) لتكون متماشية تماماً مع أهداف الشركة التي ترمي إلى المحافظة على البيئة وحماية التراث الطبيعي لدولة الكويت.
فكرة الواحة
تتلخص فكرة الواحة في استخدام الموارد التي لم يعد للكثير منها حاجة. فالمياه المحيطة بالجزيرة تم توصيلها إلى البحيرة بطول نصف كيلومتر من خلال عين المياه القديمة التي كانت تستخدم في مركز التجميع رقم (2) وتوقف استخدامها. أما المواد المستخدمة فليست إلا 100 طن من المخلفات التي أعيد تأهيلها.
إن تنفيذ هذه الواحة لم يكلف الشركة شيئاً عدا صيانة المعدات المستخرجة من مشاريع الشركة وإعادة توظيفها سواء الأنابيب النفطية القديمة أو القضبان الحديدية أو المضخات أو مولدات الطاقة أو القواعد الخرسانية بالإضافة إلى العمالة الموجودة بالشركة والتي تم استثمارها وتوظيفها بشكل جيد ومفيد.
ومع توفر المياه، تمكن مصممو المشروع من إنشاء بيئة مائية لتكون ملاذاً آمناً للسمك البلطي النيلي، من خلال توفير 12 حاضنة اسمنتية وانزالها بالبحيرة. وتحتوي تلك الحاضنات على ثقوب تشكل ممرات مائية مناسبة للأسماك.
خطوات ومراحل التنفيذ
استغرق حفر تلك البحيرة أشهراً من العمل، ونتيجة لعمليات الحفر تكونت أكوام رمل شكلت تلاً مخروطيا بارتفاع 18م وبقطر 95م، تم تشجيره بنظام الري الأوتوماتيكي ليشكل واحة مخضرة لتضفي على الجزيرة بعداً آخر من الجمال.
ولحماية البحيرة من تآكل التربة بسبب تكسر الأمواج على الحواف الرملية، أحيطت البحيرة بالصخور من مختلف الأحجام.
هذا في «البحيرة»، أما في البر المحيط بها، فقد تم إنشاء ساتر ترابي خارجي حول الموقع لحمايته من أي تسرب نفطي وتمت زراعة 1000 نخلة لتسوير الموقع وتمت زراعة 1837 نوعاً مختلفا من الأشجار. كما تم استغلال مضخات المياه القديمة والتي تم إصلاحها في ورشة المقوع للاستفادة منها في عمليات الري الداخلية بالواحة.
كما تم تشجير الواحة بالنباتات الحولية ذات الطابع الملائم للموقع وتم إنشاء سياج يتكون من عدة خطوط من الأشجار كحماية طبيعية للموقع.
ولتسهيل الوصول إلى الموقع، قام فريق عمل المرافق )قسم الطرق( بتعبيد الطريق المؤدي إلى الموقع وتوفير الآليات والجرافات وآليات النقل.
عندما تبلورت فكرة المشروع، كان الإتفاق الأساسي على الجمع بين كل من الأهداف البيئية، والوظيفة العملية للموقع. بحيث تقدم الواحة فرصة للاستجمام لشريحة من العاملين في القطاع، وتوفر في الوقت نفسه مكاناً للاجتماعات في أجواء طبيعية ملائمة وبعيدة عن الضوضاء.
ولهذه الوظيفة، أنشئت على الجزيرة مبانٍ تتماشى مع التراث الكويتي الأصيل تمتاز بالبساطة والجمال الكويتي والفخامة العالية والتصميم البسيط غير المكلف ليتواكب مع البيئة المحيطة بالموقع.
أما على الصعيد البيئي، فالمشروع يعد خطوة مهمة لإعادة الحياة إلى منطقة برقان التي تتوسط أحد أكبر حقول النفط في العالم. فهذه الواحة تمثل استمراراً للتوازن الطبيعي لبيئة الحقول كما إنها تعكس الحالة الطبيعية والحيوية لبيئة المنطقة بالإضافة إلى ما تشكله من منظر رائع بديع داخل الحقول النفطية وسط الصحراء.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 139