تحتوي على نسبة عالية من الكوارتز وحبيبات الحجر الجيري
الكثبان الرملية ودور البحث العلمي في مكافحتها
عبير العبري
الكثيب الرملي ظاهرة طبوغرافية صحراوية ذات منشأ ريحي نتيجة لتحرك الحبيبات الجافة والتربية غير المتماسكة مع بعضها، وتتجمع على شكل تلال منفردة أو سلاسل من التلال الرملية، وتتاواجد على نوعية كثبان رملية ثابتة وأخرى رملية متحركة، وتعد الأخيرة أكثر ضررا على حياة الإنسان. وتغطي الكثبان الرملية مساحة شاسعة من دولة الكويت تصل إلى أكثر من 500 كيلو متر مربع، ومن الممكن رصدها من خلال صور الأقمار الصناعية، ومعظم حقولها اتخذ المسار العام لحركة الرياح السائدة. وتشير الدلائل إلى أن مصدرها من جنوب العراق، وتختلف أحجام الكثبان الرملية من مكان لآخر.
أنواع الكثبان الرملية
تنقسم الكثبان الرملية في دولة الكويت من حيث نشاطها إلى ثلاثة انواع وهي:
1. الكثبان النشطة أو دائمة الحركة: وهي الأشكال الرملية التي يرتبط تكوينها وشكلها عادة بنشاط وطبيعة الرياح السائدة، وفي الكويت تعمل الرياح السائدة التي تهب من الشمال الغربي على تشكيل هذه الكثبان والتي تأخذ الأشكال الهلالية كما في منطقة الهويملية وأم النقا( العوضي 1988).
2. الكثبان المقيدة : هى الأشكال الرملية التي لا تقوى على الحركة بسبب العوائق التي تتراكم حولها الرمال مما لا يساعد على تحريكها بواسطة الرياح. ويمكن تقسيم هذه الأشكال إلى نوعين :
- النوع الأول : الكثبان المقيدة بالنبات( النباك) ومقيدة بيولوجيا، وتظهر على شكل تراكمات رملية قبابية الشكل وتتكون من رمال ناعمة طميية وجبسية، وتتخذ شكل مثلث رأسه يشير إلى اتجاه منصرف الريح النباتات التي تثبت الرمال ( كليو وآخرون، 1986)
- النوع الثاني : الكثبان المقيدة بالطبوغرافية، وهي ذات أشكال واطوال مختلفة، فتصل درجة إنحداراتها 25- 32 درجة في الجزء الذي يمتد بعكس اتجاه الرياح، ويصل طول بعض هذه الكثبان إلى حوالي 150 مترا كما هو حادث على سفوح جال الزور، ومتوسط عرضها حوالي 50 مترا، وتنتشر هذه الكثبان في الكويت بالمنطقة الواقعة بين المطلاع وبحرة التي تمتد إلى مسافة تبلغ حوالي 40 كم ( ميساك وآخرون، 1998)
3. الكثبان الثابتة: هي الكثبان عديمة الحركة، ويعود ذلك إما إلى التحام الحبيبات الرملية بمواد لاحمة أو إلى نمو غطاء نباتي كثيف بعد أن تكونت هذه الكثبان فيحد من حركتها، وتظهر هذه الكثبان في الكويت على شكل حواجز رملية ثابتة وكثبان هلالية ساحلية (ميساك وآخرون 1988)
- الكثبان الرملية المتعامدة : حيث يتراوح طولها ما بين 15 و 20 مترا وارتفاعها ما بين 10 و 15 مترا ومعظمها يتكون في منطقة الهضاب والوديان.
- الكثبان الرملية الهلالية : توجد إلى الجنوب من الكثبان الرملية المتعامدة في منطقة المنخفضات ما بين الهضاب والتلال، ويتراوح معدل حركتها ما بين 15 – 20 مترا في السنة.
وتعتبر طبوغرافية المنطقة مستوية ولا يشوبها أي من التضاريس الحادة، وبشكل عام فإن تجمعات الكثبان الرملية تعكس لنا نظام الرياح السائدة واتجاهاتها خلال الفترات السابقة. وتحتوي الكثبان الرملية على نسبة عالية من الكوارتز ومكونات الحجر الجيري كما يلاحظ استدارة الحبيبات التي عادة ما تعكس لنا طول المسافة التي قطعتها تلك الحبيبات حتى استقرت في مكانها الحالي.
علاقة الرياح بالكثبان الرملية
هناك علاقة وثيقة بين الظروف المناخية السائدة في بقاع العالم المختلفة وبين التضاريس الأرضية، ويبدو ذلك جليا في المناطق ذات المناخ الجاف، حيث تعد ظاهرة الجفاف عاملا اساسيا في تكوين الكثبان الرملية، أما أهم الخسائر والأضرار الناتجة عند حركة الكثبان الرملية المتحركة فهي التهديد المباشر للأراضي الزراعية حيث تعمل هذه الكثبان على دفن تلك المزارع وتؤدي إلى طمر طرق المواصلات البرية مما يؤدي إلى عرقلة السير فيها.
دور البحث العلمي في مكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية
عقدت ندوة البحث العلمي ودوره في مكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية التي نظمتها جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان من خلال قسم الجغرافية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بالتعاون مع اتحاد مجالس البحث العلمي العربية. خلصت الندوة إلى الاستنتاجات والتوصيات الآتية:
أولاً: الاستنتاجات
1- على الرغم من التقدم المتنامي في مكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية إلا أن هذه المشكلة لا زالت تشكل خطورة كبيرة على الموارد الطبيعية والبشرية وتتسع خطورتها يوماً بعد يوم.
2- وجود جهود مثمرة في استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد واستخدام نظم المعلومات الجغرافية، إلا أن هذه الجهود ظلت مقتصرة على دراسات محددة ولم تستثمر في تغطية مشكلة التصحر وتحديد أسبابه على صعيد الوطن العربي.
3- خلصت الندوة إلى أن معظم الحلول المتعلقة بتثبيت الكثبان الرملية كانت حلولا غير جذرية اقتصرت على مناطق تراكم الرمال دون التصدي إلى مناطق مصادرها وانتقالها.
4- تحظى البلدان العربية بخبرة فنية وتقنية كبيرة في مجال مكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية لكنها تحتاج إلى التنسيق فيما بينها وإلى العمل المشترك في هذا الميدان.
5- أشارت الندوة إلى وجود ضعف في الإعلام الموجه إلى أفراد المجتمع لتوعيته بمخاطر التصحر المختلفة وأساليب مكافحتها، كما خلصت الندوة إلى وجود ضعف واضح في البرامج التعليمية بكافة مراحلها في مواضيع الوعي البيئي واستصلاح الأراضي الصحراوية ومكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية.
6- وجود ضعف واضح في الاتصالات والتعاون بين المراكز البحثية المعنية بهذا النشاط وما بين باحثيها أيضاً.
7- وجود تباين واضح في مفهوم التصحر واختلاف في مصطلحاته.
ثانياً: التوصيات
1- نظراً لاتساع رقعة التصحر في الوطن العربي وسرعة انتشارها وصعوبة مواجهتها بالطرق التقليدية أوصي المشاركون بضرورة استخدام تقنية الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية لرصد ومتابعة التصحر متابعة دورية بهدف بناء قاعدة معلومات صحيحة وجديدة ومتجددة يمكن استثمارها في تنفيذ المشاريع الوطنية لمكافحة التصحر ودعم متخذي القرار.
2- نظراً لهشاشة البيئة الطبيعية العربية وتعرضها للضغط البشري المستمر أوصى المشاركون بضرورة وضع ضوابط حازمة لإدارة المراعي الطبيعية بهدف استعادة الغطاء النباتي والمحافظة عليه والمحافظة على التربة من التدهور. وأكد المشاركون على أهمية عدم استغلال الأراضي الهامشية للأغراض الزراعية واستثمارها في تنمية الغطاء النباتي وصيانة التنوع البيئي وتطبيق مبدأ الوقاية خير من العلاج وصولاً إلى بيئة مستقرة ومستدامة.
3- ضرورة الاستفادة من المعالجات الحديثة في مكافحة التصحر مع الاهتمام بالتجارب العربية ذات المردود الإيجابي بهدف الوصول إلى معالجة مجدية لظاهرة التصحر وزحف الكثبان الرملية.
4- أوصى المشاركون بأهمية العمل العربي المشترك للتصدي لظاهرة التصحر والكثبان الرملية من خلال إقامة شبكة معلومات لمراقبة التصحر بكافة أشكاله وترتبط مع الشبكات الإقليمية على أن تتولى هذه المهمة إحدى المؤسسات أو المراكز التابعة لجامعة الدول العربية.
5- كما أوصى المشاركون بأهمية التواصل بين الباحثين من خلال عمل دليل لأسماء المراكز العربية المعنية بهذا النشاط والعاملين فيها من خبراء وتوحيد المصطلحات العلمية المستخدمة في هذا المجال بهدف تسهيل تبادل الخبرة والمعرفة وإقامة المشاريع المشتركة في أماكن متفرقة من الوطن العربي.
6- نظراً لخطورة مشكلة التصحر في الوطن العربي في الوقت الحاضر والمستقبل وبهدف بناء عقل متفتح لهذه المشكلة أكد المشاركون على ضرورة إدخال مواضيع استصلاح وإدارة الأراضي الرملية ومكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية في جميع مراحل الدراسة واستحداث أقسام لهذا النشاط في الجامعات وتوفير فرص للطلبة للمساهمة في حماية تلك الأراضي.
7- ضرورة استحداث برامج إعلامية شاملة لكافة طبقات المجتمع لتشارك فيها جميع مؤسسات الدولة والتنظيمات الأهلية والمدنية تهدف إلى توعية المواطن بمخاطر التصحر الاجتماعية والاقتصادية والصحية وكيفية التصدي له بكافة الوسائل المتاحة.
8- أهمية إدخال الدول العربية مشكلة مكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية ضمن خططها الوطنية الاستراتيجية، ودعم البحث العلمي وتدريب وتأهيل العاملين في هذا القطاع.
9- وأخيراً وبهدف التعرف على ما يستجد من نتائج البحوث في مجال مكافحة التصحر في العالم بشكل عام والوطن العربي بشكل خاص ولتعزيز القدرات البشرية العربية في تنفيذ البرامج الوطنية في هذا المجال أوصى المشاركون بعقد مؤتمر كل سنتين في احد الأقطار العربية للإطلاع على مدى التقدم في هذا الميدان، كما أكد المشاركون على أهمية عقد دورات تدريبية للعاملين وبشكل دوري في إحدى الدول العربية للإطلاع على تجاربها على أن يقوم اتحاد مجالس البحث العلمي العربية بالتنسيق لعقد المؤتمرات والدورات المقترحة مع المراكز ذات العلاقة.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 89