بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

وقود الديزل

وقود الديزل

الطاقة النووية بدأت شمسها في المغيب كمصدر للكهرباء

وقود الديزل ليس بالضرورة أفضل من البترول

ايمان بشير - وزارة البيئة اللبنانية

اكتشف باحثون في دراسة جديدة أن انتشار استخدام محركات وقود الديزل، التي يعتقد أنها صديقة للبيئة أكثر من وقود البترول سوف يجعل كميات السناج في الهواء أكثر وأكثر  من المعروف أن وقود الديزل ينتج عنه أقل كمية من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالبترول، مما يجعلها أفضل لظاهرة الاحترار العالمي، غير أن هذا ليس بالضرورة يعني أن محركات الديزل أكثر صداقة للبيئة من محركات البترول، كما يقول مارك جكوبس الذي درس تلوث الهواء والنماذج الحاسوبية الخاصة به في جامعة ستانفورد الأميركية ويقول إن وقود الديزل يصدر عنه كميات أكبر من السناج وأكاسيداً لنتروجين مقارنة بمحركات البترول.

والسناج عبارة عن مكون مركب من الملوثات التي تتولد في الغلاف الجوي بفعل التفاعلات الكيماوية التي تساعد الشمس على حدوثها  والمسبب الأساسي للسناج هو الأوزون القريب من سطح الأرض الذي ينتج تفاعل أبخرة أكاسيد الهيدروكربونات والنتروجين الصادر من عوادم السيارات.

الأوزون الموجود في طبقات الجو العليا يحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، لكن الأوزون القريب من سطح الأرض ضار لنا. ويقول جكوبس إذا كانت أكاسيد النتروجين تندفع من أنبوب العادم، فهذا يخرج معه أيضا غاز الأوزون.

وقد يساهم تزايد السناج في حدوث مشكلات صحية، هو ضار لصحة الإنسان، كما يقول روس هاريسون الاختصاصي بجامعة برمنجهام ومستشار الحكومة البريطانية بشأن تلوث الهواء.

ويضيف أن تزايد السناج يعطل عمل الرئة ويرفع معدلات الوفيات ويزيد معدل دخول المشافي للعلاج من أمراض الجهاز التنفسي.

انخفاض السناج في لوس أنجلوس

استخدم جكوبسن نموذجا حاسوبيا لنظافة الهواء ليرى ما يحدث إذا استخدمت كل السيارات في الولايات المتحدة وقود الديزل، واكتشف أنه إذا حدث ذلك سوف يرتفع السناج بشكل ملحوظ في كل أنحاء البلاد وفي بعض المناطق كان استخدام وقود الديزل كافيا لتحويل الهواء من معتدل إلى غير صحي بالمرة، وفق معايير وكالة حماية البيئة.

واكتشف جكوبسن من النموذج أن أكثر المناطق تضررا سوف تكون الولايات الجنوبية، وقد يرجع ذلك إلى أن الهواء هذه المناطق غني بالهيدروكربونات الناتجة عن الغطاء النباتي  فارتفاع نسبة الغطاء النباتي يعني إمكانية زيادة الهيدروكربونات واختلاطها بأكاسيد النتروجين الناتج عن عوادم السيارات.

ويقول جكوبسن أن استخدام وقود الديزل أدى إلى انخفاض السناج في مناطق قليلة جدا، حيث لا يوجد أي نباتات أو أشجار  والمثير للسخرية أن هذه المناطق شملت لوس أنجلوس، التي بها أعلى نسبة من سناج في الولايات المتحدة.

مصايد التلوث

كما تنتج محركات وقود الديزل أيضا جزيئات أكثر من محركات الوقود البترولي، وهذه الجزيئات يمكن أن تفاقم مشكلات صحية مثل الربو وأن تساهم في ارتفاع الاحترار العالمي.

ويذكر أن أنابيب عوادم السيارات وقود الديزل الحديثة مثبت بها فلاتر تحاصر وتحبس الجزيئات وأبخرة أكسيد النتروجين كن جكوبسن يقول إن هذا لا يعالج المشكلة، فهناك علاقة عكسية فتخفيض الجزيئات يقلل من كفاءة فلتر أكسيد النتروجين والسيارات ذات هذه الفلاتر، لا تزال تنفث أكسيد النتروجين بمعدل أكبر من سيارات وقود البترول.

وتجري محاولات لابتكارعلاجات تكنولوجية لتقليل السناج، بما في ذلك طلاء يمتص أكاسيد النتروجين وهو على وشك الوصول للأسواق في أوروبا  فهناك مادة تسمى الكوينت أو طلاء صديق البيئة  تجعل أكاسيد النتروجين تتحول إلى نترات الكالسيوم، فلا تتفاعل مع الهيدروكربونات في الهواء.

لكن جكوبسن يقول حتى تعمل هذه الابتكارات بنجاح، يجب تغيير سياسيات محركات وقود الديزل في وقود السيارات صديقة البيئة، وهذا حافز مادي ومالي للناس لاستخدام سيارات وقود الديزل. وفيما يعترف جكوبسن أن السيارات في الولايات المتحدة لن تتحول جميعا إلى وقود الديزل، إلا انه يقول أن نموذجه الحاسوبي يساهم في إثبات أن وقود الديزل ليس بالضرورة أفضل للبيئة من وقود البترول.

غياب شمس المحطات النووية

تستحضر كلمتا  الطاقة النووية بذاتها صور السحب فطرية الشكل والعلماء المخبولين وكارثة تشيرنوبيل  وهذه الطاقة التي كانت في يوم من الأيام نموذجا لمستقبل باسم ومشرق، بات ينظر إليها اليوم كمثال للانتقام التقني  وهي محاولة لتدجين إحدى قوى الطبيعة حادت عن مسارها فأسفرت عن نتائج وخيمة.

وتأكدت هذه الصورة على ما يبدو من خلال تفكيك المفاعلات النووية في جميع أنحاء العالم  وفي غضون 20 عاما، سيكون قد بقى لدى بريطانيا محطة واحدة قيد التشغيل للطاقة النووية من أصل أكثر من 30 محطة  وفي الولايات المتحدة، لم يتم بناء مفاعلات جديدة منذ عام 1978 وحتى فرنسا التي تعتمد على المحطات النووية في تغطية 75% من احتياجاتها من الكهرباء  لم تصدر أمرا ببناء أي مفاعل جديدة منذ 1991. ومع ذلك فإنه في الوقت الذي أخذت شمس الطاقة النووية في المغيب هناك أشخاص يزعمون بأن العالم سيرتكب خطأ جسيما إذا ما مضى قدما في تفكيك المفاعلات النووية.

والأشخاص الذين يتلفظون بهذا الكلام ليسوا من المشتبهين المعتادين  فهم يضمون في صفوفهم عالم البيئة البروفيسور جيمس لوفلوك، الذي يعتقد أن هناك ضرورة لتوسيع الطاقة النووية لا تقليصها  وهناك أشخاص آخرون يحملون هذا الرأي من بينهم كبير المستشارين العلميين في بريطانيا البروفيسور ديفيد كنغ ومفتش الأمم المتحدة السابق عن الأسلحة دكتور هانز بليكس  والسبب في ذلك بسيط، فهم يقولون إن الطاقة النووية هي الأمل الحقيقي الوحيد لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة دون التسبب بتسخين كارثي للأرض.

هذه وجهة نظر مثيرة للجدل، ولكنها وجهة نظر لم يعد بالإمكان تجاهلها وتفيد التنبؤات الرسمية بأن الطلب العالمي على الكهرباء سيرتفع بحلول 2020 بنسبة 75% مدفوعا بالدرجة الأساسية بالطلب من جانب الدول النامية  وإذا تمت تلبية هذا الطلب المتزايد من خلال محطات توليد الطاقة تعمل بالوقود الأحفوري، فإن النتيجة ستكون زيادة كبيرة في إنتاج غازات الدفيئات التي تحمل المسئولية عن التسخين الأرضي.

وتساعد مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية اضافة إلى تحسين كفاية الطاقة -  تساعد في تقليل الاعتماد على أنواع الوقود الاحفوري - ومع ذلك، فإنه لا يعتقد الكثيرون بأن هذا الأمر سيعوض عن النقص المتوقع كله  ويتوقع أن تكافح بريطانيا من اجل تحقيق ولو حتى هدف الـ 20 في المئة على أن يتم التخلص من كافة المحطات والابقاء على واحدة فقط عام 2024.      

وفي تقريرهما «مستقبل الطاقة النووية، الذي نشر العام الماضي، وضح العلماء المؤيدون للطاقة النووية في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا الوضع بصراحة قائلين  «لا تعتبر الطاقة النووية اليوم خياراً تنافسياً من ناحية اقتصادية».

ومع ذلك فإن التقرير ذهب أيضاً إلى القول إن الطاقة النووية يجب أن لا تستبعد كحل محتمل للمشكلة الاصعب التي تواجه الحكومات الآن في العالم وهي كيفية تلبية الطلب المتزايد على الطاقة بدون زيادة التسخين الأرضي.

ويبقي القلق على السلامة العامة من مخاطر التسرب الإشعاعي هو العامل الحاسم في تقرير مصير الطاقة النووية كمصدر لتوليد الكهرباء للمليارات من السكان حول العالم.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 67