سقف العالم بهضبة التبت
دلال حسين جمال
هضبة التبت في الصين معروفة باسم «سقف العالم» أو « القطب الثالث للكرة الأرضية».. ويفوق معدل ارتفاعها 4000 متر فوق مستوى سطح البحر ويعلوها ما يزيد عن 50 قمة شاهقة، تنقسم جمهورية الصين الشعبية حاليا إلى 23 مقاطعة وخمس مناطق ذاتية الحكم وثلاث مدن خاضعة للإدارة المركزية مباشرة. يذكر أن الصين غزت هضبة التبت عام 1950، وسعت منذ ذلك الوقت إلى إضفاء سمة الشرعية على حكمها للهضبة ذات الغالبية البوذية بواسطة معاهدة مكونة من 17 بندا وقعت بعد عام واحد من احتلالها للهضبة. وتعتبر منطقة التبت إحدى المناطق الخمس الذاتية الحكم ومنطقة يمارس فيها الحكم الذاتي القومي وتعتبر قومية التبت قوامها، تقع منطقة التبت الذاتية الحكم في المنطقة الحدودية بجنوب غربي الصين وجنوب غربي هضبة تشينغهاي - التبت تحدها شمالا منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم لقومية الويغور ومقاطعة تشينغهاي، وترتبط بمقاطعة سيتشوان شرقا، وبمقاطعة يوننان في جنوبها الشرقي، وتتاخم جنوبا دول ميانيمار والهند وبهودان وسيكيم ونيبال وغيرها والخط الحدودي بينها وبين الدول المذكورة هو جزء من الخط الحدودي لبعض تلك الدول أو الخط الحدودي الإجمالي لبعضها الأخر ويصل الطول الإجمالي لهذا الخط الحدودي إلى حوالي 4000 كم، ويبلغ اجمالي مساحة منطقة التبت أكثر من 1220 ألف كيلومتر مربع تحتل حوالي 12.8 % من إجمالي مساحة البلاد كلها.
تضاريسها
تنقسم تضاريسها بصورة رئيسية إلى 6 أنواع هي الجبال الشاهقة والجبال العالية والجبال المتوسطة الارتفاع والجبال المنخفضة والتلال والسهول إضافة إلى تضاريس الجبال الجليدية وتضاريس الحمم البركانية وتضاريس الكثبان الرملية والتضاريس البركانية وغيرها، وسلسلة جبال الهيملايا الممتدة من جنوب هضبة التبت تتكون من عدة سلاسل جبلية تصطف في صفوف ممتدة من الشرق نحو الغرب تقريبا، ويقع معظمها في الحدود بين الصين والهند ونيبال، طولها الإجمالي يصل الى 2400 كم وعرضها بين 200 و300 كم. ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر أكثر من 6000 م.
شكلت ظروف التبت الجغرافية الفريدة مناظر خاصة لهذه المنطقة الثلجية، كما شكلت التقاليد الثقافية والبوذية التبتية الفريدة بها نظاما ثقافيا متميزا، وهذا ما منحها قوة الإغراء الساحرة، ووهبها مناظرها السياحية الغنية والرائعة، والتي هي عبارة عن تقاليد وقيم أكثر منها مناظر طبيعية.
مروج شمال التبت بإقليم ناتشيوي ذات بيئة جغرافية متميزة، مناظرها متغيرة. يسمى إقليم آلي سقف العالم، فيه الجبل المقدس والبحيرة المقدسة لحج البوذيين. أما الاقليم الجنوبي الشرقي للتبت فهو ذو مناظر طبيعية جميلة وموارد طبيعية وحيوانية الوافرة.
أكثر ما يجذب السائحين هي العادات والتقاليد في هذه الهضبة الثلجية. أبناء التبت منطلقون وشجعان، ماهرون في الغناء والرقص، فتسمى التبت بـ«بحر الغناء والرقص»، فيها نشاطات تسلية تقليدية متنوعة مثل المصارعة والرمي وشد الحبل ومسابقة الخيول ورمي السهام.
تعداد سكانها 2.32 مليون نسمة، معظمهم من أبناء قومية التبـت بملامحهم القاسية والضخامة إذا قورنوا بإخوانهم الصينيين.
وجدير بالذكر أن مساحة حقل يانغبازينغ للحرارة الجوفية الذي تم ادراجه ضمن المشروعات التجريبية الهامة للدولة تبلغ حوالي 20 و30 كم² ويبلغ اجمالي الطاقة الحرارية التي تنبعث من سطح الأرض بصورة طبيعية 107 ألف سعر حراري في الثانية ومن المتوقع أن تصل الطاقة الحرارية الممكن اكتشافها الى 150 ألف كيلوواط. ويعتبر أكبر محطة لتوليد الكهرباء تعمل بالحرارة الجوفية تم بناؤها وتدشينها وبدأ استخدامها داخل الصين.
تختزن هضبة التبت الصينية كميات ضخمة من الموارد المعدنية حسبما أشار الى ذلك المسح الجيولوجي الأول الواسع النطاق لهذه المنطقة الواقعة في جنوب غرب الصين.
مناجم جديدة
وقال مسئولون من مصلحة المسح الجيولوجى الصينية انه حتى ما استغلت هذه الاحتياطيات الضخمة من الموارد فإنها ستخفف الى حد بعيد التوتر الذي شهدته الاحتياطيات المحدودة فى الصين دام هذا المسح سبع سنوات ونشر يوم الثانى عشر من فبراير2007 اكتشفت أعمال المسح ما يزيد عن 600 موقع ذات طاقات كامنة لمناجم جديدة. ويقدر ان احتياطيات هذه الهضبة من 30 40 مليون طن من النحاس و40 مليون طن من الرصاص والخارصين وعدة مليارات الأطنان من خامات الحديد.
الجدير بالملاحظة انه اكتشفت سلسلة من عروق خامات الحديد فى نيشيونغ بالقرب من وسط الهضبة مما يوفر احتياطات تصل إلى 500 مليون طن. يذكر ان هذا المسح قد أسفر عن اكتشاف كائنات بحرية متحجرة مما يؤكد ان هذه المنطقة كانت قاع بحر ذات يوم.
رغم أن التبت تعاني من النقصان في موارد الفحم غير أن موارد الحرارة الشمسية متوفرة بسبب اعتلائها الشديد علي سطح البحر، ولذا شجعت الحكومة تطوير صناعة استغلال الطاقة الشمسية في حل مشكلة توفير الطاقة الكهربائية للأسر التبتية حتى صارت التبت أكثر المناطق في الصين تطورا في استغلال الطاقة الشمسية.
القطب الثالث
قال خبراء أن ملياري شخص تقريبا في آسيا ابتداء من سكان المدن الساحلية وحتى البدو رعاة الأبقار سيبدؤون في المعاناة من نقص المياه في العقود المقبلة حيث سيؤدي ارتفاع حرارة الأرض إلى انكماش الأنهار الجليدية في هضبة التبت وتتزايد درجات الحرارة في الهضبة التي يصفها بعض العلماء بأنها «القطب الثالث» نظرا لألواحها الجليدية الكبيرة بشكل أسرع بمعدل الضعف مقارنة بأجزاء أخرى من العالم.
كانت «لاسا» عاصمة التبت الحاضر مجمعا سكنيا لا يضم إلا أكثر من 20 نسمة ومساحته لا تتعدى 3كم مربعة قبل الخمسينيات من القرن السابق، والآن صارت مدينة تاريخية قديمة ذات مناظر الهضبة العالية الخلابة وطابع محلي قومي فريد تبلغ مساحتها 54 كيلو مترا مربعا واكتملت فيها كافة المنشآت الأساسية.
واستثمرت الحكومة الصينية مبلغا باهظا لإنشاء خط السكة الحديدية المرتبط بين تشنغهاي والتبت فوق سقف العالم، وسيصل طول الخط بعد إنشائه 1956 كيلومتر ليصبح أعلي وأطول خط للسكة الحديدية المنشأة فوق الهضبة في العالم.
وتقوم مصلحة حماية البيئة لمنطقة التبت الذاتية الحكم أن خطة حماية وبناء الحاجز الوقائي للأمن الإحيائي الوطني في هضبة التبت والتي تتجاوز استثماراتها 10 مليار يوان صيني تشمل 14 مشروعا لحماية المروج الطبيعية وبناء محميات للحيوانات والنباتات البرية ومعالجة تأكل التربة خلال الفترة ما بين عام 2006 وعام 2030.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 115