أحد أشكال السطح بدولة الكويت
الخبرات .. جيومورفولوجيا لحفظ مياه الأمطار
أمل عبدالله
تنتشر على سطح الكويت الخبرات أو الثميلات وهي الحفر أو المنخفضات الصغيرة التي تنتشر في المناطق الجيرية وغير الجيرية على السواء، وهي حفر دائرية مجوفة وضحلة ويغطي قاعها في العادة مواد طينية أو غرينية مختلطة بالرمال والاملاح، وهذه الحفر هي من النوع الذي يطلق عليه جيومورفولوجيا اسم البلايا Palaya. تمتلئ هذه الخبرات في مواسم سقوط الأمطار بالمياه وتتحول في بقية الأشهر إلى حفر جافة لتبخر الماء أو تسربه إلى باطن الأرض، وتميزت بعض هذه الخبرات بالقدرة على الاحتفاظ بالماء إلى وقت الصيف ثم تجف بتشقق قاعها. ويتركز وجود هذه الخبرات في المناطق الغربية والشمالية الغربية والوسطى والجنوبية من الكويت، وتوجد في المنطقة الشمالية الغربية خبرات : العوازم ومطربة وأم المدافع، وفي المنطقة الغربية توجد خبرة حومة وأم الرويسات والعناق ومهزول وأم عمارة، والمنطقة الجنوبية : جلهم وقرينيص وأم حجول والشقيق، وتنتشر في المنطقة الوسطى الخبرات ابتداء من أم الرمم حتى خباري سالم.
عوامل نشأة الخبرات
هناك ثلاثة عوامل تحكمت في نشأة الخبرات وهي:
1. الجالات والضليعات: وهي الجروف الصخرية والتلال، إذ أن وجود الجالات والضليعات التي تمتد بصورة شبه متوازية على شكل حافات صخرية محدبة تحصر بينها مناطق سهلية أو أحواضا مقعرة أدت إلى تكون عدد من الخبرات في هذه المناطق الحوضية المقعرة.
من أهم الجالات والضليعات التي أثرت في نشأة العديد من الخبرات جال الزور وجال اللياح وامتداداته في أديرع الحمض والعناق، وكراع المرو وأم رجم والأبرق وأبرق الحباري وضليعات مسيعيد وضليع المجمد وتمتد هذه الجالات والضليعات بصفة عامه من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي مما أثر في شكل الخبرات وامتدادها، حيث أصبح محاور امتدادها يتماشى مع محاور امتداد هذه الجالات والضليعات نفسها.
2. الأودية القديمة ( الشقاق ) والشعاب: أثرت الأودية التي يطلق عليها لفظ (الشقوق أو الشقاق) في وجود عدد من الخبرات مثل خبرات المنطقة الشمالية الغربية من البلاد. وتمتد هذه الشقوق على شكل أودية طولية متوازية تأخذ اتجاه الانحدار الاقليمي العام لسطح الكويت نفسه، فهي تتجه من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي. من تلك الخبرات التي نشأت بسبب الشقاق خبرة العوازم وخبرة مطربة وخبرة أم المدافع والصقيهية وخبرة الجليب.
3. البنية والتركيب الصخري: تحكمت البنية والتركيب الصخري في كثير من المواضع في نشأة عدد كبير من الخبرات في الكويت، فبقاع كثيرة من المناطق التي توجد فيها الخبرات تتكون من بنية صخرية رسوبية أفقية أو ضعيفة الميل مؤلفة من حجر جيري أو حجر رملي متعاقب من صلصال رملي أو من حجر رملي خشن الحبيبات ضعيف التجانس وملتحم بكربونات أي أن هناك تباينا في التركيب الصخري ممثلا في تتابع طبقات سطحية صلبة ترتكز فوق تكوينات رخوة سهلة التهدل، ونظرا لكون الطبقات السطحية الصلبة (حجر جيري أو حجر رملي) قليلة السمك في بعض المواضع فإنها أزيلت بسهولة بفعل عوامل التعرية الريحية والمائية، ومن ثم تآكلت الطبقات الرخوة (صلصال أو صلصال رملي) من تحتها بسهوله واتصل بعضها بالبعض الآخر مكونا منخفضات أوسع تجمعت فيها مياه الأمطار والرواسب الغرينية والصلصالية ومن ثم تكونت منخفضات الخبرات التي زاد عمقها فيما بعد بفعل الرياح.
تصنيف الخبرات
أوضحت الدراسات للخبرات في الكويت وجود تباين بينها من حيث عامل النشأة الذي انعكس على الابعاد والشكل، كما تختلف خبرات الكويت من حيث مدى انطمارها أو اختفائها تحت فرشات رملية وكذلك نوع النبات السائد.
1.
أبعاد الخبرات:
أغلب خبرات الكويت قليلة أو متوسطة الطول ونسبة قليلة منها ذات طول كبير نسبيا، وتتراوح أطوال الخبرات مابين 0.450 كم إلى 8.650 كم في حين بلغ متوسط طول خبرات الكويت 2.5 كم. ويتراوح عرض الخبرات في الكويت ما بين 0.175 كم لخبرة عايدة و5.100 كم لخبرة الروضة (أكبر الخبرات في الكويت).
أما بالنسبة للمساحة فقد تميزت خبرات الكويت بصغر مساحتها بصفة عامة فيما عدا الخبرات التي تقع في منطقة الشعاب (الروضة، سالم، النعايم)، أو التي تقع في أحواض كبيرة مثل أم العيش، أو منخفضات واضحة المعالم مثل أم الرمم.
2.
الخصائص التشكيلية:
بصفة عام تميل خبرات الكويت إلى الاستطالة في الشكل أكثر من الاستدارة، وأهم أشكال الخبرات في الكويت الشكل شبه المستدير مثل خبرة أم الرمم الشمالية، والبضاوي مثل خبرة الرويسات، والشكل الكمثري مثل خبرة المتياهة، والطولي مثل خبرة العوازم، والشريطي مثل خبرة حومة الشمالية والقوسي مثل خبرة اللياح والأصبعي مثل خبرة سالم.
3.
الخصائص الطبيعية لحبيبات رواسب الخبرات:
تصنف خبرات الكويت حسب الرواسب إلى:
- خبرات طينية Muddy (ترتفع فيها نسبة الطين عن 09%) مثل خبرة راجي.
- خبرات طينية رملية Sandy mud (يتراوح نســـــبة الطــين فيهــــا بين 50-90 % والرمــــل بين 10-50 % والحصى %5 فأقل) مثل خبرة ركسة والمجمد والرتقة والطلحة وحوبان.
- خبرات رملية طينية Muddy sand (يتراوح الطين بين 10-50 % والــــرمل بيـن 50-٪90 والحصى 10 % فأقل) مثل خبرة حومة الجنوبية وخبرة العناق الشمالية وخبرة أم أرطة الجنوبية والجليب.
- خبرات رملية طيــــنية حصوية Gravelly muddy sand (يتراوح الطــــين بيــــن 15-30 % والرمل بين 30-90 % والحصى أقل من 15 %) مثل خبرة المتياهه.
- خبرات رملية Sandy (يتراوح الرمل بين 90-100 % والطين والحصى 10 % فأقل) وتمثلها خبرة الصقيهية.
4.
مدى انطمار الخبرة بالرمال:
يقصد بالخبرات غير المطمورة الخبرات التي مازال معظم أسطحها الطينية مكشوفة ولم يردم بعد بالرمال مثل خبرة ركسة وخبرة حومة الشمالية وخبرة أم التوانكي والعناق الشمالية والأبيرق ومهزول وسالم وعايدة وأم سدير.
ويقصد بالخبرات المطمورة جزئيا هي التي غطت الرمال جزء منها مثل خبرة المتياهه وخبرة أم العيش وخبرة العوازم ومطربة والروضتين والروضة والشقيق والفوارس.
وهناك الخبرات المغمورة كليا بالرمال مثل أم الروس والصقيهية وأم رجم وخشم العفري وجليب علي والسور، وتستحوذ خبرة الرويسات على أهمية خاصة إذ انها ردمت تماما في أقل من خمسة عشر عاما.
5.
نوع النبات السائد:
يزدهر على أرضية وهوامش خبرات الكويت عدد كبير من النباتات الحولية التي تنمو في موسم الأمطار مثل الحنظل والربلة والخطمى والصمعة والحماط والنصى والحنبزان والحوار والكحيل والحنظل. وعلى الرغم من تعدد أنواع النباتات الحولية فإنه يمكن تصنيف خبرات الكويت على أساس سيادة نوع النبات الحولي الى مجموعتين:
* خبرات يسود فيها نبات العنصيل: يظهر هذا النبات بصورة خاصة في أغلب خبرات الجزء الشرقي مثل خبرة الروضة وأم العيش وأم الرمم وراجي واللياح وأم أرطي والمطلاع والمطيليع والخويمات وأم الجثاثيل وجلهم وقرينيص ودعيج. أي ينتشر هذا النبات في الخبرات التي تقع في منخفضات واضحة نسبيا وتسمح بتجمع كميات مناسبة من مياه الامطار، كما يزدهر في الخبرات التي تغطي أجزاء من أسطحها فرشات رملية رقيقة جدا أو ذات التربة الطينية الرملية.
* خبرات يسود فيها نبات الربلة: ينتشر هذا النبات بصفة خاصة في خبرات المنطقة الغربية والشمالية الغربية مثل خبرة العوازم وحومة والرويسات والعناق والأبيرق والمتياهه والقصر وأم الحيران وعمارة الدرب وخبرة جليب علي والأفراق وأم حجول. أي يزدهر هذا النبات في الخبرات ذات الانحدار البسيط والتي تغطي الفرشات الرملية أجزاء كبيرة من أسطحها نتيجة لقربها من حقول الكثبان الرملية المتحركة، كما يزدهر في الخبرات التي ترتفع في تربتها نسبة الرمال والحصى.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 91