بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

لقاء مع اللواء محمد الشناوي

لقاء مع اللواء محمد الشناوي

مستشار أمني متخصص في كلاب الأثر

اللواء الشناوي : الكلاب البوليسية السلاح الجديد للقطاع النفطي!

رجب السعيد

كشف عن السلاح الجديد لحماية المنشآت النفطية.. وأكد أن الكلاب البوليسية تستطيع بحاسة شمها القوية اكتشاف المتفجرات.. مبينا آليتها الطبيعية في ذلك.. وموضحا دور الكلاب كذلك في تعاملها مع الذخائر والأسلحة المهربة.. وفسر طريقة عثور كلاب الأثر على الطلقات مسترداً باكتشافها نحو 500 طلقة غير مستخدمة ببر الوفرة.. ومؤكدا على وجود إجراءات تأمينية لحماية الشباب المتعاملين مع كلاب الأثر.. ولافتا إلى علاقة كلاب المتفجرات بالبيئة.. وفي معرض حديثه بيّن دور الكلاب في اكتشاف السرطان والجثث المدفونة والمصابين تحت الانقاض..

اللواء محمد عبدالحليم الشناوي التقيناه في لقاء غير عادي للحديث حول كلاب الأثر  وأدوارها المتعددة.. فمع التفاصيل.

* النفط عصب الاقتصاد وأهم عناصر الدخل القومي الكويتي ولذا فإن حماية النفط وتأمين وتسخير كل ما يمكن من وسائل متاحة لعدم المساس به، والكلاب البوليسية بما تملكه من إمكانيات هي السلاح الجديد للقطاع النفطي والذي بدأ في استخدامه مؤخرا، ولكن السؤال فيما يستخدم هذا السلاح الجديد؟

يتلخص دور الكلاب البوليسية في هذا المجال في النقاط التالية:

1-  البحث عن الممنوعات وعلى الأخص المتفجرات والأسلحة ثم المخدرات.

2-  البحث عن مواقع التسرب النفطي لها لعلاج أسبابه.

3-  حراسة وتأمين المنشأت النفطية لمنع أي تسلل من أشخاص غير مخولين بالدخول لهذه المنشآت.

* وقد يتساءل القارئ هل للمتفجرات رائحة؟

نعم للمتفجرات رائحة تميزها قد لانستطيع نحن بنو البشر شمها في أغلب الحالات ولكن الكلب بما له من حاسة شم قوية وحساسة يستطيع بسهولة اكتشافها.

 

* لكن هناك أنواع عديدة من المتفجرات تختلف من بلد إلى آخر وداخل البلد الواحد نفسه، فكيف يستطيع الكلب الذي يعمل في الكويت على سبيل المثال اكتشاف رائحة تلك المتفجرات التي صنعت في روسيا أو المجر أو الصين على سبيل المثال؟

المتفجرات أعداد وأنواع كثيرة جدا تفوق الـ 30 نوعا قد تتشابه روائحها في بعض الأحيان وفي الغالب ما تختلف.

* لكن كيف يستطيع الكلب ذلك؟

لحسن الحظ أن هذا العدد من أنواع المتفجرات تشترك جميعها في 18 مادة ولابد أن يكون أي نوع من المتفجرات قد صنع من مادة أو أكثر من هذه المواد، وبالتالي فإننا إذا ما دربنا الكلب على اكتشافها والتعرف عليها، فهو يستطيع التعرف عليها وعلى ما درب عليه أيا كانت المواد الأخرى المحيطة بها، فمثلا نترات الأمنيوم وهي إحدى المواد الـ18 يستطيع الكلب التعرف عليها سواء كانت مصنعة داخل مواد بلاستيكية أو صلبة، وتلخيصا لما سبق لا يوجد أي مادة متفجرة في العالم تخلو من كل أو إحدى هذه المواد الـ18.

* هذا عن المتفجرات ولكن ماذا على الذخائر والأسلحة، كيف يستطيع الكلب اكتشافها، إذا أحسن تخبئتها أثناء التهريب خاصة تلك  التي لم يتم استعمالها من قبل؟

السبب في ذلك يكمن في جملة منطقية وهو أن الكلب المدرب على اكتشاف المتفجرات عن طريق روائحها التي درب عليها، كيف يستطيع أن يتعرف على هذه المتفجرات داخل أغلفة من الحديد والنحاس محكمة الإغلاق لا يوجد بها أي متنفس لأنه لو وجد بها أي متنفس لأصبحت الطلقة أو القنبلة أيا كان نوعها غير صالح للاستعمال لأن فكرة استعمالها هي وجود المادة المتفجرة داخل حيز مغلق تمام الإغلاق والذي يساعد عند انفجارها في توليد موجة انفجارية تؤدي إلى خروج المقذوف (الطلقة نفسها التي تخترق الجسم) أو كسر الغلاف الخارجي للقنبلة وتوليد موجات انفجارية أكبر وأكثر تأثيرا.  والإجابة من وجهة نظري الشخصية هي أن الكلب يستطيع اكتشاف الطلقات والقنابل التي لم يتم استخدامها وكلما زاد العدد كان ذلك أسهل وأقل صعوبة للكلب وقد ثبت ذلك بالدليل القاطع وبالواقع العملي ولا خلاف عليه سواء هنا أو بالخارج.

وقد استطاعت كلاب إدارة الأثر بوزارة الداخلية اكتشاف صندوق من القنابل اليدوية (450 قنبلة) كانت مدفونة تحت الأرض بحوالي متر ونصف وقد اكشتفتها في منتهى السهولة، كما استطاعت أيضا اكتشاف سلاح وأجزاء من السلاح داخل سيارات رغم أن السيارة كانت مغلقة تماما.

* لكن المسألة الخلافية هي هل يستطيع الكلب المدرب جيدا أن يكتشف طلقة واحدة أو خزانة مسدس مملوءة بالطلقات "6 طلقات" إذا كانت مخبأة؟

نعم يستطيع وقد حدث ذلك بالفعل وتختلف بعض المدارس الأمريكية والأوروبية في هذا الرأي ويعتقدون أن الكلب حتى لو اكتشف الطلقة الواحدة، فإنما يكتشفها نظرا لتلوثها ببصمة المدرب الذي خبأها أو لرائحة الإنسان الذي أمسك بها.

* كيف نفسر اكتشاف الكلب لطلقة أو خزانة لم يلمسها  مدربه أو أي إنسان آخر وقد استخدمت القفازات أو قطع القماش أثناء تخبئتها؟

هذه قضية محسومة فمهما كان الإغلاق محكما داخل الطلقة فإن الكلب يستطيع التعرف عليها وإلا كيف يتعرف مثلا على 500 طلقة لم تستخدم ولم يلمسها إنسان من المحيطين بالكلب أي أن الطلقات جديدة تماما وداخل الصندوق الذي خرجت بداخله من المصنع، وهذا ما حدث تماما ببر الوفرة حيث استطاع أحد كلاب المتفجرات التي قدمتها شركة جلوبال كيرنج هاوس للجمارك من اكتشاف صندوق ذخيرة بداخله ما يزيد  على 500 طلقة مدفونة على عمق نصف متر داخل بر الوفرة أثناء قيام الكلاب بنزهتها الصباحية.

* لكن نظرا لارتفاع درجة تعرض العاملين في مجال استخدام وتدريب الكلاب البوليسية للخطر هل هناك أي تأمين أو تعويضات تشجع الشباب على الانخراط في هذا المجال خاصة وقد ثبتت أهميته في الوقت الحاضر؟

في الواقع ما زالت إجراءات التأمين والتعويضات والبدلات في مراحلها الأولى ولم تصل بعد إلى المستوى المفروض أن تصل إليه نظر لارتفاع مستوى الخطورة سواء من حيث الإصابة بالأمراض أو حدوث إصابات نتيجة تفجيرات أو ما شابه أو حتى نتيجة لعقر الكلب نفسه لأي من المحيطين به أثناء التدريبات حتى ولو كان ذلك عن طريق الخطأ فنحن في النهاية نتعامل مع حيوان ولا نستطيع الجزم بنسبة ٪100 بمعرفة كل ما يدور بذهنه، لذا فأرجو من المسؤولين في القطاع النفطي وفي كل القطاعات الأخرى التي تستخدم كلاب المتفجرات أن تنظر في تأمين وتعويض العاملين لديها بما يستحق ويتفق مع طبيعة الخطر الذي يتعرضون له.

* ما علاقة كلاب المتفجرات التي تعمل على تأمين المنشآت النفطية بالبيئة؟

لو حدث انفجار في إحدى هذه المنشآت ماذا يحدث للبيئة سواء نتيجة التسرب النفطي أو الأبخرة المتصاعدة من الانفجار أو تبعاته لذا فإن الحيلولة دون وقوع ذلك وثيق الصلة بحماية البيئة.

* هل المواد التي يتم التدريب عليها متفجرات حقيقية وإذا كانت كذلك فكيف يتم الحصول عليها رغم الحظر الموجود على حيازتها بمقتضى نص القانون؟

هي مواد حقيقية ولكنها غير مركبة (أي جاهزة للتفجير) فنحن ندرب الكلب على كل ما يدخل في تركيب العبوة المتفجرة منفصلا بحيث لو صادفه في أي مكان آخر سوف يتمكن من اكتشافه وهذه المواد يتم الحصول عليها بعد موافقة النائب العام وهذه الموافقة تعتبر ترخيصا بالحيازة سواء في المتفجرات أو المخدرات ثم بعد ذلك نقوم باستلامها من مخازن القوات المسلحة أو الشرطة ونقوم بالتحفظ  عليها في خزائن خاصة ولا تخرج إلا للتدريب فقط وهناك إجراءات معقدة لتأمينها والتأكد من عدم العبث بها وكذلك تأمين سلامتها.

* لماذا يتم تدريب الكلب على اكتشاف عناصر العبوة المتفجرة كل على حدة ولا يتم تدريبه على عبوة كاملة وفي شكلها النهائي؟

أن الإرهابي وصل إلى درجة عالية جدا من الذكاء في إخفاء أعماله بالتهريب، فإن قيامه بتهريب العبوة كاملة يزيد نسبة خطورة القبض عليه نظرا لكبر حجم المادة لتحدث التأثير المراد عند انفجارها فضلا عن أن شكلها بما تحتوي من صاعق وفتيل وما إليه يثير الشك أكثر لذا لجأ معظم الإرهابيين إلى تهريب المواد المتفجرة كل على حدة ثم إعادة تصنيعها في المكان الذي يود استخدامها فيه فيتم تهريب المادة نفسها على حدة ثم الفتائل الخاصة بها ثم الصواعق كل في عملية منفصلة ومع أشخاص مختلفين لذا فإن الكلب يجب أن يتمكن من اكتشاف كل عنصر من هذه العناصر بمفرده كما يتمكن من اكتشافها مجتمعة.

* قد لا يصدق الكثيرون أن الكلب يمكنه اكتشاف السرطان داخل جسم الإنسان وفي مرحلة مبكرة جدا، ولكن كيف يتمكن الكلب من ذلك ومن أين أتت الفكرة؟

ظهرت هذه الفكرة في أواخر القرن الماضي في انجلترا حيث ذهبت إحدى السيدات إلى طبيبها الخاص تشكو إليه من كلبها )ايريش ستير( يقوم بشم جزء معين من جسمها ويركز في الشم بطريقة ملفتة للنظر وأنه كلما جلس بجوارها على السرير أو الأريكة يقوم بالشم في نفس المكان وبنفس الطريقة، وقد استغرب طبيبها في البداية ولكنه من قبيل المجاملة قام بالكشف الظاهري عليها خاصة في المكان الذي قام الكلب بالتركيز والشم فيه وعندما لم يجد ما يثير شكوكه ومن قبيل الاطمئنان الزائد طلب إليها عمل الاشعات والتحاليل اللازمة.

وعند ظهور نتائج التحاليل والأشعة تبين وجود نوع من السرطان بجسم المريضة ولكنه ما زال في مراحله الأولى، وقد كانت هذه من المرات القلائل التي تشكو مريضة في وجود المرض في مثل هذه المرحلة المبكرة جدا منه وبفضل هذا الاكتشاف ثم علاج المريضة وقد شفيت تماما من المرض وما زالت على قيد الحياة حيث أنها كانت من الأشخاص المحظوظين الذين أصيبوا بهذا النوع من المرض )السرطان( والذي يشفى بالعلاج المبكر. لأنه ان قام الكلب بالشم والتركيز فهذا دليل وجود رائحة وهذه الرائحة تشد انتباهه إذا كان لا يعرفها ولم يسبق له أن تعرض لها. وذلك مثل شخص معين لديه كلب يقوم بالتنزه معه يوميا في غابة قريبة منه أو حديقة حيث يقوم الكلب فجأة بالتوقف والنبش والحفر في مكان معين وعند مساعدته واستكمال الحفر تبين وجود جثة لطفل حديث الولادة، والسؤال هنا هذا الكلب كلب خاص لم يسبق له أن تدرب على روائح الجثث ولم يتعرض طيلة حياته لأي نوع من أنواع التدريبات الشرطية فكيف تمكن من اكتشاف الجثة المدفونة؟ والتفسير الوحيد هو أن هناك رائحة نفاذة شدت انتباه الكلب هذه الرائحة صادفت أن كانت رائحة جثة مدفونة لطفل صغير.

وهذا بالفعل ما حدث مع كلب السيدة المصابة بالسرطان حيث أن هناك جزء في جسم هذه السيدة له رائحة تختلف عن رائحة باقي الجسم. هذا الجزء وهذه الرائحة هي ما جعلت الكلب يركز في هذا المكان بالذات.

* إذا كانت الكلاب تستطيع أن تكتشف الجثث المدفونة أو أجزائها كما أنها تستطيع أن تكتشف أماكن المصابين تحت الأنقاض سواء كانت بسبب الزلازل أو الانهيارات فلماذا لا تسطيع اكتشاف رائحة الجزء المصاب بالسرطان في جسم الإنسان؟

التغيير الكيميائي الذي حدث في الخلية له رائحة تميز هذه الخلية عن الخلايا المجاورة لها وإذا كانت الخلايا المصابة لها رائحة تميزها فمن السهل تعرف الكلب على هذه الرائحة متى تدرب على ذلك وبالفعل بدأ المتخصصون في هذا المجال تدريب الكلاب على اكتشاف هذه الرائحة.

* ولكن كيف يتم تدريب الكلاب على اكتشاف الأماكن المصابة بالسرطان؟ وما المواد التي تقدم للكلاب وتحتوي على روائح السرطان يمكن تدريب الكلاب عليها؟، وأخيرا ما أنواع الكلاب التي يمكن تدريبها على اكتشاف رائحة السرطان؟

كي يتمكن الكلب من اكتشاف الجزء المصاب في جسم الإنسان لابد أن نقدم له رائحة الخلية المصابة وندربه على التعرف عليها ثم مكافأته عن تعرفه عليها، ولكن من أين نأتي بالخلايا المصابة؟ يتم الحصول على الخلايا المصابة من المستشفيات ومراكز الأبحاث المتخصصة في علاج السرطان والتي قد تكون من نتاج العمليات بهذه المراكز لاستئصال الأجزاء المصابة من المرض حيث أن هذه الأجزاء بعد أن يتم تحليلها  والتأكد من اصابتها بالمرض يتم التخلص منها، فبدلا من التخلص منها هكذا يتم تسليمها لمتخصص تدريب هذا النوع من الكلاب حيث يقومون بتدريب الكلاب بالتعرف عليها كلما كثرت الأجزاء المصابة وتنوعت زاد ذلك من فرص نجاح التدريب، وبعد أن يتم تعرف الكلب على الرائحة المميزة للخلايا والأجزاء المصابة يتم تخبئتها في "ماكيت" مجسم لجسم الإنسان ذكر أو أنثى حيث يعتاد الكلب على أن يجد هذه الرائحة مرة في الثدي ثم مرة أخرى في البطن أو الحوض وثالثة في الرقبة ورابعة في الرأس أو الأرجل.

* قد يتساءل القراء كيف يتم ذلك إذا كان الجزء المصاب في جسم الإنسان هو البنكرياس مثلا أو الكبد أو البروستاتا وهي أجزاء عميقة داخل الجسم ومغطاة في الغالب الأعم بأعضاء أخرى من الجسم الآدمي؟

الكلب يستطيع التعرف على الرائحة حتى ولو لم تكن ملاصقة لأنفه أو قريبة منه  وهي نفس فكرة العثور على مخدرات أو متفجرات أو جثث مدفونة على أعماق مختلفة في أرضيات مختلفة فإن روائح هذه المواد ترتفع في اتجاه سطح الأرض متخللة كل المواد التي تعلوها وبالتالي فإن الكلب يستطيع التعرف عليها متى وصل إلى النقطة التي تعلوها تماما في سطح الأرض، فإذا كان الكلب يستطيع اكتشاف المخدرات أو التسرب البترولي على عمق مترين فهو يستطيع اكتشاف العضو المصاب بالسرطان على بعد 30 أو 40 سم وهو سمك جسم الإنسان في المتوسط.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 114