أثر التعديات على البيئة الساحلية
عبير سويد - محمد داود الأحمد
تمتاز دولة الكويت الواقعة فى الشمال الشرقى بشريط ساحلى يمتد من أقصى شمال البية وجزيرة بوبيان إلى أدنى جنوب النويصيب ويبلغ طول هذا الشريط الساحلى ما يقارب من 250 كلم
وتتميز شواطئ الكويت فى معظمها بضعف انحدارها والتى لا تتعدى 15 فى المتوسط، كما توجد أيضاً السواحل المنبسطة والتى تكثر بها الترسبات الطينية وتشاهد هذه عادة فى المناطق شبه المغلقة والتى تقل بها حركة الأمواج وتمتاز بضحالة مياهها وكثرة مواده الطينية وتمتاز بكثرة تكوينات الجبس والملح والترسبات الجيرية، ويلاحظ فى بعض المناطق وفوق حد المد الأعلى وجود بعض الجروف الشاطئية الصلدة والمتماسكة التى يكثر بها فتات الأصداف والواقع البحرية.
إن السواحل الكويتية ركن اساسى من أركان تاريخ الكويت وهى شاهدة على مهنة الآباء كما أنها تعكس ارتباط الإنسان الكويتى بالبحر ضمن علاقة وطيدة.
ويؤكد التاريخ أهمية المناطق الساحلية حيث كانت ولا تزال مصدرا أساسياً من مصادر التنمية الوطنية.
وتبرز هذه الأهمية مع تزايد نمو المجتمعات على المناطق الساحلية والنمو العمرانى الاقتصادى بهدف الاستفادة القصوى من الخصائص الطبيعية لهذه البيئة كما أن الاندفاع نحو التنمية فى البيئة الساحلية والاستغلال البشرى غير المدروس لموارد البيئة الساحلية والاستغلال البشرى غير المدروس لموارد البيئة الساحلية قد يحدث خللا بالاتزان الطبيعى ينتج عنه بعضا لمشكلات البيئية الملموسة الأمر الذى تطلب وقفة جادة وسياسات وإجراءات محكمة تعمل على عدم الإخلال باتزان الطبيعة من خلال الاستغلال الأمثل للبيئة الساحلية دون الإضرار بها وذلك بتشجيع المشاريع المدروسة.
أهمية السواحل الكويتية
ارتبط الكويتيون منذ القدم بالسواحل، فكانت لهم مصدرا للرزق إما بالصيد أو بناء السفن أو التجمعات السكنية، لكن الاستغلال كان سطحيا من ناحية التأثير السلبى على البيئة الساحلية، ومع أوائل الستينيات بدأ المواطنون باستغلال السواحل الجنوبية بكثرة حيث قام بعض الأهالى بإنشاء العديد من الشاليهات البحرية فى المنطقة التى تمتد من منطقة ميناء عبد الله شمالا وحتى منطقة الخيران جنوبا وكان للكثير من تلك الإنشاءات آثار سلبية على طبوغرافية تلك المناطق لم تكن موجودة أو واضحة قبل ذلك.
وتعتبر قضية التعدى على البيئة الساحلية واحدة من أهم القضايا الرئيسية التى تعمل على تدمير البيئة الطبيعية للشواطئ وتحدث خللا جسيما فى اتزانها، ويتمثل التعدى بأشكال عديدة يتم من خلالها النحر والترسيب اللذين تتعرض لهما الشواطئ وتحدث خللاً جسيما فى اتزانها، ويتمثل التعدى بأشكال عديدة يتم من خلالها النحر والترسيب اللذين تتعرض لهما الشواطئ على مدارس السنة، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى إلى إخلال الاتزان وإصابة بعض المناطق بالتراجع وأخرى بالتقدم.
مشكلات البيئة الساحلية
ولقد تفاقمت هذه المشكلة خلال السنوات الماضية وذلك بقيام العديد من الملاك ومستغلى بعض الأراضى المطلة على الشواطئ الوسطى والجنوبية بإجراءات تؤثر على اتزان النظام البيئى فى تلك المناطق حيث تمثل ذلك في :
1- المسئات البحرية : وتعتبر المسئات البحرية من المنشآت التى لها تأثير واضح وبالغ على حركة الرسوبيات البحرية وتزيد أعدادها على الساحل الكويتى عن 500 مسنة وستسبب إعاقة حركة الرسوبيات بواسطة التيارات البحرية المحاذية لخط الساحل، ويؤدى وجودها إلى تراكم الرسوبيات البحرية والملوثات فى جانب وتناقصها فى جانب آخر.
وتم بناء معظم المسنات من مواد غير مناسبة وبطرق عشوائية مما يعيق حركة التيارات والرواسب البحرية الحاذية لخط الساحل.
2- النقع (المرافئ) : وهى عبارة عن مرافئ تستخدم كمواقع بحرية للقوارب بهدف حمايتها من التيارات البحرية والأمواج وهى تقام فى مناطق المد والجزر وتسبب تغيرات مورفولوجية على خط الساحل، وتعمل على حجز كميات هائلة من الرسوبيات مما يؤدى إلى عدم الالتزام فى حركة الرسوبيات مما يؤدى إلى عدم الاتزان فى حركة الرسوبيات الساحلية، وتتراوح مساحة النقع (المرافئ) ما بين 500 – 3000 متر مربع.
3- دفن وردم السواحل : وهى عبارة عن عملية يتم بموجبها إضافة مواد جديدة للساحل بقصد زيادة الاستفادة منه، وغالبا ما يتم الردم والدفن عشوائياً باستخدام أنقاض بناء من حديد ومواد أسمنتية وخرسانات مسلحة ورمال، وتعتبر واحدة من أهم القضايا التى تعمل على الإخلال بالاتزان الطبيعى للسواحل وتعمل على تلويثها وتؤثر بشكل مباشر على السلسلة الغذائية المتواجدة فى مناطق المد والجزر
4- الحواجز الخرسانية : وهى حواجز تبنى من كتل خرسانية بهدف الفصل بين العقارات الشاليهات من الناحية البحرية ويؤدى وجود هذه الحواجز إلى حجز كميات كبيرة من الرسوبيات كما تؤدى إلى تقهقر الساحل مع مرور الزمن، ويصل طول الحواجز الخرسانية إلى حوالى 350 متراً.
5- الحوائط الأسمنتية : وهى عبارة عن حوائط تبنى من الأسمنت بغرض حماية وجه الشاليه من حركةا لأمواج وقد صممت معظمها بشكل عمودى أو مائل، ويبلغ إجمالى طول الحوائ على الشريط الساحلى ما يزيد عن 60 كيلو مترا، ولا يراعى عند بنائها حركة الأمواج والتيارات البحرية فيما تعمل نسبة حدودها التى تصل إلى حوالى 70% من مجمل الساحل الجنوبى على تقهقر الساحل وعدم اتزامنه.
6- نقل الرمال والصخور الشاطئية : وهى عبارة عن عملية يتم بموجبها قلع الصخور والرمال الشاطئية ونقلها إلى مناطق الشالية الداخلية بغرض الزينة أو أعمال التزيين والصيانة، وتؤدى هذه العملية إلى القضاء على الأحياء البحرية التى تتخذ من الصخور والرمال مكانا للتكاثر، وتؤدى هذه العملية إلى تحطيم وجه الشاطئ والذى يعتبر خط الدفاع الأول لمنطقة المد الأعلى، وتقدر كمية الرمال والصخور المنقولة سنوياً بآلاف الأمتار المكعبة.
7- كاسرات الأمواج : وهى عبارة عن حواجز تقام فى منطقة المد والجزر بقصد حماية المنشآت الساحلية بواسطة امتصاص طاقة الأمواج المتجهة إلى الساحل، وتقدر أعدادها بما يزيد على 25 حاجزاً، تتسبب بحجز كميات كبية من الرسوبيات البحرية، وتستخدم أنقاض البناء بشكل واضح فى تصميمها مما يؤثر فى المناطق الساحلية المحيطة بها.
ولقد أدت هذه الأنشطة جميعها إلى عواقب وخيمة وأحدثت مشاكل بيئية يمكن تلخيصها فيما يلي :
* تراجع وتقهقر بعض السواحل المستمر إلى الخلف باتجاه المنشآت المقامة فوق الساحل مما يؤدى إلى عدم استقرار الساحل وتهديد المنشآت المشيدة عليه.
* تقدم بعض السواحل إلى الأمام باتجاه البحر مما يؤدى إلى إتساع المسافة بين المنشآت وحد المد الأعلى.
* تؤثر الاختلال فى اتجاه مرور ورمال الشاطئ ومعدلات انبعاثها على مسارات تيارات وتأثير مناطق تكاثر أو حضانة الأسماك والكائنات البحرية الأخرى.
* تزاول معظم أنشطة التعدى هذه فى المنطقة المحصورة ما بين أعلى مد وأدنى جزر تلك التى تعتبر من أكثر المناطق حساسية بيئيا باعتبارها مكانا مناسبة وتأثير ذلك على الأنشطة الحيوية المقامة على هذه الشواطئ من محطات توليد الكهرباء وتقطير المياه إضافة إلى الموانئ والممرات المائية وغيرها.
* اختلال التوازن الناتج عن الاختلاف فى انتقال الرسوبيات والرمل على الشاطئ وتأثير ذلك على الأنشطة الحيوية المقامة على هذه الشواطئ من محطات توليد كهرباء وتقطير المياه إضافة إلى الموانئ والممرات المائية وغيرها..
التشريعات والقوانين المنظمة لإقامة المنشآت الساحلية
نظرا لحيوية الشريط الساحلي فقد كان للجهات الحكومية وقفة جادة للعمل على تنظيم عمليات إقامة المنشآت الساحلية والمحافظةعلى اتزان الساحل بما يحتويه من كائنات حية ومظاهر طبيعية، وذلك من خلال إصدار التشريعات والقوانين المختلفة، وشهدت فترة الثمانينيات طفرة مميزة فى الجهد الوطنى المبذول لحماية البيئة وصيانة مواردها الطبيعية فى دولة الكويت إلا أن الطموح فى التطوير، وتحسين الأداء بصفة مستمرة بغرض الاستخدام الأمثل للموارد والإمكانات الوطنية المتاحة لتحسين التوعية البيئية وصيانة موارد البيئة الطبيعية وخاصة بعد الأضرار التى لحقت بها جراء آثار التدمير البيئى الشامل التى تعرضت له نتيجة العدوان العراقى الغاشم وما تبعه من عمليات عسكرية يستدعى النظر فى خصائص الهيكل الإدارى والتنظيمى والقانونى لإدارة البيئة الكويتية للوقوف على ما قد يشوبه من سلبيات تستدعى الإصلاح والتطوير ليتماشى مع التطورات الدولية الحديثة فى مناهج وأساليب إدارة البيئية بصورة خاصة نهج التنمية المستدامة كأسلوب لحماية البيئة وصيانة مواردها الطبيعية.
وقامت الهيئة العامة للبيئة. بوضع قوانين وسياسات عامة لحماية البيئة الكويتية فى قانون 21 لسنة 1995 والمعدل تحت رقم 16/96 ومن ضمن بنود القانون المحافظة على البيئة الطبيعية والموارد الطبيعية وموارد الطاقة ومن ضمنها الشريط الساحلى والتى تهدف إلى المحافظة على الخصائص الطبيعية للبيئة والموارد الطبيعية ومواردها الطاقة ومن ضمنها الشريط الساحلى والتى تهدف إلى المحافظة على الخصائص الطبيعية للبيئة الساحلية واتزانها، ومنع انجراف الرمال وتأكل خط الشاطئ أو ترسب الرمال أو الطمى بصورة غير طبيعية، والتعامل مع المشاكل المتوقعة لارتفاع مستوى سطح البحر وطرق حماية الشواطئ ومسطحات الطمى إذا تتضح ضرورة ذلك.
وجددت الهيئة العامة للبيئة السياسات والإجراءات الواجب التعامل بها مع الشريط الساحلى والمتمثل فى:
1- دراسة تأثير عمليات الدفان والحفر فى المنطقة الساحلية وإقامة وتوسعه الموانئ وإقامة المنشآت الصناعية والمدنية المختلفة على خط الساحل.
2- إيجاد توازن بين استخدامات المناطق الساحلية لإقامة المستوطنات والشاليهات والسياحة والصيد وإقامة الموانئ أو أى منشآت تقام على الساحل.
3- إعداد خرائط عن حساسية المناطق المختلفة من الساحل لحوادث التلوث وأهميتها كمناطق لتوالد الأسماك والكائنات وعلى الأخص فى بعض المناطق ذات القيمة الخاصة مثل منطقة الخيران.
4- تحديد المناطق المتأثرة بسبب التآكل أو التوسعة العشوائية والتضارب بين الاستخدامات ومتطلبات الإدارة السليمة لها.
5- إعداد برامج الرقابة على حالة الشواطئ وإعداد خطط الطوارئ لمنع تلوث الشواطئ وتنظيفها مما يصل إليها من ملوثات والمحافظة على التنوع البيولوجي لمناطق المد والجزر.
قسم تنمية السواحل
قسم تنمية السواحل التابع لإدارة التربة والأراضي القاحلة تم استحداثه إيمانا من الهيئة العامة للبيئة بأهمية السواحل وضرورة حمايتها.
ويعمل القسم على المحافظة على الخصائص الطبيعية للبيئة الساحلية بما تحتويه من نظم أيكولوجية وجميورفولوجية وضمان عدم التضارب بين الاستخدامات البشرية التنموية وبين متطلبات الإدارة السليمة للسواحل.
ويختص قسم تنمية السواحل بما يلي :
* إجراء مسح لجميع السواحل الكويتية بما فيها الجزر باستخدام أحدث التقنيات للاستشعار عن بعد واستخدام الصور الجوية لمعرفة أماكن التآكل والترسيب الساحلي.
* رصد حركة الأمواج واتجاهاتها وتأثيرها على السواحل الكويتية وحركة الرواسب والملوثات واستخدامها في عمليات التنبؤ بالتأثيرات البيئية الساحلية.
* إجراء قطاعات طويلة للشواطئ لجمع البيانات الحقلية المتعلقة بحركة الأمواج وتأثيرها على تغير شكل الساحل وسلامة المشاريع والمنشآت الساحلية.
* جمع العينات الشاطئية "الرواسب" لجمع البيانات الحقلية المتعلقة بحركة الأمواج وتأثيرها على تغير شكل الساحل وسلامة المشاريع والمنشآت الساحلية.
* جمع العينات الشاطئية "الرواسب" وعمل تقييم لرواسب القاع وتحديد تركيز الملوثات بها.
* دراسة المردود البيئي للتنمية الساحلية، وتقديم الاستشارات البيئية للمشاريع المزمع إقامتها على السواحل.
* تجميع البيانات المتوفرة لدى الجهات المختلفة والمتعلقة بالمشاريع الصناعية الساحلية وعمل خرائط بالاستعانة بالصور والبيانات الحقلية التي يتم جمعها.
* دراسة الخطة الإنمائية للدولة وأثر كل مشروع فيها على السواحل.
* اقتراح ووضع التدابير اللازمة للمحافظة على سلامة السواحل وجمال البيئة فيها ونظافتها.
* دراسة الموضوعات المرفوعة إلى القسم من الجهات الرسمية المعنية بالسواحل.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 2