بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الاسبستوس

الاسبستوس

العلم يتجه لمنع استخدامه نهائيا 

الأسبستوس .. تألق صناعي واتهامات صحية 

فرح ابراهيم

الأسبستوس هو مجموعة من المعادن الناعمة تشبه الألياف، وله مميزات مثيرة تجعل له قيمة تجارية، فهو لا يحترق كما أنه موصل رديء للحرارة أو الكهرباء. وهو أيضًا مرن وقوي ولايتأثر بمعظم المركبات الكيميائية. ويمكن أن يتسبب الأَسبستوس في مشاكل صحية خطيرة، إذا استنشق بكميات كبيرة، ومن المعتقد أنه لا يشكل أي خطرٍ صحي مادام متماسكًا. ويصبح الأَسبستوس خطيرًا فقط عندما يفتت وتتطاير منه ألياف دقيقة في الهواء. والأسبستوس جاف ويمكن تهشيمه بضغط خفيف وهو سهل التفتيت وقد اقترن الأسبستوس بمرض يسمى الأسبستوسيز كما اقترن بأنواع معينة من السرطان وهذه الأمراض شائعة بين من يتعاملون مع الأسبستوس.

وتدهور استخدام الأَسبستوس منذ سبعينيات القرن العشرين لاقترانه بالمشكلات الصحية. وفي الوقت الراهن تحتوي صناعات قليلة على الأَسبستوس. وهي تشمل أجزاء السيارات ومواد البناء، وكثير من الحكومات وضعت نهاية لإنتاج جميع أنواع الأَسبستوس تقريبا منذ عام 1997م.

يعتبرالأسبستوس مجموعة طبيعية من المعادن المكونة من بلورات متميعة من أملاح السليكا (CRYSTALLINE HYDRTATED SILICATES)، وهي عبارة عن ألياف صغيرة جدا لا ترى بالعين المجردة وتحتاج إلى ميكروسكوب لنتمكن من رؤيتها، وتتميز ألياف الأسبستوس بأنها قوية وشديدة الاحتمال ومقاومة للحرارة وللاحتراق، ومقاومة كذلك للأحماض وللاحتكاك.

وتستخرج ألياف اﻷسبستوس من مناجم خاصة وهي مواد غير عضوية تحتوي على العديد من المعادن الطبيعية التي يدخل في تركيبها أملاح السيليكات إلا أنها تختلف عن بعضها في التركيب الكيميائي والخواص الطبيعية لاختلاف كميات الماغنسيوم والحديد والصوديوم والأكسجين والهيدروجين فيها.

هناك عائلتان من ألياف الأسبستوس تختلفان في خواصهما تمامًا:

(1) عائلة الحلزونيات أو اللولبيات (serpsntine family): وتتميز ألياف هذه العائلة بأنها مموجة ومرنة، وهذه الألياف أوسع انتشارًا في المنتجات الصناعية، ولحسن الحظ أن هذه العائلة أقل خطورة، ومن هذه العائلة النوع المسمى (الكريسوتايل CHRYSOTILE)، وأليافه بيضاء مموجة وتمثل حوالي 90 % من الأسبستوس الموجود في المنتجات الصناعية.

(2) عائلة (amphibole family): وألياف هذه العائلة تتميز بأنها مستقيمة ويابسة وهشة، وهذه الألياف أقل انتشارًا في المنتجات الصناعية وأكثر خطورة، ومن أنواعها ألياف (الأموسيت amosite) التي تكون إما بنية اللون أو رمادية، وألياف (الكروكيدوليت  crocidolie) وأليافه زرقاء اللون.

استخداماته

يستخدم الأسبستوس في مجال البناء وتسقيف المنازل والعوازل الداخلية والخارجية وأنابيب صرف المياه والأدخنة والتهوية، وتعتبر صناعة الأسمنت الأسبستوسي من أكثر الصناعات استهلاكاً للكريسوتايل إذ تصل نسبتها إلى 85 %. وتدخل ألياف الأسبستوس في صناعة أغلفة الأبواب المقاومة للحريق والخزائن الفولاذية، كما تستخدم في صناعة الملابس الواقية من الحريق وكوابح السيارات وبعض أجزاء السيارات وكذلك كمادة عازلة للكابلات والأسلاك واللوحات الكهربائية.

ألياف الأسبستوس التي تم دمجها مع مواد أخرى في الصناعات الآتية:

1-  العوازل: مثل الأنابيب المعزولة والطوب العازل وأسمنت الأسبستوس. 

2-  بناء السفن.

3-  وحدات الطاقة ومعامل التكرير.

4-  شركات البناء والتشييد لإنتاج مواد بناء مقاومة للحرائق وعازلة للصوت وللحرارة ومواد الترميم ومواد الأسطح.

5-  صناعات النسيج مثل: صناعة القفازات والبطاطين.

6-  في فرامل وتروس السيارات.

7-  الأسلاك الكهربائية.

8-  مجففات الشعر.

9-  أفران الخبز المنزلية (toasters). 

مصادر الأَسبستوس

يوجد معظم الأَسبستوس في الصخور المتحولة، ويتطور الكريزوتيل  أساسًا كمخلفات في الشقوق لمثل هذه الصخور. والأموسيت والكروسيدوليت وهما أهم أنواع الأَسبستوس الأمفيبول يتكونان أساسًاـ في الصخور المتحولة الشديدة الانثناء.

ويصل إنتاج العالم ـ كله ـ إلى نحو 4 ملايين طنٍ من الأَسبستوس ويتم استخراج الأسبستوس من المناجم الطبيعية، وغالباً ماتكون أليافها مترابطة مع المواد الاخرى، لذلك يجب فصلها عن بعضها البعض. ويجب ان يتم جمع ألياف الأسبستوس بحيث لا يؤدي ذلك الى كسر ألياف الأسبستوس، وذلك لفوائد الالياف الطويلة والرفيعة long and thin fibers. وقد يكون تركيز هذه الالياف في المناجم عالياً او منخفضاً وذلك حسب طبيعة المنشأ، مع انه نادراً مايكون تركيزها Concentration أعلى من 0.15 %.  ينتج الأسبستوس في 25 دولة من أهمها كندا وأستراليا وجنوب إفريقيا ودول الإتحاد السوفييتي السابق، ووصل إنتاجه في منتصف السبعينات إلى 5 ملايين طن إلا انه انخفض إلى نحو 3 ملايين طن مع نهاية التسعينات على المستوى العالمي، وتصنع منتجات الأسبستوس في نحو 100 دولة في طليعتها اليابان

استخراج الأسبستوس

معظم الأَسبستوس يتم الحصول عليه من حفر متعددة في الأرض يطلق عليها منجم التعدين المكشوف. ولكن بعض مخلفات الأَسبستوس يتم التنقيب عنها تحت الأرض وبعد استخراج الصخور من المناجم تنقل بشاحنات إلى طاحونة، وهناك تقوم سلسلة من الآليات بتهشيم الصخور إلى قطع صغيرة، مع عدم إحداث ضرر بألياف الأَسبستوس إلا في حدود ضيقة ووفقًا لطريقة شائعة فإن الألياف السائبة (المفككة) تسحب عن طريق الشفط، لتمر خلال غرابيل تسمح بمرور الأسبستوس فقط وتفصل آلات خاصة الألياف وفقا لأطوالها وبعد ذلك يشحن الأسبستوس إلى المصانع. 

أنواع الأسبستوس

يستخدم الجيولوجيون كلمة أسبستوس للإشارة إلى ألياف متعددة من السليكات المائية. والسليكات المائية معادن مكونة من سليكا وعنصر فلزي متحدة كيميائيًا مع المياه. وتنتمي السليكات المائية الليفية التي تكون الأَسبستوس إما إلى مجموعة معادن السربنتاين وإما إلى مجموعة معادن الأمفيبول وتشمل مجموعة معادن السربنتاين الكريزوتيل المعروف جدا والأكثر استخداما من أنواع الأسبستوس. وتتكون بنية الكريزوتيل من لوحات متبادلة من المغنيسيا والسيليكا وهذه اللوحات تلف في أنابيب ناعمة تسمى الليفية.

(1) الأسبستوس الأبيض: كريسوتايل،CAS رقم 12001-29-5، يتم الحصول عليه من صخور السِّرْبِنتين. والكريسوتايل من أكثر الأنواع استخداما في الصناعة. وهناك دليل على أن هذا النوع من الأسبستوس ضار، ربما ليس ضارّا بالدرجة كباقي الأنواع الأخرى. صيغته الكيميائيّة Mg3(Si2O5) (OH)4. 

(2) الأسبستوس البني: أموسايت، CAS رقم 12172-73-5، الاسم التجاري للأمفيبوليات، يأتي من مناجم شمال أفريقيا، ويسمى أكرونيوم. صيغته الكيميائية Fe7Si8O22(OH)2. 

(3) الأسبستوس الأزرق: ريبيكايت، CAS رقم 12001-28-4 أمفيبولي من أفريقيا وأستراليا. هو التكوين الليفي للريبيكايت أمفوليبي. ويعتقد بأن الأسبستوس الأزرق هو أخطر الأنواع على الإطلاق. صيغته الكيميائيّة Na2Fe2+3Fe3+2Si8O22(OH)2. 

نلاحظ عادة ما يكون الكريسوتايل أليافاً ليّنة هشّة، والأمفيبوليات ربما أيضا ماتكون أليافا ليّنة هشّة، لكن ليست كل الأمفيبوليات فهناك الأموسايت أليافه أكثر إستقامة. وهناك أنواع أخرى من معادن الأسبستوس المنتظمة والتي قليلا ما تستخدم في الصناعة، لكن يبقى وجودها في تركيبات المواد بصور مختلفة، وفي المواد العازلة. 

كيف يسبب الأسبستوس المرض؟

هناك وسيلتان رئيسيتان يمكن من خلالهما التعرض لألياف اﻷسبستوس :

الأولى: التعرض عن طريق الهواء، أو الاستنشاق خاصة في أماكن العمل، وبناء على المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية يجب ألا تتجاوز ألياف الأسبستوس في الهواء في أماكن العمل عن0.5 ليفة لكل سنتيمتر مكعب، وصنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان وهي تابعة لمنظمة الصحة العالمية الأسبستوس كمادة مسرطنة وذلك عن طريق الاستنشاق.

الثانية :عن طريق مياه الشرب، إذ دلت الدراسات الوبائية التي قامت بها منظمة الصحة العالمية على أن الأمراض السرطانية لا تزداد عند ابتلاع ألياف الأسبستوس في مياه الشرب، ولا يوجد دليل قاطع حتى الآن على أن وجود ألياف الأسبستوس في أنابيب مياه الشرب يشكل خطورة على صحة الإنسان، كما أن المنظمة وهي الجهة المعتمدة عالميا لوضع المعايير الخاصة بمياه الشرب لم تضمن الأسبستوس في قائمة المواد التي يمكن أن تشكل خطورة على صحة الإنسان خاصة إذا ما وجد بنسب مقبولة. أما الوكالة الأمريكية لحماية البيئة في أمريكا فتعتقد أن التعرض لألياف اﻷسبستوس عن طريق مياه الشرب قد يصيب الإنسان بأمراض سرطانية في الجهاز الهضمي، إلا أن الدليل على ذلك ليس قاطعاً. 

استنشاق وابتلاع

تحدث الآثار الضارة لألياف الأسبستوس إذا تم استنشاقها أو ابتلاعها، وهذا لا يحدث إذا كانت ألياف الأسبستوس متحدة جيدًا مع المواد الأخرى بحيث تمنع هذه المواد انتشار هذه الألياف في الجو، وتكمن الخطورة عندما تتعرض هذه المواد للتشققات أو للسقوط، وتتصاعد ألياف الأسبستوس في الهواء؛ حيث تستنشق أو تبتلع بدون أن يشعر الشخص؛ وذلك لصغر حجم الألياف. ولقد كان التعرض لألياف الأسبستوس في الماضي يحدث فقط في المصانع، أما الآن فيحدث التعرض لهذه الألياف الخطيرة في المدارس والمنازل والمباني العامة مثل المستشفيات، حيث استخدمت كميات كبيرة من المواد التي تحتوي على الأسبستوس في بناء المدارس في الفترة منذ سنة 1946م إلى سنة 1972م في الولايات المتحدة، وتشقق هذه المادة يؤدي إلى انتشار ألياف الأسبستوس في الهواء بنسب عالية جدًّا وخطيرة، مما يؤثر على صحة أطفال المدارس والعاملين بها، وبعد الاطلاع على دراسات عديدة أكد الكونجرس الأمريكي أنه لا يوجد حَدٌّ آمن مسموح به للتعرض لألياف الأسبستوس؛ لأنها ألياف شديدة الخطورة، وبالذات على صحة الأطفال. 

عائلة الحلزونيات

ولقد وجد أن شدة الإصابة تعتمد على تركيز ألياف الأسبستوس في الجو ومدة التعرض للألياف واستجابة الشخص نفسه، كما يختلف التأثر باختلاف حجم وشكل الألياف ودرجة ذوبانها، فألياف عائلة الحلزونيات (serpentine family) تتميز بأنها مرنة ومموجة؛ لذا يتم احتجازها في الممرات التنفسية العليا (الأنف والبلعوم الأنفي والحنجرة والقصبة الهوائية)، ويتم طردها عن طريق الأهداب المخاطية، وإذا وصلت أليافها إلى الرئة يسهل إزالتها لأنها أكثر ذوبانًا؛ لذا لا يسبب هذا النوع أورام الغشاء البلوري الخبيثة، أما الألياف المستقيمة المتيبسة لعائلة (amphibole family)، فإنها تصطف في اتجاه الهواء لتصل إلى أعماق الرئة وبذلك تسبب أورام الغشاء البلوري الخبيثة، والألياف الطويلة أكثر من 8 مم، والرفيعة أقل من 0.5 مم تكون أكثر خطورة، ومن الجدير بالذكر أن ألياف العائلتين تسببان تليف الرئة. 

أهم الأمراض التي يسببها استنشاق الأسبستوس

1-  تليف الغشاء البلوري المحدود (Localized Fibrous Plaques)، ونادرًا ما يحدث تليف عام في الغشاء البلوري (Diffuse Fibrosis).

2-  استسقاء في البلورا Pleural Effusion.

3-  تليف الرئة (Asbestosis) الذي يؤدي إلى هبوط في الجهة اليمني من القلب بسبب ارتفاع الضغط في الدورة الدموية الرئوية. 

4-  أورام الأغشية المصلية الخبيثة (Mesothelioma) التي تحدث في الغشاء البلوري أو البريتوني، وهذا الورم نادر الحدوث في الأشخاص الذين لا يتعرضون لألياف الأسبستوس ويزيد معدل الحدوث عند التعرض إلى 1000 مرة. 

5-  أورام الرئة الخبيثة (Bronchogenic Carcinona) ويزيد المعدل خمس مرات عن الشخص الطبيعي. 

6-  أورام خارج الرئة مثل أورام الحنجرة والمعدة والأمعاء والمستقيم. 

طريقة التخلص من المواد الملوثة بغبار الأسبستوس

هناك طريقتان للتخلص من آثار الأسبستوس في المواد الملوثة بغبار الأسبستوس فيها وهم التنظيف والتخلص من القطع الملوثة.

تعد الأجزاء الملونة بغبار الأسبستوس، غير المحتوية على زوايا واطراف معقدة، من الاجزاء الممكن تنظيفها والتخلص من وجود الأسبستوس الضار منها (أرضيات الغرف، الخزائن، الطاولات،.. الخ) مع العلم ان تنفيذ هذه الطريقة يجب ان يتم دائماً بالطريقة الرطبة.

إن وجود مصدر لألياف الاسبستوس يؤدي حتماً الى تلوث سائر أجزاء المكان الموجود فيه لذلك يجب ان يتم تنظيف السطوح الملساء بالطريقة السابقة، اما بعض المواد والقطع مثل الاوراق والكتب، فإنه من الضروري تنظيفها بطريقة الخلخلة او التفريغ، أما بالنسبة لقماش الستائر البرادي والالبسة وغيرها. فانه يجب غسلها في غسالات خاصة مع ضرورة تصفية الماء قبل طرده.
في الطريقة الثانية, يتم التخلص كلياً من القطع الملوثة نظراً لصعوبة تنظيفها مثل السجاد او الموكيت وحتى بعض انواع القماش المستخدم في صناعة بعض الكراسي ومواد العزل الحراري او الصوتي، علماً بأن هذه المواد قادرة على تخزين كمية كبيرة من ألياف الأسبستوس الضار. 

المواد البديلة

تهدف عملية ازالة الأسبستوس الى التخلص من الاضرار الناتجة عن وجود هذه المادة على شكل ألياف. كما يجب إعادة تصنيع الأجزاء المصنوعة من الأسبستوس من مواد جديدة تتميز بنفس الخواص التي يتمتع بها الأسبستوس ولكنها غير ضارة، وقد بدأت العديد من الدراسات والمشروعات تهدف إلي رفع جودة المنتجات المعدنية وزيادة قدرتها التنافسية مع تعظيم الاستفادة من خامات الثروة المعدنية وإدخال تكنولوجيات الإنتاج النظيفة‏ وتناولت أهم الأبحاث التطبيقية استخدام خامات معدنية محلية آمنة بيئيا بديلة للأسبستوس وإنتاج شرائح طبية من سبائك التيتانيوم وتغطيتها بمادة هيدروكسي اباتيت المشابهة للعظام البشرية لاستخدامها في جراحات العظام‏ وتحضير المواد ذات المسامية العالية مثل الألمنيوم الإسفنجي والسليكون المسامي والتي تستخدم في صناعة السيارات والدروع والصناعة الكيميائية. 

منع الاستخدام

يكمن الحل في منع استخدام الأسبستوس في الصناعات المختلفة، ولقد تم منع استخدامه في عدة صناعات ومنها عوازل الأنابيب ومواد البناء، وحتى يتم منعه في جميع الصناعات فإن الكشف الدوري على عمال المصانع يصبح هو المخرج الوحيد لإنقاذ هؤلاء العمال من أمراض لا علاج لها، أما بالنسبة لمن يعيشون في أماكن استخدام الأسبستوس في تشييدها فإن الخطورة تكمن عند حدوث تشققات في هذه المواد أو عند محاولة إزالتها، وهنا يجب أن يعرض الشخص نفسه على الأماكن الصحية المتخصصة لإجراء التحاليل اللازمة للتأكد من وجود ألياف الأسبستوس في الرئة، وهنا يكون الحل بوضع طبقة عازلة أو تغطية هذه الحوائط لمنع انتشار ألياف الأسبستوس، ويحذر تمامًا  من محاولة إزالة هذه المواد؛ لأن الإزالة قد تسبب خطورة أشد على صحة الإنسان.

تلزم النظم في دول كثيرة العمال بوضع كمامات وملابس واقيةً في حالة تعرضهم لمستوى معين من غبار الأَسبستوس، ويجب أن تكون هناك غرفةٌ خاصةٌ للعمال ليتمكنوا من تغيير ملابسهم بعد العمل، وهذه الاحتياطات تحمي الناس من حمل غبار الأَسبستوس في ملابسهم إلى بيوتهم، وبالإضافة إلى إن بعض الشركات تقوم بإجراء فحوصات طبية سنوية لمستخدميها المعرضين أكثر من غيرهم لكميات محددة من ألياف الأسبستوس، وتحمي النظم الحكومية المستهلكين من منتجات معينة تحتوي على الأسبستوس وقد أصدرت عدة دول تشريعا لاستبدال مواد أخرى تدريجيا بالأسبستوس. 

نفايات الأسبستوس

أخذت النفايات الخطرة في السنوات الأخيرة اهتمام دول العالم والجهات الدولية والحكومية والإقليمية التي وضعت القوانين والتشريعات والإتفاقيات الدولية التي تتحكم في تصنيفها وتداولها ونقلها والتخلص منها بالطريقة التي تمنع الآثار الضارة بصحة الإنسان والبيئة، وأحد هذه الاتفاقيات الدولية هي اتفاقية بازل  وقد تم فتح باب التوقيع على اتفاقية بازل، للتحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود في 23 مارس عام 1989 بمدينة بازل السويسرية  من جانب 116 حكومة بالاضافة إلى المجموعة الأوروبية، وقد قامت دولة الكويت بالتوقيع عليها بتاريخ 23/8/1993 بموجب القانون رقم 25 لسنة 93 وأصبحت الاتفاقية نافذة بالنسبة لدولة الكويت بتاريخ 9/1/1994 وبذلك تعتبر دولة الكويت طرفا في هذه الاتفاقية. وقد اشتملت الاتفاقية على مجموعة من المواد والبنود القانونية التي تهدف إلى إدارة النفايات الخطرة بين الدول بطرق سليمة بيئيا وبالتوقيع على الاتفاقية يحق للدول الأعضاء أطراف الاتفاقية على تبادل المعلومات فيما بينهم أو استيراد وتصدير النفايات في حالة عدم توفر المرافق المناسبة بيئيا للتخلص من النفايات بتلك الدول.

وقامت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مجتمعة بإصدار النظام الموحد لإدارة النفايات وذلك في ديسمبر 1997 في دولة الكويت والذي ارتكز في مضمونه على ما جاء في اتفاقية بازل وبالتالي حدد الغرض من هذا النظام بوضع نظام مناسب للتحكم في عملية إنتاج وتخزين ونقل ومعالجة النفايات والتخلص منها في الدولة بالطرق التي تمنع الآثار الضارة بصحة وسلامة ورفاهية الإنسان وكذلك يهدف هذا النظام الموحد لدول مجلس التعاون إلى تشجيع وتطوير عملية معالجة وإعادة استخدام الموارد بأسلوب تراعي فيه حماية صحة الإنسان والبيئة على المدى القريب والبعيد.

وكثير من دول العالم أصدرت الكثير من القوانين والتشريعات منذ سنوات تقضي بمنع وتحريم استخدام أو إنتاج أو استيراد الأسبستوس ومنتجاته نهائيا وتعتبر دولة الكويت واحدة من تلك الدول وفق القرار الوزاري رقم 26 لسنة 1995 الصادر من قبل وزير التجارة والصناعة والذي يقضي بمنع وتحريم استخدام أو تصنيع أو استيراد منتجات الأسبستوس الخطرة. 

التخلص من الاسبستوس

ونظرا للكميات الكبيرة من مخلفات الأسبست الخطرة (ألواح – بايبات – أسقف) الموجودة بدولة الكويت والناتجة عن عمليات الإزالة التي تقوم بها معظم الجهات الحكومية والقطاع الخاص،  بالإضافة إلى تزايد نفايات الأسبستوس نتيجة استبدال بعض شبكات الخدمات المصنعة من الأنابيب الأسبستية بأخرى غير أسبستية، تقدمت الهيئة العامة للبيئة بطلب لبلدية الكويت بشأن تخصيص موقع دركال قديم بهدف تجهيزه كحفرة ردم خاصة لاستيعاب جميع الكميات المخزنة بالدائري السابع الشمالي بصورة مؤقتة والمعرضة لظروف وعوامل الجو المختلفة، على أن تقوم الهيئة العامة للبيئة بالإشراف على تجهيزها بأسلوب فني وهندسي بحيث يتم تبطين الحفرة بمادة عازلة تمنع تسرب الملوثات بالمياه الجوفية بالاضافة إلى ضرورة تسوير الحفرة ووضع العلامات التحذيرية والإرشادية للموقع وذلك بالتنسيق مع اللجنة الثلاثية المكونة من الهيئة العامة للبيئة وبلدية الكويت واللجنة الأمنية لتنفيذ قرارات مجلس الوزراء، حيث تم تبطين وعزل قاع وجوانب حفرة دركال بميناء عبد الله الصناعية خلف محطة استقبال ومعالجة النفايات الصناعية الصلبة الخطرة وتجهيزه كموقع دائم للتخلص من نفايات الأسبستوس. وتبلغ مساحة الدركال حوالي 90 ألف متر مربع وبمتوسط عمق يصل إلى 8 أمتار وتم عزل وتغطية جوانبه والقاع بطبقات ذات سمك مناسب من الأسفلت والبيتومين ورش طبقات من الأملش وطبقة من التشريف اللاصقة، وقد تم اختيار نوعية التبطين بدلا من البلاستيكيات الاصطناعية حتى تتلاءم مع الأحمال المتولدة من الأنابيب وتجنب تعرضها للقطع من الأحرف الحادة للأنابيب وألواح الأسبستوس المكسرة، والموقع لن يستقبل أي نفايات من الأسبستوس غير مغلفة جيدا بشرائط من البلاستيك السميك لمنع تطاير أي ألياف أثناء الفك والتداول والنقل وأتربة الأسبستوس ستنقل في حاويات مغلقة وسيتم غسيل الشاحنات بعد تفريغ حمولتها من نفايات الأسبستوس وقبل مغادرتها للموقع للحد من تطاير أي ألياف أو أتربة من الأسبستوس في المناطق المحيطة بالموقع والطرق العامة.

كذلك في الشعيبة مردم عبارة عن حفرة بقدرة استيعابية توازي 750 ألف م2 وبعمق يمتد من 8 الى 12 م، تم عزل الحفرة بطبقة من الإسفلت وبسماكة 6 سم، تلتها طبقة طينية من الجتش وطبقة رملية بسماكة 20 سم للحماية. وللاستفادة إلى أقصى حد من الحفرة وقدرتها الاستيعابية تمت تعبئة البايبات الكبيرة التي تحتوي على المادة الخطرة بالبايبات الصغيرة والمخلفات المكسرة، أما المواد المطحونة أو الألياف المفككة فلها طريقة خاصة إذ يجب تغليفها ببلاستيك خاص على شكل مكعبات، وبعد رصف البايبات والمكعبات في القعر تغطى بطبقة من التربة لضمان عدم تناثرها في الهواء بفعل عوامل التعرية، وهكذا، ومن المتوقع أن تستوعب الحفرة أو المردم جميع كميات الأسبستوس المتواجدة في البلاد.

التأثيرات الصحية

خطورة الأسبستوس تكمن في نوع المواد المعدنية الموجودة فيه وتعتمد تأثيراته الصحية على المدة الزمنية التي يتعرض لها الإنسان وكذلك على عدد الألياف وطولها ومتانتها، وتبين وجود علاقة وثيقة بين المدة الزمنية للتعرض لألياف اﻷسبستوس وشدة التعرض وبين التأثيرات السلبية على صحة الإنسان، إذ تظهر أعراض المرض بعد التعرض المزمن لألياف اﻷسبستوس الذي قد يصل إلى أكثر من 20 سنة، أما بالنسبة للتعرض الحاد فلا توجد دراسات تظهر تأثيراته على الإنسان. يصيب الإنسان بأمراض سرطانية في الجهاز الهضمي، إلا أن الدليل على ذلك ليس قاطعاً.

سرطان الرئة

ويعمل الأسبستوس- بعكس كل الأتربة غير العضوية الأخرى التي تسبب تليُّفات في الرئة- كمنشئ للأورام (tumor initiator)، وكذلك مُحَفِّز للأورام (tumor promoter)، إلى جانب أن تدامج ألياف الأسبستوس مع الكيماويات السامة المسرطنة (مثل الموجودة في دخان السجائر) يؤدي إلى زيادة معدل حدوث أورام الرئة الخبيثة، وفي إحدى الدراسات وجد أن التعرض لألياف الأسبستوس فقط يؤدي إلى زيادة 5 مرات في نسبة حدوث سرطانات الرئة، أما التعرض للأسبستوس مع دخان السجائر فيؤدي إلى زيادة معدل الحدوث 55 مرة.

إن الضرر الناجم عن ألياف الأسبستوس فقد تم اكتشافه في وقت متأخر، فلأول مرة اكتشفت عام 1900 حالات التهاب في الرئة في بريطانيا لها علاقة بهذه المادة، وفي عام 1927 أطلق اسم الأسبستوس على احد انواع الامراض الناتجة عن هذه الالياف، ومنذ عام 1939 اعتمد هذا الاسم من بين الأمراض الناتجة عن المهنة في المانيا، بعدها اثبتت وجود علاقة بين هذه المادة وسرطان الرئة. ويعود السبب الاساسي لتسبب هذه الامراض ,الى أن ألياف المادة غير قابلة للانحلال، وهي غالباً ذات إبعاد أصغر من الاوعية التنفسية في الرئة وبالتالي تستطيع الدخول إليها. 

أهم  الأعراض المرضية

عادة لا تبدأ هذه الأعراض في الظهور قبل 10 سنوات من التعرض، ويمكن أن تظهر بعد 40 سنة أو أكثر؛ لأن الألياف الضارة تظل موجودة في الرئة مدى الحياة، والأعراض تشمل الآتي: 

1-  ضيق في التنفس ويبدأ عادة مع المجهود ثم يصبح موجودًا أثناء الراحة. 

2-  سعال مع بصاق. 

3-  إجهاد مزمن. 

4-  فشل الجزء الأيمن من عضلة القلب (Right Sided Heart Failure) نتيجة ارتفاع ضغط الدورة الدموية الرئوية كنتيجة لتليف الرئة، الذي يؤدي إلى تورم الجسم (Oedema) مع استسقاء في الغشاء البريتوني Ascitis.

منظمة العمل

أصدرت منظمة العمل الدولية الإتفاقية رقم 162 لسنة 1986 في دورتها رقم 92 التي تعرف باسم «الحرير الصخري» وتضمنت حظر استخدام هذه المادة بجميع أشكالها والاستعاضة عنها بمواد ومنتجات أخرى عديمة الضرر أو أقل ضررا كما وضعت هذه الإتفاقية استثناءات من الحظر في حالات معينة حددتها بشروط اتخاذ إجراءات وتدابير صارمة تضمن عدم تعرض العمال للخطر.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 103