الأشجار الاستوائية في اريتيريا وسيلة لمكافحة الفقر
سلوى القبندي
يعتمد الكثيرون في منطقة هيرجيجو في ارتيريا على صيد الأسماك، فنلاحظ ابتسامة تعلو وجه الصيادين وهم يمسكون بسمكة ضخمة من أسماك الامبراطور بلونيها الأصفر والفضي، وبعد دقيقة يخرج صديقه سمكة قرش صغيرة من المياه الضحلة للبحر الأحمر قبالة سواحل أريتريا. وتتقافز أنواع أخرى من الأسماك فوق سطح مياه البحر فيما يستعد أربعة من الصيادين الشبان للعودة لقريتهم هيرجيجو بغنيمتهم. يقول هؤلاء الصياون أنه لولا هذه الأشجار الاستوائية الضخمة لما وجدت كل هذه الأسماك مشيرين إلى صف من الأشجار الكثيفة تفصل الصحراء عن البحر.
ومنحت غابة الأشجار الاستوائية التي زرعت حديثا أنواعا مختلفة من الأسماك مأوى مهما لتتغذي وتتكاثر في منطقة لم تكن سوى سطح طيني قاحل من قبل. ولم يعد ذلك المشروع البيئي بتلك القرية الواقعة في القرن الأفريقي بالفائدة على الحياة البحرية والصيادين فحسب بل نال جوائز عالمية كنموذج لمكافحة الفقر وتوفير العذاء للجوعى.
مليون شجرة
فقد غير المشروع الذي يقوده العالم الأمريكي «جوردون ساتو» صاحب الاهتمامات بالنواحي الإنسانية طبيعة المنطقة التي كانت تفتقر لماء عذب كاف تحتاجه الزراعة التقليدية، ويوجد نحو مليون شجرة استوائية في منطقة تمتد لمسافة ستة كيلومترات من هيرجيجو وتستخدم أوراقها علفا للماشية، ويعني ذلك ألا يضطر سكان القرية للسير للمرتفعات البعيدة لرعي أغنامهم، وكميزة أخرى للمشروع الذي بدأ قبل عشرة أعوام وأطلق عليه «مانزانار» تحصل الحيوانات على احتياجاتها من البروتين من الأسماك الصغيرة وحبوب الأشجار المجففة. وجاء «ساتو» إلى أرتيريا في الثمانينيات حين كان الجوع والحرب يفتكان بشعبها وهو الآن في الثمانين من عمره، وكان يفكر في كيفية تحفيز الزراعة على الساحل القاحل حين لاحظ نمو الاشجار الاستوائية باعداد صغيرة في بعض المناطق الساحلية، وخلص هو وفريقه إلى أن الأشجار تنمو في المناطق التي تحمل اليها مياه البحر مياه الامطار وفسروا ذلك بأن الأمطار توفر النيتروجين والفوسفور والحديد وهي عناصر تفتقر إليها مياه البحر، وفعلا نمت الأشجار بعد طمر الحبوب مع قطعة من فلز الحديد وجوال مثقوب يحتوى على أسمدة غنية بالنيتروجين والفوسفور، ونتيجة لهذا توقف التصحر وتغيرت حياة مجتمع القرية، وبذلك تم توفير الغذاء والماء للفقراء حيث كان يبدو مستحيلا من خلال تجارب بسيطة، حيث أنه يمكننا تحويل المسطحات الطينية القاحلة إلى غابات استوائية ونستغل ذلك لتوفير معظم الغذاء الذي تحتاجه الماشية. وقد وأطلق ساتو على المشروع اسم «مانزانار» وهو اسم معسكر اعتقال أقيم في صحراء كاليفورنيا حيث امضى ساتو سنوات الحرب العالمية الثانية مع اسرته وآلاف من الامريكيين من اصل ياباني، وكان ساتو حينئذ مراهقا صغيرا ونجح في زراعة حديقة خاصة به في المنطقة التي تغطيها الاتربة.
الجغرافيا الساحلية
واسترعى المشروع اهتماما خارجيا ونال عدة جوائز خاصة بالتنمية، ويعد نموذجا لدول فقيرة أخرى لديها نفس الجغرافيا الساحلية مثل موريتانيا والصومال وبيرو وهايتي. وذكر ايمانويل يماني مدير المشروع من وزارة المصايد في اريتريا «إن حل للفقر والجوع لا يحتاج لتكنولوجيا متقدمة في هذا الوقت الذي يشهد ارتفاعا في أسعار الغذاء وارتفاع درجة حرارة الأرض.. هذا مايحتاجه العالم».
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 103