" غونو " الاعصار القادم من الهندي
عنود القبندي
«غونو» إعصار مداري تحرك بسرعة 10-18 كم في الساعة، وتجاوزت سرعة الرياح فيه 260 كم في الساعة من موطنه في المحيط الهندي متجها إلى بحر العرب ومنه إلى السواحل الشرقية العمانية مصحوباً برياح شديدة أدت إلى ارتفاع الأمواج إلى 12 م وهيجان البحر، مروراً بإيران والإمارات ومن ثم الى باكستان والذي أدى إلى تدمير العديد من المنشآت العمانية ووفاة العديد من الأشخاص. وقد اتخذت سلطنة عمان إجراءات احترازية استعداداً للإعصار المداري قبل أن يضرب سواحلها المطلة على بحر العرب، وقد بدأت الأمطار بالهطول على جزيرة مصيرة ومنطقة رأس الحد بشرق السلطنة قبل وصول الإعصار بينما شرعت السلطات في إجلاء سكان المنطقة تحسبا لهذا الإعصار.
مولد الإعصار
تشكلت عاصفة مدارية في المحيط الهندي، وكانت عبارة عن منخفض جوي تتعمق إلى أن تصل مرحلة الإعصار وقد تراوحت سرعة الرياح تقريباً 115 كم في الساعة في بدايته، التي كانت في الأصل عبارة عن حركة رياح دورانية، وبعدها وصلت سرعة الرياح إلى 260 كم في الساعة، أما حركة الإعصار الأفقية كانت بسيطة وبلغت 18 كم في الساعة بدأت من المحيط الهندي ومن ثم اتجهت إلى بحر العرب ثم اصطدمت بالسواحل الشرقية العمانية.
ولكن بمجرد اصطدام هذا الإعصار باليابسة وهي الشواطئ العمانية فقد قوته، أي أنه ضعف وتحول من إعصار إلى منخفض عميق وأصبح عبارة عن عاصفة مدارية صنفت من الدرجة الأولى بمقياس سافير سمبسون ووصلت سرعتها إلى 100 كم في الساعة، وخفت الرياح فيها تدريجيا إلى أن تحول إلى منخفض جوي بسيط، ثم تحول إلى إيران وأثناء وصوله إليها كانت قوته 170 كم في الساعة، وعادة تكون المناطق الساحلية هي منطقة نهاية الإعصار، فهو أقوى عاصفة مخروطية في شمال المحيط الهندي وهو ثاني الأعاصير المسجلة لهذا العام.
حركة الإعصار
تشكلت بداية الإعصار غونو في جنوب شرق بحر العرب في أواخر مايو الماضي، وتشكل بشكله النهائي على بعد 645 كم جنوب مدينة مومباي الهندية، حيث أنه تكون من اسطوانة مخروطية وقوة سحب متوسطة المستوى على الطبقات العليا.
وفي مطلع شهر يونيو الماضي وصل المخروط المتكون إلى الأرض, وفي البداية صنفته السلطات الهندية بإعصار متوسط الخطورة ولكن بعدها عند اقترابه من جنوب غرب مدينة مومباي في الهند وعلى بعد 760 كم قلت قوته وسمي بإعصار غونو وكان ذلك في اليوم الثاني من شهر يونيو. بعدها تحرك واقترب من باكستان بالاتجاه الشمالي الغربي والشمالي حيث أنه استفاد من الجبهات الهوائية الموجودة نتيجة تغيره للاتجاه حيث أنه هنا صنف من الدرجة الأولى، ومن ثم ارتفعت خطورة الإعصار مع اقترابه من بحر العرب حيث ترتفع المياه في هذه النقطة الأمر الذي تسبب في زيادة قوته وخصوصا في منطقة محور الإسطوانة الخاصة به.
بعدها صنف بالإعصار الخطر جدا وهذا في اليوم الثالث حيث أنه اعتبر أقوى إعصار يضرب بحر العرب, حتى الآن مع نسبة قليلة من قوى الرياح العمودية ونسبة كبيرة من الرياح الجانبية التي بلغت 260 كم في الساعة وهي سرعته القصوى في بحر العرب وخلال دقيقة واحدة ارتفعت السرعة إلى 315 كم في الساعة وعلى بعد 285 كم من جزيرة مصيرة على سواحل عمان.
بعدها في اليوم التالي وهو الرابع تكونت اسطوانة خاصة بالإعصار وبلغت سرعته خلال عشر دقائق 240 كم في الساعة مع وصول الضغط إلى 920 مليبار, وخلال تسع ساعات وصل الإعصار إلى ذروته وتم تصنيفه بالخطر جدا وهنا كان يبعد عن جزيرة مصيرة 480 كم إلى الشرق وسرعته 215 كم في الساعة وكان الضغط في مركز الإعصار 935 مليبار، وقد قامت السلطات العمانية بإجلاء عشرات الآلاف من الأشخاص من المناطق الساحلية، كذلك سكان جزيرة «مصيرة»، فإن أكثر من ثلثي هذه الجزيرة عبارة عن مناطق مسطحة ومنخفضة مأهولة الأمر الذي سوف يكون خطراً عليها في حال ارتفاع الأمواج إلى 10 م.
أصل التسمية
جاءت تسمية هذا الإعصاربـ « غونو « عن طريق مركز خاص لمراقبة الأعاصير في الولايات المتحدة الأمريكية مهمته مراقبة ومشاهدة الأجواء في جميع أنحاء العالم, وهذا المركز بمجرد ما يتكون الإعصار فالخبراء الجويون يطلقون عليه اسم ويضعون له شهادة ميلاد ووفاة، ويقومون بمتابعة مساره بعد أن يتكون حتى يصبح إعصارا ويصفون له ثلاثة اتجاهات، وعندما يتكون وهو يسير حسب الضغوط الجوية والرياح المحيطة به يتمكنون من معرفة اتجاهه إلى أي جهة معينة سيضرب وعلى ضوئه يمكن إبلاغ إخلاء المدن التي يتجه إليها. ويضرب هذا الإعصار عادة في شهر يونيو نتيجة لبرودة الطبقات العليا في الجو مقابل زيادة حرارة الطبقات الهوائية القريبة من البحر.
تأثير الإعصار
شهدت السواحل الشرقية العمانية عند وصول إعصار غونو المداري أمواج هائلة وصل ارتفاعها 12 م لتتجاوز الحواجز الخرسانية وتدخل اليابسة حيث ارتفعت هذه الأمواج على طول ساحل القرم باتجاه العذيبة والسيب كذلك في ولاية قريات، فكان مصحوبا بأمطار رعدية غزيرة وصلت نسبتها إلى 600 ملم وهو رقم قياسي غير معهود في عمان ولا في الخليج العربي منذ عشرات السنين.
كما كان الإعصار مصحوبا برياح شديدة بلغت سرعتها حول مركز الإعصار 100 كم تقريباً بالقرب من السواحل العمانية الجنوبية وأكثر من 800 كم بخليج عمان والمناطق المحيطة بها إلى أن وصلت سرعة الرياح المصاحبة لغونو أكثر من 215 كم في الساعة، فقد صنف هذا الإعصار في الفئة الخامسة القصوى من الأعاصير الأسوأ من نوعه الذي يصل ساحل عمان منذ 1977، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي ووسائل الإتصال والبث التلفزيوني.
وكان تأثير الإعصار مركزاً على السواحل الجنوبية الشرقية لسلطنة عمان المواجهة للمحيط الهندي وامتد إلى المنطقة الوسطى ومسقط ومنطقة الباطنة ومحافظة مسندم ومنطقة الظاهرة والداخلية ومحافظة البريمي، بالإضافة إلى السواحل العمانية والإماراتية والإيرانية المطلة على خليج عمان ومضيق هرمز.
ولعبت العوامل الطبيعية الجغرافية دوراً كبيراً في تأثر سلطنة عمان والدول الأخرى بهذا الإعصار ومن هذه العوامل نذكر التالي:
أولاً: التضاريس المتمثلة بالمرتفعات والمنخفضات التضاريسية، وبالفعل كان أكثر المناطق التي تأثرت بهذا الإعصار هي المناطق الساحلية والجبلية المواجهة للإعصار وهي سواحل مدينة صور ومرتفعات رأس مسندم ورأس الحد العمانية، بينما هذه المرتفعات كان لها تأثير نسبي في تخفيف أثر سرعة الرياح على مدينة مسقط والمناطق القريبة منها، فسرعة الإعصار تنخفض بشدة على اليابسة، وفي مناطق نشأته أو تكونه تصل سرعته في حدها الأقصى إلى 150 عقدة أي تتجاوز 400 كم في الساعة، وبوصوله إلى اليابسة يحدث تفريغ لطاقته عبارة عن رياح شديدة وأمطار.
ثانياً: عمق المياه المواجهة للسواحل العمانية والتي لها علاقة بارتفاع الأمواج، فالمياه المواجهة للسواحل العمانية أعمق بكثير من سواحل الدول الأخرى، ويقل العمق تدريجياً عند مدخل الخليج العربي وبالنسبة للخليج العربي فأعماق المياه تقل تدريجياً كلما اتجهنا إلى شمال الخليج العربي.
تصنيف الأعاصير
وللأعاصير تصنيف من حيث سرعتها وتتمثل في أعاصير من الدرجة الأولى وتكون سرعتها من 74 إلى 95 إلى 110 كيلو متراً في الساعة، وأعاصير من الدرجة الثالثة تتراوح سرعتها بين 111 و 130 كيلو متر في الساعة، وأعاصير من الدرجة الرابعة تتراوح سرعتها بين 131 إلى 125 كيلو متر في الساعة، أعاصير من الدرجة الخامسة من 156 كيلو متر في الساعة فما فوقق مثل أعاصير ولاية كاترينا في أميركا.
ماهي الأعاصير المدارية؟
الأعاصير المدارية هي مناطق اضطراب جوي شديد تتصف بانخفاض الضغط الجوي الكبير فيها، وبشدة انحدار الضغط فيها وبالرياح الشديدة المدمرة وجاءت تسميتها من شدة الرياح المدمرة المرافقة لها وليس من انخفاض الضغط الجوي فيها.
وتعرف الأعاصير بعدة أسماء تبعاً للمنطقة التي تحدث فيها، فعل سبيل المثال في المحيط الأطلسي يعرف الإعصار بـ Hurricane وفي المحيط الهادي الشمالي الغربي يعرف بـ Typhon وفي أستراليا بـ willy – willy ولكن في بحر العرب يعرف بالأعاصير المدارية.
والإعصار Hurricane يتكون على الماء وفيه حركة دورانية بها ماء ووسطها يكون فارغاً ولا يمكن الدخول في المنطقة الوسط وهذا يؤدي إلى أضرار كبيرة وإذا أصاب مدينة يدمر الكثير وهو النوع الذي أصاب عمان، فهو يختلف تماماً عن الأعاصير البرية المعروفة بـ Tornado.
أعاصير مشابهة
من المعروف أن الأعاصير تولد في الأماكن الحارة من المحيط وتعرض العديد من المناطق للتدمير، فمثلاً في عام 1722 اجتاحت الأعاصير مدينة نيوأورليانز الأمريكية وتركتها حطاماً وركاماً، كذلك في عام 1881 غرق أكثر من 300 ألف شخص نتيجة لإعصار هب على الشواطئ الصينية.
وفي عام 1944 اجتاحت عاصفة اعصارية شواطئ جزيرة في البحر الكاريبي فكانت مدمرة جداً أيضا في عام 1970 ضرب بنغلادش إعصار يعد من أكثر الأعاصير المدارية شهرة بسبب حجم الخسائر التي نجمت عنه على الأجزاء الجنوبية الساحلية من أراضي بنغلادش، وكان هذا الإعصار بقايا عاصفة مدارية عبرت الملايو غرباً وأسفر عنه أضرار فادحة ومقتل حوالي 200 ألف شخص.
هذا النوع من الأعاصير لا يمكن أن يتكون في الخليج العربي لأن الإعصار يحتاج إلى مسطحات مائية كبيرة وواسعة كالمحيطات التي يتوافر لها المسطحات المائية الكبيرة والتيارات المائية الباردة والحارة أيضاً كذلك في البحر الأحمر والأبيض المتوسط والبحار المغلقة كالبحر الميت لأنها بحار تعد مسطحات مائية صغيرة مقارنة بالمحيطات ولا توجد بها تيارات كبيرة ساخنة وباردة، إلا أن عمان معرضة لهذا النوع من الأعاصير حسب الظروف الجوية لكن احتمالاته قليلة جداً. إن آخر تلك الأعاصير ضرب في عام 1992 وتوغل إلى جنوب المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية، بعدها ضرب ذلك العام أجزاء واسعة من سلطنة عمان ملحقاً بعض الأضرار المادية.
كذلك هناك أيضاً إعصار جاء في العام 2002 في شهر مايو إلا أن تأثيره اقتصر على الإمارات وسلطنة عمان ومواقع الربع الخالي بالمملكة العربية السعودية وتسبب في بعض الخسائر المادية.
اعصار كوريولي
يتسبب بالرياح هواء الضغط العالي المندفع نحو مناطق ضغط منخفض تسمى سكيلونات، لكن بدل أن يندفع الهواء مباشرة الى السيكلون، فإنه يدور حوله دورانا حلزونيا وهذا ما نسميه ظاهرة كوريولي وهي تحدث لأن دوران الارض حول نفسها يدفع الريح دائما الى جانب واحد.
بنية الأعاصير المدارية
ظهور أجهزة الرادار منذ أواخر الثلاثينات من القرن الماضي ودخولها في مجال الرصد الجوي وتعقب الأعاصير منذ أوائل الخمسينات واستخدامها في مجال الطيران مبكراً سهل ذلك في تحديد مواقع الأعاصير ومراكزها وأحجامها ومساراتها وعلى هذا تم تقسيم هيكل الإعصار المداري إلى أربعة أجزاء وهي كالتالي:
1. الغلاف الهامشي : وهو الجزء المحيط بالإعصار من جوانبه المختلفة، الطقس فيه معتدل مع غيوم متفرقة من نوع السمحاق والسمحاق الطبقي التي تتواجد تحتها بعض الكتل من غيوم الركام. ومثل هذا الطقس قد يسبق وصول الإعصار المداري بعدة ساعات (12-24) ساعة ويستمر عقب تجاوزه بحوالي (12-24) ساعة أيضاً.
2. الغلاف الخارجي : هذا الغلاف يعرف برياحه العاصفة وهو يؤلف الدرع الخارجي من هيكل الإعصار ويعد هذا الجزء الذي يقارب اتساعه من (100-200 كم) أقل الأجزاء خطرا في الإعصار ويستثنى من ذلك المنطقة المركزية.
3. الغلاف المضطرب (الجدار الإعصاري): وهو أخطر وأعنف أجزاء الإعصار حيث الأمطار الغزيرة التي تنهمر كالسيول، والغيوم الكثيفة الداكنة الشديدة النمو والفعالية والتي تعطي هذا الجزء عتمة قاتمة حيث تكاد تنعدم الرؤية بداخله والأعظم في ذلك هي تلك الرياح التي تعصف في حركة دوامية نحو الأعلى بحيث تصل سرعتها أحياناً إلى 300 كم في الساعة ويصل امتدادها حتى سقف طبقة التروبوسفير، والغيوم ذات النمو الرأسي الشديد (غيوم الركام المزني) التي تعكس شدة التيارات الهوائية الصاعدة السائدة هي التي تكسب هذا الغلاف خاصيته الجدارية المعروفة وهطول الأمطار الشديد والبرق والرعد والامتداد الأفقي لهذا الغلاف عند سطح الأرض قد يتجاوز 100 كم.
4. عين الإعصار: تمثل عين الإعصار المنطقة الجوفاء وتعرف بقلب الإعصار، ووصفت هذه المنطقة من الإعصار بشدة إثارتها وبجمال منظرها وهي تقع في وسط الجحيم الإعصاري الدوامي المتنقل، حيث الهدوء الذي يخلو من بعض الرعشات التي تهز صفحة المياه من وقت لآخر. وكان مركز الإعصار يتحرك باتجاه ساحل خليج عمان بسرعة 10 كم في الساعة.
إن عين الإعصار لها خطر ودمار غير الدمار الذي يحدث قبل وصولها، فالكثير من الناس يعتقدون أن الإعصار قد مر بمجرد توقف هطول الأمطار والرياح الشديدة غير أن هناك مفاجأة وهي عندما تتقدم مؤخرة الإعصار لتحدث الضربة المفاجئة، ويتراوح قطر عين الإعصار ما بين (10 – 50 كم).
ظواهر الطقس المرافقة للأعاصير المدارية
أكثر مظاهر الطقس شذوذاً والأعنف في العالم هي مظاهر الطقس المرافقة للأعاصير المدارية وهي كالتالي:
1. الرياح: وتعتبر الصفة الدالة على الإعصار والتي تستمد منها، فهي عادة رياح تفوق في شدتها العاصفة، لذلك أول ما يتبادر إلى الذهن هي تلك السرعات فائقة الشدة للهواء المتحرك في الإعصار المداري بحيث تعجز مقاييس سرعة الرياح العادية في محطات الرصد السطحية من قياس تلك السرعات. في الأعاصير المدارية الشمالية (في نصف الكرة الشمالي) تكون حركة الهواء معاكسة في جهتها لجهة حركة عقارب الساعة والعكس في نصف الكرة الجنوبي، ويعد مركز الإعصار الذي فيه أقل قيمة للضغط محوراً للحركة الهوائية الشديدة التي تتخذ مظهراً لولبياً (حلوزنياً) والتي تزداد حركتها تسارعا مع ازدياد انحدار الضغط بالاقتراب من حافة منطقة الهدوء المركزية (عين الإعصار).
إن المناطق المعرضة لضربات هذا النوع من الأعاصير تشهد مرحلتين من مراحل العنف والرياح العاصفة (مرحلة ماقبل وصول العين كما حدث في عمان عند هيجان البحر ووصول ارتفاعه إلى 12 م وطيران الكثير من الأشجار واقتلاعها بالإضافة إلى اقتلاع وطيران الكثير من أطباق البث الفضائية فقد كانت سرعة الرياح حول مركز الإعصار ما بين 115 و114 عقدة أي بين 212 و260 كم في الساعة، ومرحلة ما بعدها) لذا فإن اتجاه هبوب الرياح في مقدمة الإعصار تكون معاكسة لاتجاهها في مؤخرته بسبب الحركة اللولبية الإعصارية.
2. الغيوم: يتدفق الهواء باتجاه مركز الإعصار قرب سطح الأرض حيث الرطوبة تكون مرتفعة، في حين يكون التدفق معاكساً (خارجاً) في المستويات العليا المتصفة بانخفاض درجة الحرارة وضغط بخار الماء المشبع المنخفض جداً، وعليه فإن الهواء لسطحي المتدفق نحو الداخل سيؤدي إلى حدوث تهاطل، فكتلة السحب المصاحبة للإعصار غونو كانت مستمرة في التأثير بأمطار غزيرة وأمواج عالية جدا ورياح شديدة على سواحل المنطقة الشرقية لسلطنة عمان.
فالهواء المتجه نحو مركز الإعصار يتعرض للصعود بسرعة شديدة في حركته الدائرية حول مركز عين الإعصار الأمر الذي يترتب عليه تشكل كتل سميكة من الغيوم العاصفية (غيوم الركام المزني) التي تحتوي على كميات هائلة من بخار الماء الذي يتكثف ليهطل بصورة أمطار تنسكب وكأنها أنهر من الماء لشدة غزارتها. وفي الوقت الذي تكون غيوم الركام فوق الأفق تدل على بدء النشاط الواضح في حركات الصعود الهوائية وازدياد اضطراب الجو وتبرز بعدها حزم من الغيوم المغزلية المخيفة التي تعد مؤشراً على أن الإعصار بدأ ينفث طاقاته القصوى باشتداد سرعة الهواء والهطول المطري الغزير.
حيث تبدأ حزم من الغيوم التي تمتد رأسياً تأخذ الحركة المغزلية وكلما زاد الاقتراب من مركز الإعصار ضمن الحزم المغزلية كانت الغيوم أكثر نشاط والرياح أكثر قوة وهطول الأمطار أكثر غزارة، أما تهاطل الأمطار وما يتعلق بكميتها تبلغ أشدها عند جدار عين الإعصار وتتناقص مع البعد عن مركز الإعصار.
3. درجة الحرارة: تتزايد درجة الحرارة باتجاه مركز الإعصار ولكنه يكون بسيط حتى الاقتراب من جدار عين الإعصار الشديد الاضطراب ويأخذ بالتزايد إلى وصوله لعين لإعصار، ويرجع التزايد في درجة الحرارة مع الإقتراب من مركز الإعصار بسبب تحرك الهواء الرطب المختزن لكميات كبيرة من الطاقة الحرارية في الاتجاه نفسه أي باتجاه الضغط المنخفض، أما درجات الحرارة المرتفعة في داخل عين الإعصاريرجع إلى حركة الهبوط الهوائية الموجودة فيها، والذي يترتب عليه حدوث تسخين ذاتي للهواء الهابط الأمر الذي ينجم عنه ارتفاع في الحرارة وانخفاض في نسبة الرطوبة.
4. الضغط الجوي: بما أن الإعصار المداري ما هو إلا منطقة ضغط جوي منخفض لذلك تنخفض قيمة الضغط في مركزه الأمر الذي يمنح الهواء المتجه نحو المركز قوة تسارع ضخمة.
الأمواج المحيطية الناتجة عن الأعاصير
ينجم عن الرياح الشديدة في الإعصار قوى ضغط على سطح المحيطات تتولد عنه أمواج مد تنتشر خارجاً في جميع الاتجاهات، تلك الأمواج المدية في بعض الحالات تبدو على شكل انتفاخ بحري طويل بعيد عن الدوامة الإعصارية وتنشأ هذه الأمواج في ربع الدائرة الخلفي من حركة الإعصار في اتجاه الإعصار وهذه الأمواج تستمد قوتها من الإعصار، إذ من الممكن أن تبلغ سرعة انتشارها بحدود (1500 كم في اليوم) لذا فإن وصول المد العظيم إلى اليابس يمكن أن يكون مؤشراً على وجود إعصار مقترب على بعد حوالي (900 – 1000 كم) في البحر.
بدا على طول خط السواحل الشرقية لعمان عند اقتراب الإعصار وبداية ضربات رياحه العنيفة ارتفاع كبير في مستوى المياه وبسبب الفترات الطويلة لضغط الرياح الشديدة على المياه بحيث تؤدي إلى تزايد سريع في ارتفاع مستوى الماء والذي بلغ 12 م، وفي المناطق الشمالية من عمان اجتاحت مياه البحر تقريبا كيلومتر واحد في عمق اليابسة أي فوق معدل المد العادي.
2007 عام الأعاصير
لقد أجريت العديد من البحوث في أشهر المراكز والمعاهد المتخصصة في العالم جميع نتائج هذه البحوث أجمعت على أن عام 2007 هو عام الأعاصير!!
وعلى الرغم من أن العام قد مر نصفه إلا أن الخبراء سبقوا إعصار «غونو» الذي ضرب السراحل العمانية عندما أشاروا إلى أن موسم الأعاصير لهذا العام سوف يبدأ مع بداية شهر يونيو الماضي، وبهذا يكون غونوا أول تأكيد لصحة هذا التنبؤ.
رحلة الإعصار
المنطقة الشرقية العمانية كان لها نصيب الأسد والجزء الأكبر من قوة الإعصار فبعد ضربه للسواحل العمانية انتقل إلى عدة مناطق مختلفة.
* مملكة البحرين: ارتفع منسوب مياه البحر الذي أدى إلى تحرك مراكب الصيد إلى شوارع قرى جو وعسكر في جنوب البحرين وغطت المياه جزءا كبيرا من قرية المعامير شرق البحرين وهددت عددا من المنازل، وتم إخلاء نقطة للشرطة في الدور جنوب الجزيرة كإجراء احترازي بعد أن فاجأ ارتفاع المد سكانها.
* الإمارات: تعرضت سواحل إمارة الفجيرة وكلباء وخور فكان التابعتين لإمارة الشارقة لارتفاع الأمواج بسبب الإعصار، حيث غطت الأمواج كورنيش البحر وصديقة المنطقة الأمر الذي تسبب في توقف حركة السير على الشارع العام، كما أغلق ميناء الفجيرة بشكل كلي أمام الملاحة البحرية تحسباً لزيادة تأثير الأمواج بالإضافة لإخلاء الميناء من السفن الراسية.
* المملكة العربية السعودية: أدى الإعصار إلى ارتفاع أمواج البحر في المنطقة إلى مترين ونصف مع تشكيل السحب المتوسطة والعالية ونشاط الرياح السطحية على الساحل الشرقي التي وصلت إلى 40 كم في الساعة وبعض الأتربة المثارة في الربع الخالي وعلى الجزء الشرقي، بسبب الرياح الهابطة من السحب الركامية، فلا تأثير مباشر على المملكة، لأن الإعصار لا يتكون فوق المسطحات اليابسة، وذلك لأنه عبارة عن آلة (ماكينة) بخارية يستمد طاقته من البحر ولا بد أن تكون درجة حرارة المياه مناسبة حتى يستمد منها الطاقة، فمن المعروف أن العواصف المدارية دائماً تموت على الشاطئ.
* اليمن: كان التأثير على السواحل الشرقية لمحافظة مهرة والمياه الإقليمية اليمنية محدودا والتأثير كان عبارة عن رياح شديدة مع ارتفاع ملحوظ لمياه البحر ما بين 5 و 12 قدم.
* إيران: اجتاح غونو مناطق مختلفة جنوبي إيران كمدينة بندر عباس وجزيرة قشم، الأمر الذي أدى إلى مصرع ثلاثة أشخاص وإلحاق أضرار جسيمة بهذه المناطق. فقد بلغت سرعته حوالي 120 كم في الساعة وكان هذا الإعصار مصحوباً بالغبار الشديد والرعد والبرق والأمطار وأدى إلى اقتلاع بعض الأشجار و20 عمود خشبياً للكهرباء واندلاع الحرائق ووقوع خسائر بالمحولات الكهربائية وقطع التيار الكهربائي بالإضافة إلى ارتفاع أمواج البحر التي وصلت إلى ما بين مترين وخمسة أمتار في السواحل الجنوبية الشرقية ومضيق هرمز، وأغلقت أربعة طرق رئيسية نتيجة الفيضانات الناجمة عن الامطار الغزيرة التي صاحبت مرور إعصار غونو المداري.
آلية تشكيل الأعاصير المدارية
هناك عدة فرضيات تفسر نشأة الإعصار المداري، ولكن جميع المختصين بموضوع الأعاصير اجمعوا على أن الأعاصير المدارية تستمد طاقتها الرئيسية من الحرارة الكامنة في بخار الماء التي تنطلق أثناء تكاثفه.
الإعصار المداري يمتلك طاقة حركية هائلة، وبما أن المصدر الرئيسي لتلك الطاقة يكمن في كمية الحرارة الضخمة التي تنطلق خلال عملية تكاثف بخار الماء، بحيث تتحول تلك الطاقة الحرارية إلى طاقة حركية في الإعصار.
وبما أن توفر مثل تلك الطاقة الحرارية الضخمة يتطلب وجود كميات كبيرة من بخار الماء في الهواء، تلك الكمية يتلقاها الهواء من سطوح المياه المحيطية شديدة الحرارة التي تتجاوز درجة حرارتها 27º مئوية، ووجد أن الغالبية العظمى من الأعاصير المدارية تتشكل فوق الأجزاء من المحيطات التي تتميز بحرارة مرتفعة لمياهها السطحية.
وما أن تأخذ الدوامة الإعصارية بالتشكل والنمو حتى يبدأ فارق الضغط بين مركزها وما حولها بالتزايد والبروز ويرافقه تزايد سرعة الهواء المتجمع والمتحرك حول مركز الدوامة الإعصارية. وما دامت الطاقة الواردة من الهواء تزيد عن الطاقة المبذولة في أعمال معاكسة فإن شدة الدوامة هذه ستستمر في التزايد، أما إذا تساوت الطاقة المكتسبة مع المفقودة فسيحافظ الإعصار على شدته دون تغيير أما في حالة ما إذا فاقت الخسارة الطاقة الواردة المحركة للإعصار فسيمتلئ الإعصار عندئذ ويتلاشى.
ومهما كانت الظروف التي تعمل على خلق نواة الإعصار المداري فلا بد من توفر قوة تعمل على منح الإعصار للحركة الدورانية التي يتميز بها، وتتمثل هذه القوة في قوة الإنحراف الناجمة عن دوران الأرض حول نفسها المعروفة بقوة كوريوليس وبفعلها الهواء المندفع للتجمع في مركز الإعصار سيأخذ في الحركة وفق مسار دائري متحلق في جهة معاكسة لجهة حركة عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي والعكس في نصف الكرة الجنوبي وهو في حالة تسارع أيضاً لدى اقترابه في المركز.
وتتمثل الظروف الملائمة لتشكل الإعاصير المدارية في النقاط التالية :
الاضرار التي تسبب فيها الاعصار
خلف الإعصار غونو الكثير من الأضرار التي كان لها تأثير في الكثير من النواحي تمثلت في التالي :
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 91