تحلية المياه بالطرق غير الحرارية
التناضح العكسي – الديلزة الكهربائية
نظرا للزيادة العالمية في عدد السكان والتطور التكنولوجي فإن تحلية المياه أصبحت تحظى بدور هام منذ عام 1950 وخاصة في الأماكن التي تقل فيها الإمكانيات المتاحة من مصادر المياه العذبة الطبيعية والتي قد تتوافر فيها مصادر مختلفة للمياه المالحة لذا إتجه العلم الحديث إلى المياه المالحة لإنتاج المياه العذبة حيث أنها أكبر المصادر المائية في العالم ومع التوسع المتزايد في تحلية مياه البحر واتجاه كثير من الدول نحو هذا المصدر الكبير وتطور الأبحاث والدراسات في هذا المجال أصبحت تحلية المياه المالحة علما وصناعة لإنتاج الماء العذبة بكميات كبيرة وتكلفة اقتصادية وقد كان لأزمة الطاقة التي حدثت في السبعينيات تأثيرا هاما في البحث عن طريق بديلة لتحلية المياه تتميز بانخفاض متطلباتها من الطاقة وكانت أهم هذه الطرق طريقة التناضح العكسي ( Reverse – Osmosis ) والديلزة الكهربائية ( Electro dialysis).
وقد برزت طريقة التناضح العكسي في السنوات الأخيرة كأسلوب عملي هام في مضمار تحلية وتنقية المياه بعد أن أمضى العلماء عشرات السنين في محاولات جادة متواصلة لإيجاد أغشية متطورة رخيصة التكاليف يمكن استخدامها لفترات طويلة، وكلا من طريقة التناضح العكسي والديلزة الكهربائية تعتمدان على استخدام الأغشية إلا أن الديلزة الكهربائية تستخدم الأقطاب الكهربائية لاستقطاب الأيونات وإمرارها من خلال تلك الأغشية بينما يستخدم التناضح العكسي الضغوط المسلطة على أسطح الأغشية للتغلب على الضغط الأسموزي الطبيعي وتستخدم كلتا الطريقتين بنجاح لتحلية المياه قليلة الملوحة والتي يصل محتواها من الأملاح حتى 10000 جزء في المليون وقد أمكن تطوير أغشية التناضح العكسي لتحلية مياه البحر عالية الملوحة.
مشاريع تحلية المياه بالتناضح العكسي في الكويت
أولا: مشروع محطة الدوحة التجريبية لتحلية مياه البحر
في عام 1979 تم توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين دولة الكويت ممثلة ( بوزارة الكهرباء والماء ومعهد الكويت للأبحاث العلمية ) وجمهورية ألمانيا الاتحادية وقد قام الجانبان الكويتي والألماني بموجب هذه الاتفاقية ببناء محطة نمطية تعمل بنظام التناضح العكسي في الدوحة سعة 3000 متر مكعب في اليوم تضم ثلاثة أنظمة مختلفة من حيث التصميم وطراز الأغشية والمعالجات الكيماوية وقد استمر الجانب الألماني بالمشاركة حتي نهاية عام 1987 استكمل بعدها الجانب الكويتي البرنامج البحثي والذي كان من أهم نتائجه تأكيد اعتمادية هذه التقنية في تحلية مياه البحر تحت الظروف البيئية السائدة بدولة الكويت كما تم تدريب كوادر وطنية عديدة للعمل في هذا المجال وقد كان من المخطط استكمال التجارب والاختبارات والتي حال الغزو العراقي دون استكمالها حيث قام الغزاة بفك المحطة وجميع مكوناتها ونقلها إلى العراق وتخريب ما بقي من معداتها، وقد قامت الوزارة بالتنسيق مع معهد الكويت للأبحاث العلمية بإصلاح مبنى المحطة وتركيب وحدتي تناضح عكسي سعة كل منهما 300 متر مكعب في اليوم تعملان بأنظمة مختلفة من حيث التصميم وطراز الأغشية والمعالجات الكيميائية لاستكمال التجارب البحثية في مجال تحلية مياه البحر بطريقة التناضح العكسي.
ثانيا: مشروع تحلية المياه قليلة الملوحة
نظرا لوجود المياه الجوفية قليلة الملوحة كمصدر طبيعي بالكويت والتي وصل إنتاجها قبل الغزو العراقي إلى 120 مليون جالون إمبراطوري في اليوم لذا رأت الوزارة الاعتماد على هذا المصدر لتحويل جزء منه بواسطة التناضح العكسي إلى مياه صالحة للشرب في الحالات الطارئة وبناء على ذلك فقد تم في عام 1987 تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة بتركيب وتشغيل 13 وحدة تناضح عكسي السعة الإنتاجية لكل منها 250 ألف جالون إمبراطوري / اليوم موزعة على المواقع الهامة، واستكمالا لخطة الطوارئ فقد تم تركيب وتشغيل 20 وحدة تناضح عكسي أخرى مماثلة لتحلية المياه قليلة الملوحة في مواقع مختلفة وذلك خلال عام 1993 لتصبح الطاقة الإنتاجية لتحلية . المياه قليلة الملوحة بالتناضح العكسي بدولة الكويت 4/81 مليون جالون إمبراطوري في اليوم.
هذا وقد قامت دولة الكويت بعد حرب العراق (2003 ) بإهداء الشعب العراقي ثماني وحدات من هذا النوع طاقتها الإنتاجية (2) مليون جالون إمبراطوري في اليوم لمساعدتهم أثناء فترة إعادة الإعمار لتصبح الطاقة الإنتاجية للوحدات العاملة بالكويت من هذا النوع حاليا ( 6025 ) مليون جالون إمبراطوري في اليوم.
ثالثا: إنشاء وحدة تناضح عكسي إنتاجية لتحلية مياه البحر
تتابع وزارة الكهرباء والماء باهتمام كل ما يطرأ من تطور وتقدم على تقنية استخدام وحدات التناضح العكسي خاصة بعد النتائج الإجابية المشجعة التي حصلت عليها الوزارة في تجربتها باستخدام وحدات التناضح العكسي في تحلية المياه قليلة الملوحة، ونتيجة للتحسينات التي أدخلت على الأغشية والمعدات المختلفة لهذه التقنية مما أدي إلى زيادة الاعتماد عالميا على استخدام هذه التقنية في تحلية مياه البحر، فإن الوزارة تقوم حاليا بإنشاء محطة سعة 30 مليون جالون إمبراطوري اليوم لتحلية مياه البحر بموقع محطة الشويخ لتوليد القوى وتقطير المياه.
أما بالنسبة لمشاريع التحلية بطريقة الديلزة الكهربائية والمتميزة بتحلية المياه قليلة الملوحة فقد قامت وزارة الكهرباء والماء في السابق بوضع المواصفات الفنية والإشراف على تركيب وتشغيل وحدة تحلية تعمل بهذه الطريقة سعة 20 ألف جالون إمبراطورى في اليوم لتوفير مياه الشرب اللازمة لمعسكرالجيش بمنطقة الشقايا وقد استمرت الوحدة تعمل بصورة مرضية لمدة تزيد عن 20 عاما وتمشيا مع التطور في هذا المجال فقد تم استبدالها عام 1985 بوحدة متطورة سعة 60 ألف جالون إمبراطورى في اليوم وكانت تعمل بكفاءة عالية حتى عام 1990 حيث قام الاحتلال العراقي الغاشم بنهب وتدمير مكونات الوحدة وملحقاتها.
مزايا التناضح العكسي
حدثت تطورات في تقنية التناضح العكسي ساعدت على تخفيض تكلفة التشغيل منها تطوير نوعية الأغشية التي يمكن تشغيلها بكفاءة عند ضغوط منخفضة وعملية استخدام وسائل استرجاع الطاقة ( Energy Recovery ) لتقليل الطاقة المستهلكة.
تنشأ إحدى مزايا طريقة التناضح العكسي من تكنولوجيتها اللامركزية المعيارية ويمكن لشبكات التناضح العكسي اللامركزية الصغيرة أن تتجنب بعض التكاليف الضخمة اللازمة لإمدادات المياه والطاقة ويعني إنشاء شبكات التناضح العكسي المعيارية أنه من الممكن تركيب وحدة صغيرة في منطقة نائية وزيادة طاقتها الانتاجية بسهولة على نحو ما يمليه الطلب على المياه بموقع الوحدة ويتيح هذا تركيب وحدات صغيرة في أماكن المنتجعات والمناطق النائية والمواقع ذات الطبيعية الخاصة كالمعسكرات وبالقرب من خزانات المياه أو آبار المياه قليلة الملوحة وهو ما يؤدي إلى انخفاض تكلفة الإنتاج وحسن فاعليته، ومنطلقا من هذه الميزة فقد قامت الكويت بتركيب 33 وحدة لتحلية المياه قليلة الملوحة بمواقع اليوم كما أنه بالإمكان زيادة القدرة الإنتاجية حسب احتياج كل موقع من المياه مستقبلا أو زيادة عدد الوحدات بمواقع أخرى بالكويت وحسب ما تمليه الظروف.
- يتطلب نظام التناضح العكسي طاقة كهربائية فقط لتشغيله دون الحاجة إلى بخار، ولذلك فإن طريقة التناضح العكسي تتيح اختيارات أكثر لأماكن إنشائها، كما أن وحدات التحلية بالتناضح العكسي يمكن أن تعمل وتنتج المياه فترة زمنية قصيرة لذلك يمكن أن تعمل وحدات التناضح العكسي وقت الحاجة بينما يتم إيقافها في ساعات الاستهلاك القصوى للطاقة.
- تمتاز طريقة التناضح العكسي بجانب قدرتها على التخلص من الأملاح أيضا فاعليتها في المياه من التلوث النووي والبيولوجي والكيماوي وهناك الكثير من الدول وعلى الأخص في الجيش البريطاني والأمريكي اعتمدت على هذا النظام في التحلية لما له من مميزات في تطهير المياه من العناصر الضارة وخاصة في الحالات الطارئة.
- فيما يتعلق بوحدات التناضح العكسي فإنه يمكن استخدام آبار ساحلية لتوفير مياه التغذية من مياه البحر، ويوجد عدد من المزايا لاستخدام الآبار الشاطئية فإذا شيدت على نحو ملائم فإنه بالإمكان الحصول على نوعية من المياه تقل فيها المواد مثل الأحياء المائية والبكتيريا والزيوت والنفايات والرمال التي يمكن أن تؤثر على فاعلية محطات التحلية بوجه عام حيث تؤدي الطبقات التي تمر عبرها المياه المتدفقة من البحر إلى البئر إلى ترشيح المياه وتقلل الحاجة إلى المعالجات الأولية المكلفة.
كذلك هناك مميزات أخرى عديدة للتناضح العكسي ومن هذه الممزات ما يلي
* انخفاض المدة اللازمة لإنجاز المشاريع.
* سهولة تصنيع وتجميع معظم مكونات النظام.
* سهولة التشغيل والصيانة.
* قلة تكلفة معظم مكونات النظام لكونها بلاستيكية الصنع.
* انخفاض معدل حدوث التآكل بالنظم الأخرى.
المصدر : المياه - كتاب الاحصاء السنوي 2010 - وزارة الكهرباء والماء - دولة الكويت