بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

ندرة المياه

ندرة المياه

مؤتمر المنتدى العربي للبيئة والتنمية 2010

العرب سيواجهون ندرة حادة في المياه بحلول 2015

عنود القبندي

أمين عام المنتدى نجيب صعب يلقي كلمته الإفتتاحيةكشف تقرير «المياه: إدارة مستدامة لمورد متناقص» في افتتاح المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» الذي انعقد في 4 و5 نوفمبر الماضي في فندق حبتور جراند في بيروت، أن العالم العربي سيواجه بحلول سنة 2015 وضعية «ندرة المياه الحادة» ونقص الغذاء، حيث تنخفض حصة الفرد السنوية من المياه إلى أقل من 500 متر مكعب، أي 10 مرات أقل من المعدل العالمي الذي يتجاوز 6000 متر مكعب للفرد. وحذر التقرير من أن الوضع سيزداد تدهوراً في غياب تغييرات جذرية في السياسات والممارسات المائية، مع ما يستتبع ذلك من مضاعفات اجتماعية وسياسية واقتصادية خطيرة، لافتاً إلى أن المصادر المائية في العالم العربي، التي يقع ثلثاها خارج المنطقة، تُستغل الى أقصى الحدود.

وأن ثلاث عشرة دولة عربية هي بين الدول التسع عشرة الأفقر بالمياه في العالم. وكمية المياه المتوافرة للفرد في ثماني دول هي اليوم أقل من 200 متر مكعب سنوياً، أي أقل من نصف الكمية المعتبرة ندرة حادة في المياه. وينخفض الرقم إلى ما دون 100 متر مكعب في ست دول. وسيبقى العراق والسودان فقط سنة 2015 فوق خط ندرة المياه. وسيزيد تغير المناخ الوضع تعقيداً، مع احتمال مواجهة الدول العربية مع نهاية هذا القرن انخفاضاً يصل إلى 25 في المئة في الأمطار وارتفاعاً قدره 25 في المئة في معدلات التبخر.

هذا وأقيم المؤتمر برعاية رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وقد مثّله وزير الإعلام طارق متري. وحضر أكثر من 500 مشارك من 43 بلداً، بينهم ممثلو 50 هيئة حكومية ومنظمة دولية وإقليمية و55 شركة خاصة و40 منظمة أهلية و42 جامعة ومركز أبحاث و63 وسيلة إعلامية عربية وأجنبية. وكان بين الحضور وزير الطاقة والموارد المائية جبران باسيل، وعدد من النواب والوزراء، ورئيس الوزراء الأردني السابق الدكتور عدنان بدران، ووزير الري والموارد المائية السوداني كمال علي محمد، ووزير البيئة السوداني جوزيف ملوال دينق، وعضو لجنة المياه في مجلس الشورى السعودي الدكتور علي الطخيس، ووفد الكتلة النيابية لحزب الخضر التونسي للتقدم برئاسة منجي الخمّاسي، ووفد مشترك من وزارتي المياه والبيئة في العراق، ومدير قسم البيئة والتنمية المستدامة في جامعة الدول العربية الدكتور جمال الدين جاب الله، إضافة إلى سفراء دول بينها سورية والسودان والجزائر والمغرب وتونس واليمن وإسبانيا والدنمارك وهولندا والمكسيك. كما حضرت نائبة مدير الهيئة الوطنية المكسيكية للمياه غريزيلدا ميدينا لاغونا، ووفد حكومي يوناني، وحشد من الديبلوماسيين ورجال الأعمال ورؤساء الشركات والهيئات الأعضاء في المنتدى العربي للبيئة والتنمية.

خطوات إصلاحية

الوزير طارق متري ألقى كلمة الرئيس سعد الحريري الذي نوه بتقرير المنتدى، وقال: «نحن نتطلع إلى التمعن بنتائج التقرير والاستفادة من توصياته. وعلى الدول العربية وضع سياسات وتنفيذ برامج لإدارة المياه، لضمان توافرها على نحو يكفي لدعم متطلبات الحياة والتنمية. لا بد من استغلال المياه المتوافرة بكفاءة، لنحصل على أعلى كمية من الإنتاج باستعمال أقل مقدار من الماء. وهذا يتطلب، إلى جانب الاستثمارات، إصلاحات جذرية في المؤسسات والقوانين».

النكبة المائية الدكتور عبدالرحمن العوضي ملقيا كلمة المنتدى

ورحّب أمين عام المنتدى نجيب صعب في الجلسة الافتتاحية بالمشاركين، وقال: «لأن النكبة المائية تقرع أبواب العرب نضع بين أيديكم تقرير «المياه: إدارة مستدامة لمورد متناقص»، على أمل أن يساهم مع نتائج نقاشات المؤتمر وتوصياته في عكس اتجاه الكارثة المائية. فتحديات المياه واحدة، وينبغي الاستفادة من جميع التجارب لحلها».

القطرة الأخيرة

وعُرض الفيلم الوثائقي «القطرة الأخيرة»، الذي أعده المنتدى، وتناول أوجه معاناة الدول العربية من شح المياه وتعرّضها المتزايد للتأثيرات الكارثية لتغير المناخ، في ظل النمو السكاني المتسارع وغياب استراتيجيات إدارة المياه المستدامة. كما عرض الفقر المدقع بإمدادات المياه العذبة في الدول العربية بالإضافة إلى تسليط الضوء على تراجع حصة الفرد العربي من المياه اليوم إلى ربع ما كانت عليه عام 1960.

مياه تحت الصحارى

الدكتور فاروق البازقام مدير مركز علوم الفضاء في جامعة بوسطن الدكتور فاروق الباز بعرض دراسة خاصة أجراها لتقرير «أفد» حول اكتشاف مياه جوفية في الصحارى العربية بواسطة صور الأقمار الاصطناعية. وقال الباز إن المياه الجوفية تمثل أحد أثمن الموارد الطبيعية في العالم العربي، وثمة أجزاء واسعة في هذه المنطقة ما زالت تنتظر استكشاف مكامنها، بما في ذلك المساحات الشاسعة المغطاة بالرمال في الصحراء الأفريقية الكبرى والربع الخالي وقد كانت هذه الجلسة برئاسة عضو لجنة المياه والأشغال في مجلس الشورى السعودي الدكتور علي الطخيس.

أعمال المؤتمر

وقد تابع المؤتمر أعماله لليوم الثاني، حيث كان هناك جلسات حول كفاءة استخدام المياه في الصناعة والزراعة والمنازل، وهو الدليل الأول من نوعه الذي طور خصيصاً للمنطقة العربية. وقد كان هناك جلسات برئاسة وزير الري والموارد المائية السوداني المهندس كمال علي محمد، ونقاشات لأوراق عمل حول الحوكمة وإصلاح التشريعات المائية. وقدم رئيس الكتلة النيابية لحزب الخضر للتقدم التونسي منجي الخماسي التجربة التونسية لحوكمة المياه، التي توصلت إلى تعبئة %88 من الموارد المائية المتاحة، مع رسم خطة تستهدف بلوغ نسبة %95 بحلول سنة 2015. وتناولت جلسة أخرى شراكة القطاعين العام والخاص في عالم المياه، وترأسها أمين عام المجلس الأعلى للخصخصة في لبنان زياد حايك.

النتائج والتوصيات

1. وافق المؤتمر على ما ذكره تقرير «أفد» من أن حالة المياه في البلدان العربية حرجة وتتطلب عملاً فورياً. واحتمالات حدوث نواقص مائية حادة هي جدية في ظل سيناريو الوضع القائم، مما سوف يساهم في تخفيض الانتاج الزراعي وزيادة الفقر وتدني الأوضاع الصحية العامة ومزيد من التدهور البيئي. وهذه جميعاً سوف تقوض على نحو خطير أجندة التنمية البشرية التي هي الأولوية المعلنة لكل حكومة في المنطقة. ووافق المؤتمر أيضاً على أنه من دون تغيير أساسي في السياسات المائية والأنماط الاستهلاكية، سوف يستمر حرمان المنطقة العربية من فوائد الاستخدام المستدام والتقاسم العادل للمياه.

استثمارات ضخمة

2. على رغم الاستثمارات الضخمة في البنى التحتية العربية خلال العقود القليلة الماضية، تستمر معاناة قطاع المياه في الدول العربية من أزمة تتجلى بأشكال متعددة: الخدمات الصحية المأمونة والامدادات المائية الموثوقة ما زالت غير متوافرة للملايين؛ الاستخراج المفرط للمياه الجوفية استنزف الطبقات المائية وجعلها عرضة للتلوث؛ الامدادات المائية والبنى التحتية للري في المناطق الحضرية تعمل بشكل سيئ وغير كفوء؛ يُتوقع ان يواصل معدل توافر المياه انخفاضه تحت خط الندرة المائية الحادة البالغ 500 متر مكعب للفرد في السنة بحلول 2015، والى ما دون 100 متر مكعب في بعض البلدان، بالمقارنة مع معدل عالمي يفوق 6000 متر مكعب. ونتيجة ارتفاع معدلات النمو السكاني، سوف يستمر انخفاض حصة الفرد من المياه العذبة، مما يتطلب استخداماً أكثر كفاءة للمياه، وتخفيض الهدر، وزيادة نسبة معالجة المياه واعادة استعمالها، وتأمين إنتاج أكثر بكمية أقل من المياه، وتحقيق اختراق في تكنولوجيا التحلية لتيسير استعمالها على نطاق واسع.

عيوب سياسية

3. يتفق المؤتمر مع ما خلص اليه تقرير «أفد» من أن في صلب الأزمة المائية العربية مجموعة من العيوب السياسية والادارية: المؤسسات المائية مجزأة، النظم القانونية المائية ضعيفة، الموازنات المائية الحكومية مقيدة، السياسات المائية منفصلة عن البحوث العلمية، الاستثمارات المائية موجهة بشكل سيئ، الأموال والأنظمة الخاصة بمكافحة التلوث غير كافية، ضوابط الاستخدام الصحيح للطبقات المائية الجوفية مفقودة، وأسعار المياه منخفضة بشكل مصطنع. وبغية حلحلة الأزمة المائية العربية، يجب أن تتصدى الاصلاحات لهذه العيوب وسواها.

صناعة وعقارات

4. يدعو المؤتمر المؤسسات الصناعية الخاصة الى تطبيق اجراءات مكثفة تتعلق بكفاءة استخدام المياه، لتخفيض الكمية المستعملة في كل وحدة انتاج تخفيضاً جوهرياً، ومنع التلوث في المصدر، وإدخال تغييرات في العمليات كلما أمكن ذلك للتقليل من حجم المياه المبتذلة المولدة، وضمان معالجة المياه المبتذلة بحيث تستوفي معايير تنظيمية صارمة قبل التخلص منها.

5. يدعو المؤتمر مطوري العقارت ومستخدميها الى اعطاء كفاءة استخدام المياه أولوية قصوى في تصميم الأبنية وتشغيلها، والاستفادة من التجهيزات المائية الاقتصادية لتمويل الأبنية القائمة حالياً إلى أبنية أكثر كفاءةً في استخدام المياه.

جلسة خاصة

كما عقدت جلسة خاصة عالية المستوى لمناقشة المشاركة العربية في مفاوضات المناخ المقبلة في كانكون )المكسيك( والورقة التي أعدها المنتدى العربي للبيئة والتنمية حول سبل المساهمة العربية الإيجابية. شارك في الجلسة وزير البيئة اللبناني محمد رحال ووزير البيئة السوداني جوزيف ملوال دينق ونائبة مدير الهيئة الوطنية المكسيكية للمياه غريزيلدا ميدينا لاغونا، وأدارها الدكتور محمد العشري. وقدم السفير المكسيكي خورخي ألفاريز بتكليف من حكومته عرضاً لآخر المفاوضات الخاصة بالقمة.

واختتم المؤتمر بحوار مفتوح بين الوزراء ورؤساء المنظمات ومعدّي تقرير «أفد» في فندق حبتور جراند.

الحكومات العربية

وأخيرا، خص المؤتمر المنتدى العربي للبيئة والتنمية الحكومات العربية بالنصيب الأكبر من التوصيات، حيث وجه لها نحو 11 توصية بهذا الخصوص.

دليل كفاءة

دليل كفاءة المياهوأعلن المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» إصدار «دليل كفاءة استخدام المياه» خلال مؤتمره السنوي «البيئة العربية 2010»، والقصد من الدليل أن يستعمل كمرجع لتحديد وترتيب أولويات الاستثمار في كفاءة استخدام المياه في ثلاثة قطاعات: البناء والصناعة والزراعة. هذا الدليل العملي، الذي يركز على الحلول والذي أُعد خصيصاً للمنطقة العربية، يتزامن مع اطلاق تقرير المنتدى حول المياه العربية.

يقدم الدليل طرقاً تم التثبت من جدواها لتخفيض استهلاك المياه وتكاليفها، من خلال اقتراح تغييرات في الممارسات الحالية وسلوكيات استخدام المياه في جميع القطاعات. وهو يستهدف الاستهلاك في الأبنية السكنية والتجارية وفي الصناعة والزراعة. وفضلاً عن عرض جميع الحلول الممكنة للاقتصاد في الماء، يقدم الدليل إطاراً لمقاربة منهجية لفرص تحقيق الكفاءة في استخدامها.

يشدد الدليل على دور مستخدم المياه في الشروع بتغييرات سلوكية بسيطة لتخفيض الهدر واختيار منتجات وعمليات أكثر كفاءة. وهناك بُعد مهم آخر تم التشديد عليه، هو أهمية إقفال الدورة المائية من خلال اعادة التدوير واعادة الاستعمال. والهدف هو تقديم خطوات عامة وبيانات مفيدة يمكن أن يستعملها صانعو القرارات في تطوير برامج شاملة لكفاءة استخدام المياه.

ويحوي الدليل تقديرات تقريبية للوفورات المائية التقليدية التي يحققها عدد من اجراءات الكفاءة المقترحة. وعلى رغم أن تحديات تنفيذ كفاءة مائية أكبر قد تبدو هائلة في البداية، فان مقاربة جيدة هي البدء بمشاريع بسيطة منخفضة الكلفة نسبياً. ويركز الدليل فعلاً على اجراءات كهذه. ويقدم طرقاً لتخفيض المياه في كل قطاع، بالترتيب من الأبسط والأرخص (مثل تعديلات العمليات) الى الأكثر تعقيداً وكلفة (مثل استبدال المعدات).

كلمة المنتدى

بينما ألقى كلمة المنتدى العربي للبيئة والتنمية الدكتور عبدالرحمن العوضي، رئيس اللجنة التنفيذية، وقال: «يتوجه المنتدى من خلال تقريره السنوي برسالة واضحة: يواجه العالم العربي خطر النقص في المياه والغذاء ما لم تتخذ خطوات سريعة وفعالة لمعالجة أزمة الشح المائي». ولفت إلى أن المشاكل التي تواجه إدارة المياه في المنطقة العربية كبيرة جداً، وأن حصر المعالجة بتطوير مصادر جديدة لم يعد خياراً قابلاً للحياة، مشدداً على أن «هناك حاجة ملحة لتحوُّل استراتيجي من ثقافة تنمية مصادر المياه إلى ثقافة تحسين إدارتها، وترشيد الاستهلاك، وتشجيع إعادة الاستعمال، وحماية المصادر المائية من الاستهلاك المفرط والتلوث».

وأضاف العوضي أن «إحدى التوصيات المحورية للتقرير أنه قبل الاقدام على استثمار مبالغ طائلة لزيادة إمدادات المياه، يجب تنفيذ تدابير أقل كلفة لتخفيض خسارة المياه وتحسين كفاءتها. هذا يعني إعادة النظر في دور الحكومة.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 132