طاقة خضراء في قلب الصحراء المصرية
700 محطة هوائية لتوليد الطاقة بالزعفرانة
عنود القبندي
بدأت تهب رياح التغيير في مجال حماية البيئة على العديد من الدول العربية، والتي تمثلت من خلال استخدام الطاقة البديلة في توليد الطاقة كما حدث في مصر والتي اتجهت إلى الاستفادة من الظروف المناخية المتوفرة لتوليد الطاقة من الرياح بعيدا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعد محطة توليد الطاقة من الرياح في الزعفرانة مثالا حيا لهذا النوع من المشاريع، فهي الأكبر من نوعها في أفريقيا وأكثر انتاجا في العالم، حيث تهب الرياح القوية على مدار العام على الساحل الغربي للبحر الأحمر. ومن المخطط أن يتم إنتاج 20 في المائة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2020.
الامكانيات المتاحة
وتقوم مصر بتنفيذ أولى المشاريع التجريبية بدعم من جهات مانحة غربية. إن محطة إنتاج الطاقة من الرياح في الزعفرانة والتي تقع على بعد حوالي 120 كم جنوب مدينة السويس، تعتبر أكبر محطة من نوعها في أفريقيا، حيث يصل حجم المشروع إلى 700 محطة لتوليد الطاقة من الرياح في الزعفرانة إذ يبلغ إنتاجها من الكهرباء 1400 غيغاواط /ساعة سنويا، وتقلل من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون حوالي 800 ألف طن في العام. ويعد ساحل البحر الأحمر أحد أفضل المواقع لإنتاج طاقة الرياح، وتقدر الإمكانات المتوفرة في مصر لإنتاج الطاقة من الرياح بحواصلي 20000 ميغاواط، أي ما يعادل قدرة 16 محطة لإنتاج الطاقة النووية. ومن بين الجهات الممولة لمشروع الزعفرانة، البنك الألماني للتنمية. حيث وضح البنك أنه تم أيضا وضع خطط لتنفيذ المزيد من المشاريع في جبل الزيت وقد تم التوقيع بالفعل بهذا الخصوص مع الحكومة المصرية.
ونسبة الكهرباء في مصر ما زالت تنتج حتى الآن من الوقود الأحفوري، الذي شكل عبئا كبيرا على البيئة فحسب، وإنما أيضا على ميزانية الدولة لاسيما أن الاحتياطيات المتوفرة في البلاد من النفط والغاز محدودة للغاية. ولكن ذكرت منظمة السلام الأخضر Greenpeace بأن الإمكانات المتاحة لاستخدام الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا لم تستنفذ بسبب ارتفاع تكلفة توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
طاقة صديقة البيئة
إلى جانب مصر، تواجه منطقة شمال أفريقيا برمتها تحديات في مجال الطاقة في ظل تزايد الطلب المطرد على الطاقة بسبب النمو السكاني الهائل والتطور المستمر في قطاع التصنيع. ويتعامل كل بلد من بلدان المنطقة مع هذه التحديات بشكل مختلف، فالجزائر مثلا التي تملك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، تتجه إلى دعم الأسعار بحيث تبقى منخفضة، أما الضرر الأكبر من هذه السياسة فيقع على سلامة البيئة. لا تزال العديد من بلدان شمال أفريقيا للأسف، تسعى لمواجهة النقص في الطاقة من خلال سعيها لبناء المزيد من محطات توليد الكهرباء من الفحم والطاقة النووية.
إلا أن هناك دولا سلكت طريقا مغايرا، فالمغرب يعتبر مثالا يقتدى به في المنطقة في مجال تطوير الطاقات المتجددة. وحتى وقت قريب كان المغرب مضطرا إلى استيراد معظم احتياجاته من الكهرباء بثمن باهظ، شأنها في ذلك شأن دول أخرى في المنطقة كمصر وتونس. لذا كان البحث جاريا منذ عدة سنوات لإيجاد حلول بديلة، ويتم ذلك في كثير من الأحيان بمساعدة أوروبية. حيث قام البنك الألماني للتنمية بدعم إنشاء محطات لتوليد الطاقة من الرياح في الصويرة وطنجة، وقد بدأت المحطة في مدينة الصويرة بالعمل منذ عام 2007 وهي تنتج 210 غيغاوات/ ساعة من الكهرباء سنويا.
مبادرة ديزيرتيك
في المستقبل يمكن أن تستفيد أوروبا نفسها من المساعدة المالية والتكنولوجية التي تقدمها لدول شمال إفريقيا، كما هو الحال في مبادرة ديزيرتيك Desertec، فالهدف منها هو تصدير الكهرباء المولدة بشكل صديق للبيئة من شمال أفريقيا إلى أوروبا. وبحلول عام 2050 ستتم تغطية %15 من احتياجات الكهرباء في أوروبا من الصحراء، حيث ستولد الكهرباء على نطاق واسع من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وفي مبادرة ديزيرتيك تم حل كل المسائل تقريبا فيما يتعلق بالجانب التكنولوجي، لكن هناك حاجة الآن للعمل من أجل إنشاء الأطر السياسية المناسبة. إلا أن جزءا كبيرا من الكهرباء المنتجة يجب أن يخصص للاستهلاك في البلدان المنتجة، وإن الدول المنتجة تحقق فائدة مزدوجة، فهي تتلقى مساعدة في مجال تطوير الطاقات المتجددة، وكذلك يتم توفير وظائف وفرص عمل في قطاع صناعي واعد.
خطط توليد الكهرباء في الصحراء، لا تزال حتى الآن في عداد المشروعات المنتظر تنفيذها في المستقبل، ويجري العمل على قدم وساق لتنفيذ أول تلك المشروعات في المغرب، حيث التوقعات كبيرة للغاية. فإن ديزيرتيك Desertec يمكن أن تمثل مساهمة هامة في سبيل حل مشكلة الطاقة العالمية. إلا أن الأمر يستدعي تطوير شبكات الكهرباء بين أوروبا وأفريقيا، كما توضح منظمة السلام الأخضر Greenpeace. وبحسب تقديرها فإن سريان تيار الكهرباء من الجنوب إلى الشمال سيستغرق عشر سنوات أخرى.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 141