وجد منه نحو 230 نوعا
نبات الكتان : أحماض وفيتامينات تنتج حبالا وأقمشة
أمل جاسم
يسمى الكتان باللغة الفرعونية «فك»، ومازالت نقوشه موجودة على جدران العديد من الآثار القديمة، استعمل الفراعنة ثماره في صناعة النسيج، واستخرجوا من بذوره الزيت وأدخلوه ضمن الوصفات الطبية.
الكتان، نبات حولي يصل ارتفاعه إلى حوالي متر ذات ساق نحيله وأوراقه رمحية وأزهاره زرقاء. يزرع من أجل أليافه وبذوره. ويتم تصنيع الألياف لتصبح أقمشة من الكتان ومنتجات أخرى متنوعة. ويشمل ذلك الحبال والخيوط والورق عالي الجودة. وتحتوي البذور على زيت بذرة الكتان، الذي يستعمل أساسا في الطلاء والورنيش، كما أن له بعض الاستعمالات الطبية.
أهم مكونات الكتان حمض اللينولينيك، حمض ألفالينولنيك، حمض النخيل، حمض كلوروجينيك، مواد هلامية، بروتينات، مواد معدنية، ماء، سكاكر، أحماض عضوية، خمائر، وفيتامينات A وF. يوجد نحو 230 نوعــا مـــن الكتان، ولكن نوع واحد هو لينم يوسيتاتيسيموم )الكتان الشائع( الذي يزرع بشكل تجاري. وتزرع الأصناف المختلفة من هذا النوع من أجل الألياف والبذور.
يبلغ طول نبات الكتان بين 0.9 و 1.2 متر، وله أزهار إما بيضاء أو زرقاء. ويتميز الصنف الذي يزرع من أجل الألياف بأن له ساقا رفيعة تتفرع عند القمة. أما كتان البذور فهو غزير التفريع أكثر من كتان الألياف، كما أنه يحمل عدد أكثر من البذور.
نبذة تاريخية
يعتبر الكتان من أقدم المحاصيل الزراعية. وتدل البذور التي وجدت في سوريا وتركيا على أن نباتات الكتان كانت تزرع هناك منذ عام 7000 ق.م. وقد بدأ المصريون في زراعة الكتان نحو عام 5000 ق.م. وبحلول القرن العاشر قبل الميلاد كانت زراعة الكتان قد انتشرت في غربي أوروبا. وفي القرن الثامن الميلادي أصبحت البلاد التي تعرف الآن باسم بلجيكا وفرنسا من أكبر البلاد المنتجة للكتان الناعم. وعندما اخترع الأمريكي إلي ويتني عملية حلج القطن في عام 1793م، أصبح غزل الأقطان اقتصاديا أكثر من غزل الكتان. ونتيجة لذلك كفت بعض البلاد المنتجة للكتان عن إنتاجه. وتناقص إنتاج بذرة الكتان منذ الخمسينيات من القرن العشرين، وذلك لتفوق الدهانات المستحلبة على الدهانات ذات الأساس الزيتي.
الموطن الأصلي لنبات الكتان، المناطق المعتدلة من أوروبا وآسيا ويزرع حاليا في جميع أنحاء العالم من أجل أليافه وبذورة وزيتة. تتصدر الصين الدول الرائدة في إنتاج ألياف الكتان، ومن أهم البلدان الأخرى التي تزرع الكتان، فرنسا ورومانيا وروسيا البيضاء وهولندا.
زراعة ومعالجة كتان الألياف
ينمو كتان الألياف في الجو البارد الرطب مع سقوط أمطار صيفية. وتتم زراعته في الربيع بعد أن يتلاشى خطر الصقيع. ويزرع في دورات زراعية مع محاصيل أخرى، حيث تساعد الدورات الزراعية في تقليل الإصابة بالأمراض.
يتم حصاد كتان الألياف بعد 3 – 4 أشهر من الزراعة. وإذا تمت عملية الحصاد مبكرا أكثر من اللازم، تصبح الألياف رفيعة وحريرية ولكنها ضعيفة. أما إذا نضجت النباتات أكثر من اللازم تكون صلبة وخشنة، ويصبح من الصعب غزلها. ويقوم الفلاحون بحصاد كتان الألياف بوساطة آلات تجذب العيدان من الأرض. ويقوم العمال في بعض المزارع بحصاد الكتان يدويا.
بعد تمام الحصاد تنقع عيدان الكتان في الماء، وتسمى هذه العملية النقع، وتتسبب في تعطين )إلقاء العيدان في الماء لتلين( العيدان وكشف الألياف التي تحت الأجزاء الخشبية من الساق. وتوجد طريقتان للنقع، هما النقع بالندى والنقع بالماء. وفي حالة النقع بالندى يقوم الفلاحون بنشر الكتان في الحقول، مما يتيح للندى أن يقوم بتعطين الكتان لعدة أسابيع. وتقلب العيدان أثناء عملية النقع بالندى عدة مرات، كما تزال البذور. أما في حالة النقع بالماء فإن البذور تزال أولا. ثم تنقع السيقان بعد ذلك في أحواض ضخمة من الماء الدافيء لمدة 4 – 8 أيام. تجفف العيدان بعد إجراء التعطين، وتدخل في آلة تقوم بتقطيعها إلى قطع صغيرة، وبعد ذلك تتم عملية الحلج. وفيها تقوم الآلة بفصل الشرائح عن الألياف، وذلك عن طريق ضرب العيدان بمجداف دوار. والخطوة الثانية تسمى التمشيط، وفيها يتم فرد وفصل الألياف القصيرة والألياف الطويلة كل منهما عن الآخر بوساطة التمشيط. وتؤخذ الألياف بعد ذلك وتربط على شكل حزم، وترسل إلى المصانع للتصنيع. كما تعصر البذور التي تم أخذها من النباتات لاستخراج الزيت. من أهم البلاد المنتجة لبذرة الكتان كندا والصين والهند وأوكرانيا والأرجنتين.
زراعة ومعاملة كتان البذور
يوجد كتان البذور في المناطق ذات الطقس البارد والصيف الجاف، غالبا ما يزرع في أوائل الربيع. يتم حصاد كتان البذور في الخريف بواسطة آلات الحصاد المزدوجة التي تقوم بحصد النبات وفصل البذور عنها. ويتم بعد ذلك إرسال البذور إلى المصانع للمعاملة. حيث يتم طحن البذور في المطاحن حتى تصبح كسبا، ثم يتم تعريضها للبخار. بعد ذلك يؤخذ الزيت سواء بعصر الكسب تحت ضاغط هيدروليكي، أو بمعالجته بمواد كيميائية تسمى المذيبات. يستعمل الكسب المتبقي بعد التصنيع كعلف حيواني عالي في المحتوى البروتيني. يتم في بعض البلدان تصنيع الأجزاء الغير مستعملة من نبات كتان البذور، وذلك عن طريق إزالة ألياف النسالة وتحويلها إلى غزل وأوراق لف السجائر وأوراق الكتابة وغيرها.
يجب عدم استخدام البذور غير الناضجة لاحتوائها على جلوكوزيدات سيانوجينية سامة، أما البذور الناضجة فليس هناك محاذير إذا استخدمت حسب الجرعات المنصوص عليها.
ماذا قال الطب القديم عن الكتان؟
استخدم الكتان منذ آلاف السنين، حيث استخدمه الفراعنة في وصفات طبية عديدة، فقد استخدموه في مركبات الروائح العطرية والتدليك لعلاج بعض الأمراض والإصابات، وحضروا من مسحوق البذور لبخات. وقد ورد في بردية ايبرز لعلاج الجروح والحروق والأكزيما الرطبة وطرد الحرقة موضعيا.
الكتان والطب الحديث
أثبتت الدراسات الحديثة أن مشروب مسحوق البذور ملين ومدر للبول، ويفيد كثيرا في علاج النزلات الصدرية وفي تحضير لبخات موضعية لعلاج الأورام والإلتهابات والأكزيما والتهابات الغدة النكفية. ونظرا لآن الكتان غني بالدهون والمواد الهلامية فإنه يشكل علاج جيد لكثير من المشكلات المعوية والصدرية لا سيما عندما تؤخذ البذور كاملة فإنها تلطف التهيج في القناة الهضمية وتمتص السوائل وتنتفخ حيث تشكل كتلة هلامية تعمل كملين كتلي فعال، وتستعمل بذور الكتان للإمساك وقرحة المعدة والإثنى عشر وحصوات وإلتهابات الجهاز البولي.
المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 142