الوقود الحيوي: للفضلات الحيوانية والنباتية فوائد عالمية!
أمل جاسم
الوقود الحيوي هو الطاقة المستمدة من الكائنات الحية سواء نباتية أو حيوانية. وهو وقود نظيف يعتمد انتاجه في الاساس على تحويل الكتلة الحيوية سواء كانت ممثلة في صورة حبوب ومحاصيل زراعية مثل الذرة وقصب السكر، أو في صورة زيوت وشحوم حيوانية مثل زيت فول الصويا وزيت النخيل، إلى إيثانول كحولي أو ديزل عضوي مما يعني امكانية استخدامهما في الانارة وتسيير المركبات وإدارة المولدات.
من مزايا الوقود الحيوي رخص تكلفته وإمكانية انتاجه في أي وقت وفي أي بقعة من الأرض، كما يمكن انتاجه من المخلفات والفضلات الحيوانية والنباتية سواء كانت بقايا الحيوانات وروثها أو كانت من قش الأرز ونشارة الخشب، كما يمكن انتاجه من الطحالب المائية ومن نباتات أخرى سريعة النمو وليست لها قيمة غذائية مثل الجاتروفا والهوهوبا.
بدأت بعض المناطق بزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصا لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، منها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة، واللفت في أوروبا، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في جنوب شرق آسيا.
قصب السكر في البرازيل
تستخدم البرازيل قصب السكر لإنتاج وقود الإيثانول كوقود حيوي، ويعود تاريخ ذلك إلى سنة 1970م. وقد صنفت الوكالة الأمريكية لحماية البيئة الوقود المنتج من قصب السكر البرازيلي بأنه وقود حيوي متطور وذلك في سنة 2010م، ووفقا للوكالة فإن هذا الوقود خفف من دورة حياة الغازات الدفيئة بنسبة 61% وهذه النسبة تتضمن الآثار المباشرة والغير مباشرة لاستخدام الأراضي في انتاج الوقود الحيوي.
يرتكز نجاح واستدامة انتاج وقود الايثانول الحيوي في البرازيل عن طريق قصب السكر على استخدام اكثر الوسائل كفاءة في تقنيات زراعة قصب السكر في العالم، حيث يتم استخدام معدات متطورة وقصب سكر رخيص كمادة أولية، كما تستخدم بقايا قصب السكر لإنتاج الحرارة والطاقة. حسبما جاء في تقرير لمركز كولورادو أوكهافن للدراسات الزراعية فإن فدانا واحدا من الذرة يمكن أن ينتج 57 لترا من الزيت، و182 لترا إذا كان مزروعا بفول الصويا، و315 لترا بالقرطم، و391 لترا بدوار الشمس، و483 لترا بالكتان، و413 لترا بالنخيل، و7,030 لترات بالطحالب الدقيقة.
الجاتروفا في الهند
يمكن استخدام زراعة محاصيل مثل الجاتروفا لإنتاج الديزل الحيوي. وتزدهر هذه المحاصيل على الأراضي الزراعية الهامشية حيث لا تنمو العديد من المحاصيل الزراعية، أو قد تكون ذات انتاجية متدنية. توفر زراعة الجاتروفا فوائد للمجتمعات المحلية فهي تتطلب أيدي عاملة كثيفة لالتقاط الثمار، مما يوفر فرص عمل في أجزاء من المناطق الريفية في الهند وأفريقيا، حيث توفر حوالي 200,000 فرصة عمل في أنحاء العالم من خلال الجاتروفا، كما أن غالبا ما نجد القرويون يزرعون المحاصيل الأخرى في ظلال هذه الأشجار، هذا إضافة الى تجنب استيراد الديزل المكلف ووجود فائض للتصدير.
الجاتروفا في المكسيك
الجاتروفا هي من نباتات المكسيك وأمريكا الوسطى أصلا، ومن المرجح انها نقلت إلى الهند وأفريقيا في حوالي سنة 1500م بواسطة البحارة البرتغاليون، بسبب اقتناعهم بأن لها استخدامات طبية. في سنة 2008م ومع الإقرار بالحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة والتقليل من الانبعاثات الحرارية، تم تمرير قانون في المكسيك لدفع تطوير الوقود الحيوي بما لا يهدد الأمن الغذائي. وحددت وزارة الزراعة نحو 2,600,000 هكتار من الأراضي ذات قدرة عالية على انتاج الجاتروفا.
بونغاميا ريشية في أستراليا
تعتبر البونغاميا الريشية من البقوليات وتتواجد في استراليا والهند وولاية فلوريدا الأمريكية ومعظم المناطق المدارية. ويجري استثمارها في شمال استراليا كبديل للجاتروفا، حيث تعتبر الجاتروفا عشب سام. ويجري تسويق هذه النبتة من قبل شركة طاقة الباسفيك المتجددة كمصدر لإنتاج الديزل الحيوي، حيث يجري استبدال محركات الديزل التقليدية بمحركات تعمل على الديزل الحيوي.
استخدمت خطوط كونتيننتال الجوية عام 2009، وقود حيوي لطيرانها التجاري في أمريكا الشمالية. وقد استخدمت في أولى رحلاتها طائرتين من نوع بوينغ 737-800، كان مزيج الوقود الحيوي مشتق من الطحالب والجاتروفا.
الطحالب في أمريكا
الوقود الطحلبي هو وقود مستخلص من طحالب بحرية دقيقة، تنتج هذه الطحالب زيتا يمكن تحويله إلى ديزل حيوي. لا تزيد ابعاد هذا النوع من الطحالب عن بضع ميكرومترات أي بضعة اجزاء من الألف من المليمتر، ويمكن تربيتها داخل انابيب اختبار مملوءة بالماء ومعرضة لضوء الشمس. فتصنع الطحالب السكر من مواد بسيطة وثنائي أكسيد الكربون وأسمدة نيتروجينية باستغلال ضوء الشمس. تمتاز هذه الطحالب بسرعة تكاثرها، فخلية الطحلب تنقسم مره في اليوم لتصبح خليتين، أي أن كمية الطحالب تتضاعف مره كل يوم. ويمكن انتاج 25 جم من الطحالب على مساحة متر مربع واحد يوميا، ثم الحصول منها على زيت يعادل ثلث هذه الكتلة أي 8 جم، وهذا يعني نحو 3 أطنان من الزيت سنويا لكل دونم من الأرض التي تربى عليها هذه الطحالب.
أنشئت في الولايات المتحدة وحدها خلال الأشهر الأخيرة من عام 2008 نحو 60 مؤسسة لإجراء أبحاث على الوقود المستخلص من الطحالب.
وقام علماء امريكيون بإدخال تعديلات وراثية على أحد أنواع البكتريا لاستخدامها في توليد وقود حيوي من طحالب بحرية، وذلك تحت اشراف أدم وورجاكي من شركة بيو أرشتيكشر لاب «بي ايه ال» الأمريكية للتقنية الحيوية. وركز الباحثون بشكل خاص على الطحالب البنية والتي تتميز بأنها تنمو بكميات كبيرة في البحار ولا تحتاج إلى تسميد بشري ولا تنافس زراعة مواد غذائية وتحتوي على كميات كبيرة من السكر. غير أن العلماء أشاروا إلى صعوبة استخراج هذه المادة السكرية المعروفة بمادة الجينات من الميكروبات وتحويلها إلى كحول إيثانول، وبالتالي إلى وقود حيوي، وهو ما جعل وورجاكي وزملاءه يسعون لتطوير بكتيريا معدلة وراثيا قادرة على شطر أجزاء السكر داخل الطحالب.
المصدر: مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 154